السبت سبتمبر 7, 2024

مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (65)

 

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم حفظه الله تعالى

قال الشيخ الإمام الهرري رحمه الله رحمة واسعة ورضي عنه: الفَهمُ خيرُ ما يُعطاه الإنسانُ مَنْ أُعطيَ الفَهمَ الصحيح فهو على خيرٍ عظيم أما مَنْ حُرِمَ الفَهم الصحيح فلا ينفعُه شىء لو حفِظَ ألفَ مجلدٍ.

ابنُ تيمية كان يحفظُ آلافًا مؤلّفةً من الحديث ومع هذا اللهُ ما رزقَه الفَهم كان يعتقدُ أنّ اللهَ جسمٌ بقدرِ العرش.

)الآن يتكلم الشيخ رحمه الله في هذه الفائدة وفي هذه النصيحة ويبيّن أهمية الفهم الصحيح، يقول “خيرُ ما يُعطاه الإنسان” ما معنى هذه العبارة؟

أحيانًا يُطلق عبارة خير ويُرادُ منها “من خيرِ ما يُعطاه الإنسان” كحديثِ [إنّكم لتغفلونَ عنْ أفضلِ العبادةِ التواضع] يعني من أفضل العبادة وهذا معروفٌ عند علماء اللغة وعلماء الفقهِ والأصول، ثم هنا لا يريد الشيخ رحمه الله أنّ مجرد أنْ يكونَ الإنسان فاهمًا في الأمورِ الدنيوية لا، لماذا قال إنّ الفهم الصحيح السليم خيرُ ما يُؤتاه الإنسان؟ لأنّه يوصلُه إلى الإيمان إنْ لم يكن مؤمنًا أو إنْ كان مؤمنًا ليثبُتَ على الإيمان، هذا الفهم الصحيح يوصلُهُ للثباتِ على الإيمان إلى الممات، فقال “خيرُ ما يُؤتاه الإنسان” لأنه هو الذي يُحرّك الإنسان لفهمِ العقائد والإيمان وهو السبب في فهم ومعرفة هذه العقائد مع الاعتقاد الجازمِ الذي لا يُخالطُه شكٌّ ولا ريب.

فإذًا بالفَهمِ السليم الصحيح الإنسان يعرف كيف يثبت على الإيمان وكيف يتجنب الكفريات، بالفهم السليم إذا سمعَ الأدلة والبراهين والآيات يقتنع يسلّم فينْصاع للحقّ وللهدى، كالذين فتح اللهُ على قلوبهِم عندما سمعوا من الأنبياء فهِموا أنه الحق فآمنوا، هذا سببُه الفهم السليم، اللهُ فتح على قلوبِهم فصارَ عندهم هذا الفهم الذي ساقَهم أوصلَهم إلى أنْ يتّبعوا الأنبياء، لذلك قال “إنّ الفهم السليم خيرُ ما يُؤتاه الإنسان” معناه الذي يقترن بالإيمان بالطاعات بالعبادات بملازمةِ الواجبات باجتنابِ المحرّمات، عن هذا، ليس مجرّدَ أنْ يكونَ الإنسانُ فاهمًا بالهندسة، ليس مجرّدَ أنْ يكونَ الإنسانُ فاهمًا في الطب أو في التجارةِ مثلًا، لا، لأنّ الكثير من الكفار تجدونَهم في أمورِ الدنيا عندهم ذكاء عجيب يتفنّنونَ في الغرائب والعجائب.

