الجمعة أبريل 19, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -76

الخلوة المحرّمة – المبطون – حث الشباب على اغتنام الأوقات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدِنا أبي القاسم محمد طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه ومَنْ تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين

صحيفة (205)

يقول الشيخ  جميل حليم الحسيني حفظه الله تبارك وتعالى

  

                                الخلوةُ المحرمة

 

-قال الإمام الهرري رضي الله عنه: الشريعةُ كلُّ أحكامِها حكمة لكنْ كثيرٌ من الناسِ لا يُدركونَ الحكمةَ لقُصورِ أفهامِهم.

)هنا فائدة عظيمة ومهمة وهي يجبُ الاعتقاد بأنّ اللهَ تعالى حكيمٌ عليم وأنّ اللهَ تعالى ما خلقَ شيئًا إلا لحكمة وأنه ما أنزلَ شرعًا ولا أنزلَ حكمًا إلا لحكمة.

يعني الشرع الذي كان في زمنِ آدم عليه الصلاة والسلام ونزلَ عليه لأنه نبيٌّ رسولٌ كان عندَه شريعة، فهو حكمةٌ عظيمة، وهكذا في زمنِ كلِّ رسول الأحكام التي نزلَتْ عليه أنزلَها اللهُ لحكمةٍ عظيمة.

واللهُ تعالى ما شرعَ شيئًا عبَثًا ولا خلقَ شيئًا عبثًا فاللهُ أحكمُ الحاكمين حكيمٌ عليم. فمَن اعتقدَ أنّ اللهَ لا حكمة في فعلِه ولا حكمةَ في ما يُنزلُهُ تشريعًا على أنبيائِه ورسلِه، مَن اعتقدَ أنّ هذا الشىء الذي خلقَه الله ليس فيه حكمة هذا ليس من المسلمين لأنه والعياذُ بالله يكونُ نسبَ السفهَ إلى اللهِ عز وجل، فاللهُ حكيمٌ عليمٌ ما خلقَ شيئًا إلا لحكمة وما شرعَ شيئًا إلا لحكمة ما أوجبَ شيئًا إلا لحكمة ما حرّمَ شيئًا إلا لحكمة(

-وقال رحمه الله: الشرعُ ما حرّمَ الخلوةَ بأقارب زوجِ المرأة إلا لحكمةٍ عظيمة. حصلتْ حادثةٌ في الحبشةِ غريبة، رجلٌ تاجر ترك ابنَ أخيه في البيت والزوجةُ في البيت فذهب إلى عملِه ثم عاد إلى البيت فوجدَهما على حالةٍ مُريبة، أخذَ ابنَ أخيه وفصلَ أُذُنَه بالسكين وعذّبَ زوجتَه، هو السبب الشيطان يعرف أنّ هذا الحمو وأنّ هذا غيرُ الحمو يُفرِّقُ بينَهما.

)هنا أيضًا فائدة مهمة وهي أنّ من الناس الجهال يظنون أنّ قريبَ الزوج يجوز له أنْ يختليَ بزوجةِ قريبِه، لو قلنا مثلًا أخ الزوج هذا حرامٌ عليه أنْ يصافحَ زوجة أخيه أو أنْ يختليَ بها أو أنْ تكشفَ شعرَها أمامَهُ أو أنْ يقَبِّلَها. بعضُ الناس يجهلونَ ذلك يظنونَ لأنها صارت زوجة أخيهم صار يجوز لهم هذه الأمور من التقبيل والخلوة والمصافحة وما شابه، وهذا جهلٌ بعيد لذلك ينبغي تنبيه وتحذير الناس، إلى الآن في بعض العائلات والأسَر لا سيّما في الأقضية وفي القرى والبلاد والضيَع النائية تكون زوجة الأخ عند العائلة كلهم يُقبّلون يدَها إذا كانت زوجة الكبير، يعني هؤلاء الذين يقبّلونَ يدَها هم إخوة زوجِها ليسوا محارمَ لها، يعني هي ليست عمّةً  لهم، لا هي خالة ولا هي عمة ولا هي جدة إنما هي زوجة الأخ، وهنا أيضًا في المدن الكبيرة يصافحونَها يقبِّلونَها يختَلونَ بها تكشف أمامَهم، هذا حرام ويجرّ إلى مفسدة كبيرة.

ثم هذه الحادثة التي يذكرُها الشيخُ رحمه الله والتي حصلت في بلاد الحبشة أولًا الفعل الذي حصل منْ ابن أخ الزوج مع زوجةِ عمِّه الفعل حرام الذي هو الخلوة المحرمة، لكن الزوج فعلَ فعلًا أكبر أخذ ابنَ أخيه وقطعَ له أذنَه، هذا ذنبُهُ أكبر من ابن أخيه الذي اختلى بزوجة العم، فهذا حرامٌ من الكبائر وفعل القريب مع زوجةِ عمِّه من الخلوة أيضًا حرام، ثم بهذا الفعل الشنيع البشع الكبيرة المحرّم الفسق والفجور الذي فعله العم –قطعَ  له أذنَه- صار والعياذ بالله متُسبِّبًا بهذه الفضيحة لأنّ الناس كلّما رأوْهُ سيذكرونَ هذه الحادثة يقولون هذا اختلى بزوجةِ عمِّهِ فقطعَ له عمُّه أذنَه، رأيتُم؟ هذا نتيجة الفعل المحرّم والتسرّع والغضب وهذا أيضًا حرام، ليس لأنّه اخْتلى بزوجتِه يفعل به هذا، هذا ذنبُه أكبر من مجرد الخلوة.

