بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس تلقي كتاب ” سمعت الشيخ يقول” (1)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الحكيم الغنيِّ الكريم باعثِ النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم بجَوامِعِ الكَلِمِ وبدائعِ الِحكَمِ وفضّلَهُ على جميعِ العوالِمِ والأممِ وجعلَهُ للناسِ بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى اللهِ بإذنِه وسراجًا منيرًا، وطهّرَهُ تطهيرًا، واصطفى سبحانه أولياءَهُ وأحبابَه ونوَّرَهمْ بأنوارِ الحكمةِ تنْويرًا وجعلَ العلماءَ العاملينَ شموسًا وبُدورًا ومِنْ نورِ هدايتِهِم وحِكَمِهم يضعُفُ ويتراجَعُ فسادُ مَنْ كان فاسقًا أو كفَورًا
أما بعد، (قال: هذه المقدمة هي لي أنا قدّمتُ للكتاب وبعدَها نبدأ إنْ شاء اللهُ فورًا بكلامِ الشيخ رحمه الله، لكنْ بهذه المقدمة نُعرِّف عنْ أهميةِ الكتاب وما المقصود منْ ذلك ولِمَنْ هي هذه الدرر والدروس والتوجيهات)
يقولُ اللهُ تبارك وتعالى {يؤتي الحكمةَ مَن يشآء ومَنْ يُؤتَى الحكمةَ فقدْ أوتِيَ خيرًا كثيرًا}[البقرة/٢٦٩] وقال سبحانه {هو الذي بعثَ في الأمّيينَ رسولًا منهم يتلو عليهم آياتِهِ ويُزَكّيهِم ويُعلِّمُهم الكتابَ والحكمة}[الجمعة/٢]
قال ابنُ عباس رضي اللهُ عنهما الكتاب يعني القرآن والحكمة يعني الحديث. القرآن أمرَنا أنْ نأخذَ بالحديثِ وهذا ردٌّ على المنافقينَ الضالين الكافرين الذين يتّهمونَ الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون نحن لا نصَدِّقُهُ القرآنُ يُغْنِينا بزعمِهم، وكذَبوا، هم لا يأخذونَ بالقرآنِ ولا بالحديثِ لأنهم لوْ أخذوا بالقرآنِ لأخَذوا بالحديثِ، لأنَّ القرآنَ قال {ويُعلِّمُهُمُ الكتابَ والحِكمة}[الجمعة/٢] الكتاب يعني القرآن والحكمة يعني الحديث.
{ويُعلِّمُهمُ الكتابَ والحكمة وإنْ كانوا مِنْ قَبلُ لَفي ضلالٍ مُبين}[الجمعة/٢] وقال تقدّسَتْ أسماؤُه {لقدْ منَّ اللهُ على المؤمنينَ إذْ بعثَ فيهم رسولًا منْ أنفسِهمْ يتلو عليهم آياتِهِ ويُزَكِّيهمْ ويُعلِّمُهُمُ الكتابَ والحكمةَ وإنْ كانوا مِنْ قبلُ لَفي ضلالٍ مبين}[آل عمران/١٦٤]
وقال عزّ وجلَّ {ادعُ إلى سبيلِ ربِّكَ بالحكمةِ والموعظةِ الحسَنة}[النحل/١٢٥]
فما أحوَجَنا للالْتزامِ بمعاني هذه الآياتِ والتمسّكِ بتوْجيهاتِ الأنبياءِ والأولياءِ والعلماءِ العاملين الصالحين الكاملين ولا سيّما في مِثلِ أيامِنا هذه الحالِكةِ بالظلامِ والقاتِمةِ بأمواجِ الفِتَنِ المُتَلاطِمةِ المُتَزاحِمةِ وقدْ زادَ الفسادُ واسْتَشْرَى وعمَّ وطمَّ وضَعُفَ الاسْتِرْشادُ بالعلمِ والحكمة وقلَّ اهتمامُ كثيرٍ منَ الناس بالأخلاقِ والخُلُقِ الحسَنِ .
اليوم همّةُ أكثرِ الناسِ بِجَمْعِ المالِ وتكثيرِ الأموالِ، صار القليل منَ الناسِ والنُّدرة النادرة منهم مَنْ يهتمّ لِجَمعِ العلمِ منْ أهلِه الثقات العُدول وإلا فأكثر الناسِ اليوم همُّهم المال وتكثيرُهُ وجَمعُهُ وقلَّ مَنْ يشتغل اليوم بتَحصيلِ العلم.
