الأربعاء ديسمبر 4, 2024

(20) تَكَلَّمْ عَنْ فَضْلِ الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ وَعَنْ يَوْمِ عَرَفَةَ.

        اعْلَمْ أَنَّ الْعَشْرَ الأُوَلَ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ لَهَا فَضْلٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ وَقَوْلِهِ ﷺ مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِى الْحِجَّةِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ فِى غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ ﷺ مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ فِيهِنَّ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ رَوَاهُ الْحَافِظُ الطَّبَرَانِىُّ فَيَنْبَغِى الإِكْثَارُ فِيهَا مِنَ الطَّاعَاتِ كَالصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ وَالذِّكْرِ. أَمَّا يَوْمُ عَرَفَةَ فَهُوَ يَوْمُ التَّاسِعِ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ أَفْضَلُ الأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ. وَهُوَ يَوْمُ عِيدٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾. وَيَوْمُ عَرَفَةَ يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْغُسْلُ قَالَ سَيِّدُنَا عَلِىٌّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ. وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ يَوْمٌ يَغْفِرُ اللَّهُ فِيهِ الذُّنُوبَ وَيُعْتِقُ مِنَ النَّارِ مَنْ شَاءَ لِقَوْلِهِ ﷺ مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَصِيَامُهُ سُنَّةٌ لِغَيْرِ الْحَاجِّ وَسَبَبٌ لِتَكْفِيرِ ذُنُوبِ عَامَيْنِ لِقَوْلِهِ ﷺ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. أَمَّا مَنْ كَانَ فِى الحَجِّ فَلا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ فِى العِبَادَاتِ وَالصِّيَامُ قَدْ يُضْعِفُهُ عَنْ ذَلِكَ. وَإِذَا صَامَتِ الْمَرْأَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَكَانَ عَلَيْهَا قَضَاءُ أَيَّامٍ فَاتَتْهَا بِعُذْرٍ فَلَهَا ثَوَابٌ. وَلا يَجْمَعُ الشَّخْصُ بَيْنَ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَصَوْمِ الْقَضَاءِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ. وَالدُّعَاءُ فِى يَوْمِ عَرَفَةَ لَيْسَ كَالدُّعَاءِ فِى غَيْرِهِ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِىِّ خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. لِذَلِكَ يَنْبَغِى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِى عَمَلِ الْخَيْرِ فِى هَذَا الْيَوْمِ وَأَنْ يَحْرِصَ عَلَى صِيَامِهِ وَأَنْ يُكْثِرَ فِيهِ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ فَعَنْ سَيِّدِنَا عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَقَدْ أَحْدَثَ الْعُلَمَاءُ فِى الْمَاضِى بِدْعَةً حَسَنَةً فَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِى الْمَسَاجِدِ فِى يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا بِنِيَّةِ أَنْ يَكْسِبُوا أَجْرًا بِعَمَلٍ شَبِيهٍ بِعَمَلِ الْحُجَّاجِ فِى عَرَفَاتٍ.