الأحد مايو 12, 2024

الفصل السادس:
التحذير من مؤلفات ومحاضرات عمرو خالد

دعانا الشرع الكريم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلى إبطال الباطل وإحقاق الحق، ولقد كثر المفتون اليوم في الدين بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، وزاد الانحراف وامتد، ومنهم من لم يتلقَّ العلم عن العلماء الثقات؛ بل أخذ ما يعتبره علمًا من قراءة الكتب الفاسدة والمطالعات الساقطة، ومنهم المدعو عمرو خالد المصريّ الذي بسبب سقطاته وتهوّراه أوقع أناسًا كثيرين في الضلال والعياذ بالله تعالى.

يقول عمرو خالد في برنامج «ليالي رمضان» في 28 رمضان 1424هـ: إن موسى نبيّ الله استسقى، فقال الله له: «اضرب بعصاك الحجر. فقال: يا رب، أنا أريد المطر فقال الله: يا موسى، خلّ عندك ثقة».اهـ.

الرَّدُّ: إن لم يكن عند الأنبياء ثقة بالله وبوعده سبحانه، فمن يكون عنده الثقة بالله، حاشا لنبيّ من أنبياء الله أن ينطق بمثل هذا الكلام المفترى، وتنـزه الله عما افتُرِيَ عليه.

ويقول عمرو خالد في كتابه المسمّى عبادات المؤمن: «رُوي أن الله أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود إن لي عبادًا أحبهم ويحبونني وأشتاق إليهم ويشتاقون إليَّ إن قلَّدتهم يا داود أحببتك»([1]).اهـ.

الرَّدُّ: إن هذا الكلام لا أصل له، فهو موضوع ومكذوب، وأما من حيث المتن فهو مرفوض جملة وتفصيلًا، فبزعمه أن الله يخبر عن عباد هم غير داود يحبون الله والله يحبهم وقال أشتاق إليهم ويشتاقون إلي ثم يقول لداود بزعمه إن قلَّدتهم يا داود أحببتك، فمؤدّى كلامه أن الله لم يكن يحبّ داود وهذا ضلال بيّن، لأن أنبياء الله عليهم السلام هم أحبّ الخلق إليه وهم أفضل الخلق قاطبة لقوله تعالى: {وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 86] ومفهوم كلام هذا الرجل أن الله يدعو سيدنا داود لتقليدهم، وليت شعري، في مقياس هذا المدعوّ عمرو خالد مَنْ يقلّد مَنْ، أليست العامة يقلدون الأنبياء، أليس التشريع يأتي بواسطة الأنبياء. سبحان الله، هذا بهتان عظيم.

ورحم الله ابن سيرين الذي قال: «إنَّ هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم»([2]).اهـ.

لا شك أن عمرو خالد نموذج لأدعياء العلم الذين يقولون على الله وعلى أنبيائه وعلى شرعه ما لم ينزل به من سلطان بذريعة الدعوة إلى الله، وأنهم ليسوا علماء يفتون الناس بالحلال والحرام؛ بل هم قصَّاصون. ثم ينبغي على من يتصدّر لإعطاء دروس دينية في السيرة والأخلاق الإسلامية أن يكون ملِمًّا بطرف لا بأس به من التجويد والنحو والصرف العربيين وفقه اللغة حتى يأمن من التحريف والتصحيف وخلط المسائل بعضها ببعض، ولئلا يستعمل ألفاظًا لا تليق بالله وأنبيائه، وهي مضادة للدين، وقد نهى عنها أهل العلم.

[1])) الكتاب المسمّى عبادات المؤمن، عمرو خالد، (ص89).

[2])) صحيح مسلم، مسلم، المقدمة، (1/11).