الخميس أبريل 25, 2024

#11 2-2 سيدنا هود عليه الصلاة والسلام

استمر قوم هود عليه السلام على كفرهم وعنادهم ولم يقبلوا الحقّ الذي جاء به نبيُهم، وأعلنوا له أنهم لن يتركوا عبادةَ الأصنام وأنهم يعتقدون أنّ بعض ءالهتهم غضِبَ عليه فأصابَه في عقلِه فاعتراه جنونٌ بسبب ذلك، كما أنهم استبعدوا إعادتهم يوم القيامة وأنكروا قيام الأجساد بعد أن تصير ترابًا وعِظامًا، فبيّن لهم سيدُنا هود عليه السلام أنه لا يطلبُ على نصيحتِه لهم أجرًا يأخذُه منهم أو رئاسة يتزعمُ بها عليهم، وأنه لا يطلب الأجر في دعوته لهم إلى الإيمان والإسلام إلا مِن الله تبارك وتعالى، ثم ذَكرَ لهم أنهم يتجبّرون ويظلِمون الناس فأمرهم أن يتقوا الله بأن يدخلوا في دينه ويعبدوا الله وحدَه ويُطيعوه، وذكّرهم بما أنعمَ الله به عليهم وبما أمدَهم به من أنعامٍ وبنين وما رزقهم من مياهٍ وافرة وبساتينَ خضراءَ يانعة يتنعمون بها، وحذَّرهم من عذابِ الله العظيم يومَ القيامة الذي لا ينفَعُ فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم من الكفر والشرك، ولكنَّ قومَ هود أصرّوا على كفرهم وعنادهم وقالوا له على وجه التهَكُم والعنادِ والاستِكبار إن كنت صادقًا فائتنا بما تعِدنا من العذاب فإنّا لا نصدقُك ولا نؤمنُ بك، فأعلمهم هودُ عليه السلام أنهم استحقوا العذاب لإصرارِهم على كفرِهم وعبادةِ الأصنام، ولِينتظروا عذابَ الله الشديدَ الواقعَ عليهم لا محالة. ثم أمسك الله عنهم المطرَ حتى جَهِدوا، وكان كلّما نزلَ بهمُ البلاء ذكَّرهم هودٌ بدعوة الله وأنه لا يُنجيهم من البلاءِ والعذاب إلا الإيمانُ والاستماعُ لنصائِحه بالقَبول، فكان ذلك يزيدُهم عُتوًا وعنادًا فازداد العذاب عليهم وصاروا في قحط وجفاف شديدَيْن فطلبوا السقيا والمطر وأوفدوا وفدَهم إلى مكة يستسقون لهم، فأنشأ الله سحابًا أسود وساقه إلى عاد فخرجت عليها من واد فلما رأوها استبشروا أنه سحاب مطر وسُقيا ورحمة فإذا هو سحابُ عذاب ونِقمة، فالله أرسل عليهم ريحًا شديدة عاتية حملت رحالهم ودوابَهم التي في الصحراء وقذفت بها إلى مكانٍ بعيد، فدخل قلوبَهم الفزعُ وهُرِعوا مُسرعين إلى بيوتهم يظنون أنهم يَنْجون، ولكن هيهات إذ حملتهم هذه الرياحُ الشديدةُ وأهلكتهم. أرسل الله على قوم هود ريحًا باردةً شديدةَ الهبوب سخرها الله على القوم الكافرين سبعَ ليال وثمانيةَ أيام كوامل متتابعات حتى أهلكتهم وصاروا صَرعى، وقد شبّههم الله تعالى بأعجاز النخل التي لا رءوس لها، وذلك لأنّ هذه الريح كانت تجيء إلى أحدهم فتحمِلُه فترفَعُه في الهواء ثم تُنَكِسُهُ على أم رأسه فتشدَخُهُ فيبقى جثةً هامدةً بلا رأس. ولقد نجى الله هودًا عليه السلام ومن معه من المؤمنين، وبلادُ عادٍ اليوم رمالٌ قاحلة لا أنيسَ فيها ولا ديار، فسبحان الملكِ العزيز الجبار. وهكذا انتهى كلامُنا عن سيدنا هودٍ عليه السلام وترقبوا في الحلقة القادمة بإذن الله قصة سيدنا صالح عليه السلام والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم وإلى اللقاء.