وانصرَفَتْ هِمَمُ الكثيرينَ إلى الدنيا الزائلة وزينَتِها وزخارِفِها ومفاتِنِها فلمْ يُحسِنوا تربيةَ أطفالِهِمْ وأبنائِهمْ على المبادىءِ الإسلاميةِ الساميةِ الراقيةِ الصحيحة، بل إنَّ الكثيرَ مِنْ أهلِ هذا الزمان قدّموا الدنيا على الآخرة والفانيةَ على الباقية فانْعَدَمَتِ الحكمة وضاعتْ منْ أكثرِ الشبابِ والشابات فتطاولَ الصغارُ على الكبارِ وتمرَّدَ الفِتْيانُ على الرجالِ وعمَّ بينَ الفسَقةِ الانْحِلال والخُنوع وانْصاعَ الكثيرُ لعاداتِ وأخلاقِ وسيرةِ الكفَرةِ والفسقةِ الماجِنين ولمْ يقِفوا عندَ هذا الحد بل إنَّ منهم مَنْ تجرّأَ على سيرةِ السلفِ الصالحِ وجاهرَ بِمُعادَاتِهِ لأخلاقِ الأولياء والصحابةِ الكرامِ وآلِ البيتِ العِظامِ فحُرِموا بركةَ الحكمة ولمْ ينتفِعوا بتجربة الشيوخ المُسَلِّكين (جمع مُسَلِّك يعني الذي يسَلِّكُ المُريد يوصلُهُ إلى الولاية وهذه صلة المرشد الكامل المُكَمِّل) فظهرَ في كثير من أبناءِ المجتمعات اليوم اللجوءُ إلى الفسادِ والمُجون وتمسَّكوا بشعاراتٍ المخالِفينَ المُنحَرِفينَ ولمْ تبقَ لهم هيْبةٌ في المجتمع ولا كرامةٌ في النوادي والمَحافِل ولا حُرمةٌ بين القومِ والناسِ.
وفي ظلِّ هذه المظاهرِ الخطيرة والمفاسد العديدة التي تَحرِفُ كثيرًا منْ مجتمعات الشباب والأبناءِ والطلابِ في البيوتِ والمدارس والثانوياتِ والمعاهدِ والجامعاتِ والمجتمعاتِ وتَهْدِمُ عليهم قِيَمَ وأخلاقَ الأكابرِ منَ السلفِ والخلَفِ وتُبعِدُهُمْ عنِ العاداتِ الحَميدةِ النافعةِ التي قيلَ فيها “عاداتُ السادات ساداتُ العادات”.
هذه الحكمة ممّا يُروى عنْ بعضِ الأكابرِ كأبي حنيفة كالشافعي أو غيرِهما ومعنى هذه الكلمة أنَّ عادات الأنبياءِ والأولياء هيَ أفضل وأحسن العادات، لأنَّ السادات مَنْ هم؟ الأنبياء والأولياء. فعاداتُ الساداتِ سادات العاداتِ يعني هي أحسن العادات. لا ننظرُ إلى عاداتِ الفَسَقة والفجَرة، بل ننظر إلى عاداتِ الساداتِ الأنبياء والأولياء نفعَنا اللهُ بهم .
كان لا بدَّ لنا منَ التذكيرِ والتنبيهِ إلى خطورةِ استمرارِ هذه الحالِ على ما هي عليه وأنهُ لا بدَّ لنا إنْ أردْنا النجاحَ والفلاحَ والسعادةَ والسلامةَ والفوزَ والأمنَ والأمانَ والصفاءَ والاطمئنانَ منَ التمسّك بكتابِ اللهِ العزيز وسنّةِ نبيِّه الكريمِ صلى الله عليه وسلم والتمسُّكِ بالشريعةِ الإسلاميةِ ظاهرًا وباطنًا والتخَلُّقِ بأخلاقِ الأنبياءِ والكاملين منْ عبادِ اللهِ الصالحين {أولئكَ الذين هَدَى اللهُ فبِهُداهُمُ اقْتَدِه}[الأنعام/٩٠]
هذه الأية الكريمة اللهُ يقولُ لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم عنْ بعضِ الأنبياء السابقين {أولئكَ الذين هَدى اللهُ فبِهُداهُمُ اقْتَدِه} وهذا ليس معناه أنهُ صلى الله عليه وسلم كان ضعيفًا في الصبر أو في حُسنِ الخُلقِ أو في العَفوِ والصَّفحِ أو الجودِ والسخاء حاشى، هو أعلى وأفضل الأنبياء لكنْ لا مانِعَ مِنْ أنْ يقتَدِيَ نبيّ بنبيّ. أليس موسى أفضل منَ الخضِر؟ ومع ذلك سافرَ إليه ليَلْتَقِيَ به فيتعلّم منه بعض الحِكَم، الأمورالتي تعلّمها موسى منَ الخضِر ليست منَ الضروريات لأنها لو كانت منَ الضرورياتِ لا يجوزُ على موسى النبي الرسول عليه الصلاة والسلام أنْ يكونَ جاهلًا بها.
إذًا لا مانِعَ مِنْ أنْ يقتدِيَ نبي بنبيّ أو ينتفِعَ به أو يستفيد منه هذا لا ضَيْرَ فيه، وإنما هذا فيه أنه صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بالاقتِداءِ بهؤلاءِ الأنبياء فيرْتفِع النبيّ منْ كمالٍ إلى أكملٍ. وفي هذا أيضًا إرشادٌ للأمة.
وكما قال سبحانه لنبيِّه العظيم {وإنّكَ لعَلى خُلُقٍ عظيم}[القلم/٤] وقدْ قال سيّدُنا وإمامُنا وغوْثُنا ومَلْجَؤُنا ومَفْزَعُنا الشيخ السيّدُ الكبيرُ والقطبُ العلَمُ الشهيرُ أحمدُ الرفاعيُّ صاحبُ الخُلُقِ الشهير رضي اللهُ عنه وأرضاه ” إنَّ الزاهدَ الصالحَ يُوَكِّلُ اللهُ به ملَكًا فيزْرَعُ لهُ الحكمةَ في قلبِهِ “.
وقدْ جاءَ في بعضِ الآثار ” مَنْ أخلَصَ لله أربعينَ يومًا تفجّرَتْ ينابيعُ الحكمةِ منْ قلبِهِ على لسانِه”.
هذا وقدْ أكرَمَني اللهُ سبحانه وتعالى في هذا الزمنِ الذي وصفْنا حالَهُ بصُحبةِ ومُجالسةِ ومُتابعةِ أحدِ أكبرِ أعلامِ هذه الأمة الحُكَماء العلماء الأبرار والمُرَبِّينَ العِظام والمُعلِّمينَ الكرام والمُؤَدِّبينَ الصالحين والمُوَجِّهينَ المُخلِصين هو سيِّدُنا وأستاذُنا ومُؤدِّبُنا ومُعلِّمُنا وقُدْوَتُنا العالِمُ العلّامة والحَبرُ الفهّامة البحر الطامي والعلَمُ السامي الجِهْبِذُ النِّحْريرُ الحافظُ المجتهد المُجَدِّدُ الحُجّةُ القُدوةُ الفقيهُ النّحْوِيُّ الصوفيُّ الزاهدُ العابدُ مُربِّي الأجيالِ ومُخَرِّجُ الأولياء وشيخُ الشهداء صاحبُ الأحوالِ السنِية والمقاماتِ العلِيّة والأسرارِ البهِيّة والأنوارِ الجَلِية الغوْث المُرشدُ بحرُ الحِكَمِ والمُربّي بحالِهِ وقالِهِ ومقالِهِ
وهذه الصفاتُ والألقاب ليست لِمُجَرِّدِ محَبَّتِنا له أطلَقْناها عليه، بل سمِعْنا ذلك وأكثر منْ كثيرٍ منَ العلماءِ والأولياءِ والفقهاءِ وكثير من هذا موَثَّقٌ عندَنا في التقاريظ. وهذا أيضًا مع الخبرة والمشاهدة وما رأيْنا منه منَ المُثابرةِ على العبادةِ والزهدِ وقوةِ العلمِ والاسْتِحضارِ، فهو رحمهُ الله كما قال فيه البعض كان مكتبةً إسلامية كبيرة متَنَقِّلة يستَحْضِرُ العلوم وأيُّ قضيةٍ أو مسئلة في لحظة.
بل قيلَ مرةً لبعضِ أعدائِهِ منْ أدعياءِ المشيَخة تعالَ إليه وناظِرْه، قال لا هو مُسْتحضِرٌ للعلوم. إذًا لماذا تتكلم؟
فإذًا هذا ليس تشَهِّيًا وليس مجرد أننا أغْدَقْنا عليه هذه الألقاب وهو ليس أهلًا لها، على العكس هو أهلٌ لذلك وعندَنا الوثائق في ذلك.
القطبُ الغوث المُرشِدُ بحرُ الحِكَم والمُربي بحالِهِ ومقالِهِ أبو عبد الرحمن عبدُ اللهِ بنُ محمد بنِ يوسف بنِ جامع بنِ عبدِ اللهِ القرَشي العبدري الشيبيّ الهرريَّ الحبشيّ العربيُّ الأصيلُ الأشعريُّ الشافعيُّ
هو الشيخُ رحمه الله عربيٌّ أصيل مِنْ بني شيبة منْ بني عبدِ الدارِ يعني هذه من قبائلِ العربِ الأصيلة المشهورة في التواريخِ وفي الكتب لهم ذِكرٌ واسعٌ جدًّا، والذي مارسَ علمَ الأنسابِ ومعرفةَ قبائلِ العرب يعرفُ ذلك بل إنَّ هؤلاءِ لهم ذِكرُهُمْ في قضيةِ مفاتيحِ الكعبةِ وحَمْلِها وأنَّ الأمانات كانت في أيديهم.