مثلًا هؤلاء الذين صنعوا الطائرات والباخرات والقمر الاصطناعي وهذا الفاكس أول ما ظهر والهاتف والإنترفون والتلفون ثم هذا الإنترنت والكومبيوتر وهذه الأجهزة ومواقع التواصل وما يتْبع، هذه الأمور أليست من الأمور الغريبة؟ لكنها ليست معجزات وليست كرامات لأنّ الإنسان قد يعمل في المقابل أقوى منها إنما هؤلاء الناس بهذه القضايا كان عندهم فهمٌ واسع فتوصّلوا إلى صناعتِها، لكنْ هل فهِموا الإسلام؟ هل فهِموا القرآن؟ – وهنا نتكلم عن غير المسلمين – أما المسلم فهو مسلم قلبُه منوّر بالإيمان واكتشف أو صنع العجائب والغرائب وهذا يكون استفاد مع الإيمان والإسلام فائدةَ شىءٍ يخدِمُ به الناس، أما هؤلاء مهما خدموا الناس ومهما أراحوهم لكنْ مَنْ لم يؤمن منهم مَنْ لم يفهم الإسلام منهم، مَنْ لم يفهم القرآنَ منهم مَنْ لم يتّبع النبيّ صلى الله عليه وسلم منهم ذكاؤه هذا في قضايا الدنيا ماذا يكون عملَ له إذا كانت نهايتُه إلى النار؟ للعذاب؟ إذا كانت نهايتُه وخيمة في الجحيمِ إلى أبدِ الآبدين إنْ مات على الكفر من المكلفين؟

فإذًا هذا لمْ يؤْتَ الفَهم السليم الصحيح الذي يكون مع الإيمان مع اتّباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فلأجلِ هذا القيد قال عنه الشيخ “خيرُ ما يؤتاه الإنسانُ” يعني مع الإيمان مع الفهم مع الإسلام مع اتّباعِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.

أما لو أنّ الإنسان فُتِحَ عليه مِنْ حيثُ الذكاء في القضايا الدنيوية وعمل العجائب فأدهش الناس في هذه القضايا كل هذا لا يكون له ذرة ثواب عليه ولا أجرٌ ولا حسنة لأنه على غير الإسلام.

فمِنْ هنا ينبغي أنْ نميّز ونعرف ما هو الفهم الصحيح السليم ولماذا قال عنه الشيخ رحمه الله “هو خيرُ ما يعطاهُ الإنسان” لأنه مع الإيمان وفهمِ الإسلام والقرآن(

 

الفهمُ خيرُ ما يُعطاه الإنسان مَنْ أُعطيَ الفهمَ الصحيح فهو على خيرٍ عظيم.

 

)لأنه بهذا الفهم الصحيح يعرف كيف يلتزم كيف يتّبع الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرف كيف يتجنّب الدعوات المشبوهة والإشاعات المكذّبة للإسلام والعقائد الكفرية والشعارات المكذّبة للدين والأنبياء، كل هذا يحذرُهُ يتجنّب كل هذه المفاسد يبتعد عن كل هذه الفتن ويهرب من كل هذا الضرر بالفهم الصحيح السليم الذي أُعطيَه هذا الإنسان، فلذلك الذي يُؤتى الفهم السليم هو على خيرٍ عظيم، أما مَنْ شذّ مَن انحرف مَنْ زاغَ مَنْ بدّلَ مَنْ كذّب الدين لو كان عرِفَ الذكاء هذا ما عاد له قيمة بالمرة لأنّ الأصل الذي يجعل الإنسان له قيمة هو الإسلام، هو الإيمان بالله ورسولِه.

الله قال عن الكفار {أولئك هم شرُّ البلية}[البينة/٦] يعني لو كانوا أذكياء في الدنيا هذا لا ينفعُهم ولا يأتي لهم بالحسنات. أليس فيهم أذكياء بأمور الدنيا وبعمارة الدنيا وبالعلوم العصرية والكونية التي هي صحيحة ونافعة؟ بلى، ولا نتكلم عن النظريات الكاسدة الفاسدة المخَرّفة أو التي أصحابها مخرّفون فتلك ليست علمًا، لأنّ العلم الذي ينفع والذي يوصلُ الإنسانَ إلى النجاة والخير وإلى التأييد هذا هو العلم النافع، أما ما خالف القرآن وعارضَ الإسلام فليس علمًا نافعًا.

والعلمُ عندَنا، عند أهلِ الإسلام، القرآن يأتينا بالحقائق يعطينا الوقائع والأشياء الصحيحة الثابتة التي يستحيل أنْ يتطرأ إلى خبرِ القرآن الكذب أو التناقض أو التعارض.

