#77 – 2-12سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعي إلى الرَشَد وعلى آله وأصحابه أولي الفضلِ والمدد، وبعد كلامنا اليوم سيكون بإذن الله تعالى عن ذِكرِ ولادة نبيِ الله عيسى ابنِ مريمَ عبدِ اللهِ ورسولِه وبيانِ حالِ أمِه مريمَ العذراءِ البتولِ حينَ وِلادته. تقدّم أنّ مريمَ كانت تعبدُ الله وتقومُ بخدمةِ المسجد، وكانت تخرج منه في زمنِ حيضها أو لحاجة ضرورية لا بد منها، وفي ذاتِ يوم خرجت مـن محرابها الذي كانت تعبد الله تعالى فيه وسارت جِهةَ شرقيِ بيتِ المقدس وأمرَ الله تعالى الروحَ الأمين وهو جبريلُ عليه السلام أن يذهبَ إليها ليبشرَها بعيسى عليه السلام، وهناك تمثّلَ لها جبريل في صورةِ شابٍ جميلٍ أبيضِ الوجهِ، فلمّا رأته مريمُ عليها السلام لم تعرف أنه جبريل ففزِعت منه واضّطربت وخافت على نفسها منه وارتابت في أمره حيـث ظهر لها فجأة في ذلك المكان، وصارت مريم تبتعد منه ثم قالت إنِّي أعوذُ بالرحمنِ منكَ إنْ كُنتَ تقيًّا أي إن كنت تقيًّا مطيـعًا فلا تتعرض لي بسوء، لكنَّ جبريلَ عليه السلام سُرعانَ ما أزالَ عنها اضطرابَها وهدَّأ من روعها وقال لها إنَّما أنا رسولُ ربِّكِ لأهَبَ لــكِ غُلامًا زكيًّا أي أني لست ببشر ولكني ملكٌ من الملائكة أرسلني الله تعالى إليك لأهبَ لك غلامًا يكون طاهرًا نقيًا قالت أنَّى يكونُ لي غلامٌ ولم يَمسسني بشرٌ ولم أكُ بغيًّا، أي ليس لي زوجٌ ولستُ بزانية، فقد تعجبت مريمُ عليها السلام عندما بشّرها جبريل بالغلام لأنها بكرٌ غيرُ متزوجة وليست زانية فأجابها جبريلُ عن تعجُبِها بأنَّ خَلْقَ ولدٍ من غيرِ أبٍ سهلٌ هيّنٌ على الله تعالى، ولِيجعلَه علامةً للناسِ ودليلًا على كمالِ قدرته سبحانه وتعالى وليجعلَه رحمةً ونعمةً لمن اتّبعه وصدّقَه وءامنَ به. وأمرَ الله تبارك وتعالى جبريلَ عليه السلام أن ينفُخَ في مريمَ البتول روحَ عيسى المشرّفةَ عنده فنفخَ أمينُ الوحي جبريل روحَ عيسى في أعلــى جيب قميصِ مريم عليها السلام فوصلت بنفخته الروحُ من فم مريم إلـى رحِمها عليها السلام بقدرةِ الله وحَملت بتلك النفخةِ بالسيّدِ المسيحِ عليــه الصلاة والسلام، ويقالُ إنَ عُمُرَ مريمَ عليها السـلام حين حَملت بعيسى المسيحِ عليه السلام كانَ ثلاثَ عشرةَ سنة، وقدِ اختلفَ العلماءُ في مدةِ الحمل فقيل: تسعُ ساعات وقيل: ثمانيةُ أشهر، وقيل: تسعةُ أشهر، والله أعلم. وهكذا نصل إلى نهاية حلْقتِنا لهذا اليوم. مُلتقانا يتجددُ بإذنِ الله مع تِتمة قصةِ عيسى عليه السلام في الحلقةِ المقبلة فإلى اللقاء.