هذا الكتاب للشيخ الشريف نبيل الشريف حفظه الله ورحم والديه
اعْلَمْ أَخِى الْمُسْلِم أَنَّ عِلْمَ الدِّينِ هُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ عِلْمُ الدِّينِ حَيَاةُ الإِسْلامِ مَنْ أَهْمَلَهُ كَانَ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَمَنْ تَعَلَّمَهُ وَعَمِلَ بِهِ كَانَ مِنَ النَّاجِينَ وَهُوَ أَفْضَلُ مَا تُقْضَى بِهِ نَفَائِسُ الأَوْقَاتِ فَالرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ الَّذِى هُوَ أَعْلَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ بِطَلَبِ الِازْدِيَادِ مِنَ الْعِلْمِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ بِطَلَبِ الِازْدِيَادِ مِنْ شَىْءٍ إِلَّا مِنَ الْعِلْمِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَأْنِ الْعِلْمِ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ طَه ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِى عِلْمًا﴾ أَىْ قُلْ يَا مُحَمَّدُ رَبِّ زِدْنِى عِلْمًا.
ثُمَّ الْعَبْدُ يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَلْ تَعَلَّمَ عِلْمَ الدِّينِ الَّذِى فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَمَنْ تَعَلَّمَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وَعَمِلَ بِهِ سَعِدَ وَنَجَا أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ أَوْ أَهْمَلَ الْعَمَلَ بَعْدَ أَنْ تَعَلَّمَ فَهَذَا خَسِرَ وَخَابَ وَهَلَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (أَىْ لا يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْقِفِ الْحِسَابِ) حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَ أَبْلاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ. فَمَنْ أَفْنَى عُمُرَهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ وَأَبْلَى جَسَدَهُ فِيمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَحَفِظَهُ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ حَلالٍ وَصَرَفَهُ فِى الْحَلالِ وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ فَهُوَ مِنَ الْفَائِزِينَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فَهَنِيئًا لِمَنْ تَعَلَّمَ عِلْمَ الدِّينِ وَعَمِلَ بِهِ وَعَلَّمَهُ لِغَيْرِهِ فَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا مَزْرَعَةً لِلآخِرَةِ فَمَنْ زَرَعَ فِيهَا مَا يَنْفَعُهُ فِى الآخِرَةِ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فَمَزْرَعَتُهُ صَارَتْ خَيْرًا لَهُ وَنَجَاةً وَفَوْزًا فِى الآخِرَةِ وَقَدْ قَالَ سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ مَنْ تَعَلَّمَ وَعَلَّمَ وَعَمِلَ بِمَا تَعَلَّمَ فَذَلِكَ يُدْعَى عَظِيمًا فِى مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ أَىْ يُثْنَى عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَلائِكَةِ بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَيُحِبُّونَهُ مَحَبَّةً عَظِيمَةً. فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ عَقِيدَةً وَعَمَلًا فَالْيَوْمَ كَثُرَ الْمُخَالِفُونَ وَالْمُنْحَرِفُونَ عَنْ سُنَّةِ الرَّسُولِ أَىْ شَرِيعَتِهِ الْعَقِيدَةِ وَالأَحْكَامِ. هَذَا الزَّمَنُ زَمَانُ غُرْبَةِ الإِسْلامِ كَمَا قَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ مَعْنَاهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ بَعْدِى مِنْ سُنَّتِى، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ.