الجمعة مارس 29, 2024

مجلس تلقي كتاب ” سمعت الشيخ يقول” (2)

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم على سيدِنا أبي القاسمِ محمدٍ طه الأمين

يقولُ جامعُ هذا الكتاب الشيخ جميل حليم الحسيني رحَماتُ اللهِ عليه

الدينُ السماويُّ هو دينُ الإسلام فقط : صحيفة96

قال الإمامُ الهرريُّ رضي الله عنه: الدينُ السماويُّ الإسلام، والإسلامُ هو دينُ الأنبياءِ كلِّهِم. اللهُ ما ارْتَضى دينًا لخَلقِهِ غيرَ الإسلام، يُقالُ الشرائعُ السماوية.

آدمُ عليه الصلاة والسلام  له شريعة فيه تحليلُ زواجِ الأخِ بالأختِ إذا كانا مِنْ بطنيْن ثم اللهُ تعالى حرّمَ هذا في شرائعِ الأنبياءِ الذين جاءوا بعدَه، هذا اختلافُ الشرائع.

كذلك جاءَ عيسى عليه السلام فأحلَّ بعضَ ما كانَ حرامًا في شريعةِ موسى صلى الله عليه وسلم.

هذا معنى اختلافِ الشرائعِ.

(يجبُ الاعتقاد بأنَّ الأنبياءَ جيمعًا دينُهم الإسلام. عندما نقولُ الدين يعني العقيدة, ولا خلافَ بينَ نبيٍّ ونبيٍّ أو بينَ رسولٍ ونبيٍّ في أصلِ الاعتقاد. الدليل على ذلك أنَّ اللهَ قال في القرآنِ الكريم {وما أرسَلْنا قبلَكَ مِنْ رسولٍ إلا نوحِي إليه أنه لا إلهَ إلا أنا فاعبُدون}[الانبياء/٢٥]

هذا منْ حيثُ الاعتقاد يعني في الأصل في الأساسِ كلُّهم على اعتقادٍ واحد فلا يوجَد في الأنبياءِ مَنْ كانَ مشرِكًا أو عابدًا للوثَنِ أو للصنمِ أو للشمس أو للقمر، حاشى. بل كلُّهم على دينِ الإسلام. كما أثْبَتَ اللهُ ذلك في القرآنِ في سورةِ البقرة، أليس اللهُ يقول {ومآ أوتِيَ النّبِيّونَ مِن ربِّهمْ لا نُفرِّقُ بينَ أحدٍ منهم ونحنُ له مسلمون}[البقرة/١٣٦]

لاحظوا إلى قولِه تعالى {ونحنُ له مسلمون} إذًا كلُّهم جاءوا بالإسلام. هذا منْ حيثُ الاعتقاد منْ حيثُ الأساس من حيثُ الأصل. أمّا الفروعُ العمليّة يعني الشريعة فالاختلاف فيها هو في فروعِ الأعمال ليس في الاعتقاد ليس في الأصل ليس في الأساس.

 أليسَ اللهُ يقولُ في القرآنِ إخبارًا عن عيسى عليه السلام أنه قال {ولِأُحِلَّ لكم بعضَ الذي حُرِّمَ عليكم}[آل عمران/٥٠] يعني الرسولُ يأتي بشريعةٍ ينسَخ شريعةَ الرسولِ الذي قبلَهُ أو بعضَهُ، لأنَّ هناك منَ الأعمالِ والأمورِ ما هو مُحَرَّمٌ في كلِّ الشرائع.

فالأمورُ المُحرَّمةُ في كلِّ الشرائع لمْ يأتِ نبيٌّ منَ الأنبياءِ بإباحَتِها لا. فإذًا الاختلافُ هو في الفروعِ العملية ليس في أصلِ الاعتقادِ كما أثْبَتْنا في هذه الآياتِ الشريفةِ المباركة.

وآدمُ عليه السلام هو أولُ نبيٍّ وأولُ رسولٍ، قبلَه لمْ يكنْ رسول. بعضُ الجهال الذين يُعارضونَ القرآن والحديث والإجماع  يُنكرونَ نبُوّةَ ورسالةَ آدم والعياذُ بالله، يُقالُ لهم إذا كان كما تَزعُمون كيف زوّجَ بعضَ بَنِيهِ مِنْ بعضِ بناتِه؟ أليسَ الرسولُ يأتي بشريعةٍ  جديدة؟  وهذا الأمر وهو تزويجُ الولد الذكر منَ البطنِ الأول منَ الأنثى منَ البطنِ الثاني هذه شريعة، إذا كان هو ليس رسولًا بزعمِكم ليس نبيًّا فبشريعةِ مَنْ عمِلَ وقبلَهُ لمْ يكنْ بشر، إنْ لمْ يكنْ قبلَهُ بشر وجاءَ هو بهذه الشريعة يعني هو أولُ الرسل، فهو نبيٌّ ورسولٌ ليس كما يزعُمون يقولون فقط هو أبو البشر لكنه ليس نبيًّا وليس رسولًا. هذا مُعارِضٌ للقرآنِ والحديثِ والإجماع.

أمّا منَ القرآن {ولكلِّ أمّةٍ  رسول}[يونس/٤٧] ومنَ القرآن {وإنْ مِنْ أمّةٍ إلا خَلا فيها نذير}[فاطر/٢٤] ومن القرآن { إنَّ اللهَ اصطفى ءادمَ ونوحًا}[آل عمران/٣٣]اصطِفاء آدم مقرونٌ بنفسِ جنسِ اصطِفاءِ نوح، ونوح رسولٌ بنصِّ القرآن لأنَّ اللهَ قال { إنّآ أرسَلْنا نوحًا إلى قومِهِ }[نوح/١] فيكونُ اصطِفاءُ آدم مِنْ نفْسِ جنسِ اصْطِفاءِ نوح الذي هو بالرسالة.

فإنْ قال لكم المُنْكِرُ والمُعترِضُ أليس اللهُ يقول {وإذْ قالت الملآئكةُ يا مريمُ إنَّ اللهَ اصْطَفكِ}[آل عمران/٤٢]؟ قولوا لهم أكمِلوا الآية {وطهّرَكِ واصطفاكِ على نسآءِ العالمين }[آل عمران/٤٢]

إذًا اصطِفاء مريم مُقَيَّدٌ ب: على نساءِ العالمين، لأنّ مريمَ ليست نبيّة ليست رسولة، أليس اللهُ يقول {ومآ أرسَلْنا منْ قبلِكَ إلا رجالًا نوحي إليهم }[النحل/٤٣]؟ إذًا فبماذا يكونُ اصطِفاءُ مريم؟ بالولاية، هو مُقيَّدٌ “على نساءِ العالمين”.

أمّا اصطِفاء آدم ليس مِنْ هذا النوع ولا منْ هذا القَبيل لأنهُ مَقرونٌ بنَفْسِ جنسِ اصْطِفاءِ نوح فيكونُ بالرسالة لأنَّ اللهَ قال {إنّآ أرسلْنا نوحًا إلى قومِه}[نوح/١]

هذه ثلاث آيات الآن من القرآنِ تدُلُّ على نبُوّةِ آدم. وهناك آياتٌ أخرى.

وأمّا منَ الحديثِ فما رواهُ ابنُ حبّان، قال عليه الصلاة والسلام [فما مِنْ نبيٍّ يومئذٍ ءادم فمَنْ سِواهُ إلا تحتَ  لوائي]

وهناكَ أحاديث أخرى:  نبيٌّ مُرسَل، نبيٌّ مُكلَّم، نبيٌّ مُعلَّم.

وأما الإجماعُ  فما رواهُ الإمام الأستاذ المُحدِّثُ الفقيهُ المؤرخ الخبير بالفِرقِ وهو أبو منصور البغدادي في كتابِهِ “أصولِ الدين” قال: وأجمعَ المسلمونَ وأهلُ الكتابِ على نبوّةِ آدم.

حتى اليهود يعرفون حتى النصارى يعرفونَ أنّ أولَ نبيٍّ هو آدم عليه السلام.

إذًا هذا القرآن والحديثُ والإجماعُ. بقيَ مسئلة مهمة، في كتابِ الفتاوى الهندية هذا الكتاب الذي اشتغلَ عليه خمسمائة فقيه وعالِم ومفتي وقاضي ومؤلف في المذهبِ الحنفي، هذا مطبوعٌ وموجودٌ في الأسواق، في المجلد الثاني منه يقول: وعن جعفر فيمَن قال آمنتُ بجميعِ أنبيائه ولا أعرف إنْ كانَ آدم نبيٌّ أمْ لا كفر.

إذًا ماذا يريدون بعدَ كلِّ هذه الأدلة؟

ثم إنْ لمْ يكنْ آدم رسولًا كيف زوّجَ بعضَ بنِيهِ منْ بعضِ بناتِه؟ يعني هذا الزواجُ باطلٌ بزعمِهم، وإنْ كانَ باطلًا فالبشر أولادُ حرام أولادُ زنا على زعمِهم. وهل يليقُ أنْ يكونَ هذا في البشر؟ فكيفَ بالأنبياءِ؟ والأنبياءُ منْ ذريةِ آدم. إذًا هذا النّكاحُ صحيح لأنهُ كان على شريعةِ آدم.

ثم آدم لمْ يكنْ قبلَهُ نبيّ ولا رسول فهو أولُ الأنبياءِ والرسلِ، هذه أدلّةٌ عقليةٌ  ونقلية حديثية وإجماعية سريعة، وإلا فالأدلّةُ كثيرةٌ جدًّا.

إذًا لا يصحُّ ولا يجوزُ أنْ يُقالَ الأديانُ السماوية إنما يُقال الشرائع السماويةُ يعني الشرائع المُنزّلة على الرسل عليهم  السلام وهي في الفروع العملية الطهارة والصلاة والزكاة والحج، أما أصلُ الاعتقادِ فكلُّ الأنبياءِ يعبُدونَ اللهَ الواحدَ الأحد الذي ليس لهُ بداية الباقي بِلا نهاية الذي لا يَفنى ولا يَبيد ليس جسمًا ليس حجمًا ليس شكلًا ليس صورةً ليس كميةً ليس ضوءًا ليس ظلامًا ليس شمسًا ليس قمرًا ليس روحًا ليس غيمًا ليس سماءً، وأنهُ لا يسكنُ السماء ولا يجلسُ على العرش موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا جهةٍ ولا مكان، هذا أصلُ الاعتقاد، تنزيهُ اللهِ عن الجسميةِ   والحجميةِ والكيفوفيةِ وتنزيهُ اللهِ تعالى عنِ الحيْثوثية وتنزيهُ الله عنِ الأبُوّةِ والبنُوّة والزوجيةِ، هذا عليه كلُّ الأنبياءِ والرسل. فمَنْ خالفَ في ذلك فليس منَ المسلمين.

إذًا الدينُ السماويُّ الحقّ الثابتُ الصحيحُ الكاملُ المقبولُ المبارك العظيمُ هو الإسلامُ فقط لا غير.

يُقالُ الإسلامُ هو الدينُ السماويُّ أمّا شرائع الأنبياءِ شرائع الرسل  تلكَ سماوية. فالاعتقادُ الاصلُ الذي جاءَ به كلُّ الأنبياءِ والرسل هو واحد هو الإسلامُ  لأنَّ اللهَ قال {إنَّ الدينَ عندَ اللهِ الإسلام}[آل عمران/١٩] وقال {ورضيتُ لكم الإسلامَ دينًاْ}[المائدة/٣]

فاحذروا هؤلاءِ الزنادقة منْ أدعياءِ المشيَخة الذين يلبَسونَ العمائمَ ويقولونَ لغيرِ المسلمين مُداهَنةً للكفار إمّا لأجلِ كرسيٍّ  ومنْصِبٍ سياسيٍّ أو منصب يُحَصِّلونَ الرزقَ بسببِهِ أو مُداهنة، يقولون الكلّ على حقّ والأديان السماوية.

وواحدٌ منهم في التلفزيون وهو يلبَسُ اللفةَ على رأسِهِ قال الجنة ليست للمسلمينَ فقط، قال حتى اليهودي يدخل الجنة.

هذا لا نصيبَ لهُ في الإسلام، أليس اللهُ يقول {ومَنْ يبْتَغِ غيرَ الإسلامِ دينًا فلَنْ يُقبَلَ منه وهو في الآخرةِ منَ الخاسرين}[آل عمران/٨٥] وهذا يكذِّب اللهَ والقرآنَ مُداهنةً لغيرِ المسلمين.

 اللهُ تعالى أخبرَنا أنَّ الكفارَ لنْ يرْضَوا عنِ المُداهِنين {ودُّوا لوْ تُدْهِنُوا فيُدْهِنُون}[القلم/٩]

فلماذا يُداهنُ الإنسان على حسبِ الدينِ والشريعة؟ وهو سيموت وينزل القبر ويأتي وحدَهُ يوم القيامة للسؤالِ والحساب فيا خيَبَتَهُ ويا حسرتَه ويا خسارَتَهُ ويا بؤسَه ويا تعاستَه عندما يأتي يومَ القيامةِ بينَ الخلائقِ وهو قد حرّفَ دينَ اللهِ وكذّبَ شريعةَ اللهِ والقرآن.

إذًا الدينُ السماويُّ هو الإسلام ليست أديان سماوية متَعدِّدة.

واليوم أيضًا احذروا منْ كفريةٍ جديدةٍ حدثَتْ  يسَمّونَها على زعمِهم “الدينُ الإبراهيمي” وهذا أيضًا تكذيبٌ للإسلامِ لأنّ اللهَ قال عنْ إبراهيم {حنيفًا مسلمًا وما كان منَ المشركين}[آل عمران/٦٧] {ما كان إبراهيمُ يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكنْ كان حنيفًا مسلمًا وما كانَ منَ المشركين}[آل عمران/٦٧] هذا القرآن، يكذِّبونَ اللهَ علَنًا، يكذِّبونَ القرآنَ علنًا، إبراهيم ما جاءَ بدينٍ خاص يُقال له الدينُ الإبراهيمي، إبراهيم جاء بدينِ الإسلام.

 كما يقولُ هؤلاء بزعمِهم “الأديان السماوية” إرضاءً لَمن؟ مُداهنةً لَمن؟ واللهُ يقول {إنّ الدينَ عندَ اللهِ الإسلام}[آل عمران/١٩]

واللهُ يقول في القرآن الكريم {ورضيتُ لكم الإسلامَ دينًا}[المائدة/٣]  فكيف يقول هؤلاء الأديان السماوية؟

الدينُ السماوي الذي جاءَ به كلّ الأنبياءِ هو الإسلام، لو كانت هناك أديان متعَددة لماذا بعثَ اللهُ الأنبياءَ والرسل؟ كان تركَ الناسَ وما هم عليه، ولو كانَ كما يزعُمون النار لمَنْ خلِقَت؟ جهنم لمَنْ خُلقَت؟

واللهُ يقول {إنّ اللهَ لعنَ الكافرين وأعدَّ  لهم سعيرًا* خالدينَ فيهآ أبدًا لا يجِدونَ وليًّا ولا نصيرًا}[الأحزاب/٦٤/٦٥]

هذا معنى ما قُرىءَ منْ كلامِ الشيخِ رحمهُ الله في هذه المسئلة.

