مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -75
تحريم الخمر والإجماع على كفر المجسم وشاتم الله والأنبياء
قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه
قال الإمام الهرري رضي الله عنه: ورد في وعيدِ شارب الخمرِ حديثٌ صحيحٌ وهو [المُدمنُ على الخمرِ كعابدِ وثَن] معناه ذنبُه كبير، المدمنُ على الخمر أي يواظبُ يداومُ هذا ذنبُه كبير كأنه يعبُد الوثن وقد يُبتَلى بسوء الخاتمة عند الموت. بعضُ الناسِ الشيطانُ يتخبَّطُهم يحرّكُهم عن الإسلام، يأتيهم الشيطان بخواطر خبيثة بعضُ الناسِ يكفرون ومَنْ حولَهم من الناس لا يعرفونَ (يعني الذين من حولِه من الناس لا يسمعونَه تكلّمَ بالكفر إنْ لم ينطق بالكفر الذين الذين حولَه لا يعرفون) الخمرُ منْ أكبرِ الكبائر لكنْ هي أخفُّ من الزنى بعد قتلِ النفسِ المؤمنة أشدُّ الذنوبِ الزنى (يعني أولًا الكفر ثم القتل بغيرِ حق ثم الزنى، شرب الخمر ذنبٌ كبير عظيم لكنْ أخف من الزنى) بعدَه الربا والخمر وتركُ الصلاةِ هذه الأشياءُ بعدَ ذلك (أي بعد الثلاثة الأولى التي ذكرتُها الآن).
)نرجع إلى أول الكلام، هنا بدأ الشيخُ رحمه الله يحذّرمن شؤمِ الخمر ويبيِّن الذنب الكبير الذي يقع فيه الإنسان الذي يشربُ الخمر، ثم هذا الحديث الذي ذكرَه الشيخ رحمه الله تهديد ووعيد وتحذيرٌ عظيمٌ بالغٌ من شرب الخمر ومن عظيمِ ذنبِها، لكنْ لا بدّ أنْ نقفَ عند معنى هذا الحديث النبوي الشريف المبارك.
ما معنى كعابدِ وثن؟ يعني الإنسان الذي يواظب يداوم على شرب الخمر الرسول عليه الصلاة والسلام قال كعابدِ وثن هذا للتشبيه.
عابد الوثن مشرك كافر ليس من المسلمين ليس من المؤمنين، فما معنى هذا الحديث [المدمن على الخمرِ كعابدِ وثن] معناه منْ عظيمِ ذنبِه صار يشبهُ عابد الوثن وهذا معناه ذنبٌ كبيرٌ عظيمٌ وليس معناه أنّ بمجردِ شربِ الخمر لو واظبَ عليها واستمرَّ وداومَ إلى أنْ يموتَ وهو يحرِّمُها ليس معناه أنه صارَ مشرِكًا بالله خارجًا من الإسلام لا، إنما يصيرُ خارجًا من الإسلامِ إن استحلَّها ولو لم يشربْها، يعني إذا قال الخمر حلال وهو لا يشرب الخمر هذا صار من الكافرين لأنه يعيشُ بين المسلمين وقد بلغَتْهُ الآيات أو الأحاديث أو الإجماع أو عرفَ تحريمَ الخمرِ في دينِ الإسلام هو رجعَ فقال حلال أو اعتقد صار خارجًا من الإسلام لأنه كذّبَ الله كذّب الإسلام كذّب الإجماع.
أما لو كان لمْ يبلُغْه الحكم بالمرة لأنه مثلًا كقريبِ عهد بإسلام أو قريب عهدٍ بإسلام ولو يسمعْ بتحريمِها في الإسلام فقال عنها والعياذ بالله أنها حلال في مثلِ هذا الموضعِ يكونُ من الفاسقين من أهلِ الكبائر ويُعلَّم الصواب لكنْ لا يُكفَّر لأنّ الصحابة لم يكفِّروا مَنْ شربَ الخمرَ مُتَأوِّلًا، هو تأوّلَ بعضَ الآيات فظنّها إن التزموا بصفاتٍ معيّنة فشرِبوها لا يكونُ محرَّمًا عليهم، عمر رضي اللهُ عنه وعثمان وعلي وبقية الصحابة لم يُكفِّروه لأنه تأوّلَ، كذلك مَنْ أحلَّ وهو لم يسمعْ بالتحريم ما بلغَه ما علمَ بالتحريم هذا أيضًا له أمثلة، البيهقي رضي الله عنه في السنن الكبرى روى أنّ شخصًا في زمنِ عمر ممّن كان أسلمَ في الشام كان بين بعض الصحابةِ فقال أنا زنيْتُ الليلة –الزنى أشد من الخمر- فقيلَ له كيف تفعل هو حرام، قال أحرامٌ هو؟ يعني كأنه يقول ليس حرامًا لأنه ما كان سمعَ ما بلغَه بالمرة، فكتبوا إلى عمر في المدينة رضي اللهُ عنه أرسلَ إليهم قال: علّموه، ما قال كفر ليتشهّد لأنه كان قريب عهد بإسلام ولم يكنْ يعتقد التحريم ولا بلغَه ولا سمعَ به، ثم قال لهم سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه “علّموهُ فإنْ عاد فاقتلوه”
“فاقتلوه” هذا ليس لنا وليس لعامةِ الناس، إنما هذا للرؤساء للزعماء للحكام للخلفاء للسلاطين للأمراء للقضاة لأنّ هؤلاء كان يوجَد والي في الشام عن عمر، نصبَه عمر ليُنَفِّذ الأحكام، ولماذا قال “فإنْ عاد فاقتلوه”؟ يعني بعدما بلغَه التحريم بعدَما سمعَ منكم بعدَما بيّنْتُم له، إن استحلَّ ذلك صارَ كافرًا فاقتلوه، أو إنْ رجَعَ ليس مُستحلًّا وكان مُحصَنًا وزنا فيُرجَم لأجلِ أنه زنا بعد الإحصان، هذا معنى “فإنْ عاد فاقتلوه”
فإذًا هذه القضية على هذا التفصيل الذي بيّناه وشرحْناه ونرجع إلى المسئلة منْ أوّلِها.