أما هؤلاء يعيشون على النظريات لأنهم لمْ يُعطَوا الفهم السليم الصحيح. مَنْ كان منْ أهل الدنيا واكتشف وعملَ وصنع لكنه على غير الإسلام هذا في المعنى لا قيمةَ له عند الله وليس له أجر، الله عز وجل يقول في الكفار {إنّ شرّ الدوآبِّ عند اللهِ الذين كفروا فهم  لا يؤمنون}[الأنفال/٥٥] واللهُ عالمٌ في الأزل أنّ منهم مَنْ سيخرج بأمور يكتشفُها في الدنيا أو لأمورٍ تُعتبَر من الذكاء في الدنيا لكنْ في الميزان الشرعي وفي الحقيقة ويوم القيامة وفي حكمِ الشرع والقرآن لا معنى لهم لأنهم كما أخبر القرآن {يعلمونَ ظاهرًا من الحياة الدنيا}[الروم/٧] هؤلاء إذا كفروا بالله وبالرسول وبالآخرة مجرد الذكاء الدنيوي لا ينفعُهم، بل هؤلاء يكونون في النارِ إذا ماتوا على الكفر.

فإذًا من الذي يكون على خير عظيم؟ مَنْ أُعطيَ الفهم السليم، ثم إنّ الفهمَ السليم منْ خيرِ الصفاتِ التي يُعطاها ويؤتاها الإنسان(

 

قال رحمه الله: أما مَنْ حُرِمَ الفهم السليم فلا ينفعُهُ شىء.

)اللهُ تعالى طمسَ على قلبِه أعمى قلبَ هذا الإنسان الذي لم يُعطَ الفهم الصحيح والذي حُرِمَ الفهم السليم، هنا لا ينفعُه شىء.

كم في الأمم السابقة من أناسٍ رأوا الأنبياء ورأوا المعجزات والخوارق وفهِموا وعرَفوا أنّ الأنبياءَ كسروهم بالمعجزات وأنهم عجَزوا عن الإتيانِ بمِثلِها مع هذا لم يؤمنوا، تمادَوا في تكذيب الأنبياء، مع هذا تجاسروا على تكذيب الإسلام ومحاربة الأنبياء والكيدِ لهم بل وعلى قتلِهم، فهذا الفهم السىء والقلب الأعمى انظروا إلى أين أوصلَه – ابن تيمية –

وفي المقابل بسبب الفهم السليم لو نظرتُم في السير في المشاهير من شعراء العرب ومن صناديدِهم وزعمائهم وأمرائِهم ووجَهائِهم وفرسانِهم الذين لهم شهرة واسعة بين العرب كيف عندما سمعوا آية أو آيات أو سورة من القرآن أو سمعوا كلام النبي أو رأوا المعجزات كيف أنهم أسلموا وآمنوا وتركوا كل ما كانوا فيه من عزّة وشهرةِ الدنيا لأنهم فهموا أنهم بالإسلام سيجمعون الدنيا والآخرة بالربح، أما لو بقُوا على الكفر وكانوا في الدنيا من الظاهرين بين أقوامِهم وضُرِبَت عليهم الذّلة والهوان فماذا ينفعُهم بعد ذلك وفي الآخرة في النار؟

فهموا أنهم بالإسلام يربحون الدنيا والآخرة ينالون الجنة والسعادة الأبدية في الجنة بالإسلام وأنهم ينجُونَ من الخلودِ المؤبّدِ في النار هذا سببُه الفهم السليم الصحيح.

ثم الآن نرجع إلى المثال الذي ضربَه الشيخ رحمه الله ابن تيمية يقول “ابن تيمية لم يكن ممّن أوتيَ الفهم السليم” بل كان فهمُه سقيمًا وعقلُه ضعيفًا وقلبُهُ مطموسًا عليه مع كونِه قويَّ الحافظة

كان يحفظ الآلاف من الأحاديث عنْ ظهرِ قلب لكنْ مجرّد الحفظ مع القلب الأعمى والعقل السقيم والفهم المريض الضعيف السىء فمجرد الحفظ للألفاظ ماذا يفعل له؟

أليس من الناس حتى من غير المسلمين يحفظونَ سورًا من القرآن، بل بلغني أنّ أحدَ الرهبان من غير المسلمين يحفظ القرآن عن ظهرِ قلب لكنْ ماذا ينفعُه؟

أليس قال سيّدنا أنس بن مالك خادم الرسول صلى الله عليه وسلم “ربَّ تالٍ  للقرآنِ والقرآنُ يلعنُه” هذا دليلٌ واضحٌ صريحٌ على أنّ مجردَ الحفظِ وحدَه منْ غيرِ إيمان وتصديق واعتقاد وفَهم سليم لا ينفع.

وهناك مَنْ يدّعي الإسلام ويحفظ القرآن كلّه عن ظهر قلب كهؤلاء المشبهة المجسمة منهم مَنْ يحفظ القرآن لكنْ يكذّبونَه بالمعنى وأحيانًا بالتصريحِ باللسان حيثُ قالوا الله جالس على العرش وقالوا الله جسم وقالوا الله يتحرك يسكن تحلُّ فيه الحوادث، هؤلاء لو حفظوا القرآن ولو عملوا صورةَ الصلاةِ والصيام لا يصح منهم ولا تُقبل، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم [أبَى اللهُ – يعني الله لا يقبل – أنْ يقبلَ عمَلَ ذي بدعةٍ حتى يدعَ بدعتَه] يعني البدعة الاعتقادية الكفرية كالتشبيه والتجسيم والحلول والاتحاد والاعتزال والتكذيب بالقدر، كل هؤلاء الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عنهم لا ينفعهم ولا يصح منهم ولا يُقبَل حتى يتركوا ما هم عليه من الكفر ويعتقدوا الإسلام ويتشهدوا.

فإذا بعض هؤلاء المشبهة اليوم وصوتُه جميل وبعض الناس عندما يسمعونَهم يبكون لكنْ هؤلاء كالإنسان الذي يقول الأشياء في معابد المشركين فيَبكون، وهذا الذي صوتُه جميلٌ يُبكي الناس وهو مُشبّهٌ مجسم لا ينفعُه بل صوتُه يكونُ وبالًا عليه في القيامة والقرآنُ خصمُهُ ويلعنُهُ يوم القيامة والقرءانُ يكذِّبُه لأنّ اللهَ يقول {ليس كمثلِهِ شىء}[الشورى/١١] وهو يدّعي الإسلام ويحفظ القرءان ويقرأ بلسانِه ليس كمثله شىء لكنْ يعتقد في قلبِه أنّ اللهَ جسم أو جسد أو شكل أو حجم أو صورة أو ضوء أو غيم أو ماء، أو أنّ اللهَ كتلة نورانية وقبضَ قبضةً منْ نورِ وجهِهِ فقالَ لها كوني محمدًا فكانت محمدًا، هذا جعل اللهَ يتجزّأ.

سيدُنا الحسين بن علي رضي الله عنهما قال “ولا نُبعِّضُه” قال كلمات في تنزيه الله رواها عنه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة الإمام الحسين رضي الله عنه، قال “ولا نبعِّضُه” لأنه ليس جسمًا مركَّبًا يقبل التجزُّء والانقسام لذلك قال لا نبعضُه، لأنّ الجسمَ المتركّب من جوهرينِ فأكثر يقبَل التبعيض والتجزّء والله ليس جسمًا لا من نوعِ الجوهر الفرد ولا من الحجم اللطيف الذي كالهواء والغيم والروح والظل والرائحة، الله لا منْ هذا القبيل ولا منْ قبيل الأجسام الكثيفة كالإنسان والشجر والحجر والأرض والجبل والسماء والعرش والجنة والكعبة هذا كلّه يقال له أجرامٌ كثيفة، يعني تُضبَط باليد، وأما الهواء والضوء والظلام هذا من قبيل الأحجام اللطيفة التي لا تُضبط باليد، الله لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل لأنه هو الذي خلقَ الكل أي الأحجام بأشكالِها والمخلوقات بأنواعِها.