يقول رضي الله عنه: هذا معنى اختلافِ الشرائعِ معناه الأحكام لا يجوزُ أنْ يُقالَ الأديانُ السماوية، هذا الكلام يُفهَمُ منه أنّ اللهَ تعال ارتَضَى لعبادِهِ دينًا غيرَ الإسلام. آدمُ عليه الصلاة والسلامُ مثلًا كان مسلمًا وعلّمَ أولادَه الإسلام ثم النبيُّ الذي جاءَ بعدَ آدم عليه السلام كان على الإسلام، ثم آلُ عيسى وموسى وآلُ محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين كلُّ هؤلاءِ علّموا الناسَ الإسلام.

من اعتقدَ أنه كانَ دينٌ غيرُ الإسلامِ اللهُ تعالى ارْتضاهُ لخَلقِهِ فيما مضى فهو كافر.

(هنا آلُ عيسى معناه أتْباعُ عيسى لأنّ عيسى عليه السلام كان يدعو إلى الإسلام. عيسى أليس قال كما أخبرَ الله {وقال المسيحُ يآ بني إسرائيلَ اعبُدوا اللهَ ربي وربَّكم إنهُ مَنْ يُشرِكْ باللهِ فقدْ حرَّمَ اللهُ عليه الجنة ومأواهُ النار وما للظالمينَ مِنْ أنصار}[المائدة/٧٢] كلُّ الأنبياءِ دعَوا إلى الإسلام وجاءوا بالإسلام  وعلّموا الإسلام وحذّروا منَ الكفرِ والشركِ والضلالِ. أتباع عيسى أتْباع موسى أتْباع محمد أتْباع إبراهيم عليهم الصلاة والسلام كلُّهم جاءوا بالإسلام.

والجملةُ الأخيرة أنَّ مَن اعتقدَ أو قال بأنَّ هناك على زعمِهم دينًا ارتَضاهُ اللهُ لعبادِه هو غيرُ الإسلام، يكونُ مُكَذّبًا لله فلا يكونُ منَ المسلمين، بل هو منَ الكافرين).

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                قال رضي الله عنه: أما مَنْ يفهمُ منْ كلمةِ الأديان الشرائع – أي  الأحكام – فقال الأديانُ السماوية بمعنى الشرائع مع اعتقادِهِ أنّ الدينَ الذي أمرَ اللهُ به هو الإسلام فقط معَ اختلافِ الشرائعِ  بينَ الأنبياءِ فلا يَكفُر.

(وهذا له قرائنُ وعلامات، يعني أنْ يكونَ يتكلم عن شرائعِ الأنبياءِ فقال الأديان على معنى الشرائع لأنَّ الدينَ في اللغة يُطلَقُ على معنى الطاعة والعبادة  ليس على معنى الاعتقاد، فالذي يقولُ عن اليهوديةِ والبوذية والمجوسية والأديانِ الأخرى ومعها الإسلام على زعمِهم يقولون الأديان السماوية الثلاثة يقولون الأديان السماوية العُظمى فهذا لا تأويلَ له ولا عُذرَ له.

فهنا كلامُ الشيخِ ليس عنْ هذا الذي ذكرْتُهُ أنا إنما كلامُ الشيخ عمّن يقول عن الشرائع وليس عن العقائدِ الكفرية الفاسدة التي عليها أهل المِللِ الكفرية. لذلك ينبغي أنْ يُتَنَبَّهَ لذلك لأنَّ الشرائعَ في اللغة قد تأتي على معنى الطاعة تأتي على معنى العبادة، أما على المعنى الذي يقولُه الزنادقة اليوم عن أنَّ كلّ هذه الأديان المنتشرة مع العقائدِ الكفرية المختلفة يقولون عنها أديان سماوية فهذا لا عُذرَ ولا تأويلَ له.

 

 مذهبُ أهلِ السنةِ والجماعة

قال الإمامُ الهرريُّ رضي اللهُ عنه: إنَّ أعظمَ أمورِ الإسلام هي معرفةُ عقيدةِ أهلِ السنّة على أصولِها التي  درجَ عليها علماءُ الإسلام مِنْ أيامِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم إلى هذا العصر. فنصيحةٌ جليلة  تُقَدَّمُ للشبابِ المسلمِين اغتنِموا مِنْ فرصةِ حياتِكمْ لِتَعَلُّمِ هذه العقيدة التي تَضْمَنُ لصاحبِها النجاةَ في الآخرة وهي عقيدةُ أهلِ الحقِّ معرفةُ اللهِ كما يجب والإيمانُ برسولِهِ صلى الله عليه وسلم

(عندما نقول معرفةُ اللهِ هذا معناه معرفة ما يجبُ لله وما يستحيلُ على الله، نحنُ لا نستطيعُ أنْ نُحيطَ علمًا بمعرفةِ حقيقةِ ذاتِ الله، لا، إنما كما قيل لا يعلمُ اللهَ على الحقيقةِ إلا الله، إنما نحنُ نعرف ما يجبُ لله وما يستحيل عليه. فيُقالُ عن المسلمِ عارفٌ بربِّهِ، وكلمة عارفٌ بربِّه أو عارفٌ بالله ليست خاصة بالأولياءِ أو بالأقطابِ أو بالمُرشِدين، لا، بعضُ الناسِ يظنونَ أنّ كلمةَ العارف بالله لا تُطلَق إلا على الأولياء وليس صحيحًا لأنَّ كلَّ مسلمٍ هو عارفٌ باللهِ يعني يعرفُ ما يجبُ لله منَ الصفاتِ وما يستحيلُ عليه. هذا معنى أننا نعرفُ اللهَ لكنْ الواحدُ منا لا يستطيع أنْ يُدرِكَ معرفةَ حقيقةِ ذاتِ اللهِ عزّ وجل إنما في الآخرة المؤمن هو يكون في الجنة فيرى ذاتَ اللهِ الموجود  بلا جهةٍ ولا مكان ولا اتصالِ شعاعٍ بينَ اللهِ وبينَ هذا الإنسان وبلا مسافةٍ ولا قُرب بالمسافة أو بعد بالمسافة، لا في جهةِ فوق ولا تحت ولا أمام ولا خلف ولا يمين ولا يسار إنما يرَوْنَه كما عرَفوه  في الدنيا ليس كمثلِه شىء. فإذًا عندما نقولُ نعرفُ اللهَ يعني نعرفُ أنهُ لا يشبهُ شيئًا منَ الأشياء، لكنْ لا يستطيعُ أحد أنْ يقولَ أو يتخيّل بزعمِه أنهُ يعرفُ حقيقة ذاتِ الله، والذي يحاول بزعمِه أنّ يتخيّل أنهُ يتصوّر الله فلا يقدِرُ على ذلك وبذلك يكفُر لأنَّ اللهَ لا يُتَخَيَّلُ في البال، لا يُتَصوَّرُ في الذهن، ليس كمثلِه شىء.

فإذًا نعرفُ اللهَ يعني نعرفُ ما يجبُ للهِ وما يستحيلُ عليه وهذا يتمكن فيه الإنسان بمعرفةِ التوحيد والعقيدة والتنزيه يعني التمكن في عقيدةِ أهلِ السنّة الأشاعرة والماتريدية نصرَهم اللهُ وأيَّدَهُمْ وأظهَرَهُمْ على عدوِّهِمْ) .

 

قال رضي الله عنه: وهي عقيدةُ أهلِ الحقِّ معرفةُ اللهِ كما يجب والإيمانُ برسولِه صلى الله عليه وسلم سيّدِنا محمدٍ وإتْباعُ ذلك بمعرفةِ ما يَقْطَعُ الإسلام ويُخرِجُ صاحبَهُ إلى الكفر وذلك باحْتِرازِ المُكَفِّراتِ التي بيّنَها علماءُ أهلِ السنّةِ في كتُبِهم ومُؤلَّفاتِهم.