شرب الخمر كبيرةٌ من الكبائر والخمرُ محرّمة بالقرآن والحديث والإجماع. نزلَ تحريم الخمر تدريجيًّا كما نزلَ تحريم الربا كذلك، هذا لحكمةٍ عظيمة، ولكنْ بعدَما نزلَ التحريم ونزلت النصوص الرسولُ صلى الله عليه وسلم بيّن وصرّحَ بالتحريم بعض السفهاء الماجنِين الساقطين يعودونَ فيقولون ليست حرامًا بل هي مكروهة، هؤلاء صاروا كافرين لأنهم سمعوا التحريم بلغَهم التحريم فهموا ذلك من القرآن أو الحديث أو الإجماع رجعوا فقالوا هي حلال، بهذا صاروا من الكافرين.
واسمعوا ماذا قال الفقيه ملّا علي القاري الحنفي وعدد من العلماء “مَنْ قال إنّ القرآنَ لم يحرِّم الخمرَ كفرَ” لأنه كذّب القرآن، القرآن حرّمَ الخمر.
من الآيات التي فيها تحريمٌ صريح وتهديد ووعيد {فاجتنِبوه}[المائدة/٩٠] وكذلك في قولِه تعالى {فهل أنتمْ مُنْتَهون}[المائدة/٩١] يعني فاجتنبوه طرحُه جانبًا والابتعاد عنه ليس فقط أنْ لا تشرب، بل تركُهُ وطرحُهُ والابتعاد عنه وأنْ يكونَ هو في جانب وأنت في جانب وهذا تهديدٌ ووعيد.
الصحابةُ الكرام فهموا من هذه الآيات تحريم الخمر لأنها لمّا نزلتْ كما في كتب السنن قال الصحابة “انتهيْنا” بعد ذلك أفرغَ الصحابة أوعية الخمر في الطرقات حتى جرَتْ في السكك لأنهم فهِموا التحريم قالوا “انتهيْنا يا رب” والرسولُ صلى الله عليه وسلم قال [إنّ اللهَ ورسولَه حرّمَ الخمرَ وثمنَها] هذا نصٌّ بالتحريم.
وبعضُ السفهاء الماجنين الساقطين يقولون اليوم لا يوجد نص على التحريم ونحن نريدُ نصًّا في التحريم، يقال لهم: لو كنتم صادقين وكنتم تفهمونَ لغةَ العرب لفهِمتُم هذه الآيات وأنها للتحريم والرسولُ صلى الله عليه وسلم نصّ على التحريم والصحابة الكرام الذين نزلَ القرآنُ بلغَتِهم فهِموا التحريم فأفرغوها في الشوارع والطرقات حتى جرَت في السكك وهذا الأمر يدلُّ على أنهم فهِموا التحريم.
هذا الذي يقول أريدُ نصًّا في تحريمِ الخمر وإلا فأنا لا أحرِّمُها، على زعمِه، يقال له هل كلّ المحرّمات نصَّ القرآنُ عليها بنصّ حُرِّمَتْ عليكم؟ أو هي حرامٌ عليكم؟ أو حرامٌ أنْ تفعلوا كذا؟ لا يوجد هذا النص في القرآن في كلّ المحرّمات.
هل هناك نصٌّ في القرآنِ فيه حرامٌ عليك أنْ تضربَ أمَّكَ بالعصا؟ أينَ هذا في القرآن؟ في القرآن {ولا تقل لهما أُفٍّ}[الإسراء/٢٣] إذا دلَّ التحريم على الأخف كان الأشد والأعظم محرَّمًا منْ بابِ أولى. إذا كان كلمة أفٍّ حرامٌ أنْ تقال للوالدين في وجهِهما ثم الإيذاء والتطاول والصراخ إذا كان هذا مَنْهيٌّ عنه ومحرّم فكيف الضرب بالعصا أو بالنعل للوالدين؟ لكنْ أين النص في القرآن الذي يقول إنْ ضرب الأبوين بالعصا حرام؟ أين النص في القرآن الذي فيه أنّ ضربَ الأبوين بالنعال والحجارة على الوجه حرام؟ أين هذا في القرآن؟ لا وجودَ لهذا النص بهذا اللفظ لكنْ توجد آيات يُفهَم منها هذا، إذا كان نَهى القرآن عنْ أنْ يقالَ لهما أفٍّ فكيف ما هو أكبر منْ ذلك؟ ثم أين في القرآن الكريم النص الصريح الذي مثلًا فيه أنه يحرُم أنْ يعلَّقَ الولد منْ لسانِه في الثريا؟ أين النص القرآني باللفظ الصريح على تحريمِ تعليقِ الأبويْن منْ آذانِهما في السقف؟ هل هذا موجود في القرآن؟ لا، فإنْ كان لا يوجد هذا النص في القرآن هل عدم وجود هذا اللفظ بعيْنِه يدلُّ على أنه حلال؟ هذا لا يقولُه عاقل.
