الخميس أبريل 18, 2024

9 نجاة موسى وبني إسرائيل من الغرق

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ورضي الله عن أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وعن سائر الأولياء والصالحين.  أما بعد ففي يومِ عاشوراءَ أظهرَ اللهُ سيدَنا موسى عليه السلامُ على فرعونَ الطاغيةِ الظالمِ، وفلَقَ اللهُ لسيدِنا موسى ولبني إسرائيلَ البحر: وُلِدَ سيدُنا موسى عليه السلام في عهدِ الطاغيةِ الوليدِ بنِ مُصْعَب فرعونِ مصرَ عدوِ الله الذي اشْتُهِر بالطغيان والجَبَروتِ وادَّعى الألوهية والعياذ بالله تعالى.   نَزَلَ الْوَحْىُ عَلَى سَيِّدِنَا مُوسَى وَعَلَى أَخِيهِ هَارُونَ فَصَارَا نَبِيَّيْنِ رَسُولَيْنِ ثُمَّ أَرْسَلَهُمَا اللَّهُ إِلَى فِرْعَوْنَ لِيَدْعُوَاهُ إِلَى الإِسْلامِ، ولكن أظهر فرعون كلَ عنادٍ وتَكبرٍ بالذي جاءَه وبلّغَه إياه موسى عليه السلام مع الحُجَجِ القويةِ الباهرة واستمرَ على طُغيانِه وعِنادِه وكُفرانِه وهدد موسى بالسجن، فألقى موسى عليه السلام عَصاهُ أمامَ فرعون فإذا هي ثُعبانٌ عظيمُ الشكلِ في الضَخامةِ والهولِ والمنظرِ الفظيعِ الباهر، وأدخلَ موسى عليه السلام يدَه في جَيبِه واستخرَجَها فإذا هي كفَلقَةِ القمرِ تتلألأ نورًا يُبهِرُ الأبصار، فلما أعادَها إلى جيبِه واستخرَجَها رجَعت إلى صِفَتِها الأولى، ومعَ هذا كلِه لم يقتنِع فرعونُ بشيءٍ من ذلك وادّعى أنّ هذا كلَه سحر، وأرادَ معارضتَه بالسحرةِ فأرسلَ يجمعُهم من سائرِ مملكتِه لِيُوَاجِهُوا سَيِّدَنَا مُوسَى عليه السلام. هَؤُلاءِ السَّحَرَةُ تَحَدَّوْا سَيِّدَنَا مُوسَى وَأَلْقَوْا حِبَالًا كَانَتْ مَعَهُمْ فَتَخَيَّلَ لِبَعْضِ النَّاظِرِينَ أَنَّهَا حَيَّاتٌ فَرَمَى سَيِّدُنَا مُوسَى عَصَاهُ فَصَارَتْ حَيَّةً حَقِيقِيَّةً كَبِيرَةً بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى.   فَصَارَتْ تَبْتَلِعُ حِبَالَهُمْ فَانْهَزَمَ السَّحَرَةُ ثُمَّ ءَامَنُوا فَغَضِبَ فِرْعَوْنُ وَتَوَعَّدَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِأَنَّهُ سَيُعَذِّبُهُمْ وَيُنَكِّلُ بِهِمْ وَلَكِنَّهُمْ ثَبَتُوا عَلَى الإِسْلامِ بَعْدَ أَنْ رَأَوْا مُعْجِزَةَ سَيِّدِنَا مُوسَى فَقَتَلَهُمْ فِرْعَوْنُ فَمَاتُوا شُهَدَاءَ. ثم خَرَجَ سَيِّدُنَا مُوسَى مِنْ مِصْرَ وَمَعَهُ مَنْ ءَامَنَ بِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانُوا سِتَّمِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ وَلَحِقَ بِهِمْ فِرْعَوْنُ لِيُبِيدَهُمْ وَمَعَهُ ما يزيدُ على مِليون وسِتِمِائة ألفِ جُندي. وَلَمَّا وَصَلَ سَيِّدُنَا مُوسَى إِلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ الْبَحْرُ اثْنَىْ عَشَرَ فِرْقًا فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ وَصَارَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ أَرْضًا يَابِسَةً.    فَاجْتَازَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ الْبَحْرَ ولما وَصلَ فرعونُ رأى هذهِ المعجزةَ والآيةَ الباهِرةَ وعايَنَها، وهالَهُ هذا المنظرُ العَظيمُ حيثُ كانَ ماءُ البَحرِ قائمًا مثلَ الجبال، وتحقَقَ ما كانَ يَتَحقَقُهُ قبلَ ذلكَ مِن أنّ هذهِ الآيةَ العظيمة مِن فِعلِ وخَلقِ الله سبحانَه وتعالى، ولكنَه لم يُذعِنْ لِقيمةِ البُرهانِ العَقلي على صِدقِ موسى عليه السلام وأخَذَتهُ العزةُ بالإثمِ وأظهرَ أمامَ جنودِه التَجَلُّدَ والشجاعة، وأخذَ يُشَجِعُ جُندَهُ لاقتِحامِ البَحرِ أمامَه مِن أجلِ أن يَفوزَ هو بالنجاةِ ولكن لا رادّ لقضاءِ الله، فقد جاءَ جبريل مِنَ السماءِ فقادَ فَرسَ فرعونَ جهةَ البحر، فلما رءاهُ الجنودُ قد سلَكَ البحرَ اقتَحَموا وراءَه مُسرعين فلما أصبَحوا جميعُهم في البَحرِ، وقد همَّ أولُهم بالخروجِ منه، أمرَ الله تعالى نبيَه موسى عليه السلام أن يَضرِبَ بِعصاهُ البحرَ، فلمّا ضربَه ارتَطَمَ البحرُ عليهم كما كانَ وعادَتْ أمواجُه هائِجةً كما كانت، فهلَكوا جميعُهم بالغَرقِ ولم ينجُ منهم أحد، والله تبارك وتعالى عزيزٌ ذو انتقام. ولِيُعلم أنّ هَلاكَ فِرعونَ وجُنودِهِ في البحرِ كان في يومِ عاشوراء والله تعالى أعلم وأحكم نتوقف هنا الآن لنكلمكم في الحلقة القادمة من سلسلة عاشوراء في الإسلام عن الملك الذي أعطاه الله تعالى لسيدنا سليمان عليه السلام في العاشر من المحرّم فتابعونا وإلى اللقاء.