الإثنين مايو 13, 2024

عفيف عبد الفتاح طبارة
يتهم سيدنا إبراهيم عليه السلام بالشرك

ومما يجب التحذير منه ما ذكره هذا الرجل في كتابه المذكور جهلًا وكذبًا عن سيدنا إبراهيم عليه السلام ونصّه: «فيلمح إبراهيمُ أحدَ الكواكب السيارة مما كان يعبده هؤلاء القوم يلمع في السماء، فيقول إبراهيم على مسمع من الحاضرين: {هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76] مجاراة لهم وإيهامًا أنه على رأيهم» ثم قال: «أسلوب حكيم اختاره إبراهيم، فهو لم يحقّر معبوداتهم ويسفّه معتقداتهم في بادئ أمره فينفروا منه ويخاصموه ويصمّوا آذانهم عن سماع حجته؛ بل جاراهم في معتقداتهم لينال ثقتهم»([1]).اهـ.

الجواب: قوله هذا افتراء على سيدنا إبراهيم عليه السلام، لأن الأنبياء إبراهيم ومَن سواه عليهم السلام مستحيل عليهم أن يُظهروا للكفار أنهم يوافقونهم في شيء من عقائدهم ولو صورةً، فليس هذا من شأن الأنبياء؛ بل كلهم يدعون إلى الحق فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، قال الله تعالى لنبيه محمد ﷺ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]، وقد كان الرسول ﷺ يتردّد إلى مجتمعات المشركين ويقول: «أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا»([2])، فهذا هو حال الأنبياء عليهم السلام، ليس كما يدعيه مؤلّف هذا الكتاب.

ورحم الله من قال في بيان كيف يؤخذ علم الدين من أفواه الثقات العارفين لا بمجرد مطالعة الكتب والأخذ من كلّ من دَبَّ ودَرَج: [البسيط]

من يأخذ العلمَ عن شيخٍ مشافهةً
ومن يكن آخذًا للعلمِ عن صُحفٍ

 

يكُنْ عنِ الزيغِ والتصحيفِ في حَرَمِ
فعلمُهُ عندَ أهلِ العلْمِ كالعَدَمِ

[1])) الكتاب المسمّى مع الأنبياء في القرآن الكريم، طبارة، (ص116، 117).

[2])) مسند أحمد، أحمد (3/492)، رقم 16066. وتمام الحديث ما رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عباد الديليّ وكان جاهليًّا أسلم فقال: «رأيت رسول الله ﷺ بَصَرَ عَيْنِي بسوق ذي المجاز يقول: «يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» =ويدخل في فجاجها والناس متقصفون عليه، فما رأيت أحدًا يقول شيئًا وهو لا يسكت يقول: «أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» إلا أن وراءه رجلًا أحول وضيء الوجه ذا غديرتين يقول: إنه صابئ كاذب. فقلت: من هذا؟ قالوا: محمد بن عبد الله، وهو يذكر النبوة. قلت: من هذا الذي يكذّبه؟ قالوا: عمه أبو لهب. قلت: إنك كنت يومئذ صغيرًا. قال: لا والله إن يومئذ لأعقل».اهـ.