الثلاثاء يناير 28, 2025

1 1-5 سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام

سيدُنا ءادمُ عليه السلام هو أبو البشر وأولُ إنسان. وكان خلقُه عليه السلام في الجنةِ ءاخرَ ساعةٍ من يومِ الجمعةِ من الأيامِ الستِ التي خلقَ الله فيها السمواتِ والأرضَ كما جاءَ في حديثِ مسلم، وروى مسلمٌ وغيرُه أيضًا عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: “خيرُ يومٍ طلَعَت فيه الشمسُ يومُ الجمعة فيه خُلِقَ ءادم”. أمّا كيف خُلِقَ ءادم عليه الصلاة والسلام، فالجواب: شاءَ الله سبحانه وتعالى بمشيئته الأزليةِ التي لا تتبدلُ ولا تتغيرُ وجودَ ءادمَ عليه السلام فأبرَزهُ بقدرتِه من العدمِ إلى الوجود. فقد أمرَ الله تعالى مَلكًا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواعِ ترابِ الأرضِ من أبيضِها وأسودِها وما بين ذلك، ومن سهلِها وحَزْنها أي قاسيها وما بينَ ذلك، ومِن طيّبِها ورديئها ومما هو بينَ ذلك. قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله قبضَ قبضةً من الأرضِ من أبيضِها وأسودِها وما بينَ ذلك، ومن طيّبها ورديئها وما بينَ ذلك فجاءَ ذريّةُ ءادمَ على قدرِ ذلك” رواه ابنُ حبانَ وغيرُه، وعند أحمد “فجاءَ بنو ءادمَ على قدرِ الأرض، فجاء منهمُ الأبيضُ والأحمرُ والأسودُ وبينَ ذلك، والسهلُ والحَزْنُ وبينَ ذلك، والخبيثُ والطيّبُ وبين ذلك”. يعني جاءت أحوالُ وألوانُ ذُريةِ ءادمَ عليه السلام مختلفةً بسببِ هذا الترابِ المختلفِ الذي خُلقَ منهُ ءادمُ عليه الصلاة والسلام. وقيل سُمِيَ ءادمُ بهذا الاسمِ لأنه من أديمِ الأرض أي من وجهِ الأرض. واعلموا رحمكم الله أنّ معنى قولِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم “إنّ الله خلقَ ءادمَ على صورته”، يجوزُ أن يكونَ معنى هذا الحديثِ: “إنَّ الله خلق ءادم على صورته” أي على صورةِ ءادمَ الأصلية التي خلقه الله عليها طولُه سِتون ذراعًا وعرضُه سبعةُ أذرُعٍ فيكونُ الضميرُ في “صورته” عائدًا إلى ءادمَ عليه السلام، ويجوز أن يكون الضميرُ في “صورتِه” عائدًا إلى الله فيكونُ التقديرُ على الصورةِ التي خلقَها الله تعالى وجعلَها مُشرّفةً مكرّمةً، وتُسمّى هذه الإضافةُ إضافةَ الْمِلك والتشريفِ لا إضافةَ الجزئيةِ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يوصفُ بالجسميةِ والجزئيةِ فليس هو جسمًا كبيرًا ولا صغيرًا ولا أصلًا لشيء ولا هو فرعًا عن شيء ولا يتحيّز في جهة ومكان سبحانه، هو الله الموجودُ بلا مكان الذي لا يشبه شيئًا من المخلوقات سبحانه وتعالى.