والشيخُ رحمهُ اللهُ رحمةً واسعةً مِنْ جهةِ أمِّهِ يرجِعُ أيضًا إلى أبي بكرٍ الصديق رضيَ اللهُ عنه وأرضاه.
العربيُّ الأصيلُ الأشعريُّ الشافعيُّ الرفاعيُّ القادريُّ شيخُ الإسلامِ والمسلمين نَزِيلُ ودَفينُ مدينة بيروتَ المَحْميّة، وقدْ تشرَّفْتُ بمُلازَمَتِهِ في أكثرِ مجالسِهِ وسَماعِ مُحاضراتِهِ وإملاءاتِهِ وإرشاداتِهِ وتوجيهاتِهِ وسمِعْتُ الآلافَ مِنْ دروسِهِ وحِكَمِه، وقدْ أكرمَني اللهُ تعالى بأنْ كنتُ مُبلِّغًا ومُعيدًا خلفَهُ في كثيرٍ منْ مجالسِهِ بطلبٍ منهُ رضيَ اللهُ عنه. وقدْ كان مدرسةً في العلمِ والحكمة وجبلًا راسخًا في العقيدةِ والآدابِ النبويّةِ ومِنْ تَمَكُّنِهِ في سيرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والصحابةِ الكرام، كان إذا تكلَّمَ تشعرُ وتُحسُّ كأنهُ يعرفُ الصحابة ويعرفُ أبناءَهم ويعرفُ جيرانَهم وأحوالَهمْ وتْتَفِعُ منهُ كلّما قامَ أو تكلَّمَ أو قعدَ.
وكانَ رضيَ اللهُ عنهُ كلَّ ساعةٍ يأتيكَ بالحِكَمِ كالبحرِ الذي يَقْذِفُ لكَ الجواهر فمنهُ اسْتَقَيْنا وعندَهُ تعلَّمْنا فأردتُ وأحبَبْتُ أنْ تبقى بعضُ هذه الحِكم والدُّررِ واللآلىء والنصائحِ والإراشاداتِ والتوجيهات والأنوارِ المعنوية والفوائدِ الإسلاميةِ والإيمانية التي الْتَقَطْناها منه وأخذْناها عنه بينَ يدَي الأمةِ وأبنائِها وأمامَ أعيُنِهم فلعلّنا نستفيدُ جميعًا مِنْ حِكَمِ هذا الإمامِ العظيم الحكيم وقد سمّيْتُها ” سمعتُ الشيخَ يقول ” أو ” دربُ السلامة في إرشاداتِ العلّامة ” وإني أرجو اللهَ تعالى أنْ يتقبّلَ هذا العملَ مني وأنْ يجعَلَهُ في ميزانِ حسناتي وأن يغفرَ لي ولِمَنْ عاوَنَني على ذلك وأنْ يُعتِقَنا منَ النارِ بسببِه وأن يجمعَنا معَ سيِّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وشيخِنا الهرريّ وأحِبَّتِنا المؤمنينَ في الفردوسِ الأعلى إنه سبحانه على كلِّ شىءٍ قدير وبالإجابةِ جدير.
هنا يبدأُ كلام الشيخ رحمه اللهُ رحمة واسعة ونفعَنا به وبعلومِه
الإسلامُ
قال الإمامُ الهرريُّ رضي اللهُ عنه: روى البخاريُّ ومسلم أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حينَ نزَلَتْ عليه آية {وأنْذِرْ عشيرَتَكَ الأقرَبِين}[الشعراء/٢١٤] أتى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصفا فصَعِدَ عليه فاجتَمعَ إليه الناسُ (الصفا يعني الجبل الصغير الذي عندَ الكعبة) بين رجلٍ يجىء ورجلٍ يبعَثُ رسولَه فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [يا بني عبدِ المطلب يا بني فِهر يا بني لُؤَي يا بني فلان لو أنّي أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا بسَفْحِ الجبل تريدُ أنْ تُغيرَ عليكم صدّقْتُموني؟ قالوا نعم، قال: فإني نذيرٌ لكم بينَ يَدَي عذابٍ شديد]، قال أبو لهب تبًّا لك سائرَ اليوم ألِهذا جَمعْتَنا تبًّا لك، معناه أنتَ خاسرٌ هالك، حاشى، سبَّ الرسولَ والعياذُ بالله ولم يَسُبَّهُ أحدٌ غيرُه منْ أقرِبائِهِ الذين جمعَهم. فأنزلَ اللهُ هذه السورة {تبَّتْ يدَا أبي لهَبٍ وتَب}[المسد/١].
وقال رضي اللهُ عنه: نِعمةُ الإسلامِ هي أقوى رابطةٍ بين المؤمنين لا تُوازِي روابِطَ أخرى. فمِنْ هنا يكونُ مُتَحَتِّمًا علينا أنْ نتحابَّ ونتواصلَ ونتزاورَ ونتناصحَ.
بالإسلام بالإيمانِ يكونُ المسلم العربي أخو المسلم الأعجمي ويكون المسلم الأبيض أخو المسلم الأسود، ويكونُ المسلم الفقير أخو المسلم الغني. أما لو كان أخوهُ مِنْ أبَوَيهِ وطلَعَ منَ الكافرين في المعنى هو عدوُّه, ومَنْ أخوهُ الذي يحبُّه؟ المسلم، لو كانَ منَ السودان، منْ جنوبِ إفريقيا، من سريلانكا من بنغلادش منَ الهند من أميركا من فرنسا من لبنان من سوريا، المسلم أخو المسلم لا ينبغي أنْ تبقى عصبيّة الجاهلية التي تحرِّك النفوس إلى الفساد والتكبُّرِ والانتِفاخِ، هذه العصبية مُنْتِنة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم [دَعوها فإنها مُنْتِنة] وقال [لا عصبيّةَ في الإسلام] إنّما أخوّة الإيمانِ والإسلامِ هي التي تجمَعُنا وهي أقوى منْ كلِّ الروابط.
فإياكَ أنْ يبقى في نفسِكَ مِنْ أمورِ الجاهليةِ أنْ تتكبّرَ على المسلمِ الفقيرِ الغريب لأنكَ أنتَ بيروتي وهو غريبٌ فقيرٌ فتتكبّر عليه، أو أنت مسلم فرنسي وهو مسلم مثلًا إفريقي، أو أنت مسلم أميركي مثلًا وهو مسلم منْ بنغلادش، إياكَ أنْ تتكبّر لأنَّ الذي يتكبّر على عبادِ اللهِ هذا يحشُرُهُ اللهُ يومَ القيامةِ بهيئةِ الذرِّ- النملِ الأحمرِ- يطَؤُهُ الناسُ بأقدامِهم ولا يموتون.
لذلك إياكم والتكبُّر اسْتحضروا هذا المعنى العظيم رابط الإسلام، الإيمان، إنما المؤمنونَ إخوة، هذا هو الرابط الذي يجمع بين كلِّ المسلمينَ في الأرض بالإسلامِ بالإيمان.
وقال رضي الله عنه: إنَّ أعظمَ نِعَمِ اللهِ على البشرِ هو الإسلام فمَنْ أرادَ اللهُ به خيرًا وفّقَهُ للإسلام ومَنْ أرادَ به سوءًا لمْ يُوفِّقْهُ للإسلام.
وقال رضي الله عنه: أهلُ الحقِّ صاروا غُرَباء لأنَّ الإسلامَ بدأَ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بدأ كما هو في وقتِنا هذا، هذا الزمان زمانُ غربةِ الإسلام.
اليوم إذا قامَ الإنسان لإحقاقِ الحقِ للأمرِ بالمعروفِ للنهي عنِ المنكرِ كم منَ الناسِ يُعادونَهُ يُحارِبونَه يتصَدَّوْنَ له؟ بدلَ أنْ يقفوا معه بدلَ أنْ ينصروا ما يريدُ منَ الحقِّ. أمّا في الأولِ كان المسلم في أيِّ بقعةٍ منَ الأرضِ إذا قامَ لإحقاقِ الحقِّ الكلّ يؤَيِّدُهُ ويَنصرُهُ، أما اليوم المسلم يكونُ بينَ أهلِه كأنه غريب. هذه غربةُ الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال رضي الله عنه: الإسلامُ أفضلُ نِعمةٍ يُؤْتاها الإنسانُ في هذه الدنيا.
أعظم وأفضل منْ نِعمةِ المال ومنْ نعمةِ الجاه والصحة والعافية والقوة. فلو كان الإنسانُ على الإسلام وكان مريضًا فقيرًاهذا أفضل عند اللهِ منْ كلِّ الأغنياءِ الكافرين وأفضل عند اللهِ منْ كلِّ الأصِحّاءِ الكافرين.
أعظمُ نِعمةٍ هيَ نعمة الإسلام هذه النعمة التي لا تُساويها نعمة. فاشكروا اللهَ على هذه النعمة واثبُتوا عليها وحافظوا عليها مهما حصلَ معكم.
وقال رضي الله عنه مَنْ لمْ يخسَرْ رأسَ مالِهِ فكأنّهُ لمْ يخسَرْ رأسُ مالِ المسلمِ العقيدة، عقيدةُ أهلِ السنّة وهي بِحَمْدِ اللهِ موجودةٌ فينا الجمهورُ بعدُ على تلكَ العقيدة وإنْ قصَّرْنا في الأعمال، نحمَدُ اللهَ على ذلك.
(نحمَدُ اللهَ على ذلك أي أننا على عقيدةِ أهلِ السّنة هنا انتبهوا ليس على التقصيرِ في الأعمال، لا، هذه راجعة إلى العقيدة. فالمسلمُ وإنْ حصلَ عندَهُ تقصير هو ما دامَ على عقيدةِ أهلِ السنّة هذه النعمة العظيمة وعليه أنْ يتدارَكَ نفسَهُ في أمرِ التقصيرِ فيأتي بما تركَ ويتدارك ما فوّت قبلَ الموت).
وقال رضي الله عنه: أعظمُ نعمةٍ على الإنسانِ في هذه الحياةِ أنْ يرزقَهُ اللهُ تعالى الإيمانَ فيتَوفّاهُ مؤمنًأ.
وقال رضي الله عنه: الإيمانُ اللهُ تعالى جعلَهُ نورًا ووضَعَهُ في قلوبِ مَنْ شاءَ مِنْ عبادِه منَ الإنسِ والجنِّ. أمّا الملائكةُ فكلُّهمْ مؤمنون.
(الملَك منْ اللحظةِ التي يُخلقُ فيها يكونُ مؤمنًا ويكونُ عارفًا بربِّه ليس كأطفالِ البشر لا، إنما منَ اللحظةِ التي يُخلقُ فيها الملَك يكونُ مؤمنًأ عارِفًا بربِّه بخالِقِهِ لا يكونُ عندَه شرك ولا كفر ولا عقائد فاسدة حاشى).
وقالَ رضي الله عنه: الإيمانُ سبيلُ السلام (هو الذي يوصِلُ إلى الجنة )
وقال رضي الله عنه: اللهُ نوَّرَ قلوبَ المؤمنينَ بالإيمانِ هذا نورُ الله.
*في الهامش: الإيمانُ هو نورُ اللهِ كما قال تعالى {يَهدي اللهُ لنورِهِ مَنْ يشآء}[النور/٣٥] أي لنورِ الإيمان
(اللهُ نورُ السمواتِ والأرض)[النور/٣٥] ليس معناها أنَّ اللهَ ضوء، لا أصفر ولا أحمر ولا أخضر ولا أبيض ولا كبير ولا صغير، إنما معنى اللهُ نورُ السمواتِ والأرض كما قال ابنُ عباس رضيَ اللهُ عنهما ” هادي المؤمنينَ لنورِ الإيمان “. اللهُ يقولُ في القرآنِ – وانتبهوا لهذه الآية – {الحمدُ للهِ الذي خلقَ السمواتِ والأرض وجعلَ الظلماتِ والنور}[الأنعام/١] جعلَ الظلماتِ والنور خلقَ.وأبو حنيفةَ رضي اللهُ عنه يقول ” أنّى يُشبهُ الخالقُ مخلوقَه “، يعني لا يشبهُ الخالق مخلوقَه، إذًا اللهُ ليس ضوءًا إنما منْ أسماءِ اللهِ النور بمعنى الهادي.
وقدْ قال الإمام الفقيهُ المحدّثُ الحنفيُّ الشيخ عبدُ الغنيّ بن إسماعيل النابلسي رحمه الله ” مَن اعتقدَ أنَّ الله َضوءٌ ملأَ السمواتِ والأرض أو أنهُ جسمٌ قاعدٌ فوقَ العرشِ فهو كافر وإنْ زعمَ أنهُ مسلم “.
وقال رضي الله عنه: الإيمانُ نورُ اللهِ تعالى لأنّه يُنقِذُ منْ ظلُماتِ الكفر.
وقال رضي اللهُ عنه: مَنْ أُعطيَ الدنيا ولمْ يُعطَ الإيمان فكأنّما لمْ يُعطَ شيئًا ومَنْ أعطيَ الإيمانَ ولمْ يُعطَ الدنيا فكأنما ما مُنِعَ شيئًا.
