التَّبَرُّكُ أَىْ طَلَبُ زِيَادَةِ الْخَيْرِ بِآثَارِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(اعْلَمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانُوا يَتَبَرَّكُونَ) أَىْ يَطْلُبُونَ الزِّيَادَةَ مِنَ الْخَيْرِ (بِآثَارِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَىْ بِذَاتِهِ وَمَا هُوَ مِنْهُ كَشَعَرِهِ الشَّرِيفِ وَبِمَا انْفَصَلَ عَنْهُ كَعَرَقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا لَمَسَهُ وَلابَسَهُ وَحَلَّ فِيهِ كَقَمِيصِهِ وَجُبَّتِهِ (فِى حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلا زَالَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى ذَلِكَ. وَجَوَازُ هَذَا الأَمْرِ يُعْرَفُ مِنْ فِعْلِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ)إِقْرَارِهِ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ بَيَنْهُمْ فَمِنَ الأَوَّلِ أَىِ التَّبَرُّكِ بِذَاتِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هُوَ مِنْهُ كَالتَّبَرُّكِ بِشَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَ(ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ شَعَرَهُ حِينَ حَلَقَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَ)قَسَمَ (أَظْفَارَهُ. أَمَّا اقْتِسَامُ الشَّعَرِ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِىُّ) فِى كِتَابِ الْوُضُوءِ مِنْ صَحِيحِهِ (وَمُسْلِمٌ) فِى كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ صَحِيحِهِ (مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ) رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (فَفِى لَفْظِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ) أَىْ أَنَسًا (قَالَ لَمَّا رَمَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ) أَىْ شِقَّ رَأْسِهِ (الأَيْمَنِ فَحَلَقَ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِىَّ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ) أَىِ الْحَالِقَ (الشِّقَّ الأَيْسَرَ فَقَالَ احْلِقْ فَحَلَقَ فَأَعْطَاهُ) أَىِ الشَّعَرَ (أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ) اﻫ (وَفِى رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ) فِى كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ صَحِيحِهِ (أَيْضًا فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الأَيْمَنِ فَوَزَّعَهُ الشَّعْرَةَ وَالشَّعْرَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ بِالأَيْسَرِ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ هَهُنَا أَبُو طَلْحَةَ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِى طَلْحَةَ) اﻫ (وَفِى رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ) فِى كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ صَحِيحِهِ (أَيْضًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ لِلْحَلَّاقِ هَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبِ الأَيْمَنِ فَقَسَمَ شَعَرَهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَلَّاقِ إِلَى الْجَانِبِ الأَيْسَرِ فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّ سُلَيْمٍ) اﻫ (فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ وَزَّعَ بِنَفْسِهِ بَعْضًا بَيْنَ النَّاسِ الَّذِينَ يَلُونَهُ وَأَعْطَى بَعْضًا لِأَبِى طَلْحَةَ لِيُوَزِّعَهُ فِى سَائِرِهِمْ وَأَعْطَى بَعْضًا أُمَّ سُلَيْمٍ فَفِيهِ) ثُبُوتُ (التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الرَّسُولِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا هُوَ جُزْءٌ مِنْهُ (فَقَدْ قَسَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَهُ لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ وَلِيَسْتَشْفِعُوا إِلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ مِنْهُ وَيَتَقَرَّبُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ. قَسَمَ) شَعَرَهُ (بَيْنَهُمْ لِيَكُونَ بَرَكَةً بَاقِيَةً بَيْنَهُمْ وَتَذْكِرَةً لَهُمْ) لا لِيَدْفِنُوهُ وَلا لِيَأْكُلُوهُ وَلا لِيَرْمُوهُ وَلا لِيَحْرِقُوهُ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ شَعْرَةً وَبَعْضُهُمْ شَعْرَتَيْنِ وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَكَانُوا يَتَبَرَّكُونَ بِهِ فِى حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَغْمِسُونَهُ فِى الْمَاءِ فَيَسْقُونَ هَذَا الْمَاءَ بَعْضَ الْمَرْضَى تَبَرُّكًا بِأَثَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ تَبِعَ الصَّحَابَةَ فِى خُطَّتِهِمْ) أَىْ خَصْلَتِهِمْ (فِى التَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْعَدَهُ اللَّهُ وَتَوَارَدَ ذَلِكَ) وَتَنَاقَلَهُ (الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ) وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ رَأَيْتُ أَبِى يَأْخُذُ شَعْرَةً مِنْ شَعَرِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ يُقَبِّلُهَا وَأَحْسَبُ أَنِّى رَأَيْتُهُ يَضَعُهَا عَلَى عَيْنِهِ وَيَغْمِسُهَا فِى الْمَاءِ وَيَشْرَبُهُ يَسْتَشْفِى بِهِ وَرَأَيْتُهُ أَخَذَ قَصْعَةَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَسَلَهَا فِى حُبِّ الْمَاءِ أَىِ الْخَابِيَةِ الَّتِى يُجْعَلُ فِيهَا أَوْ فِى جُبِّ الْمَاءِ أَىْ بِئْرِهِ ثُمَّ شَرِبَ فِيهَا إِلَخ اﻫ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِى الْحِلْيَةِ وَغَيْرُهُ (وَأَمَّا اقْتِسَامُ الأَظْفَارِ فَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِى مُسْنَدِهِ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ وَقَسَمَهَا بَيْنَ النَّاسِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِيَأْكُلَهَا النَّاسُ بَلْ لِيَتَبَرَّكُوا بِهَا. أَمَّا) تَبَرَّكُهُمْ بِمَا انْفَصَلَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِمِثَالُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عِنْدَهَا فَعَرِقَ فَسَلَّتْ عَرَقَهُ فَجَعَلَتْهُ فِى قَارُورَةٍ فَرَءَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ نَخْلِطُهُ بِطِيبِنَا اﻫ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَهَا. وَمِثَالُ تَبَرُّكِهِمْ بِمَا لابَسَهُ أَوْ لَمَسَهُ أَوْ حَلَّ فِيهِ (جُبَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِى) كِتَابِ اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ مِنَ (الصَّحِيحِ عَنْ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا) أَىْ أَسْمَاءُ (جُبَّةً طَيَالِسَةً كِسْرَوَانِيَّةً لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ) أَىْ وَرَأَيْتُ فَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ (وَقَالَتْ هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا وَكَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِى بِهَا) اﻫ (وَفِى رِوَايَةٍ) عِنْدَ أَحْمَدَ فِى مُسْنَدِهِ (نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ مِنَّا) اﻫ (وَعَنْ حَنْظَلَةَ ابْنِ حِذْيَمٍ قَالَ وَفَدْتُ مَعَ جَدِّى حِذْيَمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى بَنِينَ) أَىْ أَوْلادًا وَأَوْلادَ أَوْلادٍ (ذَوِى لِحًى وَغَيْرَهُمْ وَهَذَا أَصْغَرُهُمْ فَأَدْنَانِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَىْ قَرَّبَنِى (وَمَسَحَ رَأْسِى وَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ قَالَ الذَّيَّالُ) وَهُوَ الرَّاوِى عَنْ حَنْظَلَةَ (فَلَقَدْ رَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْوَارِمِ وَجْهُهُ أَوِ الشَّاةِ الْوَارِمِ ضَرْعُهَا فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ عَلَى مَوْضِعِ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَمْسَحُهُ فَيَذْهَبُ الْوَرَمُ) انْتَهَى (رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ فِى الأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ وَ)قَالَ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِىُّ فِى مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ رَوَاهُ (أَحْمَدُ فِى حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ) اﻫ (وَعَنْ ثَابِتٍ) الْبُنَانِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ كُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ أَنَسًا يُخْبَرُ بِمَكَانِى فَأَدْخُلُ عَلَيْهِ فَآخُذُ بِيَدَيْهِ فَأُقَبِّلُهُمَا وَأَقُولُ بِأَبِى هَاتَانِ الْيَدَانِ اللَّتَانِ مَسَّتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُقَبِّلُ عَيْنَيْهِ وَأَقُولُ بِأَبِى هَاتَانِ الْعَيْنَانِ اللَّتَانِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) اﻫ (رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِى مُسْنَدِهِ وَ)قَالَ الْهَيْثَمِىُّ فِى الْمَجْمَعِ (رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىِّ وَهُوَ ثِقَةٌ) اﻫ
(وَعَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِى صَالِحٍ قَالَ أَقْبَلَ مَرْوَانُ) بنُ الْحَكَمِ فِى أَثْنَاءِ حُكْمِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ (يَوْمًا فَوَجَدَ رَجُلًا وَاضِعًا وَجْهَهُ عَلَى الْقَبْرِ فَقَالَ أَتَدْرِى مَا تَصْنَعُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَبُو أَيُّوبَ) خَالِدُ بنُ زَيْدٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (فَقَالَ نَعَمْ) أَىْ أَنَا أَعْرِفُ مَا أَصْنَعُ (جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ ءَاتِ الْحَجَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُهُ وَلَكِنِ ابْكُوا عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ) اﻫ وَكَلامُهُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَرْوَانَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ أَىْ لَيْسَ أَهْلًا لِتَوَلِّى الإِمَارَةِ وَالْحُكْمِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِىُّ فِى الْكَبِيرِ وَالأَوْسَطِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِىُّ فِى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ وَالْحَاكِمُ فِى مُسْتَدْرَكِهِ وَغَيْرُهُمَا بِالإِسْنَادِ أَنَّ خَالِدَ بنَ الْوَلِيدِ) رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (فَقَدَ قَلَنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ) مَعْرَكَةِ (الْيَرْمُوكِ فَقَالَ اطْلُبُوهَا فَلَمْ يَجِدُوهَا ثُمَّ طَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا فَقَالَ خَالِدٌ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ فَابْتَدَرَ النَّاسُ جَوَانِبَ شَعَرِهِ فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِى هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةِ فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِىَ مَعِى إِلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ) اﻫ (وَهَذِهِ الْقِصَّةُ صَحِيحَةٌ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ حَبِيبُ الرَّحْمٰنِ الأَعْظَمِىُّ) الْهِنْدِىُّ الْمُحَدِّثُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (فِى تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ فَقَالَ قَالَ الْبُوصِيرِىُّ) أَىْ فِى إِتْحَافِ الْخِيَرَةِ الْمَهَرَةِ (رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى) أَىْ فِى مُسْنَدِهِ (بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَقَالَ الْهَيْثَمِىُّ) أَىْ فِى مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ اﻫ فَلا الْتِفَاتَ بَعْدَ هَذَا إِلَى دَعْوَى مُنْكِرِى التَّوَسُّلِ وَالتَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَالْغَرِيبُ أَنَّ مَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ يَنْتَسِبُ إِلَى الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِىِّ مَعَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِى كِتَابِ الْعِلَلِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ قَالَ سَأَلْتُهُ يَعْنِى أَبَاهُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ مِنْبَرَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَبَرَّكُ بِمَسِهِ وَيُقَبِّلُهُ وَيَفْعَلُ بِالْقَبْرِ مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَ هَذَا يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ لا بَأْسَ بِذَلِكَ اﻫ وَرَوَى الْحَافِظُ الْحَنْبَلِىُّ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِىُّ فِى كِتَابِهِ الْحِكَايَاتُ الْمَنْثُورَةُ الْمَحْفُوظِ بِظَاهِرِيَّةِ دِمَشْقَ أَنَّ الْحَافِظَ عَبْدَ الْغَنِىِّ بنَ سَعِيدٍ الْحَنْبَلِىَّ كَانَتْ خَرَجَتْ لَهُ دُمَّلَةٌ فَأَعْيَاهُ عِلاجُهَا فَذَهَبَ إِلَى قَبْرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَمَسَحَهَا فَتَعَافَى اﻫ وَرَوَى الْحَافِظُ الْحَنْبَلِىُّ عَبْدُ الرَّحْمٰنِ بنُ الْجَوْزِىِّ فِى مَنَاقِبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مَا يُشْبِهُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنِ الإِمَامَيْنِ الشَّافِعِىِّ وَأَحْمَدَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا اﻫ
وَقَدْ نَظَمَ الأَدِيبُ الشَّيْخُ غَانِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ الْفَوَارِىُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِى التَّبَرُّكِ فِى أُرْجُوزَةٍ سَهْلَةٍ شَاعَتْ عَلَى أَلْسِنَةِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ فَقَالَ
أَبْدَأُهَـا بِقَـــــــــــــوْلِ بِـــــــــــــــــــــــــسْـــــمِ اللَّهِ تَنَـزَّهَ الرَّحْمٰنُ عَنْ أَشْــبَـــــــــــــــــــــــــاهِ
وَأَحْمَـدُ الإِلَهَ ذَا الْجَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلالِ لِفَضْـلِهِ بِالْهَـدْىِ وَالنَّــــــــــــــــــــــوَالِ
ثُمَّ الصَّلاةُ وَالسَّـلامُ مِنَّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا عَلَى نَبِىٍّ لِلْفَــــــــــــــــلاحِ سَــــــــــنَّا
طَرِيقَـةَ التَّبَـرُّكِ الْمَيْمُونَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــةْ فِى ذَاكَ أَهْـلُ الْعِلْمِ يَتْبَعُـونَــهْ
فَإِنْ رَأَيْتُمْ مَنْ أَتَاكُمْ يَدَّعِـــــــــــــــــــى بِأَنَّـــــــــــــــــهُ غَـْيرَ الْهُدَى لَمْ يَتْبَـعِ
وَقَدْ أَحَـلَّ حُرْمَةً ضَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلالا مِنْ جَهلِهِ أَوْ حَـرَّمَ الْحَــــــلالا
قُولُوا لَهُ إِذْ حَـرَّمَ التَّبَرُّكَـــــــــــــــــــــــــــــــــــا بِأَثَـرِ النَّبِىِّ زَادَ شَـــرُّكَــــــــــــــــــــــــــــــــا
إِنَّ اقْتِسَــــــــــــــامَ الشَّعْرِ يَا مُمَـــــــــارِى رَوَاهُ مُسْـِلمٌ كَذَا الْبُخَــــــــــــارِى
وَقِسْمَةُ الأَظْفَــــــــــــــارِ أَيْضًا تُسْنَدُ صَحِيحَةً كَمَـا رَوَاهَا أَحْمَــــــــدُ
وَجُبَّةُ النَّبِىِّ سَـلْ أَسْـمَــــــــــــــــــــــــــــــــــاءَ أَمَـا رَأَتْ فِى مَائِهَا الشِّـفَـــــــــــاءَ
هَـاكَ دَلِيلًا مِنْ أَبِى أَيُّـــــــــــــــــــــــــوبِ يَمَسُّ بِالْخـَدِّ ثَرَى الْمَحْبُـــــــــوبِ
أَنْعِمْ بِهِ رَدًّا عَلَى مَنْ أَنْكَــــــــــــــــرَا جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ الْحَجَرَا
فَمُسْـلِمٌ أُولاهُـــــــــــــــــمَا رَوَاهَـــــــــــــــــــا صَحِيحَةَ الإِسْـنَادِ عَنْ مَوْلاهَا
وَأَحْمَدٌ رَوَى الْحَدِيثَ الثَّـــــــــــــــــانِى رَدَّ الصَّحَــــــــــــــــابِىِّ عَلَى مَرْوَانِ
وَخَالِدٌ لِلْجَيْشِ فِى قَـــــــــــــــــلَنْسُوَةْ قَالَ اطْلُبُوا سَبَبَ ذاكَ مــــا هُوَهْ
لِأَنَّ فِى الطَّيَّاتِ شَعْرَاتِ النَّبِىّ وَذَاكَ فِى الْيَرْمُوكِ يَرْوِى الْبَيْهَقِىّ
وَمَسْحُ أَحْمَدٍ لِرَأْسِ حَنْظَلَــــــــــــــةْ بِكَفِّـهِ وَدَاعِيًـــــــــــــــا بِالْخَـــــــــــــيْرِ لَــــــــــــهْ
مَنْ جَاءَهُ وَالْوَجْهُ مِنْــــــــــهُ وَارِمُ بِمَسْـــــــــــــــــــحَةٍ يَعُــــــــــــودُ وَهُوَ سَـــــالِمُ
بَرَكَـةُ النَّبِىِّ طَــــــــــــــــــــــــــــــابَ عَرْفُهُ مَــــــــــــوْضِـعُ كَــــــــــــــــفِّهِ فَكَــــــيْفَ كَفُّهُ
الطَّبَـرَانِىُّ رَوَى وَأَحْمَــــــــــــــــــــــــــــــــــــدُ مُـــــــــــطَوَّلًا عَنِ الثِّقَــــــــــــــاتِ يُسْــــــنَدُ
وَثَابِتٌ قَدْ كَرَّرَ التَّقْبِيـــــــــــــــــــلا يـَــــــــــــــــدًا وَعَيْنًا رَأَتِ الرَّسُـــــــــــــــــــــــولا
وَأَنَسٌ عَنْ مِثْلِ ذَاكَ مَا زَجَرْ مُجَــــــــــــــــوِّزًا رَوَى أَبُــــــو يَعْلَى الأَثَـــــرْ
يَا إِخْوَتِى مِنْ فَضْلِـــــــهِ تَبَرَّكُوا تَمَسَّكُــــــــــــوا بِهَدْيِهِ لا تَتْرُكُـــــــــــــــــــــــوا
أَجَـازَهُ نَبِيُّنَـا الْمُعَظَّــــــــــــــــــــــــــــــــــــمُ فَــــــــــفَتِّشُوا عَنْ ذَيْلِ مَـــــــــــــــــــنْ يُحَرِّمُ
فَإِنَّهُ أَخُو الْجَهُولِ فِى الْغَبَــــــــــا وَمِثْـــــــــــــــــــلُهُ يَأْبَى الْكَــــــــــرِيمُ يَصْحَبَا
نَظَمْتُهـا مُرْشِـدَةً عَــــــــــــــــــــــــــزِيزَةْ أَكْرِمْ بِهَا فِى الْخَيْرِ مِنْ أُرْجُوزَةْ اﻫ