الإثنين ديسمبر 23, 2024

6 سيدنا شيث عليه الصلاة والسلام

حديثُنا اليوم إن شاء الله تعالى عن نبيِ الله شيث عليه السلام، وقد سماهُ أبوه شيثًا أي هبةَ الله. هو نبيُ اللهِ شيثٌ بنُ سيدِنا ءادم عليهما الصلاة والسلام من صُلبهِ، جعلَ اللهُ تعالى شيثًا نبيًا بعدَ موتِ سيدِنا ءادمَ عليه الصلاة والسلام، وأَنزلَ عليهِ خمسينَ صحيفةٍ، روى أبو ذرٍ الغِفاريُ رضيَ الله عنهُ عنِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: “أُنزلَ على شيثٍ خمسونَ صحيفة” رواه ابنُ حبان. قام سيدنا شيثٌ بالأمر بعد سيدنا ءادم عليه السلام وصارَ يدعو إلى طاعةِ الله وتطبيق شريعةِ الله، وقد كانَ الناسُ في زمانه على دين الإسلام يشهدون أن لا إله إلا الله شيثٌ رسولُ الله يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئًا، وأنزل الله عليه شرعًا جديدًا وهو تحريمُ زواج الأخ من أخته غيرِ التوأم بعد أن كان حلالًا في شرع أبيه ءادم. وقيل: أقام سيدنا شيثٌ بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات عن عمر تسعمائةٍ واثنتي عشرةَ سنة، وقيل إنّ شيثًا لما تُوُفِيَ دُفن مع أبويه ءادم وحواءَ عليهما السلام في غار بأبي قبيس في مكة، ويقال إنه دفن بقرب مسجد الخيف بمنى، والله تعالى أعلم وأحكم. وفي ختام هذه الحلقة يطيب لي أن أبيّن لكم وأذكرَكم أنّ دينَ الأنبياء واحدٌ وهو الإسلام وشرائعُهم مختلفة. قال الله تعالى: { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} أي أن الناس كانوا كلُهم على دين واحد وهو الإسلامُ ثم اختلفوا فبعث الله النبيين، وروى الشيخانِ وأحمدُ وابنُ حبان وغيرُهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الأنبياءُ إخوةٌ لعلات دينُهم واحدٌ وأمهاتُهم شتّى”، والمعنى أنّ الأنبياءَ كلَّهم على دينٍ واحدٍ هو دينُ الإسلام فكلُهم دعَوا إلى عبادةِ الله وحدَه وعدمِ الإشراكِ بهِ شيئًا والتصديقِ بأنبيائه، ولكن شرائِعهم مختلفةٌ أي أنّ بعضَ الأحكامِ مختلفة، ومثال ذلك أنه كان جائزًا في شرع ءادم أن يتزوج الأخ من أخته إن لم تكن توأمًا له لأنّ حواء رضي الله عنها ولدت أربعين بطنًا،كلُ مرة ذكرًا وأنثى وكان الحرامُ أن يتزوج الأخُ بأخته التي هي توأمةٌ له ثم نسخ الله تعالى هذا الحكمَ بعد موت ءادم وحرّمَ زواج الأخِ بأختهِ إن كانت توأمةً له أو لم تكن. أيضًا كان مفروضًا في شرائعِ أنبياءِ بني إسرائيل كموسى صلاتان في اليوم والليلة، وفي شرعِ نبيِنا محمدٍ عليه الصلاة والسلام خمسُ صلوات. وكان جائزًا في شرع سيدِنا يعقوب عليه السلام أن يجمعَ الرجلُ في الزواج بين المرأةِ وأختِها وهو محرّمٌ في شرع محمد صلى الله عليه وسلم، وكان جائزًا في الشرائع القديمة أن يسجد المسلمُ للمسلمِ للتحيةِ وهو محرّمٌ في شرعنا. ومما اتفقَ عليه المسلمون أنّ الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة وبعدَها، وكذلك معصومون من كبائرِ الذنوبِ كالزنى وأكلِ الربا وغيرِ ذلك، وأمّا الذنوبُ الصغيرةُ فما كان من صغائر الخسة والدناءة فهم معصومون منها قبل النبوة وبعدَها. وأما الصغائر التي هي غيرُ صغائرِ الخسةِ تجوزُ في حقهم كالمعصية التي حصلت من ءادم عليه السلام قال تعالى: {وَعَصَى ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}، ولكنهم يُنبَّهون فورًا فيتوبون قبل أن يقتديَ بهم فيها غيرُهم، وهذا هو القولُ الصواب. وبهذا نكون انتهينا من الكلام عن نبي الله شيث وسيكون حديثنا في الحلقة المقبلة إن شاء الله تعالى عن نبي الله إدريس.