(هذا شداد ابن عاد ماذا حصّل؟ حكمَ هذه الأرض وعاشَ على الكفرِ تسعمائةِ سنة وملَكَ وحكم وبنَى مدينةً منْ ذهب ومجوهرات ولآلىء وفضة في عدن في اليمن وخسَفَها اللهُ تعالى بشداد ابن عاد ومَنْ معه، {ألمْ ترَ كيفَ فعلَ ربُّكَ بعاد}[الفجر/٦] وهذا قارون الذي خسَفَ اللهُ به وبدارِهِ الأرض وكانت أموالُهُ كالتلال، وهذا فرعون وهذا فلان وفلان منَ الكفار اُعْطوا الدنيا ولمْ يُعطَوْا الإيمان، في المعنى كأنهم ما أُعطوا شيئًا. فإذًا مَنْ أُعطيَ الدنيا ولمْ يُعطَ الإيمان فكأنه ما أُعطيَ شيئًا، ومَنْ أُعطيَ الإيمان ولمْ يُعطَ الدنيا في المعنى كأنه ما مُنِعَ شيئًا لأنهُ إنْ ماتَ على الإيمانِ يدخل الجنة دار السعادةِ الأبديةِ والنعيم المُقيم حيثُ لا ينتهي إلى أبدِ الآباد.
فما هو الأصلُ إذًا؟ الإيمان، ما هو الأساس؟ الإسلام، لذلك حافظوا على نعمةِ الإيمان.
وقال رضي الله عنه: أهمُّ الأمورِ وأوْلاها للمحافظةِ عليها الثباتُ على الإسلام فمَنْ آمنَ باللهِ ورسولِه وثبَتَ على الإسلام أي تجنَّبَ الكفرَ مهما تخبَّطَ في المعاصي، لكنّه تجنّبَ الكفرَ القوليَّ والفعليَّ والاعتقاديَّ حتى مات وهو على هذه الحال فإنه إمّا أنْ يُسَلِّمَهُ اللهُ تعالى في القبرِ منَ النكدِ وفي الآخرةِ منَ العذابِ ويُدخِلَهُ الجنة وإمّا أنْ يُعذِّبَهُ بذنوبِه التي لمْ يتُبْ منها قبلَ موْتِه ثم يُخرِجَهُ منَ العذاب ويُدخلَهُ الجنة، وبعدَ دخولِ الجنةِ لا يرى شيئًا منَ النكدِ كغيرِهِ منَ الذينَ دخلوا الجنةَ بِلا عذاب. إنما الويلُ كلُّ الويل لِمَنْ يموتُ كافرًا.
وقال رضي الله عنه: أساسُ الدينِ النيةُ الصحيحةُ مع الاعتقادِ بعقائدِ أهلِ السنّة أمّا مَنْ لمْ يتعلّمْ عقائدَ أهلِ السنّة ليس لهُ شىءٌ منَ الحسناتِ في الآخرة.
وقال رضيَ اللهُ عنه: في هذا الزمن كثُرَ ما أخبرَ به الرسولُ عليه الصلاة والسلام مِنْ غُربةِ الإسلامِ وذلك بقولِهِ [إنَّ الإسلامَ بدأَ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل مَنْ هم يا رسولَ الله؟ قال: الذين يصْلِحونَ ما أفسَدَ الناسُ بعدي مِنْ سنّتي].
اليوم كثُرَ المُخالفون والمُنحرِفونَ عنْ سنّةِ الرسول صلى الله عليه وسلم أي شريعةِ الرسول العقيدةِ والأحكام فطوبى لِمَنْ جعلَهُ اللهُ تعالى منَ الدُّعاة (طوبى يعني خيرٌ كثير بشرى له) إلى سنّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عقيدةً وعملًا وللهِ الحمدُ على ما ألْهَمَنا منَ التمسُّكِ بسنَّتِهِ عليه الصلاة والسلام والدعوةِ إليها.
نسألُ اللهَ تعالى أنْ يُؤَيِّدَنا ويُثَبِّتَنا على ذلك وكلُّ مَنْ ساعدَنا في هذا بعملِ نفسِهِ أو بتحريكِ غيرِهِ فلهُ عندَ اللهِ تعالى أجرٌ عظيم، مَنْ باشرَ هذا الأمرَ بنفسِهِ ومَنْ ساعدَ المُباشِر شُرَكاءُ في الأجرِ. اغتنموا هذه الفرصة.
(لا تضيِّعوا هذا على أنفسِكمْ كونوا ممَّنْ يعملونَ على نشرِ عقيدةِ أهلِ السنّة أو يساعدونَ على نشرِها، بهذا لكم الأجر العظيم عندَ اللهِ كما سمِعْتُمْ هذه بشرى كبيرة فهنيئًا لِمَنْ حصّلَها وهنيئًا لِمَنْ حازَها قبلَ فواتِ الأوان).
