السبت سبتمبر 7, 2024

6 شفاء سيدنا أيوب عليه السلام ورفع البلاء عنه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ورضي الله عن أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وعن سائر الأولياء والصالحين. أم بعد ففي يوم عاشوراء كُشِفَ ضُرُّ سيدِنا أيوبَ عليه السلام.   كَانَ سَيِّدُنَا أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْبَلاءُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ الأَغْنِيَاءِ، ءَاتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الأَمْلاكَ الْوَاسِعَةَ وَالأَرَاضِىَ الْخَصْبَةَ وَالْصِّحَّةَ وَالْمَالَ وَكَثْرَةَ الأَوْلادِ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ شَاكِرًا لِأَنْعُمِ اللَّهِ تعالى.    ثم ابتلاه الله بعدَ ذلكَ في مالِه وفي ولدِه فقد ذهب مالُه وماتَ أولادُه جميعُهم، فصبرَ على ذلك صبرًا جميلًا. وفوق هذا البلاءِ الذي ابتُلِيَ به في أموالِهِ وأولادِه ابتلاهُ الله تعالى بأنواعٍ من الأمراضِ الجسيمةِ في بدنِه طيلةَ ثماني عشرةَ سنة، وهو صابرٌ محتسِبٌ يرجو الثوابَ من اللهِ تعالى، فدعا الله وابتهَلَ إليه بخشوعٍ وتضرُّعٍ، ثم خرجَ عليه الصلاة والسلام لقضاءِ حاجتِه وأمسَكَت زوجتُه بيدِه إلى مكانٍ بعيدٍ عن أعيُنِ الناس لقضاءِ حاجتِه فلما فرغَ عليه الصلاة والسلام أوحى الله تبارك وتعالى إليه فأمره أن يضرِبَ برجلِه الأرض، فامتثَل عليه الصلاة والسلام ما أمرَه الله به وأنبعَ الله تبارك وتعالى له بمشيئته وقدرتِه عَينين فشرِبَ من إحداهُما واغتسلَ من العينِ الأخرى فأذهبَ الله عنه ما كان يجدُه من المرض وتكاملت العافية وأبدلَه بعد ذلك كلِّه صحةً ظاهرةً وباطنة. وكان لنبيِ الله أيوبَ عليه الصلاةُ والسلام بَيدران بيدرٌ للقمحِ وبيدرٌ للشعير فبَعثَ الله تبارك وتعالى بقدرتِه سَحابتين، فلما كانت إحداهُما على بيدرِ القمحِ أفرغَت فيه الذهبَ حتى فاض، وأفرغَتِ السحابةُ الأخرى على بيدرِ الشعيرِ الفِضة حتى فاضَ وعمّ، وبينما كان أيوبُ عليه الصلاة والسلام يغتسِلُ خَرَّ عليه وسقطَ جرادٌ من ذهب وهذا إكرامٌ من الله تعالى لنبيِه أيوبَ عليه السلام ومعجزةٌ له، فشَرَعَ عليه السلام يجمَعُ في الثوبِ الذي كان معه استكثارًا من البركةِ و استكثارًا من الخيرِ الذي رزقَه الله إياه. وأغنى الله تبارك وتعالى عبدَه أيوب عليه السلام بالمال الكثير بعد أن كانَ قد فقد أمواله، وردَّ الله تباركَ وتعالى لأيوبَ عليه السلام أولادَه فقد قيل أحياهُمُ الله تبارك وتعالى له بأعيانِهم، وزادَه مثلَهم معَهم فضلًا منه وكرمًا سبحانه وتعالى. فإذا عُلِمَ ذلكَ تبيّنَ أنّ ما يرويه وينسِبُه بعضُ الناس إلى سيدِنا أيوب من أنه ابتُليَ في جسمِه بأمراضٍ منفّرة لا أساسَ له من الصحة، بل هو أكاذيب لا تقومُ بها الحجة. ومن هذه الأخبارِ الكاذبةِ في بلاءِ أيوب أنَّ الله سلَّطَ عليه إبليس فنفخَ عليه فأصابَه مرضُ الجذامِ الخبيث حتى صارَ الدودُ يتناثرُ من بدنِه وجسدِه ويقولُ للدودة: كُلي من رِزقِك يا مُباركة، إلى ءاخر ما يذكرُه الجاهلون وهذا لا يجوز في حق ِالأنبياء بل يستحيلُ عليهم وذلك للعِصمةِ التي عصمهُم الله بها. فهذه القصّة المفتراة تكذيبٌ للدين وكفرٌ لأنّ هذا لا يليقُ بنبيٍ من الأنبياء. واعلم رحمك الله أنّ الأنبياء لتمكّنِهم في الصبر وبلوغِهم في ذلك إلى ما لم يبلغْه غيرُهم جعل الله تعالى في الدنيا حظَّهم من البلاءِ أكثر ليتأسّى بهم أتباعُهم المؤمنون. والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم نتوقف هنا الآن لنكلمكم في الحلقة القادمة من سلسلة عاشوراء في الإسلام عن توبة قوم سيدنا يونس عليه السلام في العاشر من المحرّم فتابعونا وإلى اللقاء.