ثم الشيطان لو كان الإنسان مع زوجةِ أخيه أو مع زوجةِ عمِّه يوقِعُ بينَهما يعني يحرِّكُه ويحرِّكُها للحرام، يعني الشيطان لا يُراعي هذا، هو شيطان خبيث.

فلو إنسانٌ اختلى بزوجةِ أخيه أو اختلى بزوجةِ عمِّهِ الشيطان لنْ يحولَ بينهما لن يقولَ له انتبه هذه زوجة أخيك لا تقترب منها لا، سيُحرِّكُه عليها وسيدْفَعُهُ إليها وهكذا مع زوجةِ العم، حتى زوجة العم ليست محرَمًا لابن أخ الزوج، يعني هذه زوجة العم إذا طلَّقَها العم أو مات عنها ومضت العدة يستطيع ابنُ أخيه أنْ يتزوّجَها بعدَ ذلك.

كثير من العائلات اليوم يقبّلونَ زوجة العم ويصافحونَها – وهذا حرام لا يجوز(

 

-قال: فترك على ابن أخيه هذا العار الناسُ لمّا يرَوْنَهُ يقولون ما سببُ هذا يُقالُ عمُّه قطعَ أذُنَهُ لكذا.

)هذا الفعل الذي فعلَه العم وهو أكبر من الخلوة، يعني معصية العم كبيرة، بهذا الفعل وهذه العلامة التي حصلت عندَما يراهُ الناسُ سيُعيدونَ حكايةَ هذه القصة سيذكرونَ هذه الحادثة، فهذا العم هو تسببَ ببقاء وتكرارِ هذه الفضيحة أنْ تُذكَرَ دائمًا، كان عليه أنْ يَنْهاهُما عن ذلك وينصحَهُما ويُخَوِّفَهما من الله لا أنْ يفعلَ أكبر منْ فعلِهما، هذا مِنْ حماقتِه من جهلِه أو منْ غضبِه، لعلّه يعرف أنّ هذا حرام لكنْ الغضب ساقَهُ لذلك.

الواحد إذا رأى مثلًا نقطة بول على الفراش وأرادَ أنْ يُطهِّرَ الفراش لا يأتي بدلو من البول ويصبُّه على الفراش لا، هذه نقطة لا تُزال بدلو من البول، وهذه معصية لا تُزال بأكبر ولا بمعصية مثلها.

لذلك يجبُ على الإنسان الذي يُنكر المنكرات ويَنهى عنها أنْ لا يقع هو في المنكر في المعصية، لذلك الشيخ رحمه الله قال لنا “عليكم أنْ تسلكوا طريقَ المعروف عند النهيِ عن المنكر” فالواحد إذا رأى إنسانًا يعصي لا يأتي هو فيكفُر لأجلِ أنْ يَنهى عن المعصية وإذا رأى مَنْ يقع في الصغيرة لا يفعل الكبيرة  لأجلِ أْن يَنهى عن الصغيرة، وإذا رأى مَن يقع في الصغيرة لا يأتي فيقع هو في الكبائر والفواحش، وإذا رأى مَن يفعل المكروه لا يقع هو في الصغائر ليَنهى عن المكروه، إنما ينهى كما أمر الشرع(

 

-قال: كذلك المصافحةُ الشرعُ حرّمَها، مصافحةُ الأجنبيةِ للأجنبي.

)هنا الأجنبية المراد عند الفقهاء والعلماء يعني غير التي من المحارم، يعني التي يجوزُ له أنْ يتزوَّجَها ليست محرَمًا له، لا هي جدة ولا هي عمة ولا هي خالة ولا أخت ولا بنت أخ ولا بنت أخت ولا أختٌ من الرضاعة ولا خالة من الرضاعة، إنما أجنبية عليه يعني ليست محرَمًا له ويجوزُ له أنْ يتزوَّجَها، ليست الأجنبية هنا الشقراء وعيناها زرقاوان لا، ليست الفرنسية أو اليونانية أو الإسبانية أو الألمانية، إنما المقصود بالأجنبية هنا يعني ليست محرمًا وهي ممّن يجوزُ له أنْ يتزوّجَ منها.

قد تكون سوداء ليس شرطًا أنْ تكونَ بيضاء وعيناها زرقاوان لا.

وقد تكون أجنبية ولا يحلُّ له أنْ يتزوّجَها، إذا كانت مثلًا بوذية، المسلم لا يستطيع الزواجَ من بوذية، قد تكون مرتدة، هذا لا يستطيع أنْ يتزوّجها، قد تكون هندوسية سيخية قد تكون من المجسمة المشبهة وتدّعي الإسلام، في هذه الحالة لا يجوز أنْ يتزوّجَها لأنّ المسلم لا يجوز له أنْ يتزوّجَ إلا المسلمة أو اليهودية أو النصرانية، لكنْ يحرُم عليه أنْ يصافحَها، مع أنه حرامٌ عليه أنْ يتزوّجَها لكنْ لا يجوزُ له مصافحتها ولا تقبيلها ولا يجوز أنْ يختليَ بها.

لا يجوزُ له أنْ يتزوّجَ مُلحِدةً مُعَطِّلةً مُشبِّهةً مجسِّمةً، ينبغي أنْ تُفهَم هذه المسئلة(

 

-وقال: مصافحةُ الأجنبيةِ للأجنبيِّ حرّمَها لحكمة لأنّ الشخص قد تكونُ نيّتُهُ ما فيها شىءٌ من الشهوة يُصافحُ للعادة ثم بعد لمسِ اليد لليد يُحدِثُ فيه الشيطان نيّةً خبيثة فيَنْجرُّ للزنا.

مرةً قال رجل يا أستاذ (الرجل هذا قال لشيخِنا كان مُحاضرًا في جامع الإمام عليّ المسجد القديم قبل أنْ يُجَدَّد، وصل الشيخ رحمه الله بالدرس إلى ذكرِ هذه المسئلة والحكمة فيها فقام هذا الرجل وقال لشيخِنا يا أستاذ وهو اعترفَ على نفسِه…)

 

-قال يا أستاذ تصديقًا لكلامِكَ ذكرَ لي رجلٌ أنه كان يجتمعُ بامرأةٍ ويراها وما يحصُلُ له تحرّكٌ لها ثم مرةً صافحَها فانْجرَّ إلى الفاحشةِ معها لأنّ اليدَ قد تختلف يدٌ ليّنةٌ طريّة ويدٌ خشِنة وفرقٌ بين لمسِ اليدِ الخشِنة واليد الليّنة حديث [الَحَمو الموت] معناه خطرُه أعظم، أقاربُ زوجِ المرأةِ  خلوَتُهم بزوجتِه أشدُّ خطرًا من خلوةِ الغير لأنّ الناس يقولون هذا قريبُ زوجِها أخو زوجِها أو ابنُ أخِ زوجِها فلا يُفَكِّرون في أنّ هذه الخلوة فيها ما فيها فيتمكّنُ ما لا يتمكّنُ غيرُه، غيرُهُ يَخشى أنْ يُتّهَم أما هذا عند الناس لا يُتَّهَم يقولون أخُ زوجِها أو ابنُ أخِ زوجِها، الحماةُ أمّ الزوجة إنما الحَموُ بلا تاءٍ للذكور، أخ الزوجِ هو الحَمو.

ثم قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم [لا يدخلْ أحدُكم على امرأةٍ مَغيبة] أي زوجُها ليس حاضرًا بالبيت، فقال رجل “أفرأيتَ الحمو يا رسولَ الله؟ فقال الرسولُ صلى الله عليه وسلم [الحموُ الموت] أي هذا الخطرُ العظيم هذا للخلوة.

)أيضًا من الحكم العظيمة التي لأجلِها حرّم اللهُ تعالى الخلوة المحرّمة أنّ الإنسانَ بسبب هذه الخلوة قد ينجرّ إلى الزنا بهذه المرأة قد يدخل أولًا فلا يكونُ في نفسِه شىء ثم إذا قعدَ معها اخْتَلَتْ به اختلى بها الشيطانُ يُحرِّكُهما أو يحرِّكُه أو يُحرِّكُها، ثم بعد ذلك ينجرّان إلى الزنا، كيف وصلا إلى الزنا؟ بسبب الخلوة المحرّمة.

لذلك ولحكمةٍ عظيمة الشرعُ حرّمَ هذه الخلوة، وكذلك مسئلة المصافحة المحرّمة، يعني اللهُ تعالى حرّم على الرجل أنْ يصافحَ هذه المرأة التي لا تحلُّ له وحرّم على المرأة أنْ تصافحَ هذا الرجل الذي لا يحلُّ لها أنْ تصافحَه.

ثم هذه الحادثة التي حكاها الشيخ رحمه الله عن أحدِ التجار الذين كانوا في بيروت ماذا حصل له؟ كانت هذه المرأة جميلة وكانت تمرّ أمامَ دكانِه كلَّ يوم فلا يلتفت إليها ولا يتحرك إليها عندَه شىء، كان مرةً على الكرسي أمامَ دكانِه وقفَتْ فمدَّتْ يدَها فصافحَها، هو تكلّم لهذا الرجل الذي أخبر القصة، قال تحرّكتْ نفسي ثم وقعَ فيها، في الأول ما كان ينظر إليها صافحَتْهُ صافحَها ثم انجرَّ إلى الزنا بها والعياذُ بالله تعالى.

أنتم لا تقولوا هذه صغيرة، الصغيرة جرَّتْهُ إلى الوقوع في الكبيرة والخلوة تجرّ أحيانًا إلى الزنا، إذًا لحكمةٍ عظيمة الله حرّم هذه الأمور.

بعضُ السفَهاء الكفار يقولون هذه أمورٌ تافهة سخيفة كيف تتكلمون في هذا؟ هؤلاء كفار، الذي يقول عن أحكام الشريعة تافهة أو سخيفة هو التافه السخيفُ الكافر.

هؤلاء الفسَقة منهم مَنْ هو من المسلمين صاروا والعياذُ بالله تعالى كعاداتِ الكفار من مسئلة المصافحة المحرّمة إلى الخلوة المحرّمة إلى التضامّ والتلاصق إلى التقبيل المحرّم صار عادةً لهم في كلّ يوم، في الجامعات في المؤتمرات في الأسواق في الزيارات في البيوت يقبّلون يحصل بينَهم هذا التضام والتلاصق، ثم يضمُّها إليه وتضمُّهُ إليها مع المصافحة، فإذا قلتَ لهم هذا حرام لا يجوز بعضُهم يستغرب وبعضُهم يعترض عليك ويُنكرُ على إنكارِك.

فالذي يقول عن شىءٍ من أحكامِ الشريعة هو أمرٌ تافه هو التافه السخيف، الذي يسَفِّهُ ويُسَخِّفُ الشرع ويقول عن الشرع أمرٌ تافه هو كافر ليس من المسلمين.

بعضُ الناس في بيروت كانوا يعترضون على جماعةِ شيخِنا، إخوانُنا حتى الشباب الصغار لا يصافحون هذه المصافحة المحرّمة فإذا جاء الواحد أرادَ أنْ يدخلَ في المصعد الذي في البناء وكان فيه امرأة يتأخر لا يدخل، هي وحدَها وهو وحده، إذا رءاها يرجع لا يدخل هي تقول ادخل، بعضُهنّ والعياذُ بالله تقول ما فيها شىء ادخل، وبعضُهم لا يُصافح فيعترضونَ عليه أو يستهزِئونَ به.

مرةً واحدة أنا سمعْتُها كنا في مدخل بناء هي في المصعد فواحد جاء وأراد أنْ يدخلَ في المصعد فرآها فتراجع، قالت له يييي أنا الشيخ فلان –سمّتْ له شيخًا مشهورًا في البلد قالت له الشيخ فلان يطلع معي لحالي، انظروا المقياسُ عندَهم هذا المقياس الأعوج.

وأخرى قالت شو فيها طلاع أنا والدي شيخ، لا أبوها علّمَها، اللهُ أعلم بحال أبيها، قد يكونُ أبوها علّمَها وهي ما التزمَت وتفتري عليه، أما أنْ تنسُبَ إلى أبيها أنه اسْتحسنَ ذلك أو علّمَها أنّ الخلوةَ مسموحٌ بها فيكونُ جاهلًا مثلَها، هذه من جملة المصائب والجهل، إخواننا شباب صغار لا يصافحون المصافحة المحرّمة، يعني المديرة والأستاذة في المدرسة أو في مكان العمل أو عند اللقاء في الأماكن العامة تمدّ يدَها وهي ليست محرمًا له ولا زوجة وليست أمةً له فيقول لها أنا لا أصافح، تقول له ليه موضّأ؟

بعض الناس الجهال يقولون عند أبي حنيفة يجوز عن المصافحة وكذبوا على أبي حنيفة ما قال يجوز، عندهم القضية مختلفة في مسئلة نقض الوضوء، أما الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك وأحمد والشافعي وأئمة الاجتهاد المُعتبَرين كلُّهم يُحرِّمونَ هذه المصافحة لأنّ الرسولَ عليه الصلاة والسلام قال [لَأنْ يُطعَنَ أحُدكمْ بحديدةٍ في رأسهِ خيرٌ له مِنْ أنْ يمَسَّ امرأةً لا تحِلُّ له] وقال [إني لا أُصافحُ النساء]

أما هذا الحزب الفاسد حزب التحرير جماعة تقيّ الدين النبهاني، هذا الحزب الذي هو في مسئلة المشيئة والقضاء والقدر على عقيدة المعتزلة وفي الفروع لهم شذوذ وانحرافات كثيرة، ويزعُمون أنهم يسْعَونَ  لإقامةِ الخليفة ثم يقولون على زعمِهم يجوزُ عند السفر المصافحةُ والتقبيل، وهذا كذبٌ وافتراء، وهؤلاء لا عبرةَ بهم.

أيضًا كذلك هذا الدكتور المصري الذي  رأيتموه على التلفزيونات والمواقع يصافح الأميرات وبعض الشيخات وبعض الغنيات، كل هؤلاء لا قيمةَ لهم ولا عبرةَ بهم هؤلاء لا شىء، الرسولُ قال عن الكهّانِ لا شىء وهؤلاء لا شىء لأنهم يخالفون الشرع، هذه المصافحة المحرّمة لو فعلها صاحب أكبر لفة في البلد لا عبرةَ به العبرةُ بالشرع، والرسول عليه الصلاة والسلام قال [إني لا أصافحُ النساء] وكما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها إنه صلى الله عليه وسلم ما مسَّ يدَ امرأةٍ إلا امرأةً تحلُّ له.

هكذا هو الشرع، فلماذا يكذِبونَ على أبي حنيفة ويقولون عندَه يجوز، يعني أنْ يصافح، وكذبوا وافترَوا، كل علماء الاجتهادِ المُعتبَرين مع النص مع الحديث وأنّ هذا محرّمٌ لكن المسئلة في هل ينقض الوضوء أم لا ينقض الوضوء مع المعصية، هنا المسئلة.

فإذًا هؤلاء أدعياء المشيخة مَنْ بعضُهم بمنصب قاضي ومفتي وبعضُهم يطلع على الفضائيات يسمّونَه الدكتور العلّامة الفقيه ويصافحون وجماعة حزب التحرير، كلّ هؤلاء لا عبرةَ بهم وهم لا شىءَ في ميزانِ الشرع لأنّ الشرعَ هو الأصلُ وهو العبرة وليس هم الأصل.

إذًا الشرع لحكمةٍ عظيمة حرّم المصافحةَ المحرّمة والخلوة المحرّمة والتقبيل المحرّم وما شابه.

إخوانُنا صبروا، كان يُضحَكُ عليهم ويُستَهْزَأُ بهم عندما يمتنعون عن الخلوةِ المحرّمة وعن المصافحة المحرّمة،  لكن مَن التزمَ الشرع له شأنٌ عند الله لا عبرةَ بالغوْغاء لا عبرةَ بهؤلاء الهمَج لو سخِروا أو اسْتَهْزَأوا بهذا المُتلزم بالشرع المهم هو أنْ يعملَ بما يُرضِي اللهَ تعالى(

 

-قال: خلوةُ الحَموِ بزوجةِ قريبِه هذا أشدُّ خطرًا لأنّ الناس لا يتهمونَه. (تكون زوجة أخيه مثلًا أو زوجة عمّه لوحدِها في البيت يدخل يقعد ساعة عندها تشكف أمامَه تختلي به تصافحُه يصفاحُها تقبّلُهُ يقعد ملتصِقًا بها، على اعتبار أنّها زوجة أخيه، الجيران وبعض الأقارب يسكتون فيتركونَهما فيَنْجَرّانِ إلى ما تعودُ نتائجُه بالحسرة والعاقبة الوخيمة وقد حصل من ذلك مفاسد كثيرة وعظيمة).

 

-قال: لأنّ الناسَ لا يتّهمونَه فيتمكن والشيطانُ يقوى عليه.

————————————————————————–

                                              المبطون

قال الإمامُ الهرريُّ رضي الله عنه: المبطونُ يحصل فيما يسمى بطنًا، المعدةُ والكبدُ والأمعاءُ والكُليةُ تدخلُ في البطن، القلبُ لا يدخل والرئتانِ لا تدخلان، المثانةُ تدخل البروستات هي المثانة تدخل وغدةُ البروستات، القضيبُ لا يدخل حتى الجزءُ الذي في الداخلِ كلُّ ما اعتُبرَ من البطنِ مَنْ ماتَ بسببِه يُعَدُّ شهيدًا مبطونًا ليس الإسهالُ فقط والكَتمُ الكولنجُ يدخل.

)هذا الحكم يُرجَعُ فيه إلى الحديثِ الشريف، وردَ في بعضِ الأحاديث ومنها ما رواها الحافظُ السيوطيُّ في الكتابِ الذي أفردَه لأنواعِ الشهادات ذكرَ هذا الحديث [مَنْ قتلَهُ بطنُه فهو شهيد[

الشيخ رحمه الله هنا فصّلَ وذكر شيئًا من التوسّع فيما يدخل في البطن وفيما لا يدخل في البطن، والقاعدةُ في ذلك أنّ كلَّ مرضٍ كان ضمنَ البطن يعني مات الإنسان المسلم بمرضٍ في بطنِه وليس شرطًا أنْ يكونَ الإسهال وحدَه، كلّ ما  كان داخلًا في البطن تابعًا لأمراض البطن مات بسببِه المسلم فهو شهيد. والمرادُ بالشهيد هنا ليس بشهيد المعركة إنما هذا نوعٌ من أنواعِ الشهادات وقد تكلّمْنا في درسٍ سبق ذكرْنا عن أنواع الشهادات بالتفصيل لكن الآن المسئلة في أمر البطن وهو أنّ المسلمَ الذي يموتُ بسببِ مرضٍ في البطنِ لو كان فاسقًا عاصيًا من أهلِ الكبائر ومات بسبب البطن هذا لا يُعذَّب لا في القبر ولا في مواقف القيامة ولا يدخل النار، وهذا منْ فضل اللهِ وكرمِه ورحمتِه بأمةِ محمد صلى الله عليه وسلم.

فأمةُ محمد أمةٌ مرحومة قد رحمَها الله بأشياء كثيرة لا نستطيع أنْ نُحصي هذه الرحمة العظيمة وأنواع الرحمات التي رُحِمَتْ بها أمة محمد، من هذه الرحمات أنّ اللهَ جعلَ لهم أنواعًا كثيرةً من الشهادات فمَنْ مات بنوعٍ منها، ليس شرطًا فقط شهيد المعركة –وهي أعلى أنواعِ الشهادات ولها خصوصية وأمور تتميّز بها- أما باقي الشهادات مَنْ مات بشىءٍ منها لو كان قبل أنْ يموتَ فاسقًا عاصيًا من أهلِ الكبائر ومات بنوعٍ من أنواعِ الشهادات كالذي يموتُ بسبب البطن كالإسهال مثلًا وما شابه فهذا لا يعذّبُه الله لا في القبر ولا في مواقف القيامة ولا يدخلُه النار وإنما يُدخلُه الجنةَ بلا سابق عذاب، وهذا له شرط وهو الإسلام، كل أنواعِ الشهادات خاصة بالمسلم فلا يقال عن مَنْ سبّ الله ومَنْ شتمَ الله ومَنْ كفرَ بالله ومَنْ اعتقدَ اللهَ جسمًا وشكلًا وصورةً وحجمًا وكميةً لا يقال عمّن عبدَ غيرَ الله لا يقال عمّن كان على غير الإسلام لا يقال عمّن كان على كفرٍ أو دينٍ من الأديانِ الكفرية لا يقال عن هؤلاء شهداء، كل أنواع الشهادات هي خاصةٌ بالمسلم، هي من خصائص المسلم لا تُطلَق على غيرِه لأنّ العلماء كالحافظ الإمام الكبير الشهير ابن دقيق العيد رحمه الله ورضي عنه قال “إنّ الشهيد مَنْ شهِدَ اللهُ له بالجنة” أو شهدَتْ له الملائكةُ بالجنة، وهذا لا يكونُ للكافر لا يكونُ إذا غضب أو  لعِب أو مزح سبَّ الإسلام والصلاة والجنة أو أنكر الآخرة أو كذّبَ بالقضاء والقدر أو أنكرَ المشيئة أو أنكر صفةً من الصفاتِ الثلاثَ عشرة، هذا ليس من المسلمين، مَن شكّ في وجودِ الله مَنْ نسبَ العجزَ إلى الله مَنْ قال إنّ اللهَ لا يعلم هذا الشىء الذي حصل أو قال الله قاعد في السماء أو جالس على العرش، هذا ليس من المسلمين، فمَن كان على غير الإسلام لو كان بحسبِ الظاهر اجتمعت فيه هذه الصفات والأنواع من الموت لا يكونُ شهيدًا، إنما الشهيدُ خاصٌّ بالمسلم.

فهذا المسلم الذي كان عاصيًا فاسقًا كان من أهل الكبائر ثم مات بنوعٍ منْ أنواعِ الشهادات اللهُ يرحمُه ولا يعذبُه ويدخلُه الجنة بلا سابقِ عذابٍ بالمرة.

رزقني الله وإياكم أعلى أنواعِ الشهادات(

 

-قال الإمام: أنتم الآن في سنّ الشباب فاغتنموا هذه الفرصة، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [اغتنموا خمسًا قبل خمسٍ] هذا الحديثُ فيه [وشبابَك قبلَ هرمِك] الإنسانُ يعجزُ في الهرم عمّا كان يستطيعُه في شبابهِ من أعمالِ البِرّ، فمَن اغتنمَ شبابَه لا يندَمُ إذا جاءه الهرم، لكن الكسلُ داء، الشاب إذا استولى عليه الكسل فاتتْه الفرصة. الكسل استعاذَ منه الرسول صلى الله عليه وسلم، من جملة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم [أعوذُ بك من العجز والكسل].

)هنا فائدة مهمة وهي أنه رضي الله عنه يحذّر الشباب من الكسل ويوجِّهُهم إلى المزيدِ من الطاعات والعبادات وأعمالِ البر والخير التي تكونُ زيادةً في الأجر والثواب والسعادة والفرح والنعيم في الآخرة، يحثُّهم على الإكثار من الطاعات والعبادات وأنّ مَن كان في سنّ الشباب بحسب العادة يقدر على ما يقدر عليه الشيخُ الكبير العاجز الهرِم لأنّ هذه القوة التي يجعلُها اللهُ في أجسادِ العباد هي منْ جملةِ النّعم علينا لأنه صلى الله عليه وسلم قال [نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحةُ والفراغ] والشباب ورد في هذا الحديث الذي ذُكرَ الآن ورد في المستدرك من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم [اغتنمْ خمسًا قبلَ خمسٍ] وعدّ فيها شبابَك قبلَ هرمِكَ.

فإذًا هذه النعمة الصحة والشباب إن استُعمِلَت في الطاعات في العلم في الخير في خدمة الدين في صلة الرحم في قيام الليل في صيام النهار في خدمةِ المسلمين في زيارةِ المرضى في التردد إلى المساجد في صلاة الجماعة في خدمة الضعَفاء والفقراء، هذه العناوين وحدَها لو قام الإنسانُ بها كم يجمع من الأجر من الحسنات؟ فالشاب في العادة يقدر، أقول في العادة لأنّ القوة تكون حيثُ يجعلُها الله، ترى واحدًا عمرهُ سبعين سنة يصلي في الليل مائة ركعة والذي عمرُه عشرين سنة من أول الليل  يشخّر لبعد الفجر لا يستيقظ ولا يحس، همّه النوم، وذاك عجوز وكبير وربما فيه أمراض ويقوم الليل، الأولياء في الليل لهم عمل، بعض الأولياء يذكر اللهَ ثلاث ساعات  في الليل، بعضُهم في الصلاة بعضُهم في قراءةِ القرآن بعضُهم في الاستغفار بعضُهم في الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعضُهم يتنقل منْ طاعة إلى طاعة إلى طاعة، من عبادة إلى عبادة إلى عبادة، من ذكرٍ إلى ذكر إلى ذكر.

مثلًا واحد في حديقة وفيها الكثير من الورود والأزهار الجميلة الرائعة الحلوة ورائحتُها طيبة فينتقل من زهرة إلى زهرة من وردة إلى وردة يشمّ هذه ثم تلك، ويفرح بمنظر هذه ثم بتلك، هكذا بعضُ المسلمين في الليل ينَوِّعونَ الطاعات والعبادات يمكن يكون في الصلاة فإذا تعبَ يقعد فيقرأ القرآن ثم بعد قليل ينشغل بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بالتهليل ثم بالاستغفار ثم بالحوقلة وهكذا، وهذا كلُّه من قيام الليل.

أضفْ إلى ذلك الاشتغال بالعلم، يعني أنتم إذا استيقظتم في الليل وحفظْتُم المختصر والصراط هذا من قيام الليل، راجعتم كتب العلم المُعتمَدة كحفظ العقيدة الطحاوية العقيدة النسفية ومراجعة ذلك أو مراجعة حفظ القرآن، كل هذا منْ قيام الليل ليس شرطًا أنْ يكونَ فقط بالصلاة.

فأنتم أيها الشباب لا تضيّعوا هذه النعمة اغتنموا وأكثِروا العمر يمضي بسرعة.

كيف مضى هذا العمر بهذه السرعة؟ وهذا الشيب يذكّرُنا بالرحيل عن هذه الدنيا وبالموت وبالقبر ويذكرُنا باقتراب الأجل وأننا ندنو منه، فهذا الشيب الذي يغزونا وينتشر فينا علامة، اليوم تنظر إلى نفسك في المرآة لا ترى شعرة سوداء، قبل مدة كنتَ ترى شعرَك أسود لحيتُك سوداء تفرح بقوتِك بشبابكِ لكن هنا الآن الميزان، أنت زِنْ هذا العمر في أيّ شىءٍ مضى؟ سهو ولهو؟ في أي شىءٍ مضى هذا العمر؟؟

معنا هنا الآن على الصفحة كم عدد الذين يحضرون معنا؟ فوق ال400 شخص، لكن لو نظرنا الآن إلى المقاهي وملاعب الفوتبول أماكن السهرات فيها بالآلاف، وعندما يكون يوجد مباريات دولية يحضر مائة ألف إنسان يسافرون من بلد لبلد يعطلون أشغالهم ويتركون أهلهم ويضيّعون الصلوات يعيشون كالبهائم، يا ضيَعان العمر.

يا حسرةً على هؤلاء الناس الذين يضيّعونَ أعمارَهم ويقعون في الكبائر في تضييع الصلوات ويدفعون الأموال في مثل هذا.

العمر قصير وهو يسير، قدّم الأوْلى فالأولى.

علينا أنْ نعترف أننا عاجزون ضعفاء وأني قد أموت الآن والعمر انقضى، المريض إذا ما اعترف أنه مريض كيف يأخذ الدواء؟    

إذا كنتُ لا أعترف أنّ الشيبَ غزاني وأكلني كيف سأعتبر كيف سأحاسب نفسي، حاسبوا أنفسَكم قبل أنْ تحاسَبوا وزِنوا أعمالَكم قبل أنْ توزَن عليكم.

فيا إخواني اغتنموا الشباب في الخير في الطاعة في العبادة، لا تكن من الحمقى المغفلين فتقول أنا لا زلتُ شابا أريد أنْ أفرح وأتلذذ بشبابي، فيزني ويشرب خمر ويلعب قمار ويقع في المحرمات ويقول أمامنا عمر طويل غدًا نتوب، هذا عمل المغفلين الحمقى.

ألا ترونَ كم يوجد شباب في المستشفيات؟ اذهبوا إلى أقسام الأطفال كم هناك أطفال.