اللهُ قال في القرآن {الحمد لله الذي خلق السمواتِ والأرض}[الأنعام/١] أحجامٌ كثيفة {وجعلَ الظلماتِ والنور}[الأنعام/١] أحجامٌ لطيفة.

الله عز وجل ليس كشىء من هؤلاء، الله ما قال ليس كمثله الماء ما قال ليس كمثله الإنسان ما قال ليس كمثله النبات ما قال ليس الجن ما قال ليس كمثله الملائكة، ما قال ليس كمثله الشمس ما قال ليس كمثله القمر، بل أطلقَ قال {ليس كمثلهِ شىء}[الشورى/١١] يعني على الإطلاق لا الأشياء التي نعرفُها ولا الأشياء التي نجهلُها، لا الأشياء التي رأيناها ولا الأشياء التي تغيب عنا، بالمرة الله لا يشبه شيئًا منها كما أخبر.

فهؤلاء المجسمة المشبهة يقرأونَ الآية بألسنتِهم ويُكذّبونَها في قلوبِهم وأحيانًا يصرِّحونَ يقولون قاعد جالس يتغير تحل فيه المخلوقات والحوادث، فهؤلاء القرآن يلعنُهم.

ثم عندنا مثالٌ ثالث وهم الخوارج الذين كانوا يقرأونَ القرآنَ صورةً ويقومون الليل صورةً ويصومونَ كثيرًا صورةً ويحفظونَ القرآن، قال الرسول عليه الصلاة والسلام عنهم [يخرجُ قومٌ حُدَثاءُ الأسنان سفهاءُ الأحلام يقولون منْ قولِ خيرِ البرية يقرؤونَ القرآنَ لا يُجاوزُ تراقيَهم يَمرقونَ من الإسلام مروقَ السهمِ من الرميّة ثم لا يعودونَ فيه لئِنْ أدرَكْتُهم لأقْتُلَنَّهم قتلَ عاد إنْ مرضوا فلا تعودوهم وإنْ ماتوا فلا تشهدوا جنائزَهم] وفي روايةٍ [قتل ثمود]

* يعني فقط بألسنتهِم لا يصل إلى قلوبِهم، في لفظٍ ءاخر [لا يجاوزُ حناجرَهم]

كل هذا عند البخاري وشىء عند البيهقي وشىء عند مسلم مجموعُه في الخوارج، انظروا بالأوصاف التي وصفهم إياها، ثم قال عنهم [هم شرُّ الخلقِ والخليقة] هم أبغضُ الخلقِ إلى الله، بل وقال لبعض الصحابة [يَحقِرُ أحدكم صلاتَه إلى صلاتِهم وصيامَهُ إلى صيامِهم]

**يحقرُ هنا من القلة ليس الصحابيُّ يُحقِّرُ الصلاة الصحابي لا يُحقِّر الصلاة إنما يَحقِر يعني يراها قليلةً بالنسبة لكثير صورِ أعمالِ الخوارج لكنْ مع صور الأعمال والعبادات الكثيرة سمعتم الآن ماذا قال عنهم الرسول، قال [هم شر الخَلقِ والخليقة] [هم أبغضُ الخلقِ إلى الله] قال [هم يمرُقونَ من الإسلام مروقَ السهمِ من الرميةِ ثم لا يعودونَ فيه] هذا مع كونِهم يحفظون القرآن ويقومون الليل، فمُجرّد حفظ الألفاظ القرآن أو الحديث مع التشبيه مع التجسيم مع تكذيب القرآن مع تكذيب الرسول مع تكذيب الإسلام مجرد هذا الحفظ لا ينفع ولا يوصِل إلى النجاة ولا إلى الأمان ولا يُنجي من الكفر كالأمثلة الثلاثة التي ضربتُها لكم الآن عن المعلنين للكفر الذين يحفظون القرآن عن أدعياء الإسلام كالمشبهة وعن الخوارج، كل هؤلاء تكلّمْنا عنهم ومنهم مَنْ يحفظ الأحاديث ومنهم من يحفظ القرءان لكنْ حُرموا الفهم السليم الله ما رزقهم الفهم السليم بل عقولُهم سقيمة ومعكوسة وقلوبُهم منكوسة(

قال الشيخ: ابنُ تيمية كان يحفظ آلافَ مؤلّفةً من الحديث ومع هذا اللهُ ما رزقَه الفهم.