وهكذا في مسئلة قضيةِ تحريمِ الخمر هذه الآية {فاجتنبوه}[المائدة/٩٠] {فهل أنتم مُنتَهون}[المائدة/٩١] تهديد ووعيد فيه التحذير والتحريم والتهديد. بعض العلماء قال هذا منْ حيثُ قوة لفظ القرآن أشدّ من كلمة {حُرِّمَت عليكم}[المائدة/٣]
نعم هناك نصٌّ يدلُّ على التحريم في القرآن الكريم في سورة البقرة يقول اللهُ عزّ وجل {يسألونَكَ عن الخمرِ والميْسر قل فيهما إثمٌ كبير}[البقرة/٢١٩] ضررٌ كبير، في سورة الأعراف {قل إنما حرَّم ربِّيَ الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطنَ والإثمَ}[الأعراف/٣٣] وفي سورة البقرة سمّى الخمرَ بهذه التسمية بالاسم، وفي سورة الأعراف أنّ الإثمَ حرام باللفظ بالنص، فماذا يقول هذا الإنسان الجويْهل الذي يستحِلّ الخمر ويقول أريدُ نصًّا فيه التحريم؟ ماذا يقول في آية سورة البقرة مع آيةِ سورة الأعراف؟
ثم هؤلاء أدعياء المشيَخة الزنادقة الذين يكذّبونَ اللهَ والرسول كهذا المصري المخرِّف المحرّف المزوِّر الزنديق محمد عبد الله الذي ادّعى المشيخة وكان في بعض الأوقات يلبَس العِمامة، قال لا يوجد دليل على تحريم الخمر ثم قال إنّ القرآنَ لم يحرِّم الخمر والرسول لم يحرِّم الخمر، هو وشيخُه شيطانُه الذي في أستراليا مصطفى راشد أيضًا.
وهذا مصطفى راشد ردَدْنا عليه باسمه منذ حوالي أسبوعين في درس الفيس بوك وفي خطبةِ الجمعة أيضًا، فهؤلاء زنادقة عندما يُبيحونَ الخمر ويقولون لا يوجد دليل على تحريم الخمر هؤلاء لا يعتبرونَ القرآن ولا يعتبرونَ الأحاديث الصحيحة ولا الإجماع الذي نقلَه الحافظ النووي على تحريم الخمر.
ثم هذه القضية فيها الأدلة كثيرة لكنْ ليس اليوم مجلسُنا هو خاصٌّ في هذه المسئلة وحدَها، وما ذكرتُه على وجه الاختصار والعُجالة يكفي.
ثم إنْ قال سفيهٌ إنّ القليلَ منها لا يكونُ محرَّمًا يُرَدّ عليه بحديث [ما أسكرَ الفَرَقُ منه فمِلءُ الكفِّ منه حرام] وهناك رواية ثانية قال صلى الله عليه وسلم [ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حرام] يعني لا يُشترَط أنْ تكونَ الكمية كبيرة ولا يُشترَط أنْ تؤدّي إلى السكر، بل لو أخذَ الإنسانُ شيئًا من الخمر جُزءًا قليلًا ووضعَه مع الطعام، اليوم بعض الناس يضعونَ الخمر مع بعضِ أنواعِ الحلواء مثل الكاتو أو الشوكولا صار نجِسًا ويحرُمُ أكلُه، إنْ كان على زعمِهم في ما يسمى الأعياد والمناسبات أو غير ذلك.
هناك شىء في لبنان يسمّونَه المقانق أو السجق أو البفتيك يضعونَ معه نبيذ لو قدر ملعقة صغيرة صار نجِسًا محرَّمًا، مع أنّ هذا القدر إذا خُلطَ في الحلواء أو في الطعام لا يُسكر مع ذلك هو محرَّم لأنه صلى الله عليه وسلم قال [ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حرام] لو كان قدر نقطة واحدة، فهذا محرّمٌ بنصِّ الحديث الشريف.
هذا محمد عبد الله نصر المصري وشيخُه مصطفى راشد ومَنْ كان على مِنوالِهما هؤلاء زنادقة لا يُنظَر إليهم لأنهم بالعِمامة وبالجُبة يريدونَ هدمَ الدينِ والإسلام.
الآن نحن بدأنا بالمسئلة منْ أوّلِها شرحْنا وبيّنا التحريم والأدلة على ذلك باختصار والإجماع والحديث والقرآن وبيّنا متى يكفر إنْ استحلَّها ومتى لا يكفُر وإنْ كان شربَها مع التحريم يعني يعتقد أنها محرمة ويقول إنها محرمة لكنْ شربَها هذا لا يُكفَّر إنما ذنبُه عظيم، وذنبُهُ ليس أشد منْ ذنبِ الكفر ولا أشد منَ القتلِ ظلمًا ولا أشد منَ الزنى، إنما هو يأتي بعدَ هذه الذنوب الثلاثة مع أكلِ الربا وتركِ الصلاةِ وشرب الخمر، هذه الثلاثة تأتي بعد تلكَ الثلاثة، يعني أكبر الكبائر على الإطلاق الكفر بأنواعِه كمسبةِ الله والعياذ بالله، كمسبةِ الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام.
