الجمعة أبريل 19, 2024

إطعامُه ثَمانِينَ رَجُلًا مِن أقراصِ خُبزٍ قَليلةٍ

473-        

كَـذَاكَ أَقْـرَاصُ شَـعِيْرٍ جُعِلَتْ


 

مِـنْ تَحْتِ إِبْـطِ أَنَـسٍ فَأَكَلَتْ


474-        

جَـمَاعَـةٌ مِـنْـهَا ثَمانُـونَ وَهُمْ


 

قَدْ شَـبِـعُوا وَهْـوَ كَمَا أَتَـى لَهُمْ


 







(كَذَاكَ) أي مِثلُ المُعجزِة السّابقةِ فِي الذِّكْرِ حصَلَ له ﷺ مع أنَسٍ رضي الله عنه، فـ(ـأَقْرَاصُ شَعِيْرٍ) مخبوزةٌ قليلةُ العدَدِ (جُعِلَتْ) أي جعَلَتْها أُمُّ أنَسٍ في خِمارٍ مِن قِلَّتِها (مِنْ تَحْتِ إِبْطِ أَنَسٍ) وهو إذْ ذاكَ صغيرٌ وأرسلَتْهُ بها إلى النّبِيّ ﷺ (فَأَكَلَتْ جَمَاعَةٌ) مِن الصّحابةِ (مِنْهَا) وهُم سبعُونَ أو (ثَمانُونَ) رَجُلًا (وَهُمْ) أي جمِيعُهم بأكلِهِم مِنها (قَدْ شَبِعُوا) وانصَرفُوا مِن عِندِه ﷺ (وَهْوَ) خُبزُ الشَّعيرِ لَم يَزَلْ بَعدُ (كَمَا) أي كحالِه الّتي (أُتِيْ) بالإسكان للوَزنِ (لَهُمْ) أي لَم يَنقُصْ عمّا جِيءَ بهِ إلى النّبِيّ ﷺ.

رَوَى البُخاريُّ في «صحيحِه» عَن أنَسٍ قالَ: قالَ أَبُو طَلحَةَ لِأُمِّ سُلَيمٍ لَقَد سَمِعتُ صَوتَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ضَعِيفًا، أَعرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَل عِندَكِ مِن شَىءٍ؟ قالَت: نَعَم، فَأَخرَجَت أَقراصًا مِن شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخرَجَت خِمارًا لَها فَلَفَّتِ الخُبزَ بِبَعضِهِ، ثُمَّ دَسَّتهُ تَحتَ يَدِي وَلَاثَتْنِي بِبَعضِهِ([1])، ثُمَّ أَرسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، قالَ: فَذَهَبتُ بِهِ فَوَجَدتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي المَسجِدِ وَمَعَهُ النّاسُ، فَقُمتُ عَلَيهِم فَقالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ءَارْسَلَكَ أَبُو طَلحَةَ؟» فَقُلتُ: نَعَم، قالَ: «بِطَعامٍ؟» فَقُلتُ: نَعَم، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِمَن مَعَهُ: «قُومُوا»، فانطَلَقَ وانطَلَقتُ بَينَ أَيدِيهِم حَتَّى جِئتُ أَبا طَلحَةَ فَأَخبَرتُهُ فَقالَ أَبُو طَلحَةَ: يا أُمَّ سُلَيمٍ قَد جاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالنّاسِ وَلَيسَ عِندَنا ما نُطعِمُهُم، فَقالَت: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ، فانطَلَقَ أَبُو طَلْحةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَأَقبَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَبُو طَلْحةَ مَعَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَلُمِّي يا أُمَّ سُلَيمٍ ما عِندَكِ»، فَأَتَت بِذَلِكَ الخُبزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَفُتَّ، وَعَصَرَت أُمُّ سُلَيمٍ عُكَّةً([2]) فَأَدَمَتْهُ([3])، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِيهِ ما شاءَ اللهُ أَن يَقُولَ، ثُمَّ قالَ: «ائْذَن لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُم([4])، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قالَ: «ائْذَن لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُم، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قالَ: «ائْذَن لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُم، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قالَ: «ائْذَن لِعَشَرَةٍ» فَأَكَلَ القَومُ كُلُّهُم وَشَبِعُوا، والقَومُ سَبعُونَ أَو ثَمانُونَ رَجُلًا.



([1])  أي لَفَّتْ عليَّ بعضَ خِمارِها.

([2])  وعاءٌ صَغِيرٌ مِن جِلْدٍ للسَّمْنِ خاصّةً.

([3])  بمَدِّ الهمزة وقصرِها أي جَعَلَتْ فيه إِدامًا.

([4])  وإنَّما أَذِنَ لِعَشَرةٍ عَشَرَةٍ لِيَكونَ أرْفَقَ بهِم، فإنَّ القَصْعةَ الّتي فُتَّ فِيها تلكَ الأقراصُ لا يَتحَلَّقُ علَيها أكثَرُ مِن عشَرةٍ إلّا بِتَزاحُمٍ وتَضايُقٍ يَلحَقُهم لِبُعْدِها عَنُهم.