#13 2-2 سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام
بعد أن عقر قوم صالح عليه السلام الناقة التي حذرهم نبيُهم من التعرض لها واستمروا على عنادهم وتكبرهم وعبادة الأصنام، أَنْذَرَهُمْ صَالِحٌ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلامُ بِالْعَذَابِ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ورغم هذا لم يتوبوا، بل استمروا على باطلهم وظنوا وعيدَهُ كذبًا وتحذيرَه بُهتانًا وقالوا له: تشاءمنا بك وبمن معك، ثم إنهم اتفقوا على قتله وأهلِه وتآمروا على ذلك وتحالفوا فيما بينهم وتبايعوا على هذه المؤامرة وأن يغتالوه ليلًا، ولكن الله تبارك وتعالى أنقذ نبيه من كيدهم وتآمرهم فأرسل على أولئك النَّفر الذين قصدوا قتله حجارة أهلكتهم تعجيلًا قبل قومهم وردَّ كيدَهم في نحورهم. وبعد إنذار سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام لقومه الذين كذَّبوا بالعذاب الذي يأتيهم بعد أن يتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام، أصبحوا يومَ الخميس وهو اليومُ الأول من أيام الإمهال ووجوههم مُصفرة، فلما دخل المساء نادوا ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم أصبحوا في اليوم الثاني وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة، فلما دخل المساء نادوا ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم أصبحوا في اليوم الثالث وهو يوم السبت ووجوههم مُسودة فلما دخل المساء نادوا ألا قد مضى الأجل، فلما كان صبيحة يوم الأحد تأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا سيحل بهم من العذاب والنَّكال والنقمة ولا يدرون كيف يُفعل بهم ولا من أيّ جهة يأتيهِمُ العذاب. فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقِهم ورَجْفَةٌ من تحتهم ففاضت أرواح هؤلاء الكافرين وزُهِقت نفوسهم، وأصبح هؤلاء الكافرون في ديارهم جاثمين جثثًا هامدة لا أرواح فيها. وقيل إنّ قوم صالح عليه الصلاة والسلام لما أصبحوا في اليوم الرابع وهو يوم الأحد وارتفعت الشمس ولم يأتهم العذاب ظنوا أنّ الله قد رحمهم فخرجوا من قبورهم التي كانوا قد دخلوا فيه وصار يدعو بعضهم بعضًا، ثم نزل جبريل فوق المدينة فسدّ ضوء الشمس، فلما عاينوه دخلوا قبورهم فصاح بهم صيحة كالصاعقة فتقطعت قلوبهم في صدورهم وماتوا وتزلزلت بيوتهم فوقعت على قبورهم. ويقال إنّ صالحًا عليه السلام انتقل بعد ذلك إلى الشام فنزل فلسطين ثم انتقل إلى مكة المكرّمة فأقام بها يعبد الله تعالى حتى مات. والله أعلم وأحكم.