#10 1-2 سيدنا هود عليه الصلاة والسلام
بعد أن نجّى الله تبارك وتعالى نبيَّهُ نوحًا ومن معه في السفينة وأغرق الذين كذّبوه من قومه بالطوفان العظيم الذي عمَّ جميع الأرض، نزل الذين ءامنوا من السفينة يعبدون الله تعالى وحده ويَعْمُرون الأرض، وكثُرتِ الذرية من أولاد نوح الثلاثة سام وحام ويافث الذين كانوا على دين الإسلام، وكانوا يعبدون الله تعالى وحده ولا يُشركون به شيئًا. ثم بعد أن طال الزمن وعاد الفساد والجهل وانتشر في الأرض ورجَع بعض الناس إلى الإشراك بالله وعبادة غير الله، بعث الله تبارك وتعالى هودًا عليه السلام إلى قبيلة عاد. وذُكر هود عليه الصلاة والسلام في القرءان الكريم سبعَ مرات. وسيدنا هود عليه السلام هو عربي في أصله وقبيلة عاد قبيلةٌ عربية كانت باليمن، وكانت منازلُهم ومساكنُهم وجماعتُهم أرض الأحقاف، والأحقاف هي الرمْل فيما بين عُمان وحضرموت من أرض اليمن بأرض يقال لها الشِّحِر، وقيل كانوا ثلاثَ عشرة قبيلة وظلموا وقهروا العباد بسببِ قوتهم التي ءاتاهم الله تعالى إيّاها، فقد زادهم الله في الخِلقة والقوة، وبسط لهم في أجسادهم وعِظامهم فكانوا طِوالًا في أجسامهم وقَوامِهم، حتى قيل كان أطولهم مائةَ ذراع وأقصرُهم ستين ذراعًا، وكانوا أصحاب أوثان وأصنام يعبدونها من دون الله. وأعطى الله تبارك وتعالى قبيلة عادٍ نِعَمًا كثيرة وافرة وخيراتٍ جليلة، فقد كانت بلادهم ذات مياه وفيرة فزرعوا الأراضي وأنشأوا البساتين وأشادوا القصورَ الشامخة العالية، إضافةً لما منحهمُ الله تعالى فوق ذلك من بَسْطة في أجسادهم وقوةٍ في أبدانهم لكنهم كانوا غيرَ شاكرين لله على نعمه، فاتخذوا من دون الله ءالهة وعبدوا الأصنام وصاروا يخضَعون لها ويتذللونَ ويقصِدونها عند الشدة، فكانوا أولَ الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان العظيم الذي عمَّ الأرض وأهلكَ الكافرين الذين كانوا عليها، فبعث الله تبارك وتعالى إليهم نبيه هودًا عليه السلام ، فدعاهم إلى دين الإسلام العظيم وعبادة الله تعالى وحده وتركِ عبادة الأصنام التي لا تَضُر ولا تنفع، وأن يُوحدوا الله الذي خلقهم ولا يجعلوا معه إلهًا غيرَه، وأن ينتهوا ويكفوا عن الظلم والبغي والفساد بين الناس، ولكنهم عاندوا وتكبروا وكذّبوا نبي الله هودًا عليه الصلاة والسلام، وءامن به واتّبعه أناسٌ قليلون كانوا يكتُمون إيمانَهم خوفًا من بطش وظلم قومِهم الكافرين المشركين.