(بَعْدَما ذَكَرَ باب الإعْراب وَبَعْدَما تَكَلـم عَلى الأَفْعال وَعَلى النَّواصِب وَالـجوازِم، الآن بَدَأَ بالكلام عَلى الـمرفوع مِنَ الأسـماء ثُمَّ بَعْدَما ينتَهِي الكَلام عليْها يَتَكَلـم عَنْ الـمنصوبات ثُمَّ بَعْدَما ينتَهِي الكلام عليْها يَتَكَلـم عَنْ الـمـخفُوضات، فَيُنْهِي بِذلِكَ الـمتن والشَّرح. الآن يَذْكُرُ الـمرفوعات مِنَ بابِ التَعْداد فقط ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ يَتَكَلـم عَنْ كُلِّ واحِدٍ مِنْها بالتَّفْصِيل).
(الـمرْفُوعاتُ سَبْعَةٌ: وَهِيَ الفاعِلُ) نـحو: جاءَ زَيْدٌ وَالفَتَى وَالقاضِي وَغُلامِي (جاءَ زَيْدٌ مَرْفوع وَعَلامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظّاهِرَة، واو حَرْف عَطْف والفتَى فاعِل مَعْطوف على زَيْد مرفوع وَعَلامَةُ رَفْعِهِ ضَّمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألِف مَنَعَ مِنْ ظُهورِها التَّعَذُّر، والقاضِي مَعْطوف على زَيْد أَيْضًا مَرفوع وَعَلامَةُ رَفْعِهِ ضَّمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ مَنَعَ مِنْ ظُهورِها الثِّقَل لأنَّهُ لا يَتَعَذَّر لَكِنْ يُسْتَثْقَل، وَغُلامِي مَعْطوف على زَيْد أَيْضًا مَرفوع وَعَلامَةُ رَفْعِهِ ضَّمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على الـميـم مَنَعَ مِنْ ظُهورِها انْشِغال الـمكان بالـحرَكَة الـمناسِبَة للياء التي هِيَ الكَسْرَة)، (وَالـمفعُولُ الذي لـم يُسـم فاعِلُهُ) نـحو ضُرِبَ زَيدٌ ويُضْرَبُ عَمرٌو (زَيْد في الـحقيقَة مفعول ليسَ فاعِلًا لأَنَّ الضَّرْبَ وَقَعَ عَلَيْهِ. لأَنَّ الفاعِل هُو الذي قامَ بِهِ الفِعْل والمفعول هوَ الذي وَقَعَ عَلَيْهِ الفِعل. ضُرِبَ زَيْد، الفعْلُ هُوَ الضَّرْب. الضَّرب وَقْعَ عَلَيْهِ، فهُوَ مَفْعُول، لَكِنْ هذا الـمفعول الذي هُوَ زَيْد لـم يُسـم فاعِلُهُ، في هذه الـحال الـمفعول الذي لـم يُسـم فاعِلُهُ يكونُ مَرْفُوعًا ويُسـمونَهُ نائِبَ الفاعِل)، (والـمبتدَأُ، وخبَرُهُ) نـحو: زَيْدٌ والفتى والقاضي وغُلامي قائِمُون (كُلّ واحِدٌ مِنْ هؤلاء مبتدَأ قائِمونَ خَبَر مرفوع وعلامَةُ رَفْعِهِ الواو لأنَّهُ جمعُ مُذَكَّرٍ سالـم)، (واسـم “كانَ” وَأَخَواتِها) نـحو: كانَ زيدٌ قائمًا (كانتِ الـجمْلَةُ زَيْدٌ قائِمٌ. زَيْدٌ مُبْتَدَأ وقائِم خَبَر. أَدْخَلْنا كانَ على الـجمْلَة فما عادَ هناكَ مبتَدأ وخَبَر للـمبتَدَأ، صارَ الـمبتَدأ اسـم كانَ والـخبَر خَبَر كانَ. كانَ مَنْ؟ زَيْدٌ. كانَ أَيْش؟ كانَ قائِمًا. اسـم كانَ وَأخَواتُها دائِمًا مَرْفوع)، (وَخَبرُ “إنَّ” وأخواتِها) نـحو: إنَّ زَيدًا قائِمٌ (هُنا نَفس الشىء لَوْلا إنَّ لَكانَتِ الـجمْلَة زَيْدٌ قائِمٌ. أَدْخَلْنا إِنَّ علَيْها فصارَتِ الـجمْلَة إنَّ زَيدًا قائِمٌ. زَيْدًا هوَ اسـم إنَّ وَقائِمٌ خَبَر إنَّ. خَبَر إنَّ دائِمًا مَرْفوع، بِعَكْس كانَ)، (والتّابِعُ للـمرفوعِ وهوَ أربعةُ أشياءَ: النَّعْتُ) (وَمِنْ جُمْلَةِ الـمرفوعات التابِعُ للـمرفوع. هناكَ أَشْياء يُقالُ لَها التَّوابِع لأَنَّها تَتْبَعُ غَيرَها. مِنْها النَّعت والوَصْف. نَعتُ الـمرفوع يَكُونُ مَرفوعًا) نـحو: جاءَ زيدٌ الفاضِلُ (النَّعت هُوَ كَلـمة لو حُذفت مِنَ الـجمْلَة لَبَقِيَ الكلامُ مُفِيدًا. جاءَ زيدٌ وَجاءَ زيدٌ الفاضِلُ. هذا كلامُ مُفِيد وهذا كلامُ مُفِيد، إنَّما تَذْكُرُها لِبَيانِ صِفَة في زَيْد)، (وَالعَطفُ) نـحو: جاء زيدٌ وعمرٌو، (والتوكيدُ) نـحو: جاءَ زيدٌ نَفْسُهُ (التَّوْكِيد هَوُ كَلـمة تتْبَعُ كَلـمةً أُخْرَى لِتَأْكِيدِ معناها، لأنَّكَ إذا قُلتَ جاءَ زَيْد يَحْتَمِل أَنْ يَكونَ الـمراد جاءَ رَسولُهُ، فَإذا قُلْتَ جاءَ زَيْدٌ نَفْسُهُ، ألْغَيتَ ذاكَ الاحْتِمال. هذا يُقالُ لَهُ تَوْكِيد لأنَّهُ يُؤَكِّدُ الـمعنَى. تَوْكِيدُ الـمرفوعِ مَرْفُوع)، (وَالبَدلُ) نـحو: جاءَ زيدٌ أَخُوك (البَدل والـمبْدَل مِنْهُ يَدُلانِ على شىءٍ واحِد لأنَّ زَيْدًا هُوَ أَخوك وأَخوكَ هُوَ زَيْد. لَوْ قُلْتَ جاءَ زَيْدٌ لَتَمَّ الكلام ولَوْ قُلْتَ جاءَ أَخوكَ لَتَمَّ الكلام والـمعنَى واحِد لأنَّ زَيْدًا هُوَ أَخوك وأَخوكَ هُوَ زَيْد. هذا يُقالُ لَهُ بَدَل. البَدَل مِنَ الـمرفوعِ مَرْفُوع). وهذه كُلُّها مَذكورة هنا إجمالًا على سَبيلِ التعدادِ وسيذكُرُ كُلَّ واحِدٍ منْها في بابْ مُفَصَّلَة. والله سبحانه وتعالى أعلـم.