قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَدِينُ اللَّهِ فِى الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَاحِدٌ وَهُوَ دِينُ الإِسْلامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/19] وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [سُورَةَ الْمَائِدَة/3] وَهُوَ بَيْنَ الْغُلُوِّ وَالتَّقْصِيرِ وَبَيْنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ.
الشَّرْحُ أَىْ أَنَّ الْمَلائِكَةَ يَدِينُونَ بِالإِسْلامِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ يَدِينُونَ بِالإِسْلامِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/19] أَىْ أَنَّ الدِّينَ الصَّحِيحَ الْمَقْبُولَ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الإِسْلامُ وَمَا سِوَاهُ مِنَ الأَدْيَانِ بَاطِلٌ وَفِى هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْبَشَرِ كَانَ عَلَى الإِسْلامِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ دِينٌ غَيْرُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/213] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِى مُسْنَدِهِ وَغَيْرُهُ.
أَمَّا الْغُلُوُّ فَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ الْمَجْعُولِ لِلْعِبَادِ فِى الدِّينِ أَمَّا التَّقْصِيرُ فَهُوَ تَرْكُ الْوُصُولِ إِلَى حَدِّ الْمَأْمُورِ وَأَمَّا التَّشْبِيهُ فَهُوَ تَشْبِيهُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَأَمَّا التَّعْطِيلُ فَهُوَ نَفْىُ وُجُودِ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ مَذْمُومٌ وَبَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ.