الإثنين مايو 20, 2024

المقدمة الثالثة 

تحقيق حول من هم أهل القبلة

وهي القاعدة المقررة عند أهل السنة والجماعة قاطبة: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله»[(771)] اهـ.

لكن هذه العبارة تحتاج إلى تبيين، فقد علم بما لا يقبل التردد أن الشخص قد ينطق باللفظ الكفري أو يفعل الفعل الكفري أو يعتقد الكفر ويحكم بخروجه من الإسلام، وأنه لا يعد في دائرة أهل الإيمان، سواء أنكر ضروريا من ضروريات الدين أم استخف بالشرع أم بالله أم الرسول، وهذا مما علم من دين المسلمين ضرورة، وإذا كان الأمر كذلك فما هو المراد من هذه العبارة: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله»؟.

الجواب: أن من عقائد أهل السنة والجماعة المتّفق عليها أنه لا يكفّر مسلم بذنب إن لم يستحلّه، وإنّما يكفر الذي يستحلّه أي على الوجه المقرر عند أهل العلم، فإنّ المسألة يَدخلها تفصيل، فإنّه إن استحل معصية معلوما حكمها من الدين بالضرورة كأكل لحم الخنـزير والرشوة فهو كفرٌ أي خروج من الإسلام، قال أبو إسحاق الشيرازي: «ما علم من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ضرورة، كالصلوات المفروضة، والزكوات الواجبة، وتحريم الزنا واللواط وشرب الخمر وغير ذلك، فمن خالف في شىء من ذلك بعد العلم فهو كافر لأن ذلك معلوم من دين الله تعالى ضرورة، فمن خالف فيه فقد كذب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في خبرهما فحكم بكفره»[(772)] اهـ.

وإن لم يكن حكمه كذلك أي معلوما من الدّين بالضّرورة لم يكفر مستحلّها إلا أن يكون من باب ردّ النص الشّرعي بأن علم بورود الشّرع بتحريمها فعاند فاستحلّها، لأن ردّ النصوص كفرٌ، كما قاله النسفي في عقيدته المشهورة[(773)] وغيره.

و الأحكام نوعان : نوع يتعلق بالعقيدة، ونوع يتعلق بالأحكام الفرعية. فأما الأحكام الفرعية فقد بينت آنفا وجه الحكم في منكرها أو مستحلها، وأما في المخالف في العقيدة من أهل البدع فقد قال الشيخ محمود القونوي النسفي عند قول الطحاوي: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب»[(774)] ما نصه: «إشارة إلى تكفيره بفساد اعتقاده كفساد اعتقاد المجسمة والمشبهة والقدرية ونحوهم»[(775)] اهـ.

ويؤيد هذا ما في اللمع للشيرازي أيضا حيث قال: «والأحكام ضربان عقلي وشرعي، فأما العقلي: فهو كحدوث العالم وإثبات الصانع وإثبات النبوة وغير ذلك من أصول الديانات، والحق في هذه المسائل واحد وما عداه باطل، وحكي عن عبيد الله ابن الحسن العنبري أنه قال: كل مجتهد في الأصول مصيب[(776)]، ومن الناس من حمل هذا القول منه على أنه إنما أراد في أصول الديانات التي يختلف فيها أهل القبلة، ويرجع المخالفون فيها إلى آيات وآثار محتملة للتأويل كالرؤية وخلق الأفعال والتجسيم وما أشبه ذلك دون ما يرجع إلى الاختلاف بين المسلمين وغيرهم من أهل الأديان، والدليل على فساد قوله هو أن هذه الأقوال المخالفة للحق من التجسيم ونفي الصفات لا يجوز ورود الشرع بها، فلا يجوز أن يكون المخالف فيها مصيبا كالقول بالتثليث وتكذيب الرسل»[(777)] اهـ.

وقال السيوطي بهذا المعنى: «ضابط منكر المجمع عليه أقسام:

أحدها: ما نكفره قطعا، وهو ما فيه نص، وعلم من الدين بالضرورة بأن كان من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام، كالصلاة والزكاة والصوم والحج وتحريم الزنا ونحوه.

الثاني: ما لا نكفره قطعا ، وهو ما لا يعرفه إلا الخواص، ولا نص فيه، كفساد الحج بالجماع قبل الوقوف (أي قبل الوقوف بعرفات).

الثالث: ما يكفر به على الأصح، وهو المشهور المنصوص عليه الذي لم يبلغ رتبة الضرورة، كحل البيع، وكذا غير المنصوص على ما صححه النووي.

الرابع: ما لا على الأصح وهو ما فيه نص لكنه خفي غير مشهور كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب»[(778)] اهـ.

قال الغزالي: «أما إذا كفر ببدعته فعند ذلك لا يعتبر خلافه، وإن كان يصلي إلى القبلة، ويعتقد نفسه مسلما، لأن الأمة ليست عبارة عن المصلين إلى القبلة بل عن المؤمنين وهو كافر، وإن كان لا يدري أنه كافر ، نعم لو قال بالتشبيه والتجسيم وكفرناه فلا يستدل على بطلان مذهبه بإجماع مخالفيه على بطلان التجسيم، مصيرا إلى أنهم كل الأمة دونه، لأن كونهم كل الأمة موقوف على إخراج هذا من الأمة، والإخراج من الأمة موقوف على دليل التكفير، فلا يجوز أن يكون دليل تكفيره ما هو موقوف على تكفيره فيؤدي إلى إثبات الشىء بنفسه، نعم بعد أن كفرناه بدليل عقلي لو خالف في مسألة أخرى لم يلتفت إليه، فلو تاب وهو مصر على المخالفة في تلك المسألة التي أجمعوا عليها في حال كفره فلا يلتفت إلى خلافه بعد الإسلام لأنه مسبوق بإجماع كل الأمة، وكان المجمعون في ذلك الوقت كل الأمة دونه، فصار كما لو خالف كافر كافة الأمة ثم أسلم وهو مصر على ذلك الخلاف فإن ذلك لا يلتفت إليه إلا على قول من يشترط انقراض العصر في الإجماع» [(779)] اهـ.

وقال شهاب الدين أحمد بن إسماعيل الكوراني شارحا عبارة: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة»، ما نصه: «أقول هذا كلام قد اشتهر بين الناس، ونقل عن الأئمة مثل الشافعي وأبي حنيفة، وليس على إطلاقه؛ إذ المجسم كافر، وإن صام وصلى.

والحاصل: أن كل ما كان وجوده معتبرا في حصول الإيمان نافيه كافر، وإن قال بالتوحيد وصام وصلى»[(780)] اهـ. وهو كلام قوي منبه على ما تجده متفرقا في مجموع ما سبق ويأتي في هذه المسئلة. وليعلم أن قائل هذا الكلام هو ممن تولى تعليم السلطان محمد الفاتح، وولي القضاء في أيامه.

وقال المحدث الشيخ محمد أنور شاه الكشميري: «أهل القبلة في اصطلاح المتكلمين من يصدق بضروريات الدين أي الأمور التي علم ثبوتها في الشرع واشتهر، فمن أنكر شيئا من الضروريات كحدوث العالم وحشر الأجساد وعلم الله سبحانه بالجزئيات وفرضية الصلاة والصوم لم يكن من أهل القبلة، ولو كان مجتهدا بالطاعات، وكذلك من باشر شيئا من أمارات التكذيب كسجود للصنم والاستهانة بأمر شرعي والاستهزاء عليه فليس من أهل القبلة، ومعنى عدم تكفير أهل القبلة أن لا يكفر بارتكاب المعاصي، ولا بإنكار الأمور الخفية غير المشهورة، هـذا ما حققه المحققون فاحفظه»[(781)] اهـ.

وقال الكشميري في خاتمة رسالته إكفار الملحدين: «وبالجملة قولهم: «لا نكفر أحدا من أهل القبلة» كلام مجمل باق على عمومه، لكن له تفصيل طويل، والشأن في معرفة من هو من أهل القبلة ومن ليس منهم» [(782)] اهـ. ثم ذكر تقسيم الكفر إلى أربعة أقسام فقال: «الأول: كفر الجهل. والثاني: كفر الجحود والعناد. والثالث: كفر الشك. والرابع: كفر التأويل، إلى أن قال: ولما كان التوجه إلى القبلة من خواص معنى الإيمان سواء كان شاملة أو غير شاملة عبروا عن الإيمان بأهل القبلة، كما ورد في الحديث: «نهيت عن قتل المصلين»[(783)]، والمراد المؤمنين، مع أن نص القرآن على أن أهل القبلة هم المصدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما علم مجيئه به، وهو قوله تعالى: {…وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ… *} [(784)]، فليتأمل»[(785)] اهـ.

ويؤكد هذا ما قاله أبو بكر الإسماعيلي: «ويقولون (أي أهل السنة): إن أحدا من أهل التوحيد ومن يصلي إلى قبلة المسلمين لو ارتكب ذنبا أو ذنوبا كثيرة صغائر أو كبائر مع الإقامة على التوحيد لله والإقرار بما التزمه وقبله عن الله فإنه لا يكفر به، ويرجون له المغفرة، قال تعالى: {…وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ… *} [(786)][(787)] اهـ.

قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور: «ومذهب أهل الحق من السلف والخلف أنه لا يكفر أحد من المسلمين بذنب أو ذنوب من الكبائر، فقد ارتكبت الذنوب الكبائر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء فلم يعاملوا المجرمين معاملة المرتدين عن الدين، والقول بتكفير العصاة خطر على الدين لأنه يؤول إلى انحلال جامعة الإسلام، ويهون على المذنب الانسلاخ من الإسلام منشدًا «أنا الغريق فما خوفي من البلل»[(788)] اهـ.

وإذا تبين وتقرر ذلك، يطرأ هنا سؤال: ما هو كلام أهل العلم في أقوال ومذاهب أهل البدع من الفرق المنتسبة للإسلام ، خاصة أن في الكتب الكثير مما قد يظهر فيه الاضطراب والتضارب والتناقض لغير المحقق؟

الجواب: نقل السيوطي هذا المعنى فقال: «قاعدة: قال الشافعي: لا يكفر أحد من أهل القبلة، واستثنى من ذلك المجسم ومنكر علم الجزئيات، وقال بعضهم: المبتدعة أقسام:

الأول: ما نكفره قطعا كقاذف عائشة رضي الله عنها، ومنكر علم الجزئيات، وحشر الأجساد، والمجسمة والقائل بقدم العالم.

الثاني: ما لا نكفره قطعا، كالقائل بتفضيل الملائكة على الأنبياء، وعلي على أبي بكر.

الثالث والرابع: ما فيه خلاف، والأصح التكفير أو عدمه، كالقائل بخلق القرآن، صحح البلقيني التكفير، والأكثرون عدمه[(789)]، وساب الشيخين، صحح المحاملي التكفير، والأكثرون عدمه»[(790)] اهـ.

وقد لخص هذا المبحث أبو البقاء الكفوي، فقال: «وعدم إكفار أهل القبلة موافق لكلام الأشعري والفقهاء، لاعتقادهم أن ما ذهبوا إليه هو الدين الحق، وتمسكهم في ذلك بنوع دليل من الكتاب والسنة، وتأويله على وفق هواهم، لكن إذا فتشنا عقائد فرقهم[(791)] الإسلاميين[(792)] وجدنا فيها ما يوجب الكفر قطعا، فلا نكفر أهل القبلة ما لم يأت بما يوجب الكفر. وهذا من قبيل قوله تعالى: {…إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا… *} [(793)]، مع أن الكفر غير مغفور، ومختار جمهور أهل السنة من الفقهاء والمتكلمين عدم إكفار أهل القبلة من المبتدعة المؤولة في غير الضروريات، لكون التأويل شبهة، كما هو المسطور في أكثر المعتبرات، وأما منكر شىء من ضروريات الدين فلا نزاع في إكفاره، وإنما النـزاع في إكفار منكر القطعي بالتأويل»[(794)] اهـ.

إلى أن قال: «وخرق الإجماع القطعي الذي صار من ضروريات الدين كفر، ولا نزاع في إكفار منكر شىء من ضروريات الدين، وإنما النـزاع في إكفار منكر القطعي بالتأويل، فقد ذهب إليه كثير من أهل السنة من الفقهاء والمتكلمين، ومختار جمهور أهل السنة منها عدم إكفار أهل القبلة من المبتدعة المؤولة في غير الضروريات، لكون التأويل شبهة ، كما في خزانة الجرجاني والمحيط البرهاني وأحكام الرازي وأصول البزدوي، ورواه الكرخي والحاكم الشهيد عن الإمام أبي حنيفة، والجرجاني عن الحسن بن زياد وشارح المواقف والمقاصد والآمدي عن الشافعي والأشعري، لا مطلقا» [(795)] اهـ.

وقال السخاوي في أثناء كلامه عمن تقبل روايته ومن لا: «هذا كله في البدع غير المكفرة، وأما المكفرة وفي بعضها ما لا شك في التكفير به، كمنكري العلم بالمعدوم القائلين ما يعلم الأشياء حتى يخلقها، أو بالجزئيات، والمجسمين تجسيما صريحا ، والقائلين بحلول الإلهية في علي رضي الله عنه أو غيره»[(796)] اهـ.

وقال ابن أمير الحاج: «والمراد بالمبتدع الذي لم يكفر ببدعته، وقد يعبر عنه بالمذنب من أهل القبلة، كما أشار إليه المصنف سابقا بقوله: «وللنهي عن تكفير أهل القبلة» هو الموافق على ما هو من ضروريات الإسلام، كحدوث العالم، وحشر الأجساد، من غير أن يصدر عنه شىء من موجبات الكفر قطعًا من اعتقاد راجع إلى وجود إله غير الله تعالى، أو إلى حلوله في بعض أشخاص الناس، أو إنكار نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم أو ذمه أو استخفاف به، ونحو ذلك المخالف في أصول سواها مما لا نزاع أن الحق فيه واحدٌ كمسألة الصفات وخلق الأعمال وعموم الإرادة وقدم الكلام، ولعل إلى هذا أشار المصنف رحمه الله تعالى ماضيًا بقوله: «إذ تمسكه بالقرءان أو الحديث أو العقل، إذ لا خلاف في تكفير المخالف في ضروريات الإسلام من القبلة المواظب طول العمر على الطاعات، وكذا المتلبس بشىء من موجبات الكفر ينبغي أن يكون كافرا بلا خلاف، وحينئذٍ ينبغي تكفير الخطابية لما قدمناه عنهم في فصل شرائط الراوي، وقد ظهر من هذا أن عدم تكفير أهل القبلة بذنب ليس على عمومه إلا أن يحمل الذنب على ما ليس بكفر فيخرج المكفّر به، كما أشار إليه السبكيّ»[(797)] اهـ.

وقال الشيخ محمد أنور شاه الكشميري: «واعلم أن أصل هذه المسألة – مسألة عدم تكفير أهل القبلة – مأخوذة مما رواه أبو داود رحمه الله في الجهاد: عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من أصل الإيمان: الكفُّ عمّن قال لا إله إلا الله، ولا تكفره بذنب، ولا تخرجه من الإسلام بعمل» [(798)] الحديث.

والمراد بالذنب فيه على عرف الشريعة غير الكفر، وكذلك هذه الجملة في عبارة الأئمة كالإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وغيره كالإمام الشافعي رحمة الله عليه، كما نقله في اليواقيت مقيدة بالذنب، فجاء الناظرون أو الجاهلون أو الملحدون فوضعوها في غير موضعها، وأصل هذه الأحاديث في إطاعة الأمير، والنهي عن الخروج ما صلوا، كما عند مسلم وغيره، وهو مقيد عنده وعند آخرين بقوله صلى الله عليه وسلم: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» [(799)]، وهو المراد بما عند البخاري وغيره عن أنس: «من شهد أن لا إله إلا الله، واستقبل قبلتنا، وصلّى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا فهو المسلمُ، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم» [(800)] اهـ.

قلت (الكشميري): وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» دلالة على أن تلك الرؤية إلى الرائين، فلينظروا فيما بينهم وبين الله، ولا يجب عليهم تعجيزه بحيث يحصر لسانه ولا ينطلق بتأويل، بل إنما يجب أن يكون عندهم من الله فيه برهان لا غير.

ووقع عند الطبراني فيه كما في الفتح: «كفرا صُراحا» [(801)]، بصاد مهملة مضمومة ثم راء، فدل على أن التأويل في الصريح لا يقبل ، وقال في الفتح: قوله: «عندكم من الله فيه برهان» أي نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل[(802)]. فدل أنه يجوز التكفير بناء على خبر واحد وإن لم يكن متواترا، وكيف لا وهم يكفرون بما عدده الفقهاء من موجبات الكفر، أفلا يكفرون بما في حديث صحيح لم يقم على تأويله دليل، ودل أيضا أن أهل القبلة يجوز تكفيرهم وإن لم يخرجوا عن القبلة، وأنه قد يلزم الكفر بلا التزام وبدون أن يريد تبديل الملة، وإلا لم يحتج الرائي إلى برهان، فهم – كما في حديث آخر عند البخاري -: «من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، وهم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها» [(803)]. قال القابسي كما في الفتح: معناه أنهم في الظاهر على ملتنا وفي الباطن مخالفون، وحمله الحافظ رحمه الله تعالى على الخوارج[(804)][(805)] اهـ.

وقال: «كان وضع هذه الرسالة في أن التصرف في ضروريات الدين والتأول فيها وتحويلها إلى غير ما كانت عليه، وإخراجها عن صورة ما تواترت عليه كفر، فإن ما تواتر لفظا أو معنى وكان مكشوف المراد، فقد تواتر مراده، فتأويله رد للشريعة القطعية، وهو كفر بواح، وإن لم يكذب صاحب الشرع وإنه ليس فيه إلا الاستتابة، ومن زعم أنه لا بد من إلقاء اليقين في قلبه وإثلاج صدره، فإذا عاند بعد ذلك فقد كفر وإلا فلا، فإن ذلك الزاعم لم يضع للدين حقيقة تارة، وإنما جعله يدور مع الخيال كيفما دار، وهذا باطل قطعا، فإن الأمر فيما ثبت ضرورة مفروغ منه، فمن ءامن به فقد دان بدين له، ومن أنكره فقد كفر وإن لم يقصد الكفر، وإنما الدور مع الظن في المحل المجتهد فيه لا في غيره»[(806)] اهـ.

تنبيه مهم: ثم ها هنا عبارة أخرى تحتاج للبيان والوقوف عليها، وهي قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية»[(807)].

وينبغي لفهم هذه العبارة على وجهها أن ندرك المراد منها، لا أن تحمل على عمومها، بل الذي ينبغي التنبيه عليه إلى أنها كقول: «لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله».

والأهواء جمع هوى، وهو البدعة الاعتقادية، فكل من خالف أهل السنة في الاعتقاد فهو من أهل الأهواء، فقول الشافعي: «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» معناه أن المخالفين في العقيدة لأهل السنة لا يكفرون إلا من يعتقد عقيدة كفرية منهم، وأما من لم يُعْلَم منه ذلك فلا يكفر بل يعد مسلمًا مع انتسابه إلى بعض هذه الفرق المخالفة لأهل السنة، وأما الخطابية فمقالتهم ظاهرة وهي أنهم يجيزون الشهادة بالكذب لمن كان على مذهبه أي أن يشهد له عند الحكام فلما كان قضية الخطابية أمرًا واحدًا ظاهرًا وهو استحلال الشهادة بالكذب استثنى الشافعي بإطلاق رد شهادتهم بلا تفصيل، فينبغي أن تفهم المقالتان على هذا الوجه.

قال الحافظ سراج الدين البلقيني تعقيبا على كلام للنووي: «فائدة: الصحيح أو الصواب خلاف ما قال المصنف، وقول الإمام الشافعي رضي الله عنه محمول على من ذُكر عنه أنه من أهل الأهواء، ولم تثبت عليه قضية معينة تقتضي كفره، وهذا نص عام، ونص نصًّا خاصًّا على تكفير من قال بخلق القرءان والقول بالخاص هو المقدم.

وأما الصلاة خلف المعتزلة فهو محمول على ما قدمته من أنه لم يثبت عن المقتدين بهم ما يكفرهم»[(808)][(809)] اهـ.

ثم ذكر قول النووي: «وقد تأول البيهقي وغيره من أصحابنا المحققين ما جاء عن الشافعي وغيره من العلماء من تكفير القائلين بخلق القرءان على كفران النعم لا كفر الخروج عن الملة»، ثم قال أي البلقيني: «فائدة: هذا التأويل لا يصح لأن الذي أفتى الشافعي رضي الله عنه بكفره بذلك هو حفص الفرد، وقد قال: أراد الشافعي ضرب عنقي، وهذا هو الذي فهمه أصحابه الكبار، وهو الحق وبه الفتوى خلاف ما قال المصنف»[(810)] اهـ يعني بقوله المصنف النووي.

وحاصل كلام الحافظ البلقيني أن قول الشافعي: «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» اهـ، ليس معناه أن كل فرد من أهل الأهواء على اختلاف أهوائهم مسلم تصح الصلاة خلفه إنما مراده من لم تثبت في حقه قضية تقتضي كفره لأنه ليس كل منتسب إلى كل فرقة من فرق أهل الأهواء يعتقد كل معتقداتهم، بل إن منهم من يعتقد كل معتقداتهم، ومنهم من يعتقد بعض معتقداتهم من الضلال التي هي دون الكفر، وأن تأويل البيهقي لتلك المقالة غير صحيح لأن كبار أصحاب الشافعي لم يقولوا بذلك وأن هذا التأويل يرده قول الربيع الذي حضر مناظرة الشافعي لحفص الفرد وتكفيره له، وقول حفص الفرد: «أراد الشافعي ضرب عنقي»، دليل على فساد ذلك التأويل .

ثم هناك روايتان لكلام الشافعي إحداهما رواية من طريق عبد الرحمـن ابن أبي حاتم عن الربيع فيها التصريح أن الشافعيّ كفره[(811)].

ثم أيد البلقيني أن العبرة بنص الشافعي الخاص، وهو تكفيره لحفص الفرد على النص الآخر الذي هو عام، وأيّد ذلك بالقاعدة المقررة عند الأصوليين أنه إذا تعارض الخاص والعام قدم الخاص.

وقد حكى القاضي حسين عن نص الشافعي أنه قال: «وهذا منتظم من كفره مجمع عليه، ومن كفرناه من أهل القبلة، كالقائلين بخلق القرآن، وبأنه لا يعلم المعدومات قبل وجودها، ومن لا يؤمن بالقدر، وكذا من يعتقد أن الله جالس على العرش » [(812)] اهـ. وهذا نص خاص أيضا، يؤكد ما ذكرناه.

ونقل السيوطي هذا المعنى فقال: «قاعدة: قال الشافعي: لا يكفر أحد من أهل القبلة، واستثنى من ذلك المجسم ومنكر علم الجزئيات» [(813)] اهـ.

وعليه فمن المهم معرفة المراد بهاتين المقالتين قول بعض الأئمة: «لا نكفر أهل القبلة»، وقول الشافعي: «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية»، فهاتان العبارتان كثير من الناس لم يفهموا المراد منهما، فظنوا أن الخوارج والمرجئة والمعتزلة وكلّ من خالفوا أهل السنة في العقيدة لا يكفّرون، وهذا الظن باطل، بل المراد بالمقالتين أن من لم تثبت في حقه قضية تقتضي كفره من مقالات أهل الأهواء فهو مسلم، أما من ثبت في حقه القول بمقالة تقتضي كفره فهو كافر، وذلك لأن بعضهم يوافقهم في شىء ويخالفهم في شىء مع انتسابه إليهم وشهرته بذلك، فلذلك جرت عادةُ كثير من المؤلفين في الحديث أنّ فلانًا روى عن فلان القدري، وأن فلانًا روى عن فلان المرجئ، ونحو ذلك، لأنه ما عرفَ عنه إلا الانتساب إليهم، ولم يعرف منه مقالة معينة من مقالاتهم الكفرية.

فما رواه الربيع من أنّ الشافعيّ روى عن فلان وهو قدري، فهو محمول على أنه لم يكن من القدرية الذين يعتقدون كفرياتهم، لأن بعض القدرية لا يعتقد مقالاتهم الكفرية، إنما يوافقهم في بعض الأمور. فتحمل رواية الشافعي عن هذا الرجل على هذا الباب، لأنه ثبت عن الربيع أنّ الشافعي كفر القدري، فيحمل تكفيره على من يقول بمقالاتهم الكفرية، وروايته عن هذا الراوي الذي ذكره الربيع على أنه من الصنف الآخر، أي من الذين لا يعلم فيهم الشافعي تلك المقالات الكفرية، وبهذا يتفق كلام الشافعي في التكفير وروايته عن بعضهم لأنه من المعروف بين أهل الأهواء أن بعضهم لا يعتقد جميع مقالات طائفته، إنما يعتقد بعضها وينتسب إليهم. وقد ذكر أبو حامد الشافعيّ كفر القدرية، كما حكاه صاحب البيان العمراني اليمني.

قال العمراني في البيان: «مسئلة: «قال الشافعيّ رحمه الله: «ولا ترد شهادة أحد من أهل الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لموافقيه بتصديقه وقبول يمينه، ولشهادة من يرى أن كذبه شرك بالله ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفس بقبولها ممن يخفف المأثم في ذلك» ، فنص بهذا على قبول شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية. وقال في «الأم»: «ذهب الناس في تأويل القرءان والأحاديث والقياس، أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها فتباينوا فيها تباينًا شديدًا، واستحل فيها بعضهم من بعض ما تَطولُ حكايته، فكان ذلك منهـم متقادمًا عن السلف وبعدهم إلى اليوم، فلم نعلم أن أحدًا ممن سلف من هذه الأمة يُقتدى به ولا من التابعين بعدهم ردّ شهادة أحد بتأويل، وإن خطأه وضلله ورءاه استحل منه ما حرم عليه، ولا رد شهادةُ أحد بشىء من التأويل كان له وجه يحتمله ، وإن بلغ فيه استحلال الدم والمال أو المفرط من القول» اهـ، فكذلك أهلُ الأهواء ، وجملة ذلك أنه لا خلاف بين أصحابنا في أن شهادة الخطابية غير مقبولة، وهم أصحاب أبي الخطاب الكوفي، يعتقدون أن الكذب لا يجوز، فإذا ذكر بعضهم لبعض أن له على رجل حقًا حلّفه، وصدقه على ذلك، وشهد له بالحق الذي حلفه عليه لأنهم يشهدون بقول المدعي».

إلى أن قال: قال الشيخ أبو حامد: «أهل الأهواء على ثلاثة ضروب: ضرب نخطئهم ولا نفسقهم فهم الذين اختلفوا في الفروع التي يسوغ فيها الاجتهاد، مثل أصحاب مالك وأبي حنيفة، وغيرهما من أهل العلم الذين يخالفون في نكاح المتعة، وهو النكاح بلا وليّ ولا شهود وغير ذلك، فهؤلاء لا نفسقهم ولا نرد شهادتهم[(814)]. قال: وهذا الضرب هو الذي أراد الشافعي رحمه الله بأهل الأهواء الذين لم ترد شهادتهم دون غيرهم، لأن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل كثيرة في الفروع، وخطأ بعضهم بعضًا وأغلظ بعضهم على بعض في القول في الخطإ في ذلك، ولم يرد بعضهم شهادة بعض.

وأما الضرب الذين نفسقهم ولا نكفرهم فهم الروافض، الذين يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، والخوارج الذين يسبون عثمان وعليًّا رضي الله عنهما، فلا تقبل شهادتهم لأنهم يذهبون إلى شىء لا يسوغ فيه الاجتهاد، فهم معاندون مقطوع بخطئهم وفسقهم فلم تقبل شهادتهم، هذا خلاف قول القفال.

وأما الضرب الذين نكفرهم فهم القدرية الذين يقولون إنهم يخلقون أفعالهم استقلالاً دون الله، – أي مع قولهم إن الله أعطاهم القدرة عليها، فهم يرون أنهم يخلقون استقلالاً فيكفرون، ولو قالوا خلقنا فعلنا بقدرة أعطانا الله إياها – ومن يقول بخلق القرءان، – يعني من يقول: إن الله ليس له كلام صفة له إلا ما يخلقه في غيره -، ويقولون: إنّ الله لا يرى يوم القيامة، والجهمية النافون عن الله تعالى الصفات، لأن الشافعي رحمه الله تعالى قال في مواضع من كتبه: من قال بخلق القرءان فهو كافر، وإذا حكم بكفرهم فلا معنى لقبول شهادتهم.

والدليل على ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القدرية مجوس هذه الأمة، فإذا مرضوا فلا تعودوهم، وإذا ماتوا فلا تَشهَدوهم»[(815)]، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سب نبيًّا فقد كفر، ومن سب[(816)] صاحب نبي فقد فسق» . وروي عن عمر أنه قال: «لا تُجالِسوا القدرية» [(817)]، وأقل ما في هذا أن لا تقبل شهادتهم. وقال علي رضي الله عنه: «ما حكّمتُ مخلوقًا وإنما حكّمت القرءان»[(818)]، وكـان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد، ولأن هذه المسائل قد نصب الله تعالى عليها أدلة، إذا تأملها المتأمل حصل له العلم بها فنسبوا في مخالفتها إلى العناد، كما ينسب المخالف في التوحيد”. انتهى كلام أبي حامد.

وقال أبو إسحاق في «الشرح»: «من قدَّم عليًّا على أبي بكر وعمر في الإمامة فُسّق ، لأنه خالف الإجماع. ومن فضّل عليًّا على أبي بكر وعمر وعثمان أو فضل بعضهم على بعض لم أفسقه وأقبل شهادته.

وأما قبول الشافعي رحمه الله لشهادة من يرى كذبه شركًا بالله فهم الخوارج، لأنهم يرون الكذب معصية وكفرًا تجب به النار. ولم يرد به أن شهادتهم تقبل وإنما أراد أن شهادتهم لا ترد لذلك، لأن ذلك أدعى إلى قبول شهادتهم، وإنما ترد شهادتهم لقولهم بخلق القرءان وأنهم يخلقون أفعالهم وغير ذلك»[(819)] انتهى.

ومراده بقوله: «من سب صاحب نبي فقد فسق» من كان من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ومن كان على سيرتهم، أما من ليس كذلك فليس مرادًا بهذا الحديث، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في صحابي خطب فقال في خطبته: «من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى». فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «بئس الخطيب أنت، قل ومن يعصِ الله ورسوله فقد غوى». هذا حديث صحيح رواه مسلم[(820)]. فقد قال الرسولُ هذا الكلام لهذا الحديث بسبب الكلام الفاسد المكروه، وهو قول ذلك الخطيب: «ومن يعصهما»، حيث جمع بين الله والرسول في ضمير واحد ، وذلك لأن هذا الجمع يوهم التسوية بين الله ورسوله .

وقول من قال من الأئمة: «لا نكفر أهل القبلة»، مرادهم من كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن الكعبة قبلته لا نكفره بما يرتكبه من الذنوب أي ما لم يعلم منه ما يثبت الكفر في حقه، وليس مرادهم بذلك أن كل من يقول الشهادتين لا يكفر مع اعتقاده بعض الاعتقادات الكفرية، فإن هذا الإطلاق بعيد من مرادهم في هذه العبارة لأن كثيرًا ممن يقول الشهادتين وينتسب إلى الإسلام ويظن نفسه مسلمًا كفروا كفريات صريحة لا يتردد فيها عالم ولا جاهل، كقول البيانية: إن الله يفنى يوم القيامة كله إلا وجهه، أخطأوا في فهم هذه الآية: {…كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ… *} [(821)]، فظنوا أن الله له وجه مركب على البدن كالبشر وغيرهم من الملائكة والبهائم لأنهم أجسام مركب عليها وجه يكون أعلى البدن فقالوا أي البيانية إن الله يوم القيامة يفنى كله إلا الوجه[(822)]. وهؤلاء كانوا يقولون الشهادتين ويصومون ويصلون كغيرهم فهل يجوز ترك تكفيرهم لأنهم يقولون بألسنتهم لا إلـه إلا الله ويستقبلون قبلتنا بل يجب تكفيرهم. وكذلك من كان على مثل هذا ممن يعتقدون في الله أنه جسم مركب، وقد اغتر كثير ممن لا قدم له في فهم كلام العلماء فقال بترك تكفير كل من يقول لا إله إلا الله بلا فرق بين فرقة وفرقة وبين فرد وفرد ءاخر منهم.

وقال الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي التميمي: «اعلم أن تكفير كل زعيم من زعماء المعتزلة واجب» [(823)] اهـ وذلك لأنهم عشرون فرقة، وزعماء هذه الفرق يعتقدون الكفر، وأما الأفراد المنتسبون إليهم فمنهم من يعتقد الكفر الذي عندهم، ومنهم من لا يوافقهم إنما يعتقد غير مقالاتهم التي هي كفر فيسمي الناس هذا معتزليًّا وهذا معتزليًّا. فإنّ من المعتزلة وغيرهم من أهل الأهواء من ينتسب إليهم ولا يعتقد كل مقالاتهم الكفرية، وإنما يعتقد بعض مقالاتهم التي هي دون الكفر كالمعتزلي الذي وافقهم في نفي رؤية الله في الآخرة فإنّ هذا متأول لا يكفر.

وقال البغدادي في كتاب تفسير الأسماء والصفات، في الفصل الحادي عشر: في حكم الدار التي عليها أهل السنة والجماعة، والدار التي غلب عليها أهل الأهواء :

« فإن قيل: ما معنى وصف الدار بأنها دار إيمان وإسلام؟..

قيل: معناه أن كل أحد ممن وجدناه فيها حكمنا له بأنه مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، وحكمنا لولده بحكمه.

وإن وجدنا في دار الإسلام ميتا غسلناه، وكفناه، وصلينا عليه، ودفناه في مقابر المسلمين من غير بحث في حاله، إلا رجلا عرفنا منه الكفر الذي لا يقر عليه بإقراره، أو بإظهاره زي أهله، فإنه لا يجوز مناكحته، وأكل ذبيحته، ولم تجز الصلاة حينئذ، ولا دفنه في مقابر المسلمين . وكذلك حكم من وجدناه لقيطا من هذه الدار من الأطفال لم يعرف من ولده، يجري عليه أحكام المسلمين. وكذلك القول في كل موضع وصفناه بأنها دار كفر، فمعناه الحكم على كل من فيه بأنه كافر، لا يصلي عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وحكم أطفالهم كحكمهم، إلا أن يكون فيهم من عرف إسلامه بعينه، فيكون حكمه حكم المسلمين» [(824)].

وقال في موضع آخر: «الفصل الثاني عشر في بيان تنفيذ أحكام أهل الأهواء، وبيان حكمها في الإجماع والاختلاف، وبيان أنه لا طاعة لهم ولا يصح منهم عبادة:

أجمع أصحابنا على أن المعتزلة والنجارية والجهمية والغلاة من الروافض والخوارج والجسمية لا اعتبار بخلافهم في مسائل الفقه، وإن اعتبر خلافهم في مسائل الكلام. هذا قول الشافعي رضي الله عنه في أهل الأهواء، وكذلك رواه أشهب عن مالك، والعباس بن الوليد عن الأوزاعي، ومحمد بن جرير الطبري، وإسناد له عن سفيان، وحكاه ابن جرير بإسناده عن أبي سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن، وجماعة من أصحاب أبي حنيفة، وحكاه أبو ثور في أصوله عن جميع الأئمة من التابعين، وهم الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وعمر ابن عبد العزيز، والشعبي، والنخعي، ومسروق بن الأجدع، وعلقمة، والأسود، ومحمد بن سيرين، وشريح القاضي، والزهري، وأقرانهم. واختلف فقهاء الأمة في قبول شهادتهم، فقال مالك بإبطال شهادة المعتزلة، وسائر أهل الأهواء، وقال الشافعي، وأبو حنيفة رضي الله عنهما بقبول شهادات أهل الأهواء إلا الخطابية فإنها ترى الشهادة بالزور، وإشارة الشافعي رضي الله عنه في كتاب القياس إلى رجوعه عن قبول شهادات المعتزلة، وهذا هو الأصح على قياس مذهبه . فأما الكلام في قضاء أهل البدع، وأحكام قضائهم، فإن الشافعي رضي الله عنه قال في الخوارج وأهل البغي إذا غلبوا على بلد، فأخذوا صدقات أهلها، وأقاموا عليهم الحدود: إنها لا تعاد فيهم، ولا يرد من قضاء قاضيهم، إلا ما يرد به قضاء قاضٍ غيرهم، وقال في موضع ءاخر: إذا كان غير مأمون برأيه على استحلال دم، ومال لم ينفذ قضاؤه، ولم يقبل كتابه، فيجب على هذا الأصل أن يرد قضاء من قال من المعتزلة بقتل مخالفيه غيلة، واستحلال أموالهم. فأما الصدقات التي أخذوها، والحدود التي أقاموها، فلا خلاف على مذهبه في أنها لا تعاد ثانية، فأما أهل الذمة إذا ادعوا أن الخوارج، وأهل البغي قد أخذوا منهم الجزية فلا يقبل قولهم فيها، إلا ببينة عادلة من المسلمين. وقال مالك، وأحمد بن حنبل بإبطال قضايا أهل الأهواء من الخوارج والغلاة والمعتزلة، كما أبطلا شهاداتهم. وبه قال داود، وأكثر أهل الظاهر، وزاد على ذلك داود قوله في الزكاة التي أخذوها: إنها لا تجزئ عن فروض أصحابها، وأوجب على الإمام قضاء قاضي أهل البغي. وخالفه ابنه أبو بكر في ذلك، فأجاز قضاء قاضي أهل البغي، دون قضاء قاضي المعتزلة، وأهل الأهواء. وأما الكلام في طاعات المعتزلة، وسائر أهل الأهواء الضالة، فإن أهل السنة والجماعة يجتمعون على أن الأهواء المؤدية إلى الكفر لا يصح منهم طاعة لله عز وجل، ما يفعلونه من صلاة، وصوم، وزكاة، وحج لأن الله عز وجل أمر عباده بإيقاع هذه العبادة على شرط مقارنة كاعتقاد صحيح العدل والتوحيد، وبشرط أن يراد بها التقرب إلى الله عز وجل، مع اعتقاد صفة الإله على ما هو عليه، ولا يجوز أن يقصده بالطاعة من لا يعرفه، وقد بينا قبل هذا أن المعتزلة، وسائر أهل البدع الضالة، غير عارفين بالله عز وجل، لاعتقادهم فيه خلاف ما هي عليه في عدله، وحكمته. وليس شىء من الطاعات يصح وقوعها طاعة من العبد لله عز وجل من غير قصد منه إلى التقرب به، إلا طاعة واحدة وهي النظر والاستدلال الواقع من المكلف عند توجه التكليف عليه، فإنه قبل نظره واستدلاله لا يكون عارفا بالله عز وجل، فلا يصح منه التقرب إلى الله عز وجل، لأنه أمره بها وما بعدها من العبادات، فلا يكون طاعة لله عز وجل إلا ممن عرفه سبحانه، وقصد بفعله التقرب إليه، وأهل البدع خارجون عن معرفة الله، وطاعته، فخرجوا من أجل ذلك عن الإيمان، وعن عماد أهل الإسلام، والحمد لله على العصمة من البدعة والله تعالى أعلم» [(825)].

وقال أيضًا: «وأما أهل الأهواء من الجارودية والهشامية والنجارية والجهمية والإمامية الذين كفروا أخيار الصحابة، والقدرية المعتزلة، والبكرية المنسوبة إلى بكر ابن أخت عبد الواحد، والضرارية والمشبهة كلها، والخوارج فإنا نكفرهم كما يكفرون أهل السنة ، ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا، ولا الصلاة خلفهم ، واختلف أصحابنا في التوارث منهم، فقال: بعضهم نرثهم ولا يرثوننا، وبناه على قول معاذ بن جبل: «إن المسلم يرث من الكافر والكافر لا يرث من المسلم»، والصحيح عندنا أن أموالهم فئ لا توارث بينهم وبين السني، وقد روى أن شيخنا أبا عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي لم يأخذ من ميراث أبيه شيئا، لأن أباه كان قدريا… إلى أن قال: وروى يحيى بن أكثم أن أبا يوسف سئل عن المعتزلة فقال: هم الزنادقة . وأشار الشافعي في كتاب الشهادات إلى جواز شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، الذين أجازوا شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم، وأشار في كتاب القياس إلى رجوعه عن قبول شهادة المعتزلة وسائر أهل الأهواء ورد مالك شهادة أهل الأهواء في رواية أشهب عن ابن القاسم والحارث بن مسكين عن مالك أنه قال في المعتزلة: زنادقة لا يستتابون بل يقتلون»[(826)] اهـ.

وقال أيضًا: «فأما أصحابنا فإنهم وإن أجمعوا على تكفير المعتزلة والغلاة من الخوارج والنجارية والجهمية والمشبهة فقد أجازوا لعامة المسلمين معاملتهم في عقود البياعات والإجارات والرهون وسائر المعاوضات دون الأنكحة، فأما مناكحتهم وموارثتهم والصلاة عليهم وأكل ذبائحهم فلا يحل شىء من ذلك إلا الموارثة ففيها خلاف بين أصحابنا، فمنهم من قال: إن مالهم لأقربائهم من المسلمين، لأن قطع الميراث بين المسلم والكافر إنما هو في الكافر الذي لا يعد في الملة، ولأن خلاف القدري والجهمي والنجاريّ والمجسم لأهل السنة والجماعة أعظم من خلاف النصارى لليهودي والمجوسي، وقد أجمع الشافعي وأبو حنيفة على وقوع التوارث بينهم مع اختلاف أديانهم، وكذلك التوارث بين المسلم وبين الكافر من أهل الأهواء دون الكافر الخارج عن الملة بجحده بالله عزّ وجل أو برسوله أو بكتابه، وهم يقولون في القرامطة والباطنية وفي الغلاة القائلين بالتناسخ وبالغلط في الوحي حكمُهم حكم الخارج عن الملة وعن حكم الذمة فلا تحل موارثتهم، ويكون ما خلّفوه فيئًا للمسلمين. ومنهم من قال إن حكم أهل الأهواء حكم المرتدين، لا يرثون ولا يورثون، ولا يرث بعضهم من بعض، وحكي عن محمد ابن الحنفية وجماعة من التابعين أنهم قالوا بتوريث المسلم من أهل الأهواء، ولم يورثوا أهل الأهواء من المسلمين، وكذلك قالوا في المسلم والكافر إن المسلم يرث من الكافر والكافر لا يرث من المسلم، وإلى هذا القول ذهب شيخ أهل الحديث إسحاق بن راهويه، ورواه هو بإسناده عن معاذ بن جبل، وروى غيره مثل ذلك عن مسروق وسعيد بن المسيّب، وأنهم قالوا: الإسلام يزيد ولا ينقص. وقال قوم من التابعين: لا يرث أهل السنة من أهل الأهواء، ولا يرث بعضهم من بعض، وكل أهل مذهب يكفر أهل مذهب ءاخر فلا توارث بينهما، وكذلك كل صنف من أهل الكفر يكفر صنفًا ءاخر منهم فهما ملتان لا يتوارثان، وبه قال الزهري وربيعة والنخعي والحسن بن صالح بن حي وأحمد بن حنبل، وقال قوم: أموال أهل الأهواء لأهل بدعتهم فلا يرث منهم أهل السنة، وكذلك قالوا في مال المرتد إذا مات إنه لأهل الدين الذي ارتد إليه دون المسلمين، وبه قال قتادة وبعض أهل الظاهر»[(827)] اهـ.

فهذه عبارات الإمام أبي منصور فكن على ذكر منها، وفي ضمنها فوائد يحتاج مطالعها إلى التنبيه:

* منها أن المعتزلة كفار بشرط أن يكون هذا المعتزلي يعتقد أصول مقالاتهم، وهي إثبات الخلق بمعنى الإحداث من العدم للعبد بقدرة أعطاه الله إياها، وأنه كان قادرا على خلقها قبل أن يعطيه القدرة عليها، فلما أعطاه القدرة عليها صار عاجزا، والقول بأن الله لم يرد ما يقع من العباد من المعاصي والمكروهات، إلا ما يقع منهم من الحسن.

* ومنها أن كلام الشافعي بقبول شهادة أهل الأهواء بالمعنى الشامل للمعتزلة وغيرها محمول على أنه أراد من لم يقل منهم بما يؤدي إلى الكفر، لأنه ليس كل منتسب إليهم يعتقد عقيدة الآخرين، لأن الواحد قد ينتسب إلى المعتزلة والكرامية[(828)] وغيرهم من أهل البدع المشتملة على الكفر، من غير أن يشارك الآخرين في تلك المسائل المؤدية إلى الكفر كما ذكر أبو منصور أنه لقي أناسا من الكرامية لا يعرفون عقائدهم إنما يتعلقون بالاسم، وكذلك في المعتزلة أناس ينتسبون إليهم وهم خالون عن اعتقاد أقوالهم التي تؤدي إلى الكفر، وهذا ما صرح به الإمام سراج الدين البلقيني في عبارته التي نقلناها من حاشيته على روضة الطالبين، وذلك محمل كلام بعض الشافعيين الذين ذكر عنهم أن المعتزلة لا يكفرون. فتبيين بهذا أن لا عبرة بقول من أطلق ترك تكفيرهم على غير هذا المعنى، كبعض المتأخرين من الشافعية حيث صرح بعدم تكفيرهم مع نسبة القول بخلق العبد فعله إليهم، فإن هذا ليس من كبار أصحاب الشافعي.

* وهنا دقيقة يجب التنبه لها وهي أن القول بخلق القرءان كفر بالنسبة لأناس وليس بكفر بالنسبة لأناس، فمن نفى ثبوت صفة الكلام لله تعالى على الوجه اللائق به، وهو كونه متكلم بكلام أزلي أبدي، بل يعتقد أن الله متكلم بمعنى خالق الكلام في غيره، ويطلق مع ذلك القول بأن القرءان مخلوق، فهو الذي يكفر. وأما من يطلق هذا اللفظ ويثبت الكلام بمعنى الصفة الأزلية الأبدية بمعنى أنه قائم بذات الله، كقيام علمه وغيره من صفاته بذاته، ويقول مع ذلك بأن القرءان يطلق على هذا الكلام الذي هو صفة أزلية أبدية، ويطلق على اللفظ المنزل، ويعتقد في اللفظ المنزل أنه مخلوق لله ليس من تأليف أحد من خلق الله، فهذا لا يكفر ولا يدخل تحت قول الشافعي لحفص الفرد: «لقد كفرت بالله العظيم»، كما لا يدخل تحت ما شهر عن كثير من الأئمة أنهم قالوا: «من قال القرءان مخلوق فهو كافر»، فإنه لا يظن بإمام من أئمة الهدى أنه يعتقد أن اللفظ المنزل صفة قائمة بذات الله، لأنه يلزم من ذلك جعل ذات الله القديم محلا للحادث، والذات الذي يكون محلا للحادث حادث لا يكون قديما، وذلك مما يجل عنه مقام أئمة الهدى كجعفر الصادق وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم، لأن ذلك مما لا يخفى بطلانه على أدنى طالب علم، بل ولا أدنى مسلم عرف تنزيه الله عن مشابهة خلقه من جميع الوجوه.

وقد نقل عن الإمام أبي حنيفة ما هو صريح فيما قلنا، فإنه قال في مسألة الكلام: «ما قام بالخالق فهو غير مخلوق، وما قام بالخلق فهو مخلوق “اهـ. يعني بالجزء الأول من هذه العبارة الكلام الذاتي القائم بذات الله الذي هو أزلي أبدي كسائر صفاته، ويعني بالجزء الثاني اللفظ المنزل. وما نقل عن الإمام أحمد من نهيه عن القول : «لفظي بالقرءان مخلوق»، والقول: «لفظي بالقرءان غير مخلوق” ينزل على أنه أراد ما ذكرنا.

* ومنها أنه ليس كل من شهر بأنه وافق المعتزلة في مسألة معتزليّا على الحقيقة فيحكم عليه بحكمهم، وذلك كالخلفاء الثلاثة من العباسيين المأمون وتالييه، فإنه لا يجوز الشهادة عليهم بأنهم معتزلة لأنه لم يثبت عنهم سوى القول بهذا اللفظ «القرءان مخلوق»، والظن بهم أنهم قصدوا اللفظ المنزل من غير نفي الكلام الذاتي. ونظير هذا قول بعض الفقهاء في الخوارج إن بعضهم يكفرون وبعضهم لا يكفرون، كما ذكره الحافظ ابن حجر في شرح البخاري في أثناء شرح الأحاديث الواردة في الخوارج.

فتبصر أيها المطالع ولا تكن مترددا.

ـ[771]   اللمع في أصول الفقه للشيرازي: (ص/129)، القول في الاجتهاد.

ـ[772]   العقيدة النسفية لعمر بن محمد النسفي (ص/34)، ضمن كتاب مجموع مهمات المتون.

ـ[773]   العقيدة الطحاوية: (31_32).

ـ[774]   القلائد شرح العقائد، لمحمود بن أحمد بن مسعود القونوي النسفي (ص/200).ـ[775]   رواه الرازي في المحصول عن العنبري: (6/41)، وقال: واتفق سائر العلماء على فساد هذا القول.

ـ[776]   اللمع في أصول الفقه للشيرازي (ص/129)، القول في الاجتهاد، باب القول في أقوال المجتهدين وأن الحق منها في واحد أو كل مجتهد مصيب.

ـ[777]   الأشباه والنظائر (1/488).

ـ[778]   المستصفى (1/145).

ـ[779]   الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع: (ص/656)، لأحمد بن إسماعيل بن عثمان الكوراني، تحقيق قبلان التركي، دارصادر، بيروت، ومكتبة الإرشاد، استانبول.