فمَنْ قامَ بهذا الأمر فله أجرُ شهيد كما جاء في حديثٍ آخَر [المتَمَسِّكُ بسُنَّتي عندَ فسادِ أمّتي فلهُ أجرُ شهيد] (هذا الحديث رواه الحافظُ البيهقي، يعني له أجر يشبهُ أجرَ الشهداء)
اليومَ أكثرُ الأمةِ فسدوا فهنيئًا لِمَن التزَمَ بسنّةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وكافحَ مَنْ يُخالِفُها. (المكافحة معناهُ بالأدلةِ العلمية والبيان، الجهاد بالبيان بالأدلة بالردود بإظهارِ البراهين لِيُنقِذَ الناسَ منْ فسادِ هذا المُفسِدِ الضال)
وقال رضي الله عنه: إنَّ أهمَّ الأمورِ في دينِ اللهِ تعالى وأنفعَ الأشياءِ في الآخرةِ هو الإيمان (هو الأصل الأساس)
الثباتُ على الإيمانِ بتجنُّبِ الكفر. هكذا يكونُ الثباتُ على الإيمان. مَنْ تجنّبَ الكفرَ القولي والفعليَّ والاعتقاديَّ حتى ماتَ وهو على هذه الحال هذا مضمونٌ لهُ الجنة بفضلِ اللهِ تعالى ورحمتِهِ لا بدَّ أنْ يدخلَ الجنةَ.
وقال رضي الله عنه: مَنْ فقدَ العقيدةَ فقدَ كلَّ شىءٍ، العقيدةُ الصحيحةُ رأسُ مالِ كلِّ مسلم.
وقال رضي الله عنه: ضاعتِ العقيدةُ عندَ كثيرٍ ممّنْ يدّعونَ الإسلام لا يعرفونَ خالقَهم لا يتعلّمونَ منْ أهلِ المعرفة (يعيشونَ على الجهلِ بعضُهم يعتقدُ أنَّ اللهَ ضوءٌ كبيرٌ أو أنه يسكن السماء أو يجلس على العرش أو أنّ اللهَ كمية واسعة بسَعةِ السماء أو أنه قاعدٌ في الفضاء، هذا كلُّه تكذيبٌ للقرآنِ ليس كمثلِهِ شىء، لا يعرفونَ خالقَهم يعتقدونَ أنّ اللهَ يتغير صفاتُه تتغير أو أنّ اللهَ حلَّ في الأشخاص وهذا كلُّه تكذيلٌ للقرآن، قال اللهُ عزّ وجلّ {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤]
لا يتعلمونَ منْ أهلِ المعرفة آباؤُهم وأمّهاتُهم يُهمِلونَهم وقدْ يكونونَ مثلَهم جاهلين.
وقال رضي الله عنه: إنّ أعظمَ نِعمِ اللهِ على عبادِه نِعمةُ الإسلام فمَنْ رزَقَهُ اللهُ تعالى هذه النعمة على مذهبِ أهلِ السنّة والجماعة وهم على ما كانَ عليه أصحبُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في العقيدة فهو ممّنْ أرادَ اللهُ لهم خيرًا، أمّا مَنْ لمْ تكنْ عقيدتُهُ عقيدة أهلِ السنّةِ أي ما كانَ عليها أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومَنْ تبِعَهمْ إلى عصرِنا هذا فهو منَ الهالِكين.
وقال رضي الله عنه: لِيَحْمَدِ اللهَ مَنْ وفَّقَهُ اللهُ في هذا العصر لعقيدةِ أهلِ السنّةِ والجماعةِ مِنْ حيثُ أصل العقيدة ومِنْ حيثُ أصولُ الأحكام. نحنُ نتْبَعُ مَنْ قبلَنا الصحابةُ ومَنْ تبِعَهمْ إلى يومِنا، نتْبَعُ مذهبَ أهلِ السنّة الذي كان عليه الصحابةُ والتابعون وأتباعُ التابعين وأتْباعُ الأتْباعِ وتبَعُ الأتْباعُ مَنْ كانوا ضمنَ الثلاثمائةِ سنةٍ الأولى ومَنْ كانوا بعد ذلك.
وقال رضي الله عنه: الدين شرعٌ قانونٌ سماويٌّ وضعَهُ اللهُ لخَلْقِه لِيَتَّبِعوه ( قانونٌ سماوي يعني قانون أي شرع نزَلَ به الوحي، هذا معناه، ليس على معنى القانون الوضعي حاشى )
ليس ميراثًا لفرقةٍ منَ الناسِ هؤلاءِ جعلوه كأنهُ تَرِكةٌ لهم ورِثوها مِنْ آبائِهم.