الجمعة مارس 29, 2024

الفصل السابع:
في الرد على من زعم أن سيدنا يونس شك
في قدرة الله عليه

بعث الله تبارك وتعالى نبيَّهُ يونس بن متى عليه السلام إلى أهل «نينوى» الذين كانوا في أرض الموصل بالعراق، ليدعوهم إلى دين الإسلام ويعبدوا الله وحده، وكان عدد أهل نينوى أكثر من مائة ألف نسمة، وكانت قد دخلت فيهم الوثنية وانتشرت فيهم عبادة الأصنام.

فكان سيدنا يونسُ عليه السلام يدعو سكانَ تلك المدينة إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأوثان، لكنّهم كذّبوه وتمرّدوا عليه وأصرّوا على كفرهم ولم يستجيبوا لدعوته.

وبقي يونس عليه السلام بينهم صابرًا على الأذى يدعوهم إلى الحق، ولكنه مع طول مكثه معهم لم يَلْقَ منهم إلا عنادًا وتماديًا في الكفر والضلال، وأقام فيهم نحو ثلاثٍ وثلاثين سنة يدعوهم إلى الإسلام، ولم يؤمن به خلال هذه المدّة غير رجلين فأَيِسَ منهم، أي: ما عاد يرجو اهتداءهم وخرج من بين أظهرهم قبل أن يأمره الله تعالى بالخروج، وظنَّ أن الله سبحانه لن يضيّق عليه بسبب تركه لأهل هذه المدينة، فخرج قبل أن يأمره الله بذلك، وهذه معصية صغيرة ما فيها خسّة ولا دناءة، وقد تاب منها سيدنا يونس ﷺ، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]. وهذا شأن الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام إذا وقع أحدهم في معصية صغيرة يتوب منها فورًا.