فيَا فوزَ الشابِّ الذي يُحَصِّلُ هذا.

(مسئلة معرفة الألفاظ والعقائد والأفعال الكفرية هذا ليس منَ الأمورِ المذمومةِ أو الثانوية كما يزعُمُ بعضُ جهَلةِ المشايخ، بل تعرفون ماذا قال الفقيهُ الحنفيّ الشيخ عبدُ الغنيِّ النابلُسيّ؟ يقول ” إنَّ مَنْ لمْ يعرِفْ ما هي المُكَفِّرات ولمْ يعرِف ما الذي يُخرِجُ منَ الإسلام لا يعرِف ما هي الألفاظ والعقائد التي تُخرجُ منَ الإسلام يُخشَى عليه أنْ يقعَ في الكفرِ وهو لا يدري” فمعرفةُ الكفريات لأجلِ أنْ نتجَنَّبَها، للابْتِعادِ عنها وهذا منْ جملةِ معرفةِ الشرِّ لِتَوَقِّيهِ لِتَجَنُّبِهِ. واللهُ حذَّرَ منَ الكفرياتِ في القرآنِ، يعني الكفر الاعتقادي الذي محلُّهُ القلب اللهُ حذّرَ منه قال في القرآن {إنّما المؤمنونَ الذين ءامنوا باللهِ ورسولِهِ ثمّ لمْ يَرْتابوا}[الحجرات/١٥] الارْتِياب يعني الشك، والشك محلُّهُ القلب، يعني القرآن حذّرَ منَ الكفرِ الاعتقادي كالذي يعتقدُ أنَّ اللهَ تعالى مخلوق أو لهُ بداية أو العالم أزليّ مع الله أو يعتقد أنَّ هناك نبيًّا منَ الأنبياءِ لم يكنْ على الإسلامِ.

أمّا الكفر اللفظي الذي محلُّه اللسان أيضًا القرآن حذّرَ منه ففي سورةِ التوبة اللهُ قال {يَحْلِفونَ باللهِ ما قالوا ولقدْ قالوا كلمةَ الكفرِ وكفروا بعدَ إسلامِهم}[التوبة/٧٤]

بقيَ الكفر الفعلي. والقرآنُ حذَّرَ منَ الكفرِ الفعلي، قال اللهُ تعالى {لا تسجدوا للشمسِ ولا للقمر}[فصلت/٣٧] السجودُ للشمس والقمر كفرٌ فعليٌّ اللهُ حذّرَ منْ ذلك.

فإذًا القرآن حذّرَ منَ الكفرياتِ بأنواعِها وقد بيّنَ الفقهاء منهم (قُتلُ بُغى)الفقيه الحنفيُّ بيّنَ هذه المسائل بتفصيلٍ وتوسُّعٍ بلْ ألّفَ كتابًا، أفرَد كتابًا لهذه القضية اسمُهُ “مَنْ يكفرُ ولا يشعُر” مطبوعٌ وموجودٌ في الأسواق.

وهذا الحافظُ النووي الشافعي في المجلد العاشر منْ كتاب روضةِ الطالبين باب الردة، وهذا الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي ألّفَ كتابًا ” الإعلام بِقَواطعِ الإسلام “.

وهذا الفقيه الحنبلي الشيخ منصور بن يونُس البُهوتي في كتاب ” شرح منتهى الإرادات ” أيضًا بيّنَ أقسامَ الكفر.

وكذلك هذا الفقيه المالكي الذي ذكر عددًا منَ الكفريات القولية والاعتقادية وحذّرَ منها وهو الحطاب المالكي.

وكذلك الفقيه الحنفي البدر الرشيد ألّفَ كتابًا ” رسالة البدر الرشيد في الألفاظِ المُكفِّرات “

هذه كتبٌ أُلِّفَتْ في هذه القضايا، فنحنُ لمْ نأتِ بجديد. الشيخ رضي الله عنه عندما حذّرَ منَ الكفرِ تحصينًا للناسِ مِنْ أنْ يقعوا في الكفر.

بعضُ الجهال يقولون تكفّرونَ الناس؟ أعوذُ بالله، نحن نقول يا ناس لا تكْفُروا، نقول مَنْ كفرَ فلْيَتَشهَّد، كيف نكونُ نُكَفِّر الناس؟ نحنُ لا ندعو إلى الكفر، أبو حنيفة يقول الرضا بالكفرِ كفر، فكيفَ سنقولُ للناسِ اكفُروا بِزَعمِ هؤلاء الذين يَكْذِبونَ علينا ويُشوِّشونَ على دعوَتِنا وعلى شيخِنا.

نحنُ لا نرضى بالكفرِ لأحد ولا نأمرُ به ولا نَحُثُّهم عليه، بل الرضا بالكفرِ في المستقبلِ كفرٌ في الحال.

وأبو حنيفة يقولُ ” الرضا بالكفرِ كفرٌ مُطْلَقًا ” يعني إنْ كان مِنْ نفسِهِ أو مِنْ غيرِه.

هكذا نقلَ العلماء عنْ أبي حنيفة، فإذًا الشيخ وطلابُ الشيخ وعلماءُ المذاهبِ الأربعة يُحذِّرونَ منَ الكفرِ تحصينًا للناس لا ليَقعَ الناس في الكفرِ، حاشى.

وهذا الفقيهُ المُحدِّثُ اللغويُّ الحافظُ محمدُ مرتضى الزبيدي في كتابِهِ ” إتحاف السادةِ المتّقين بشرحِ إحياءِ علومِ الدين ” يقول : وقدْ الّفَ أئمّةٌ منْ علماءِ المذاهبِ الأربعة الرسائل في بيانِ الألفاظِ المُكَفِّرة.

نحنُ ما جئنا بجديد، لذلك الذي يعرفُ العقيدةَ السنّية ويَثْبُتُ عليها ويتجَنَّب التشبيه والتكذيب ويتجنّب كلّ الكفريات ويَحذر الكفر يعرف ما هي الكفريات فيبتعد عنها ويَثْبُتُ على ذلك إلى المماتِ  فيا سعدَهُ، هذا مِنْ أهلِ السعادةِ الأبدية في الآخرة).

يقول رضي اللهُ عنه: فيا فوزَ الشابِّ الذي يُحصِّلُ هذا. قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [سبعةٌ يُظِلُّهُم اللهُ يومَ القيامةِ في ظلِّ العرش يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه] وعدَّ فيهم الشابَّ الذي ينشأُ على طاعةِ  ربِّهِ.

(هنا يُظلُّهم اللهُ يومَ القيامةِ في ظلِّ العرش هذه الرواية واضحة، لكنْ هناك روايات “سبعةٌ يُظلُّهُم اللهُ في ظلِّهِ “، في ظلِّهِ هذه ليست في ظلِّ الله، لا، إنما عائدة على العرش يعني في ظلِّ العرش، واللهُ تعالى ليس جسمًا وليس جسدًا ليكونَ له ظل. بعضُ مشايخِ المشبهة المجسّمة في مؤلَّفاتِهم ماذا قال والعياذُ باللهِ منْ كفرِهِ؟

قال هو ظلٌّ حقيقيٌّ لله، يعني جعلَ اللهَ جسمًا ل يَكونَ لهُ خَيال.

