ولمزيد الفائدة نعيد باختصار ترتيب الأدلة الكاشفة لبطلان هذه الحادثة، فنقول:
أولًا: ليعلم أنَّه ما زنت امرأة نبي قطّ حتى زوجة سيدنا نوح وزوجة سيدنا لوط عليهما السلام لم تتلطَّخا بهذه السَّوءة والرّيبة، أعني: الزنا، وأما وصفهما بالخيانة في قول الله تعالى: {فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: 10]، فمعناه: كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ترجمان القرآن: «ما زنتا، أما امرأة نوح فكانت تقول للناس: إنه مجنون، وأما امرأة لوط فكانت تدلّ على الضيف، فذلك خيانتهما»([1]).اهـ.
ثانيًا: نسج القصة مهلهل، عليه أثر الصنعة والاختلاق، وهو يصادم العقل السليم والنقل الصحيح ولم يثبتها أحدٌ من الأئمة الأثبات المعتبرين.
ثالثًا: إذا جاز للشيطان أن يتمثّل بنبيّ الله سليمان عليه السلام فأيّ ثقة بالشرائع تبقى بعد هذا؟ وكيف يسلّط اللهُ تعالى الشيطانَ على نساء نبيّه سليمان وهو أكرم على الله من ذلك؟
رابعًا: أيّ مُلْكٍ أو نبوّة يتوقّف أمرهما على خاتم يدومان بدوامه، ويزولان بزواله؟ حقًّا إن هذا لمن أشدّ العجب.
فبعد هذا يظهر لنا أن الفتنة المذكورة في الآية ليس المراد منها ما زعموه؛ بل ما نصّ عليه المحققون من العلماء كما أسلفنا في بداية الكلام.
[1])) تاريخ دمشق، ابن عساكر، (62/251).