نحنُ عندنا في الإسلام مَنْ سبَّ نبيًّا من الأنبياءِ فهو كافر ليس محمدًا صلى الله عليه وسلم وحدَه، بل عندَنا في الإسلام مَنْ سبَّ موسى فهو كافر، مَنْ سبَّ عيسى عليهما الصلاة والسلام فهو كافر، مَنْ سبَّ إبراهيم مَنْ سبَّ نوح عليهم الصلاة والسلام فهو كافر.
احذروا منْ هؤلاء السفهاء الذين كانوا في وقتٍ من الأوقات عندما كانت المناطق مُغلقة على بعضِها ومقطعة كان يقف هنا واحد يدّعي الإسلام ويقف واحد هناك من غير المسلمين، هذا الكافر يسبُّ محمدًا صلى الله عليه وسلم فيزدادُ كفرًا إلى كفرِه، ليس لأنه كافر يقال يجوز له أنْ يسبَّ محمدًا، مَنْ قال يجوز له صار هو معه من الكافرين، هذا لا يجوز له ويُمَنع من مسبةِ الله ومن مسبةِ النبيّ ومن مسبةِ الإسلام لو كان كافرًا فإنْ فعل لا يكونُ حلالًا له بل مَنْ أحلَّ ذلك له صار هو ملعونًا كافرًا بالله.
بعض الجهلاء السفلة الساقطين كان –وهو يدّعي الإسلام- إذا سمعَ هذا الكافر سبَّ محمدًا هذا الذي يدّعي الإسلام من هنا يسبُّ له عيسى، هذا كافر وهذا كافر، الذي يسبُّ عيسى عليه الصلاة والسلام كالذي يسبُّ محمدًا صلى الله عليهما وسلّم.
اللهُ قال في القرآن في سورة النساء {ومَنْ يكفرْ بالله وملآئكتِه وكتبِه ورسلِه واليومِ الآخِر فقد ضلّ ضلالًا بعيدًا}[النساء/١٣٦] ما قال ورسولِه فقط، ما قال ومحمد فقط، {فقد ضلّ ضلالًا بعيدًا} يعني هذا كافرٌ ضال سواء سبَّ محمدًا عليه الصلاة والسلام أو سبَّ نبيًّا منَ الأنبياءِ كائنًا مَنْ كان هذا النبيّ عليه الصلاة والسلام.
الذي يسبُّ نبيَّ اللهِ داود عليه الصلاة والسلام هذا في الإسلام كافر، الذي يسبُّ سليمان الذي يسبُّ آدم هذا كافر ليس من المسلمين، إنْ كان مسلمًا فسبَّ نبيًّا صار كافرًا مرتَدًّا خارجًا عن الدين والإسلام وإنْ كان كافرًا وسبَّ من الأنبياء ازداد كفرًا إلى كفرِه ويُمنَع من السبِّ ولو كان من الكافرين.
ثم إنّ الكفرَ بأنواعِه هو أكبرُ الكبائر على الإطلاق يدخل في ذلك أيضًا تشبيهُ الله بخلقِه مثلًا بعض النساء تقول لابنتِها اقعدي يا ابنةَ الله أو تقول لابنِها اسكتْ يا ابنَ الله، هذا تشبيهُ وتجسيمٌ وتكذيبٌ لله وتكذيبٌ للقرآنِ وتكذيبٌ للأنبياء ولعقيدةِ الإسلام، اللهُ قال في القرآنِ الكريم {لم يلد ولم يولد}[الإخلاص/٣] نفيٌ للماديةِ والانحلال، ثم مَنْ تقول لابنتِها اسكتي يا ابنةَ الله أو لابنِها اقعد يا ابنَ الله كذّبت قولَ اللهِ تعالى {لم يلد ولم يولد} وهنا لا يُقبلُ منها التأويل، بعضُ المخرِّفين مِنْ أدعياءِ المشيخة أو في بعضِ الكتب يقولون إنْ قصدَتْ المعنى المجازي لا تُكفَّر، هم كفروا معها لأنّ المجاز في مثلِ هذا لا يصحّ ولا يُقبَل، يعني في سبِّ اللهِ وشتمِه وفي التشبيه والتجسيم وكذب الله والأنبياء أيُّ مجاز هذا؟
الذي يقول عمّن يقول عن الله تعالى أبونا أو نحن أبناؤُه مجازًا لا يكفُرُ القائل هذا استحلَّ الكفر كأنه يقول عن ربّ العالمين أخونا الكبير فعلى زعمِه سيقول هذا يدلُّ على الاحترام فيكونُ مجازًا فلا يُكفَّر، هل هذا يقبلُه عاقل؟ هل هذا يقبلُهُ مسلم؟ وأيُّ مجاز وأيُّ تأويل؟ أليس التأويلُ البعيد لا يُقبَلُ؟
وهذا القاضي الفقيه أبو محمد الإشبيلي الأندلسي يقول “لا يُقبَل دعوى المجاز أو التأويل في قول نحنُ أبناءُ الله على معنى الحنان والعطف” يقول هذا لا يصح فيه لا المجاز ولا التأويل، بل نقل القرافيُّ المالكي عن القاضي عياض الإجماع على كفرِ مَنْ نسبَ للهِ الأبوة أو البنُوّة لو قال على معنى العطف والحنان والمجاز هذا لا يُقبَلُ فيه.
الذي يدّعي أنّ هذا مجاز وتأويل ويُقبَلُ فيه التأويل هذا معناه أوّلَ كلّ كفريات الأرض، كل كفريات اليهود والبوذ والهندوس والسيخ وكفريات إبليس عندَه صارت مُؤَوَّلةً وصارت تُحمَل على معنى المجاز، وإذا كان هكذا فلماذا قال الله تعالى {لا تعتذروا قد كفرتمْ بعدَ إيمانِكم}[التوبة/٦٦]؟ سورة التوبة، أين المجاز أين التأويل؟
واللهُ يقول {ولَئِنْ سألتَهم ليَقولُنَّ إنّما كنا نخوضُ ونلعبُ قل أباللهِ وآياتِه ورسولِه كنتم تستهزءون* لا تعتذروا قد كفرتُمْ بعدَ إيمانِكم} ]التوبة/٦٥-٦٦]
إذًا دعوى المجاز والتأويل في التشبيه والتجسيم ونسبة المكان والجلوس إلى الله ونسبة الجسمية والحجمية والتغيّر إلى الله ونسبة الأبوة والبُنوّة إلى الله غيرُ مقبولة، هذه الدعوى دعوى المجاز والتأويل غير مقبولة في الكفر الصُّراح البَواح وإلا فهذا هدمٌ للدينِ والإسلام، وعلى هذا القول الكاسد الفاسد لا تبقى كفرية في الأرض إلا وتقبَل التأويل والمجاز على قولِهم.
ثم إنّ علماءَ العقيدة قالوا مجازُ التشبيهِ –يعني في حقِّ اللهِ- لا يجوز لا يصح ولا يُقبَل ولا يدّعي ذلك إلا كافر، ولا يدّعي جواز التأويل والمجاز في سبِّ اللهِ وشتمِ الله والاعتقاد والقول بأنه جسمٌ وجسد وشكلٌ وأب وابن لا يقولُ ذلك إلا كافر. الذي يُبيحُ التأويل والمجاز في مثلِ هذا فهو داعٍ إلى هدمِ الإسلام والقرآنِ وعقيدةِ كلِّ الأنبياء.
أليس الله يقول في القرآن في سورةِ الكهف {ويُنذِرَ الذين قالوا اتّخَذَ اللهُ ولدًا}[الكهف/٤] لو كان مجازًا فلماذا الإنذار؟ لو كانت تقبل التأويل فلماذا الإنذار؟ {ويُنذِرَ} تهديد ووعيد بالنار والهلاك والويلات والحريق وجهنم لمَن نسبَ لله الولد، {قالوا}[الكهف/٤] لم يشترط أنْ يكونَ معه اعتقاد لمجرد القول، أين دعوى المجاز والتأويل إذا كنت أيها الزنديق الدكتور الشيخ تقول هذا التأويل ومجاز فأين أنت منْ هذه الآية؟ كيف يكونُ مجازًا وتأويلًا مُعتبَرًا مقبولًا بزعمِك والله تعالى جعلَ عليه الإنذار والتأويل بجهنم بالنار؟
هذا الذي يقول إني ذاهبٌ إلى أبي، بعض الكتب تقول إلى أبي أي إلى المعلّم، عن الله، على زعمِهم يؤَوِّلونَها، بعضُهم يقول عن داود ابنُ الله، أو قال داود أنا ولَدني الله أو يقولون عيسى ابنُ الله أو قال عيسى إني ذاهبٌ إلى أبي ويؤوِّلونً ذلك ويدّعون الإسلام والمشيخة.
ما وُجِدَ من هذا القبيل في كتبِ بعضِ المشاهير منَ العلماء نحنُ نعتقد ونقول لا نشك أنه دُسَّ عليهم وأنه تحريف وتبديل وتغيير ربّما منْ بعضِ النّساخ الذين جاءوا بعدَهم، أما أنْ يُقبَلَ هذا الكلام لأنه في كتابِ فلان وعلّان لا، لا يُقبَل، كتابُ اللهِ أوْلَى أنْ يُسلَّم له لأنّ اللهَ قال {ويُنذرَ الذينَ قالوا اتّخَذَ اللهُ ولدًا}[الكهف/٤] وهذا ليس ممّا يُدَّعى فيه النسخ لأنّ بعضَ الزنادقة مِنْ أدعياء الإسلام يقولون هذا منْ بعضِ الشرائع السابقة، يا جاهل هل العقيدة يدخلُها النسخ؟؟؟؟ إذا كان النحاس في الناسخ والمنسوخ يقول “النسخُ لا يدخل في الأخبار” إذا كان الأخبار والتاريخ لا يدخل فيها النسخ كيف يدخل النسخ في العقائد؟ اللهُ قال {لم يلد ولم يولد} [الإخلاص/٣] هل هذا يكونُ نُسِخَ على زعمِكم أيها الكفَرة؟ فمَن ادّعى فيه النسخ جعلَ اللهَ كذّابًا وجعل القرآنَ كذِبًا جعل الأنبياء دعاةً إلى الكفر لأنّ الأنبياءَ لا يقولون الله له ولد، ولأنّ الأنبياءَ لا يقولون الله أبونا بل مَن ادّعى ذلك له جهنم وهل يجوزُ على الأنبياء أنْ يكونوا منْ أهلِ جهنم؟ إذًا هذا لا يدخلُهُ النسخ.
العقائدُ لا يدخلُها النسخ، هل يجوز هل يُقبَل أنْ يأتي ويقول نبيُّ اللهِ إدريس أخبرَنا عن الأهرامات وبنَى الأهرامات لكنْ بعدَ إدريس جاء إسماعيل فقال لا يوجد أهرامات ولم يكن سبقَ في التاريخ وجود أهرامات يعني على زعمهِم إسماعيل يُكذِّبُ إدريس، أيُّ نسخٍ في ذلك؟ هذا لا يقبلُه عاقل لا يقبلُهُ مسلم. إذا كان التاريخ والأخبار لا يدخلُها النسخ فكيف التنزيهُ والتوحيدُ العقائد وعِصمة الأنبياء؟ لا داود ولا آدم ولا عيسى ولا موسى ولا نبيّ ولا يوجَد في الأنبياء مَنْ نسبَ لله الأبوة أو البنُوة ولو على معنى ودعوى المجاز والتأويل كما يزعم بعضُ الكفرَة، حاشى، احفظوا هذا الإجماع، هذا القَرافيُّ المالكي يقول “نقل القاضي عياض الإجماعَ على كفرِ مَنْ نسبَ لله الأبوّة أو البُنوة” هذا كافرٌ بالإجماع.
ثم هذا كما قلنا تشبيهٌ وتجسيم وهو شتمٌ لله بلا شك. لو قال قائلٌ لآخر يا كذّاب يكون شتَمَه، اللهُ قال في القرآن {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١] عندما يأتي دُعاة التشبيه والتجسيم فيقولون الله قاعد وجالس وجسم وجسد وبذاتِه في السماء وحقيقةً على العرش كذّبوا {ليس كمثلِهِ شىء} أم صدّقوا؟ كذّبوا، يعني كذّبوا الله، ومَنْ كذّب الله شتمَ الله وهكذا الذي يعتقد أو يقول بأنّ اللهَ جسم فهو شاتمٌ لرب العالمين.
الذي يقول الله جالس قاعد هذا شتَم الله فكيف بعدَ ذلك يُلتَفَت إلى قولِ جَهولٍ أخرق أحمق يقول عن الله قاعد أو جالس ويسمّونَه بشيخِ الإسلام؟ أو يقولون جسد أو جسم أو بذاتِه أو حقيقةً كيف يُلتَفت إليهم وإلى عقيدتِهم وإلى كتبِهم وهم يسبّونَ الله، هذا سبٌّ لله.
ثم أزيدُكم بيانًا في أنهم شاتمونَ لله في أنه يقالُ له شتم الدليل على ذلك الحديث القدسي الصحيح، في صحيح البخاري قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنّ اللهَ عزّ وجلّ يقول [[شتَمني ابنُ آدم ولم يكنْ له ذلك وأما شتمُه إيّايَ فقولُهُ اتّخذَ اللهُ ولدًا]] يعني ليس الشتم والسب فقط يكون بألفاظٍ بذيئة في الشارع، هذا نوعٌ من أنواعِ السب، فالذي يقول عن الله له ولد قال فيه إنه جسم جسد، جوّزَ عليه أنْ يلتصقَ بامرأةٍ وجوّزَ عليه أنْ يكونَ مُماسًّا للعرش وإذا جوّزَ عليه أنْ يكونَ مُماسًّا للعرش جوّزَ عليه أنْ يكونَ مُماسًّا لمريم يعني يُجوِّز على الله الجسد والمُماسّة والالتصاق ثم مَجِىء الولد، وهذا لا يقولُه مسلم ولا مؤمن ولا عاقل.
اللهُ يقول [[شتمني ابنُ آدم]] ونسبةُ الولد منْ دواعي القول بالجسمية يعني مَنْ قال الله جسم فهو شاتمٌ لله، من قال الله جسد هو شاتمٌ لله، مَنْ قال الله قاعد هو شاتمٌ لله، مَنْ قال الله جالس هو شاتمٌ لله.
هذا كلُّه من أنواعِ الكفر وهذا كفرٌ بالإجماع.
ذكرتُ لكم في الدروس السابقة عددًا من أسماء العلماء وعددًا من الكتب والمصادر لكنْ إن شاء الله مرة بعد مرة أُريكم كتابًا غير الأول في هذه القضية، لتأكيد أنه إجماع يعني ليس قول العلماء فقط أنه كفر بل هو كفرٌ وبالإجماع.
مثلًا هذا كتاب شرح عقيدة الإمام مالك الصغير أبي محمد عبدِ الله بن أبي زيد القيرواني للقاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي، من ألف سنة، هذا ليس عضوًا إداريًّا في جمعيتِنا، مات سنة 422 للهجرة، يقول هذا القاضي في كتابِه هذا فيمَنْ قال بالجسميةِ والحلول في الأماكن وإفراغ مكان ومَلء آخر وشَغل حيّز إنْ كان بالتصريح أو بما يلزَم، وفي نفس الوقت فيه إجماع وهو ردٌّ على هؤلاء الذين يقولون في الصريح لازم المذهب ليس بمذهب وخسِئوا، لأنه إذا كان صريحًا فهو مذهبٌ بالإجماع، يعني يُحاسَبونَ على ذلك ويُسجَّل عليهم، نردُّ عليهم في هذه القضية وعلى المشبهة والمجسمة أنهم كفارٌ بالإجماع.
يقول في صحيفة 28 “ولا يجوزُ أنْ يُثبَتَ له كيفية لأنّ الشرعَ لم يَرِدْ بذلك ولا أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم فيه بشىء” الكتاب والسنة والإجماع لم يرِد بذلك، يعني الآيات والأحاديث المتشابهات ليست على ظاهرِها هي مؤوّلة لأنه يقول لم يردْ في شىء من الشرع نسبة الكيفية إلى الله، يعني تكون مصروفة عن الظاهر، وقال “ولا سألَتْه الصحابة عنه ولأنّ ذلك –يعني القول بالكيفية- يرجِعُ إلى التنقل والتحوّل وإشغال الحيّز والافتقار إلى الأماكن وذلك يَؤولُ –يعني بما يلزَم- إلى التجسيم وإلى قِدَمِ الأجسام وهذا كفرٌ عند كافةِ أهلِ الإسلام”.