)كيف يكونُ فاهمًا فهمًا صحيحًا إذا كان يقول الله بذاتِه حقيقةً على العرش كما في كتابِه المسمى شرح حديث النزول، ثم يقول حقيقةً ينزلُ إلى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش، مع أنّ السماء الدنيا حجمٌ صغيرٌ بالنسبةِ للعرش، فإذا كان اللهُ حقيقةً بزعمِهِ في العرش ثم تدلّى وتضائل وصغُرَ إلى أنْ وصلَ إلى السماء الدنيا الصغيرة بالنسبة للعرش، يقول ومع هذا فلا يفرُغُ منه العرش ويكون بذاتِه في السماء الدنيا ويكون حقيقةً في العرش ولا يصير العرش فوقَه.

شىءٌ عجيب وغريب، تناقض في سطرين ثلاثة هذا في كتابه شرح حديث النزول، يمكن الأعور الدجال إذا أحد ذكر أمامَه هذا الكلام لعله كان يضحك – من باب الممكن – ويمكن لو كان أبو جهل وأبو لهب وعقبة بن أبي مُعيط وفلان وفلان وفرعون وقارون وهامان يمكن لو سمعوا هذه الأقوال من أقوال ابن تيمية ربما كانوا ضحكوا عليه وربما كانوا اتهموه بالجنون والتخريف، وهو في الواقع هذا المعنى تخريف لكنْ انظروا مع كثرة المحفوظات إلى أين وصل به الفهم السىِّء السقيم إلى التفنن في التشبيه والتفنن في الكفر والضلال والتجسيم، إلى التفنن في تكذيب القرآن.

تصوّروا يقول الله أبوكم في السماء، اللهُ يقول {لم يلد ولم يولَد}[الإخلاص/٣] تقول لي أين يقول الله أبونا أقول لك بعدد من كتبِه: بيان تلبيس الجهمية، وبكتابه المسمى شرح حديث النزول ص:217 طبعة دار العاصمة سنة93 يقول أبوكم الذي في السماء يغفر لكم.

يعني ما الفرق بينه وبين الحاخامات؟

وفي كتابه المسمى بيان تلبيس الجهمية أكثر من هذا القول يقول: الله وزنُه ثقيل فإذا أراد حملةُ العرش أنْ يحملوه وهو فوق العرش من ثِقَلِ الجبار فوقهم جَثَوا على ركبِهم فلُقِّنوا لا حول ولا قوة إلا بالله فاستقلّوا به، قاموا، فلو شاء لاستقر- يعني من الملاصقة والقعود والالتصاق والاستقرار والمُماسة – على ظهر بعوضة فتحمِلُه وتطيرُ به حيثُ يشاء.

يعني على زعمِه البعوضةُ تلعبُ به وتأخذه وتجىءُ به هل هذا يقوله مسلم؟ هل هذا يقوله عاقل؟ أنا ما بلغني أنّ الحاخامات قالوا ذلك، قد يكونوا قالوه، لكنْ ما بلغني أنّهم قالوا ما قاله ابن تيمية في هذه القضية، أما في نسبة الأبوّة والبُنوة قالوا فهو أخوهم في ذلك وافقَهم قال وأبوكم الذي في السماء يغفر لكم.