مَن الذي يكونُ له ظل يعني خَيال؟ الجسم الحجم الجسد الكمية، واللهُ يقول {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤] فحيثُ سمِعْتُم أو رأيْتُمْ أو قرأتُم سبعةٌ يظلُّهم اللهُ في ظلِّه، أي في ظلِّ العرش، إنما أُضيفَ العرش إلى الله إضافة تشريف للعرش والظل لا يعودُ على الله تعالى لأنَّ اللهَ ليس جسمًا فلا يكونُ له خَيال ولا ظل. بل مَنْ نسبَ للهِ الخَيال، مَنْ نسبَ للهِ الظل فقدْ  كذّبَ القرآن.

وقال الإمامُ الطحاويّ رحمه الله ” ومنْ وصفَ اللهَ بمعنى منْ معاني البشر فقد كفر”).

 

قال رضي الله عنه: واليومَ كثيرٌ منَ الناسِ غافلونَ عن هذا آثَروا العلومَ الكونيةَ على هذا والدنيا لا تُغني عن الآخرة، فالآخرةُ دارُ القرارِ التي لا نهايةَ لها فمَنْ تعلّمَ هذه العقيدة التي درجَ عليها المسلمون يكونُ نجا منْ عقائدَ شاذة حدثَتْ منذُ مائتيْن وخمسينَ سنةً تقريبًا فِرقةٌ تشَبِّهُ اللهَ تعالى تعتقدُ أنَّ اللهَ حجمٌ مُتَحَيِّزٌ في جهةِ فوق وتجعلُ اللهَ جسمًا له أعضاء له مقدار بقدْرِ العرشِ أو أصغرَ أو أكبرَ

(الحافظ محمد مرتضى الزبيديُّ رحمه الله يقول ” مَن قدّرَ اللهَ بِمِقدارٍ- يعني بكمية – فقد كفر” اللهُ هو خالقُ الكميات والمقادير والأحجام أليس قال في سورة الرعد {وكلُّ شىءٍ عندَهُ بمِقدار}[الرعد/٨]؟ أحجام، فاللهُ هو خالقُ الكمياتِ وهو خالقُ كلِّ الحجوم فلا يكونُ كميةً ولا حجمًا ولا مِقدارًا ولا جسدًا ولا صورةً ولا هيئةً، فمَنْ وصفَ اللهَ بصِفةٍ منْ صفاتِ خلقِهِ أو بالكمية أو بالمقدار الحجم يعني أو بالهيئة أو بالشكلِ أو بالصورةِ أو بالقعود أو بالجلوس أو بالحركة أو السكون أو الاتصال أو الانفصال، لا يكونُ منَ المسلمين.

 

قال رضي اللهُ عنه: هؤلاءِ خالفوا القرآن، القرآنُ يقول {ليس كمثلِهِ شىء}[الشورى/١١] أي أنّ اللهَ تعالى لا يشبهُ العالمَ بوجهٍ منَ الوجوه ليس حجمًا كبيرًا ولا حجمًا صغيرًا ليس مُتَحَيِّزًا في جهةٍ ومكان لأنّ اللهَ تعالى ليس حجمًا، إنما يتحيّزُ في الجهةِ والمكان الحجم إنْ كان كبيرًا وإنْ كانَ صغيرًا.

وقد درجَ أهلُ الحقِّ على أنّ اللهَ موجودٌ بلا مكان

(هذه القضية ليست قضيةً جديدة ليست شيئًا مُسْتَحْدَثًا نحنُ الآنَ جئنا به، بل هي مسئلة إجماعية. قال الإمام أبو منصور البغدادي رضي الله عنه في كتابه  ” الفَرقُ بينَ الفِرَقِ ”  في الصحيفة 333 منْ طبعة دار المعرفة يقول: ” وأجمعوا على أنه لا يحويهِ مكان ولا يجري عليه زمان “

وقال أميرُ المؤمنينَ عليّ بن أبي طالب كرّمَ اللهُ وجهَه ” كان اللهُ ولا مكان وهو الآنَ على ما عليه كان “

وقال ” إنّ اللهَ خلقَ العرشَ إظهارًا لقُدرَتِهِ ولمْ يتَّخِذْهُ مكانًا لذاتِه “. هذا كلُّه قالَهُ أبو منصورٍ البغدادي.

إذًا المسئلة إجماعية وليست خلافية. ونقلَ الإجماعَ على ذلك شيخ الحفّاظ العراقي ونقلَ الإجماعَ على كفرِ مَنْ أثبتَ للهِ الجهةَ والمكان.

ما هو المكان؟ هو الفراغُ الذي يَشغَلُهُ الجسم، اللهُ ليس جسمًا فلا يملأُ فراعًا فلا مكانَ له. المسئلةُ سهلة لكنْ على مَنْ؟ على مَنْ هداهُ الله.

أما هؤلاءِ المشبهة المجسمة لو سمِعوا مائة ألف دليل قلوبُهم أُقفِلَتْ، لو يُمكن خرجَ بعض الصحابة منَ القبورِ وبعض الأئمة منَ القبورِ وكلّموهم مُشافهةً يُمكن لا يَقبَلون، يسمعونَ ليس كمثله شىء ويُكذِّبونَها يقولون قاعد جالس متحرك ساكن والعياذ بالله.

فإذًا الله هو الهادي مَنْ هداهُ اللهُ فهو المُهتَدي. ما هو المكان؟ هو الفراغ الذي يشغلُهُ الجسم اللهُ ليس جسمًا فلا يملأُ فراغًا فلا مكانَ له.

يدي هذه جسمٌ أم لا؟ بلى، وفوقَ كفي هذه الآن فراغ أم لا؟ بلى، وضعْنا هذا الجسم في هذا الفراغ شُغِلَ الفراغ الذي كان بالجسمِ الذي وُضِعَ فيه. يعني الحيِّز الذي أخذَهُ هذا الجسم ملأَ الفراغَ الذي كان.

هذه صفةُ المخلوقين، اللهُ ليس جسمًا فلا مكانَ له، هو خالقُ الأماكنِ اللهُ أزليٌّ أبديّ والمكانُ مخلوق، والأزلي الأبديّ لا يكونُ في المخلوق، موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا جهةٍ ولا مكان).

 

قال رضي اللهُ عنه: وهذه الفرقةُ الشاذة عقيدَتُها كعقيدةِ الكفار، الكفارُ عقيدَتُهم أنَّ اللهَ موجودٌ في مكان. وهؤلاءِ وافقوهم ولا يعرِفونَ أنهم خارجونَ عنه. وفرقةٌ حدثَتْ منذُ سبعينَ سنةً تقريبًا تُكفِّرُ المسلمين وتسْتَحِلُّ قتلَهم وهم جماعة سيّد قطب الذين يُكفِّرونَ حكّامَ المسلمين لأنهم يَحكمونَ بغيرِ القرآن مع أنهم يحكمونَ في أبوابٍ بالشرعِ الميراثِ والنّكاحِ والطلاقِ والوصيةِ والهبة ويُكفِّرونَ الرّعايا الذين يعيشونَ تحتَ سلطانِهم كائنًا مَنْ كان ويسْتَحِلّونَ قتلَه. وفرقةٌ تدّعي أنَّ الإنسانَ هو يخلقُ أعمالَه حركاتِهِ وسكَناتِهِ ونطقَهُ ونظرَهُ وتفكيرَه والقرآنُ يقولُ {اللهُ خالقُ كلِّ شىء}[الزمر/٦٢] أي الجسم والحركاتِ والأعمال، هاتانِ الفرقتان يُعرَفانِ اليومَ بين الناسِ بالجماعةِ الإسلامية. هم سمَّوا أنفسَهمْ يَقصِدونَ بذلك أنهم هم المسلمونَ لا غيرُهم، والثانيةُ حزبُ التحرير ويقولونَ للناس مَنْ ماتَ قبلَ أنْ يُبايِعَ الخليفةَ مِيتَتُه كمِيتةِ عبّادِ الأوثان، وهذه الفرقة أيضًا ظهرَت منذُ نحوِ ستينَ سنة طلَعتْ منْ فلسطين والتي قبلَها طلَعتْ منْ مصر فاحذروا هذه الفرق الثلاث يسلَم لكم دينُكم.