هذا من ألف سنة يعني كان في ذلك العصر ما زال قريبًا من زمن السلف ومن زمن الصحابة الكرام ويقول إنه إجماع، عند كافةِ أهلِ الإسلام يعني هذا المُعتمَد والمُعَوَّل عليه وبه الفتوى وهو إجماعٌ وعليه كلُّ الأمةِ الإسلامية، فمَنْ جاء بعد ذلك وقال بالجسميةِ والكيفية وبالجلوس والقعود ومَنْ جاء فنفى عنهم التكفير هو خارقٌ للإجماع مارقٌ من الدين.
فكيف يتجرأ البعض بعد هذا وذاك من النقولِ الصريحة التي فيها نقلُ الإجماع وفيها يقولون إنّ المجسم –يعني مَنْ يفهم معنى الجسم- على زعمِهم في كفرِه خلاف؟ الذي يقول الله له ولد هذا مجسّم، هل تقولون في كفرِه خلاف؟ وقد نقلتُ لكم الإجماع الذي نقلَه القاضي عياض ونقلَه عنه القرافيُّ المالكين بأنه كافرٌ بالإجماع إنْ قال الله ولد أو الله أبونا، مَنْ نسبَ لله الأبوة أو البنوة فهو كافر بإجماع الأمة، الذي يقول الله له ولد هذا مجسم فهل يقال في كفرِه خلاف؟ فهل يقال الصحيح والمُعتمَدُ عدمُ تكفيرِه؟
ونحن دائمًا دائمًا حين نقول المجسم كافر بالإجماع كلامُنا عمَّنْ يفهم معنى الجسم لا نتكلم عمّن لا يفهم معنى الجسم، فلماذا يُحاول البعض أنْ يلعبَ على الجُهلاء فيُمَوِّه عليهم ويريد أنْ يريَهم كأنه يعلّق على العلماء الأجلّاء الكبار الذين نقلوا الإجماع؟ هل يظنّ أنهم أغبياء عندما نقلوا الإجماع على كفر هؤلاء؟ هل يظنّ أنّ هؤلاء كانوا يعرفون أنهم لا يفهمون معنى الجسم؟ أم ينقلونَ تكفير المجسم بالإجماع لمَنْ يفهم معنى الجسم؟ أم هو يدّعي أنه أفهم من الشافعي عندما قال “المجسمُ كافر” أم يدعي أنه أفهم من الفقيه الحنفي علاء الدين البخاري وقد أرَيْتُكم كتابَ مُلجِمة المجسمة صحيفة 61 من الطبعة الأولى يقول “فالمجسمُ كافر إجماعًا” هل يظن هذا الأخرق الأحمق التائه الضائع ولو كان يدّعي الدكتوراه والعلّامة والمشيخة ولا أعني واحدًا بل صاروا منْ أدعياء المناصب وبعضُهم ذكر ذلك في الكتب وبعضُهم في الفضائيات وبعضُهم في مناصب رسمية وبعضُهم على المنابر، صاروا كثُر والعياذ بالله تعالى، هؤلاء يريدون أن يُبيحوا التجسيمَ والتشبيه؟ أنْ يُبيحوا مسبةَ اللهِ تعالى؟ نحن نتكلم عمّن يفهم ويعرف معنى الجسم، فلماذا هذه المحاولات العرجاء البتراء العمياء لماذا هذا التطاول والانتفاخ والتعجرف؟ لماذا؟؟؟
نحن لا نتكلّم عمّن لا يفهم ولا يعرف ولا يَعِي معنى الجسم، نتكلم عمّن يعرف معنى الجسم، هذه مسئلة إجماعية.
هذه المسئلة الأولى أكبرُ الكبائرِ على الإطلاق الكفر بأنواعِه بعد ذلك قتل النفس التي حرّم اللهُ إلا بالحق، بعد ذلك يأتي الزنا، وهذا الترتيب موجود في صحيح البخاري من حديث عبد الله قيل يا رسولَ الله أيُّ الذنوبِ أكبر؟ قال [أنْ تجعلَ لله ندًّا وهو خلقَك] يعني أنْ تشركَ بالله، يعني الكفر، يعني الكفر الأكبر الشرك الأكبر، قيل ثم أي؟ قال [أن تقتلَ ولدَك خشيةَ أنْ يَطعَمَ معك] وفي بعض الروايات [خشيةَ الفقر] قيل ثم أيّ؟ قال [أنْ تُزانيَ بحَليلةِ جارِك] هذا الترتيب في الحديث الصحيح، بعد ذلك يأتي أكلُ الربا وترك الصلاة وشرب الخمر.
هنا في كلام الرسولِ صلى الله عليه وسلم كعابدِ وثن هو للتشبيه، يعني مَن شربَ الخمرَ وواظبَ وداومَ عليها منْ حيثُ الظاهر لسوءِ حالِه لذنبِه العظيم الكبير لفسقِهِ لفجورِه صار يُشبه عابد الوثن، عباد الوثن يعكف عليه دائمًا وهذا يُدمن على الخمر دائمًا، أما منْ حيثُ التكفير فلا يُكفَّر ما دام يحرِّمُها، يعني يعتقد بأنها حرام وشربَها، هذا كالذي يزني ويقول الزنا حرام وأنا لا أستحل الزنا بل مَنْ يستحل الزنا كافر، ويذهب فيزني، هذا لا يقال له كفرتَ يقال له فجَرت فسقْتَ، أذنَبْتَ ذنبًا عظيمًا كبيرًا صرتَ ملعونًا اتقِ اللهَ وتبْ إلى الله، هذا يقال له هكذا.
