الخميس مارس 28, 2024

2 2-5 سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام

نكملُ اليومَ الكلامَ عن نبيِ الله ءادم عليه السلام وعن الخِلقةِ التي خُلق عليها. خلقَ الله سيدَنا ءادمَ عليه السلام جميلَ الشكل والصورة وحسنَ الصوتِ لأنّ جميعَ أنبياءِ الله الذين بعثَهمُ الله تعالى لهدايةِ الناسِ كانوا على صورةٍ جميلةٍ وشكلٍ حسنٍ وكذلكَ كانوا جميلي الصوتِ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “ما بعثَ الله نبيًا إلا حسنَ الوجهِ حسنَ الصوتِ وإنّ نبيَكم أحسنُهم وجهًا وأحسنُهم صوتًا”. ولقد كانَ طولُ سيدِنا ءادمَ عليه الصلاة والسلام سِتينَ ذراعًا، وكان وافِرَ الشعَرِ شبّهَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الطولِ بالنخلةِ السَّحوقِ، فلما خلقهُ الله تعالى قال: اذهب فسلم على أولئك – نفرٍ من الملائكة جلوس- فاستمِع ما يُحَيُّونكَ فإنها تحيتُك وتحيةُ ذُريتِك، فقالَ: السلامُ عليكم، فقالوا: السلامُ عليكَ ورحمةُ الله، فزادوهُ: ورحمةُ الله. وكلُّ مَن يدخُلُ الجنةَ يكونُ على صورةِ ءادمَ في الطولِ فقد وردَ في مسندِ الإمام أحمد بإسنادٍ حسنٍ عن أبي هريرةَ عن النبيِ صلى الله عليه وسلم أنّ أهلَ الجنةِ يدخلون الجنةَ على خَلْقِ ءادم ستين ذراعًا في عرضِ سبعةِ أذرع. و روى الإمامُ أحمدُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الله عزّ وجلّ لما صوّرَ ءادم تركَهُ ما شاءَ الله أن يترُكَهُ فجعلَ إبليسُ يُطيفُ به فلما رءاهُ أجوفَ عرفَ أنه خلقٌ لا يتمالك”، وعند أبي يعلى: “فكان إبليسُ يمرُ به فيقول: لقد خُلِقتَ لأمرٍ عظيم”. ففي هذا الحديثِ الصحيحِ دليلٌ على أنَّ إبليسَ كانَ في الجنة لما خُلِقَ ءادمُ وذلكَ قبلَ أن يكفرَ ولأنه كان مسلمًا يتعبدُ مع الملائكة ولم يكن منهم من حيثُ الجنسُ والأصلُ لأنَّ الملائكةَ أصلُهمُ النور وإبليسُ أصلُه من مارجٍ من نار أي لهيبِ النار، وفيه أنَّ إبليسَ كان يدورُ حولَ هَيكلِ ءادم وذلك قبلَ أن يُنفَخَ فيه الروحُ فرءاهُ أجوفَ أي شيئًا غيرَ مُصمَتٍ بل له جوف، فعَرفَ أنه خلقٌ لا يتمالكُ أي ليسَ كالملائكةِ ولا كالجماداتِ بل هو أضعفُ من ذلك. ومن الكذبِ الظاهرِ ما شاعَ من نظريةٍ ابتدعَها بعضُ الكفارِ وهي أنّ أصلَ البشِر قردٌ أو يُشبه القردَ وهذا فيه تكذيبٌ لقولِه تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} فسيدُنا ءادمُ عليه الصلاة والسلام هو أولُ إنسانٍ خلقَه الله تعالى، ولم يكن أصلُه قردًا ثم تَرقّى حتى صار إنسانًا! فنظريةُ داروين التي تقول إنّ الإنسانَ أصلُه قردُ ثم ترقّى بسببِ العواملِ المجهولةِ حتى صارَ هذا الإنسان، هي نظريةٌ باطلةٌ لا تقومُ على أساسٍ علميٍ وتردُها دلائلُ النقلِ وإن تلقَّفَها الْمَفتونونَ بكلِ جديدٍ ولو كان سخيفًا باطــلًا. وما جاءَ في القرءانِ من مَسخِ بعضِ اليهودِ قِردةً وخَنازير فهو حالةٌ نادرةٌ جعلَها الله تبارك وتعالى عذابًا لليهودِ الذينَ اعتدَوا في السبتِ وعصَوا الله تبارك وتعالى وموعظةً وعبرةً للمتقين، على أنَّ أولئك الذينَ مسخَهم الله تعالى قردةً لم يعيشوا طويلًا بل عاشوا ثلاثةَ أيام ثم ماتوا ولم يتركوا نَسلًا من جِنسِ ما مُسخوا إليه. وبهذا نصل إلى نهاية حلقتنا لهذا اليوم على أن نكلمكم في الحلقة القادمة إن شاء الله عن خلق السيدةِ حوّاء عليها السلام فتابعونا وإلى اللقاء.