لا تظن نفسك ستبقى وتلحق نفسك وتتوب لعلك وأنت تزني تموت، أو وأنت تشرب الخمر تموت، أو وأنت تارك صلاة تموت، لعل عليك ألفي صلاة تركتَها ولا تقضيها يمكن اليوم تموت.

ليسمع وليعرف مَن عليهم قضاء صلوات وقضاء صيام، إذا كان قضاء بدون عذر فرضٌ عليكم على الفور أنْ تبدأوا بالقضاء وأنْ تملأوا كلّ الفراغ الذي عندكم بالقضاء ولا يكفي أنْ تصلي مع كل فرض فرض ولا يكفي أنْ تصلي مع كل فرض فرضين، هذا لا يكفي وهذا قول ضعيف، إنما الأصلُ والمُعتمَد أنْ تملأَ كلّ فراغِك بالقضاء  لأنه على الفور، أنت تركتَ واجبًا بتقصيرِك بكسلِكَ بحماقتِك بغفلتِكَ تركتَ الصلوات المفروضة، الآن تتوب وكل الفراغ الذي عندك تشغلُه بالقضاء لا تحضر التلفزيون ولا تقعد ثلاث ساعات على الأركيلة ولا على الفوتبول ولا غيره، املأ وقتك بالقضاء، هذا لمَنْ كان القضاء الذي عليه بلا عذر حرام عليه لا يجوزُ لك أنْ تقصّر أنْ تُهملَ أنْ تضيِّع هذا القضاء، هذا في ذمّتِك تُوافى يوم القيامة فتُسأل، ستُسأل يومَ القيامة عن هذا إنْ متَّ قبل أنْ تقضي.

أما الذين عليهم قضاء بعذر يعني كان نائمًا مثلًا تجمعّت عليه صلاة الصبح عشرين ثلاثين أربعين أو أكثر، أو يذهب عليه الظهر والعصر لأنه كان سهران عاللعب والتدخين ونحوه، ثم قبل دخول الفجر بعشر دقائق ينام، أيُّ عيشةٍ هذه ؟؟؟

بدل أنْ تكون من المستغفرين بالأسحار تشتغل بطاعة الله، تذهب فتنام قبل الفجر بعشر دقائق، هذا عمل المضيعين للأجر والخير والبركة والنور.

{إنّ قرآنَ الفجرِ كان مشهودًا}[الإسراء/٧٨] قراءة القرآن في صلاة الفجر تشهدُه الملائكة.

لو قلتَ لي كنتُ نائمًا والنائم مرفوع عنه القلم كما في حديث أحمد [رُفعَ القلمُ عن ثلاث وعن النائم حتى يستيقظ] ماذا عملتَ لآخرتِك وقبرِك؟ هل تعلم إنْ متّ الآن تكونُ عاصيًا لأنك أخّرْتَ ما كان بعذر إلى أنْ أدركَكَ الموت فتبيّنَ أنك كنتَ مقصِّرًا في قضائها، فتكون عاصيًا، اعرف نفسكَ، حاسب نفسك، إياك أنْ تظن أنك إنْ متَّ وما قضيتَ الصلوات التي بعذر تكون مُبرأَ الذمة، لا لستَ مبَرّأ الذمة لأنك أخّرْتَ هذا الواجب ولم تقضِه إلى أنْ وافاك الأجل، فأنت مقصّرٌ بتأخيرِك وتسويفِك وتأجيلِكَ إلى أنْ أدركك الموت، فالحقوا أنفسكَم أيها الشباب أيها الكسالى أيها المقصّرون في القضاء توبوا إلى الله إنْ كان القضاء بدون عذر، توبوا إلى الله وابكوا على أنفسكم وسارعوا إلى القضاء واملأوا الفراغ الذي عندكم بالقضاء.

وأما أنت يا مَن تركتَ لعذر كالنوم فإياكَ أنْ تترك وتؤخر إلى أنْ يُفاجئَك الموت وإلا فالقبرُ أمامكم والموتُ أمامكم والقيامةُ أمامكم والسؤال والحساب لا بدَّ منه.

أيها الشباب، أيها الأصحاء اغتنموا هذه الأوقات في طاعة الله في تحصيل العلم والعمل للآخرة وخدمة الدين ونصرة الإسلام والعقيدة والتحذير من الكفر والمنكرات والضلالات قبل أنْ يُفاجئَنا الموت فالموتُ منا قريب والربُّ علينا رقيب وجهنم قعرُها بعيد وحرُّها شديد والموتُ يعمُّنا والكفنُ يلفُّنا والقبرُ يضُمُّنا وإلى الله مرجِعُنا.

طوبى لمَنْ أرضى ربَّه قبلَ أنْ يلقاه وبنى قبرَه قبلَ أنْ يدخلَه قبورُنا تُبنى وما تُبنا يا ليتنا تبنا منْ قبلِ أنْ تُبنى.

يا ليتا تُبنا من الذنوب والمعاصي قبل أنْ تبنى قبورُنا، كم من قبرٍ يُزار وصاحبُه في النار.

والحمد لله رب العالمين