الخميس نوفمبر 21, 2024

ذكر مكيدة اليهود ورفــــع عيسى عليه السلام إلى السماء وبيان أنه لم يقتل ولم يصلـــــــــــــــــــــــــــب

 

قال الله تبارك وتعالى: {فلمَّا أحَسَّ عيسى منهُم الكُفـرَ قالَ مَنْ أنصاري إلى اللهِ قالَ الحَواريُّونَ نحنُ أنصارُ اللهِ ءامنَّا باللهِ واشهَدْ بأنَّا مُسلمـونَ* ربَّنا ءامَنَّا بما أنزَلْتَ واتَّبَعْنا الرَّسولَ فاكْتُبنا مَعَ الشَّاهدينَ* ومَكروا ومكرَ اللهُ واللهُ خيرُ الماكرينَ} [سورة ءال عمــــــــــــــران/٥٢-٥٤].

 

استمر أكثر بني إسرائيل على كفرهم وضلالهم وءامن بعيسى عليـــه السلام القليل، وكان منهم طائفة صالحة كانوا له أنصارًا وأعوانًا قامـوا بمتابعته ونصرته وإعانته على نشر دين الإسلام الحق الذي أرسلـه الله تبارك وتعالى ليدعو إليه، ولما أخذت دعوته تنتشر ويكثر أتباعــــه ومناصروه حسده اليهود وتآمروا عليه وأخذوا يدبرون مكيدة لقتلـــه والتخلص منه، فوشوا به إلى بعض ملوك الزمان وعزموا على قتلــه وصلبه فأنقذه الله تبارك وتعالى من مكيدتهم ومكرهم ورفعه إلى السماء من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد من أصحابه فأخذوه فقتلــــوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى عليه السلام وهم في ذلك غالطون، وسلـم لهم كثير من النصارى فيما ادعوه وكلا الفريقين في ذلك مخطئون، قال الله تبارك وتعالى في الرد على اليهود الذين زعموا أنهم قتلوا نبــي الله عيسى عليه السلام: {وقولِهِم إنَّا قتَلنا المسيحَ عيسى ابنَ مريمَ رسـولَ اللهِ وما قتلوهُ وما صلبوهُ ولكن شُبِّهَ لهُم وإنَّ الذينَ اختَلفوا فيهِ لفي شَكٍّ منـهُ ما لهُم بهِ مِنْ علمٍ إلا اتِّباعَ الظَّنِّ وما قتلوهُ يقينا* بل رفعهُ اللهُ إليهِ وكانَ اللهُ عزيزًا حكيمًا} [سورة النســـــــــــــــــــاء/١٥٧-١٥٨].

 

وورد في قصة رفع نبي الله عيسى عليه السلام إلى السماء أنه قبـل أن يدخل اليهود على المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام كان عليـه السلام مع اثني عشر من أصحابه وتلاميذه في بيت فقال لهم: إن منكم من يكفر بي بعد أن ءامن، ثم قال لهم: أيكم يُلقى عليه شبهي ويُقتل مكاني فيكـون رفيقي في الجنة؟ فقام شاب أحدثهم سنًا فقال: أنا، قال: اجلس، ثم أعـاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب وقال: أنا، ثم أعاد عيسى عليــه السلام مقالته فعاد الشاب الثالثة، فقال له عليه السلام: أنت هو، وألقى الله سبحانه وتعالى شبه عيسى عليه السلام على هذا الشاب، فدخل اليهــود البيت وأخذوا الشاب فقتل وصلب بعد أن رفع عيسى عليه السلام مــن روزنة في البيت – وهي نافذة في أعلى الحائط- إلى السماء وأهل البيت ينظرون. ثم افترقوا فرقًا، فرقة قالت: هو الله، وفرقة قالت: هو ابن الله، وفرقة قالت: هو عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الفرقتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسًا حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلــــــــــــــــــــــــــــم.

 

قال الله تبارك وتعالى: {ومَكروا ومكرَ اللهُ واللهُ خيرُ الماكرينَ* إذْ قـالَ اللهُ يا عيسى إنِّي مُتَوَفِّيكَ ورافعُكَ إليَّ ومُطَهِّرُكَ مِنَ الذينَ كَفروا وجاعلُ الذينَ اتَّبَعوكَ فوقَ الذينَ كفروا إلى يومِ القيامةِ ثمَّ إليَّ مَرْجِعُكُم فأحْكُــمُ بينَكُم فيما كُنتُم فيهِ تَختلِفونَ} [سورة ءال عمران/٥٤-٥٥]. ومعنى قول الله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} أي قابضك إلى السماء وأنت حيٌّ يقظان، ويجوز أن يفسـر بأن هذا من باب المقدم والمؤخر فكأن السياق إني رافعك ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك أي مميتك، فعلى هذا التفسير وهو تفسير ابن عباس يكون متوفيك معناه مميتـــــــــــــــــــــــــك.

 

وقوله تعالى: {وجاعلُ الذينَ اتَّبعوكَ فوقَ الذينَ كفروا} أي جاعل مــن اتبعك على الإسلام والتوحيد وهم من بقي بعد رفعه إلى السماء علــى الإسلام ثم بعد انقراضهم أمة محمد لأن هؤلاء هم متبعوا عيسى على ما جاء به من توحيد الله وسائر أصول العقيدة والأحكام التي اتفقت عليهـا شرائع الأنبياء فإنهم فوق الكافرين من حيث المعنى والحكم فإن من معه الحق فهو فوق غيره، وفي هذه الآية دلالة على أن أمة محمد ءاخر الأمم المسلمة أتباع الأنبياء في الإسلام والتوحيد وأنهم يبقون إلى نهاية الدنيـا.