(يعني فرقة ابن تيمية ومحمد ابن عبد الوهاب هذه الفرقة الأولى، الفرقة الثانية فرقة سيد قطب، الفرقة الثالثة هي فرقة تقيّ الدينِ النبَهاني. هؤلاء الفرق الثلاث لهم عقائد يُكَفِّرونَ فيها المسلمينَ والعياذُ بالله).

 

وقال رضي الله عنه: والذين يعمَلونَ لنشرِ هذا – أي لنشرِ عقيدةِ أهلِ السنّة – يُرْجَى لهم درجةُ الشهادةِ ولو ماتوا على فراشِهم. قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم [المُتَمَسِّكُ بسُنَّتي عندَ فسادِ أمّتي فلهُ أجرُ شهيد]

(هذا الحديث رواه الإمام أبو بكر أحمد ابنُ الحسين البيهقي رحمه الله وهذه الرواية هي الرواية المقبولة. أما رواية فله أجرُ مائةِ شهيد فهذه غير ثابتة. وهنا المرادُ بالشهيد شهيد المعركة، وشهيد المعركة له مائة درجة في الجنة ما بين درجةٍ ودرجة خمسُمائةِ عام، يعني مسافة خمسين ألف سنة في الجنة.

الذي يأمرُ بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى عقيدةِ أهل السنّةِ والعملِ بها والتمسكِ بها هذا لو ماتَ في بيتِهِ على فراشِهِ لهُ أجرٌ يُشبِهُ أجرَ هذا الشهيد.

ثم معنى سنّتي الواردة في هذا الحديث يعني عقيدتي والأحكام الشرعية، العقائد والأحكام، ليس معناه السنّة التي هي مقابلِ الفرض، ليس معنا صلاة السنّة، لا، إنما معنى المُتمسِّكُ بسنّتي يعني بشريعتي عقيدةً وأحكامًا.

فانظروا يا إخواني ويا أخواتي أيُّ عزٍّ وأيُّ شرفٍ أن تكونوا أنتم اليوم ومَنْ كانَ على منهجِ أهلِ السنّةِ في الأرض، والحمدُ لله أهلُ السنّةِ كثُر. اليوم فيما بلغَني أنّ عددَ المسلمين أكثر منْ مليار ونصف وهذا يُفرِحُ القلب، ربي يُكثِّر أعدادَهم أكثر فأكثر. فأيُّ عزٍّ وشرفٍ أنْ تكونوا ممّن يدْعونَ إلى التمسكِ بعقيدةِ الرسولِ والصحابة، بعقيدةِ السادةِ الأشاعرة الماتريدية والثبات عليها إلى الممات.

لا تكونوا ممّنْ يَقعدونَ في البيوتِ ويتركونَ الساحات والمجالس والمواقعِ لأهل الفتنة والضلالةِ والتشبيهِ والتجسيم، بل اشتغلوا بخدمةِ الدينِ والإسلام لا تقصّروا ولا تتراجعوا ليكونَ لكم هذا الشرف ولو مات الواحد منكم في بيتِهِ على فراشِه).

 

قال رضي الله عنه: فيا فوزَ مَنْ تعلّمَ هذا ودعا الناسَ إليه وجدَّ في ذلك واجتهد وقدْ تحقّقَ ما قالَهُ الرسولُ عليه الصلاة والسلام فإنه في هذا الزمن كثُرَ مَنْ يُحرِّفونَ سنّةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أي شريعتَه العقيدةَ والأحكام، أضاعوا ذلك تمسَّكوا بآرائِهم ويدْعُونَ الناسَ إلى ذلك فالحذرَ الحذرَ منهم.

والذين يُعاكسونَ أولادَهم وأزواجَهمْ  منَ السعيِ في ذلك فقدْ حُرِموا خيرًا كثيرًا ويلْحَقُهُم ذنبٌ كبيرٌ

(يعني الأب الذي يمنع أولادَه أي يشتغلوا بنشرِ عقيدةِ أهلِ السنّة أو الزوج الذي يمْنَع زوجتَهُ منْ أنْ تكونَ مُدرِّسةً داعيةً إلى عقيدةِ أهلِ السنّة، يعني يتصَدَّوْنَ لأزواجِهم وأبنائِهم لأنهم ينشرونَ الحقّ، فيكون هذا الأب أو هذه الزوجة أو هذا الزوج أو هذا الأخ يكونونَ والعياذُ باللهِ تعالى ممّنْ  يمنَعونَ عنِ الخير، ممّنْ يريدونَ للشر أنْ ينتشر وللفسادِ أنْ يَعُمَّ والعياذُ بالله).

 

وقال رضي اللهُ عنه: لأنّ عقيدةَ أهلِ السنّة هي أصلُ الإسلامِ فمَنْ فاتَتْهُ فقدْ خسِرَ خُسرانًا كبيرًا ولا يرضى ذلك لنفسِهِ لمَنْ عرَفَ قدْ رَ الآخرة, وقولُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم [سنّتي] أرادَ العقيدةَ والأحكامَ ليس السننَ والنوافلَ وإنْ كانت النوافل لها شأنٌ عظيمٌ في الدين.

(هنا فائدة: هذه العبارة مهما تصورتَ ببالِك فاللهُ بخِلافِ ذلك، يعني لا يشبهُ ذلك. بخِلافِ ذلك ليس كما يظنُّ المشبهة المجسمة إنْ خطرَ في بالِك أنه جسمٌ صغيرٌ فتعتقد أنه جسمٌ كبير، حاشى، هذا لا يقولُه إلا مَنْ كذّبَ اللهَ والقرآن.

فإذًا ما معنى فاللهُ بخلافِ ذلك؟ يعني لا يشبه ذلك. فمَنْ خطرَ في قلبِهِ – في بالِه – أنّ اللهَ تعالى جسم فاللهُ ليس جسمًا، منْ خطرَ في قلبهِ أنَّ اللهَ تعالى حجمٌ صغير فاللهُ ليس حجمًا بالمرة لا صغير ولا وسط ولا كبير. مَنْ خطرَ في بالِه أنّ اللهَ يسكنُ السماء فاللهُ لا يسكنُ السماء ولا العرش ولا الفضاء لأنه هو خالقُ الأماكنِ فلا مكانَ  له. مَنْ خطرَ في بالِه أنّ اللهَ كمية فاللهُ ليس كميةً بالمرة، لأنّ اللهَ خالقُ الكميات وهكذا، فكلُّ ما يخطُرُ في بالِكَ ممّا هو منْ صفاتِ المُحدَثين المخلوقين منْ أحجام وأشكال ومنْ طول وعرض ولون وهيئة وشكل وقعود وجلوس وحركة وسكون وتأثُّر وإحساس وشعور وانفعال ولذة وألم، فاللهُ لا يشبه شيئًا مِنْ كلِّ ذلك لأنه قال في القرآن {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤]

وهذه العبارة الشريفة “مهما تصوّرتَ ببالِك فاللهُ لا يشبهُ ذلك” في المعنى قالَها كلّ إمام كلّ عالِم إمّا لفظًا وأمّا معنى، فهي واردة بالألفاظ المُتقارِبة أو بالمعنى عن الإمام مالك وعن الإمام السيد الغوث الرفاعي الكبير رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا ببركاتِه وببركاتِ كلِّ الأولياءِ والصالحين، ووردَتْ عن الإمام أحمد بن حنبل رحمةُ الله عليه ورضي اللهُ عنه وهو إمامُ السنّة رضي الله عنه الذي كان وليًّا إمامًا تقيًّا صالحًا وكان مُأوِّلًا وكان مُتَوَسِّلًا ومُتَبَرِّكًا ومُنَزِّهًا، ولا علاقةَ له بالمشبهةِ المجسمة بل هو برىءٌ منهم كبراءةِ موسى منَ اليهود, وهكذا فكلُّ إمام كلّ عالِم قالَ هذه الكلمة إمّا لفظًا وإما معنى لأنها واردة عن عددٍ منَ العلماء قلنا كالإمامِ مالك كالإمامِ الرفاعي كالإمام أحمد بن حنبل كالإمام الرواس وعدد كبير من العلماء، مهما تصوّرتَ ببالك فاللهُ بخِلافِ ذلك – أي لا يشبهُ ذلك – )

 

وقال رضي الله عنه: قال العلماءُ القدَماءُ الأولياء “مهما تصوّرتَ ببالكَ فاللهُ بخِلافِ ذلك” إنْ تصوَّرْتَهُ جسمًا كبيرًا فهو ليس كذلك وإنْ تصوَّرْتَهُ جسمًا صغيرًا فهو ليس كذلك وإنْ تصوّرْتَهُ جسمًا لطيفًا فهو ليس كذلك، وإنْ تصوّرْتَهُ جسمًا كثيفًا فهو ليس كذلك. الإمامُ ذو النون شيخُ الصوفيةِ حكيمُ الصوفيةِ قال ذلك والأمامُ أحمد صاحبُ المذهبِ المعروف قال ذلك وكلُّ العلماء كلٌّ قال مثلَ ذلك.

وقال رضي اللهُ عنه: اللهُ تعالى غنيٌّ عنْ كلِّ شىء هو شاءَ أنْ يكونَ الخَلقُ قِسميْن، قسمٌ شاء أنْ يكونوا هادِينَ مُهتَدينَ أنْ يكونوا في الدنيا على الإسلامِ أتقياء، وقِسمٌ آخرون علِمَ وشاءَ أنْ يعيشوا ويموتوا كافرين. اللهُ تعالى لهُ الأمرُ والحكمُ فعّالٌ لِما يريدُ لا يُقالُ لمَ لمْ يخلُقْ كلَّ البشرِ هاديًا مَهْدِيًّا حسنَ الخُلق، فمَنْ وفَّقَهُ اللهُ للإيمانِ والهدى والرشاد فهو منْ أهلِ النجاة وأما مَنْ  ضلّ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه واللهُ تعالى لا يجوزُ أنْ يُعتَرضَ عليه فمَنْ وفَّقَهُ اللهُ تعالى لأنْ يعيشَ مسلمًا ويموتَ مسلمًا فقدْ فازَ بنِعمةِ اللهِ تعالى فلْيَحْمَدِ اللهَ عزّ وجلّ ولْيسألِ اللهَ  تعالى أنْ يُثَبِّتَهُ على الإيمان

(كلٌّ منكم لِيَحمَدِ اللهَ على نعمةِ الإسلام ليسالْ ربَّه الثباتَ على ذلك)

 

وقال الإمامُ الهرريُّ رضي الله عنه: إنَّ أفضلَ الأعمال الْتِزامُ عقيدةِ أهلِ السنّة والثباتُ عليها عقيدةً وأحكامًا التِزامُ مذهبِ أهلِ السنّةِ عقيدةً وأحكامًا والثبوتُ على ذلك والدعوةُ إليها أي دعوةُ الناسِ ليَتَعلَّموها، هذا أفضلُ الأعمال. الحمدُ لله الذي يسّرَ لنا معرفةَ عقيدةِ أهلِ السنّةِ والجماعة نحمَدُهُ تعالى أْنْ جعَلَنا مُلْتَزِمينَ بِمَذهبِ أهلِ الحقِّ أهلِ السنّةِ والجماعة عقيدةً وأحكامًا في هذا الوقتِ الذي كثُرَتْ فيه الدُّعاةُ إلى خِلافِها باستعمالِ طريقِ تلبيسٍ وتمْويه.

 

وقال رضي الله عنه: لا أحدَ يَهدي مَنْ أضلَّ الله مَنْ أضلَّهُ اللهُ لا أحدَ يهديه لا وليٌّ ولا مَلَك ولا نبيّ، يبقى ضالًّا.

 

وقال رضي الله عنه: مذهبُ أهلِ السنّةِ اليوم صار في هذه البلادِ كاليتيمِ

(لذلك ينبغي أنْ نتحرّكَ جميعًا لتأييدِ مذهبِ أهلِ الحقِّ ونعمل على خدمتِه ونشرِهِ بين الناس وتعليمِه للكبارِ والصغار فلا تقصِّروا في التمَكُّنِ في عقيدةِ أهلِ السنّة، ولا تقصِّروا في تنشئةِ أبنائِكم على هذه العقيدة. بل من استطاعَ منكم أنْ يُسجِّلَ ولدَهُ أو ابْنَتَه في هذه الكلية الشرعية في الجامعة العالمية لا يقصّر لأنّ هذه الجامعة تُخَرِّج فقهاءَ وعلماءَ على مذهبِ أهلِ السنّةِ والجماعةِ، وهذه الكلية الشرعية اليوم هي أقوى كليّة تُخرّج وتدرِّس وتُمَكِّن الطلبة إلى حدٍّ بعيد في العقائد والأحكام واللغة والقرآن والتاريخ والنحو وغير ذلك. بل رأيْنا أنّ بعضَ الطلابِ الذين تخرّجوا منْ هذه الجامعة كيف قعدوا مع بعضِ القُضاة وتكلّموا وتباحثوا معهم في العلم فتبيَّنَ أنّ هذا القاضي كأنه تلميذٌ عندَ هذا الخريج، لذلك إخواني وأخواتي أنصحُكم لله، أنا سمعتُ منْ شيخِنا رحمه الله قال يجب على الآباء على طريقِ فرضِ الكفاية أنْ يسجّلوا أبناءهم في هذه الجامعة، يعني الكلية الشرعية، ليَبْقَى مَنْ يتخرّج لحماية عقيدةِ أهلِ السنّة. نحنُ سنموتُ كلُّنا سنموت، مَنْ يحمي هذه العقيدة؟ ومَنْ يَحمِل هذه العقيدة؟ لا بدَّ أنْ تُنَشِّئوا أولادَكمْ على ذلك ليَسْتمرَّ نقل ونشر هذا العلم، هذا أمرٌ عظيمٌ مؤكد بدلَ أنْ تصرِفوا أموالَكمْ على أمورٍ تعودُ عليكم بالحَسرة اصرِفوها على هذه الأمورِ العظيمة التي هي من فروضِ الكفاية وتعودُ عليكم بالفرحِ والسرور في الدنيا والآخرة، ما أعظمَها منْ نعمة أنْ تأتيَ يومَ القيامة وقدْ أُعْـتِقْتَ منَ النارِ لأنّكَ خرّجْتَ ولدَكَ حاملًا للواءِ أهلِ الحقِّ في نشرِ العقيدةِ في الدنيا والأرض .

وقد كان الناسُ في الماضي يعني كل العائلات الإسلامية في الماضي كانوا يختارون الولدَ النجيب الذكي منَ العائلة يُفَرِّغونَهُ يحرِّرونَه لدراسةِ الشريعة والعقيدة ويصرِفونَ عليه إلى أنْ يتخرج  ثم يفتحون له بيتًا ويزوِّجونَهُ ويصرفونَ عليه ليَتفَرّغَ بعدَ أنْ تخرجَ لنشرِ العلمِ ويكون في صحيفتِهم صدقة جارية نشرِ العلم.

فيا إخواني ويا أخواتي لأجلِ أنْ لا يضيعَ أبناؤكم منكم سجّلوهم في الكليةِ الشرعية في المعهد الشرعي في الجامعة العالمية هذه الكلية التي تخرّج هؤلاءِ الأبطال على مذهبِ أهلِ الحقِّ بالأدلةِ العقلية النقلية والسمعية التي تعمل على نشرِ الدين والعقيدة وتمكينِ الناسِ وتحصينِ البلادِ والعباد بالعلم. فلأجلِ أنْ لا يبقى مذهبَ أهلِ السنّة كاليتيمِ الذي لا كافِلَ له فلْنَنْشَطْ جميعًا ولْنَتَحرّكْ جميعًا الآباء والأبناء الرجال والنساء الأمهات الصغار والكبار تعلُّمًا وتعليمًا ونشرًا لعقيدةِ أهلِ الحق).

 

وقال رضي الله عنه: الدفاعُ عنْ مذهبِ أهلِ السنّةِ فرضٌ مؤكدٌ ومَنْ أهمَلَهُ فقدْ عرّضَ نفسَهُ لعذابِ الله  ( كلٌّ منا ليسأل نفسَه هل يقومُ بحمايةِ هذه العقيدة  أمْ همُّهُ أنْ يعملَ  للدنيا ويجمع للدنيا ويشتغل للدنيا ثم يترك المال ويموت؟ ماذا قدّمتَ لقبرِكَ؟ ماذا قدّمتَ لآخرتِكَ؟ أما آنَ لنا أنْ نعتبر؟

الآنَ انظروا بهذا كورونا الذي هو كالوهم أحيانًا في بعضِ القضايا، مع ذلك بعضُ الناسِ ماتوا منْ شدةِ الفزع ليس من كورونا، وبعضُ الناس منْ شدةِ الفزعِ انتحروا، هذا منْ غباوتِهم.

انظروا حتى من الكفار مَنْ أخرجَ أموالَه، واحد وزّع مليار دولار من شدةِ الفزعِ منْ كورونا، يتركونَ الدنيا وينزلونَ إلى القبور، أنتم ماذا قدّمتُم؟ ماذا عملتم؟ سنموت الآن أو فيما بعد فنوِّروا قبورَكم بتَخريجِ الدعاة لنُصرةِ مذهبِ أهلِ الحقِّ ونشر التوحيدِ والعقيدة واعملوا على خدمةِ هذه العقيدة بأبدانِكم بألسِنَتِكم بأموالِكم بوقتِكم قبلَ فواتِ الأوان.

انظروا بسبب هذا المرض كم منَ الناس اليوم خافوا وفزعوا وارتعبوا وارتعدوا ومنهم مَنْ تركَ الوجبات تركوا الجمُعة والجماعات وصلةَ الرحِم تركوا الفرائض بسبب الخوف من كورونا، ماذا ستفعلونَ في قبوركُمْ؟ ماذا ستفعلونَ في الآخرة؟ إذًا قدّموا لأنفسِكم حماية هذا الدين ونصرة هذا الدين وتخريخ الدعاة منْ أبنائكم أو منْ غير أبنائكم صدقة جارية لكم تُنْقَذونَ بها بإذن الله منْ ويلاتِ وعذابِ القبرِ والآخرة. لو لم يكنْ لك ولد بمالِكَ تنتقي إنسانًا ذكيًّا أنتَ تُفَرِّغُهُ في الكلية إلى أنْ يتخرج وأنت تُنفق عليه فيكونُ في صحيفتِكَ صدقة جارية لك، فلا تبخلوا على أنفسِكم قبلَ أنْ يأكلَكم كورونا أو غير كورونا كلنا سنموت).

وقال رضي الله عنه: أوصيكم بأنْ تجتهدوا لدعوةِ الناس إلى مذهبِ أهلِ الحقِّ أهلِ السنّةِ والجماعة.

وقال ر ضي الله عنه: نحنُ أهلُ السنّةِ نقول اللهُ تعالى يُثيبُ المتقين فضلًا منه ليس فرضًا عليه بحيثُ لو عذّبَ المتقين لا يكونُ ظالمًا، لو عذبَ الأنبياءَ لا يكونُ ظالمًا، هو لا يفعل لكنْ لو فعلَ لا يكونُ ظالمًا، هذه عقيدةُ أهلِ السنّة. أمّا هؤلاء الضالون المعتزلة يقولون فرضٌ على اللهِ أنْ يُعطيَ العبدَ الثواب  (حاشى لله، اللهُ لا يرجو شيئًا منْ أحد، اللهُ تعالى لا يلحَقُهُ أمرٌ منْ أحد فعالٌ لما يريد ألا لهُ الخلقُ والأمرُ، اللهُ لا يجبُ عليه شىء، وما على الإله شىءٌ يجبُ )

أما أهلُ السنّةِ يقولون فضلٌ منه يُثيبُ المتقين أما العصاة يُعذبُهم عدلًا منه لا يُقال كيف يعذّبُهم اللهُ على معاصيهم التي حصلَتْ منهم بمشيئتِه وعلمِه، الذي يقول ذلك كافر لأنهُ مُعترضٌ على الله، اللهُ تعالى هو خلقَ في المؤمنِ الإيمان وهو أعانَهُ على الإيمانِ والعمل الصالح فللهِ الفضلُ عليه، ليس له فضلٌ على الله ولا لهُ ديْنٌ على الله فلو لمْ يُعطِ الأنبياءَ والأولياءَ الحسنات بل عذّبهم لا يكونُ ظالمًا، حسناتُهمْ مَنْ خلقَها فيهم؟ هو خلقَها فيهم كيف يكونُ ظالمًا إنْ لمْ يعطهم الثواب بل عاقبَهم، هذا مذهبُ الصحابة ومَنْ جاءَ بعدَهم إلى يومِنا هذا

(اللهُ سبحانه وتعالى فعالٌ لِما يريد، الله هو الإله هو الخالق لا يجبُ عليه شىء، الله سبحانه وتعالى أوحى إلى نبيِّه صلى الله عليه وسلم أنْ يقول [إنّ اللهَ لو عذّبَ أهلَ سمواتِهِ وأهلَ أرضِه لعذّبَهم وهو غيرُ ظالمٍ لهم ولو رحِمَهم كانت رحمتُه خيرًا لهم منْ أعمالِهم] لكنْ اللهُ وعدَ أنه لا يعذّب الأتقياء فلا يُعذّبُهم، لكنْ  لو عذّبَهم لا يكونُ ظالمًا لهم لأنّ اللهَ منَزّهٌ عن الظلم يفعل في ملكِه ما يشاء).

 قال رضي الله عنه: الحنفيةُ يقولون مستحيلٌ على الله عقلًا أنْ يعَذِّبَ المتقين. الماتريديةُ هكذا يقولون هذا خِلاف، لأنه  خِلافُ الحكمة. الحكمةُ منه أنْ يُثيبَ الطائعينَ الأنبياءَ والمتقين، فمَنْ قال خِلافَ هذا نسبَ إلى اللهِ خلافَ الحكمة  وهذا مستحيل لكنْ نحنُ الأشاعرة أتْباعُ أبي الحسنِ الأشعريّ نقولُ ليس مستحيلًا لكنّه لا يفعل لأنه وعدَ المتقينَ بالنعيمِ المُقيم وأنْ لا يُصيبَهم شىءٌ منَ الأذى في القبرِ والآخرة لأنهُ قال أنهُ يُحسِنُ إليهم ويُنَعِّمُهم ويحفظُهم منَ الأذى والضررِ فلا يُخلِفُ في وعدِه، الإخلافُ مستحيلٌ عليه منْ حيثُ الشرع.