ـ[780]   إكفار الملحدين والمتأولين في شىء من ضروريات الدين للمحدث الشيخ محمد أنور شاه الكشميري المتوفى سنة1352هـ (ص/17)، وفي التعليق علامة أنه نقله من شرح عقائد النسفي المسمى بالنبراس (ص/572). وهذا الكتاب كان وضعه لبيان كفر القاديانية جماعة غلام أحمد مدعي النبوة من ناحية الهند، والذين حماه الإنكليز أيام استعمارهم لتلك البلاد.

ـ[781]   إكفار الملحدين (ص/123).

ـ[782]   أخرجه أبو داود في سننه (4928): كتاب الأدب: باب في الحكم في المخنثين، من حديث أبي هريرة، والبيهقي في سننه الكبرى (16765): كتاب الحدود: باب ما جاء في نفي المخنثين، من حديث أبي هريرة.

ـ[783]   سورة البقرة: جزء من الآية 217 .

ـ[784]   إكفار الملحدين (ص/21 – 22).

ـ[785]   سورة النساء: في موضعين: الأول: جزء من الآية 48، والثاني: جزء من الآية 116 .

ـ[786]   اعتقاد أئمة الحديث (ص/64).

ـ[787]   التحرير والتنوير (1/375).

ـ[788]   ولخطورة هذه المسألة ينبغي الوقوف عليها، والتنبيه إلى أن الفصل فيها أن من قال بأن كلام الله بمعنى الصفة الذاتية مخلوق فلا شك في كفره ولا تردد= = عند الكل، أما من أطلق هذا اللفظ أي القول بخلق القرآن ولا يريد من ذلك إلا أن اللفظ المنـزل هو المخلوق فلا يكفر، ومع ذلك فإن هذا الإطلاق ممنوع عند أهل السنة، وهذا هو التفصيل المرضي عند المحققين في بيان قولهم: إن القائل بخلق القرآن كافر.

ـ[789]   الأشباه والنظائر (1/488).

ـ[790]   أي فرق أهل القبلة.

ـ[791]   أي المنتسبين إلى الإسلام فهم قسم منهم ينتسبون إلى الإسلام حقيقة، وقسم ينتسبون إليه وهم في الحقيقة غير مسلمين، وكذلك لما يقول بعض العلماء في معرض الذم: «الفلاسفة الإسلاميون»، فهم الذين ينتسبون الى الإسلام وهم ليسوا مسلمين، وهم الذين كفرهم الغزالي والزركشي وغيرهما.

ـ[792]   سورة الزمر: جزء من الآية 53 .

ـ[793]   كليات أبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي (ص/765).

ـ[794]   كليات أبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي (ص/766).

ـ[795]   فتح المغيث شرح ألفية الحديث للشيخ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (1/333).

ـ[796]   التقرير والتحبير لابن أمير الحاج وهو تلميذ الحافظ ابن حجر والكمال بن الهمام (3/423-424).

ـ[797]   أخرجه أبو داود في سننه (2532): كتاب الجهاد: باب في الغزو مع أئمة الجور، من حديث أنس بن مالك، والبيهقي في سننه الكبرى (18261): كتاب السير: باب الغزو مع أئمة الجور، كذلك من حديث أنس بن مالك.

ـ[798]   أخرجه البخاري في صحيحه (6647): كتاب الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سَتَرونَ بعدي أُمُورًا تُنكِرُونها، من حديث عبادة بن الصامت، ومسلم في صحيحه (1709): كتاب الإمارة: باب وجوب طاعة الأُمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، من حديث عبادة بن الصامت.

ـ[799]   أخرجه البخاري في صحيحه (385): كتاب الصلاة: أبواب القبلة: باب فضل استقبال القبلة، من حديث أنس بن مالك، والنسائي في سننه الكبرى (3430): كتاب تحريم الدم: المقدمة، من حديث أنس بن مالك.

ـ[800]   لم أجده حيث أشار الشيخ الكشميري لكنه في فتح الباري (13/8).

ـ[801]   فتح الباري (13/8).

ـ[802]   أخرجه البخاري في صحيحه (3411): كتاب المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، من حديث عبادة بن الصامت، ومسلم في صحيحه (1847): كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطّاعة ومفارقة الجماعة، من حديث عبادة بن الصامت.

ـ[803]   فتح الباري (13/36).

ـ[804]   إكفار الملحدين في ضروريات الدين (ص/20 – 21 – 22).

ـ[805]   إكفار الملحدين في ضروريات الدين (ص/128)، في خاتمة الرسالة المبينة.

ـ[806]   رواه النووي في شرح مسلم (7/160)، (1063) قوله صلى الله عليه وسلم: «ومن يعدل اذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت».

ـ[807]   وعبارة النووي: وأطلق القفال وكثيرون من الأصحاب القول بجواز الاقتداء بأهل البدع، وأنهم لا يكفرون، قال صاحب العدة: وهو ظاهر مذهب الشافعي، قلت: هذا الذي قاله القفال وصاحب العدة هو الصحيح أو الصواب، فقد قال الشافعي رحمه الله: «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية»، لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، ولم يزل السلف والخلف على الصلاة خلف المعتزلة وغيرهم ومناكحتهم وموارثتهم وإجراء أحكام المسلمين عليهم. روضة الطالبين (1/352).

ـ[808]   حواشي روضة الطالبين لسراج الدين عمر بن رسلان البلقيني (1/352).

ـ[809]   حواشي روضة الطالبين لسراج الدين عمر بن رسلان البلقيني (1/353).

ـ[810]   تبيين كذب المفتري (ص/339 – 340).

ـ[811]   نجم المهتدي لابن المعلم القرشي (ص/551) مخطوطة.

ـ[812]   الأشباه والنظائر (1/488).

ـ[813]   هذا فيمن لم يبلغهم التحريم من الحديث.

ـ[814]   أخرجه الحاكم في المستدرك: (1/159)، (286)، كتاب الإيمان.

ـ[815]   أي من سبّه بغير حق.

ـ[816]   رواه ابن بطة العكبري في الإبانة الكبرى: (2/210)، (1762)، محمد بن كعب القرظي.

ـ[817]   رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: (1/369)، (323)، سياق ما روي من إجماع الصحابة على أن القرآن غير مخلوق.

ـ[818]   البيان في مذهب الإمام الشافعي (13/280 – 284)، مسألة شهادة أهل الأهواء.

ـ[819]   أخرجه مسلم في صحيحه: (2/594)، (870)، كتاب الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة.

ـ[820]   سورة القصص: جزء من الآية 88 .

ـ[821]   الفرق بين الفرق: (214).

ـ[822]   أصول الدين لأبي منصور البغدادي (ص/359).

ـ[823]   تفسير الأسماء والصفات: مخطوط تقدم المكتبة البريطانية قسم المجموعات الشرقية والمكتبة الهندية (ص/459).

ـ[824]   تفسير الأسماء والصفات (ص/460 – 461).

ـ[825]   الفرق بين الفرق (ص/350).

ـ[826]   تفسير الأسماء والصفات لأبي منصور البغدادي مخطوط في مكتبة قيصري – تركيا -…

ـ[827]   الكرامية: أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، وهم طوائف بلغ عددهم إلى اثنتي عشر فرقة وأصولها ست: العابدية، والتونية، والزرينية، والإسحاقية، والواحدية، وأقربهم الهيصمية، ولكل واحدة منهم رأي: الملل والنحل للشهرستاني (ص/87).

ـ[828]   النهاية في غريب الأثر (4/248).