ثم يقول: “ومثلُ هذا من الشواهد كثير يقول به الكتاب ” يعني يستشهد بهذا الكفر الصريح ثم المعلّق الخبيث الوهابي المجسم الأحمق يقول في الحاشية “هذا في الإنجيل الصحيح” أين رأيت الإنجيل الصحيح يا حاخام لتقول هذا؟ أعندكم على زعمكم؟ أليس الله يقول في سورة البقرة {فويلٌ للذين يكتبون الكتابَ بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا فويلٌ لهم ممّا كتبَتْ أيديهم وويلٌ لهم ممّا يكسِبون}[البقرة/٧٩] وأنتم داخلون في وعيد هذه الآية لأنكم صدّقتهم هذا التشبيه والتجسيم والكفر وقبِلتُمْ به وروّجْتُموه وطبَعْتُبوه وقلتم هذا من الإنجيل الأصلي، ألا تستحونَ من الله؟ ألا تستحونَ من عيسى؟ عيسى النبي الرسول الكريم المسلم المؤمن هل سيقول عن الله له ولد؟ أليس الله قال {لم يلد ولم يولَد}[الإخلاص/٣] وهل العقائد يدخلُها النسخ يا جهال؟

أنتم جهال في العقيدة في الأصول في أصول الفقه في الفقه في الدين في اللغة في التفسير في الحديث، العقيدة لا يدخلُها النسخ إذا كان الأخبار لا يدخلُها النسخ كما قال ابنُ النحاس، التواريخ لا يدخلها النسخ فكيف العقيدة؟ اللهُ يقول {لم يلد ولم يولد}[الإخلاص/٣] وأنت تقول في الإنجيل الصحيح على زعمِكم أبونا الذي في السموات؟ يعني أنتم حاخامات بلباس مشايخ، هذا هو فهمُكم لأجلِ هذا ضرب بكم الشيخ مثلًا رحمه الله(

قال الشيخ: كان يحفظُ آلافًا مؤلّفة من الحديث ومع هذا اللهُ ما رزقَهُ الفهم كان يعتقد أنّ اللهَ جسمٌ بقدرِ العرش

)لأنه يقول في بعض كتبِه إنّ اللهَ سبحانه وتعالى من جهةِ فوق بقدر العرش وفي بعض المواضع يقول من الجهات الخمس إلا من أسفل، وفي عدد من كتبِه كمجموعِ الفتاوى وشرح ما يسمى حديث النزول، والفتاوى، يُثبتُ التجسيم والقعود والجلوس وحلول الحوادث في ذات الله ويقول إنّ اللهَ لم يتقدّم جنس العالم في الوجود، يعني يقول الله ليس أزليًّا، بل العالم شريكٌ له في الأزلية.

ابن تيمية مجسم مشبّه بنصِّ كتبِه وبنصّ العلماء الذين كانوا في عصرِه والذين كتبوا وألّفوا في ذلك ومنهم الفقيه العلّامة الإمام أبو بكر تقي الدين الحصني الشافعي في كتابِه دفع شبَه مَنْ شبّه وتمرّدَ ونسبَ ذلك إلى الإمام السيد المُبجّل أحمد في النسخة القديمة مطبعة المكتبة الأزهرية في القاهرة بتعليقات المحدّث الشيخ محمد بن حسن زاهر الكوثري، والشيخ تقي الدين الحصني كان في القرن الثامن الهجري يعني نفس القرن الذي مات فيه ابن تيمية، والأحداث كانت ما زالت قريبة، يقول في هذا الكتاب الذي ذكرتُه لكم بعدما يحكي إثبات قضاة المذاهب الأربعة على ابنِ تيمية وبخطوط ابن تيمية وبالشهود الذين اجتمعوا قال بعد ذلك “فصار كفرُهُ مُجمَعًا عليه”

إذا استعظمتم هذه العبارة واستفظعْتُم اجلبوا الكتاب، الكتاب بيني وبينَكم صحيفة 48 من النسخة التي ذكرتُها.

بل ماذا قال الكوثري الشيخ المحدّث تعليقًا على هذه العبارة في الحاشية “فلينظرْ ذلك المغرورونَ به”

إذًا هذه الفقرة اليوم شرحْناها من كلام شيخِنا عن الفهم الصحيح وأنّ سوء الفهم بلية من البلايا وتكلّمْنا بما يتعلق بذلك باختصار ولا أريد أنْ أطيل أكثر…

والحمد لله رب العالمين