أما الذي يقول الزنا حلال شرب الخمر حلال أكل الربا حلال، هذا يقال له كفرتَ تشهّد لأنك كذّبتَ القرآن كذّبتَ الرسول صلى الله عليه وسلم وكذّبتَ الإجماع، وهو يعيشُ بين المسلمين وبلغَه التحريم سمِعَ في التحريم إنْ كان في القرآن أو من الحديث أو أنّ هذا في دينِ الإسلام، أما مَنْ لم يبلُغْه بالمرة كان قريب عهد بإسلام أو كقريب عهدٍ والحالة الثالثة التي ذكرْناها حصلتْ زمنَ عمر وفي خلافتِه ومع قريب عمر، عمر كان صهر هذا الرجل كان زوجُ أختِه، هذا الرجل كان خال أولاد عمر ومع ذلك كان متأوِّلًا عمر ما كفّرَهُ ولا عثمان كفرَه ولا عليّ كفّرَه بل كان مريضًا فقالوا لا نرى أنْ تُقيمَ عليه الحد وهو مريض حتى يَبرأ لأجلِ أنْ لا يموت.
يعني قالوا لعمر بأنْ لا يعجِّل بإقامةِ الحد ولم يكَفِّروه وهذا ثابت في كتب الحديث والسيرة والتواريخ والتفسير.
إذا أحلّ الخمر أحلّ الزنا أحلّ أكلَ الربا نعم هذا الذي يكفُر لأنه يعيشُ بين المسلمين وقد بلغَه التحريم، لو كان أسلمَ منْ ساعة يعني هو قريب عهد وقبل أنْ يُسلم وهو على الكفر كان يعتقد أنّ الإسلامَ حرّم الخمرَ بلغَه، ثم بعد أنْ أسلَم قال الخمرُ ليست محرّمةً هذا يكفُر لأنه كان يعتقد أنها محرّمة في الإسلام ثم رجَع فأحلّها صار مُكذّبًا للإسلام، فيكون من الكافرين ولا يُعذَر.
ثم إطلاق الكفر على بعضِ الكبائر هذا معروف في الدين تسمية بعض الكبائر أنها كفرٌ هذا معروفٌ في القرآن في السنةِ وعند العلماء مثلًا في القرآن {ومَنْ لم يحكُمْ بما أنزلَ الله فأولئكَ هم الكافرون}[المائدة/٤٤] روى الإمام أحمد عن ابنِ عباس رضي الله عنهما في كتابِه أحكام النساء “إنه ليس بالكفرِ الذي تذهبونَ إليه ليس بالكفر الذي ينقُلُ عن الملّة إنه كفرٌ دونَ كفر” يعني كبيرة.
أما الذي يُفضّلُ الحكم بالقوانين الوضعية على القرآن أو يجعلُهُ كالقرآنِ هذا كافرٌ بإجماعِ الأمة ما فيه شك وهذه الآيات نزلَت في اليهود الذين حرّفوا حُكمَ التوراة، أما ابن عباس فسّرَها “كفرٌ دونَ كفر” يعني كبيرة، هذا فيمَن لا يستحل ولا يُفضّل على القرآنِ ولا يُساويهِ بالقرآن، إنما مع اعتقادِه التحريم حكمَ، قال عنه كفرٌ دونَ كفر ولم يُكَفّرْهُ لم يجعلْه خارجًا من الدين والإسلام.
وهناك أمثلةٌ عديدة، قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم عن تركِ الصلاةِ كفر يعني ذنبٌ عظيم يُشبهُ الكفر، وقال [لا ترجعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعضٍ] أي لا ترجعوا كالكفار لا تعملوا عملَ الكفار لا تتشبهوا بالكفار في هذا العمل، وله تفسيرٌ آخر: إنْ قتلَ الشخصُ مسلمًا لأجلِ دينِهِ هنا يكون صار خارجًا من الإسلام يعني كافر كفر أكبر لأنه قتلَه لأجلِ الإسلام يعني كراهيةً بالإسلام بُغضًا بالإسلام، لو لم يقتلْه بمجرد أنْ كرِهَ الإسلام يكفر، فكيف لو قتلَه لأجلِ الإسلام؟ يعني بغضًا بالإسلام، الذنب أعظم وأشد وأكبر مع الكفر.
تأويل ثالث للحديث: إنْ قتلَه بغيرِ حقٍّ مُستَحِلًّا لقتلِه هنا أيضًا يكفُرُ كفرًا أكبر ويخرجُ من الدينِ والملة.
أما التفسير الأول للحديث على معنى التشبيه بالكفار.
هذه التفاسير الثلاثة ذكرَها النووي وغير واحد من الحفاظ والعلماء.
فإذًا في الشرعِ وردَ الطعن في الأنساب، النياحة، كفر يعني ذنبٌ كبير.
ورد عند الحاكم في المستدرك قال صلى الله عليه وسلم [اتّقوا الرياءَ فإنه الشركُ الاصغر] سمّاه شركًا وقال أصغر لعِظَمِ هذا الذنب الكبير.
هذا معنى كلام الشيخ رحمه الله رحمة واسعة.
والحمد لله رب العالمين