الثلاثاء أبريل 16, 2024

مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول”  رقم (64)

 

الأشاعرة والماتريدية أهل السنة والجماعة

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني حفظه الله تعالى

 )نحن الدرس السابق في موضوع الأشاعرة والماتريدية قرأنا الحديث ثم بيّنا مَن رواه ومعناه وسرَدنا الأدلة القرآنية والحديثية على فضل الأشاعرة والماتريدية وأنهم هم أهلُ الحقّ والخير والعلم والفضل وهم مَجموع هذه الأمة والفئة المنصورة والفرقة الناجية الذين قال فيهم الرسول إلا واحدة، وذكرْنا ماذا قال الفقيه الحافظ محمد مرتضى الزبيدي “وحيثُ أُطلقَ أهلُ السنةِ والجماعةِ فالمرادُ بهم الأشاعرةُ والماتريدية(

قال الشيخ رحمه الله: الرسول عليه السلام أوحى اللهُ إليه أنه سيحصُلُ اختلافٌ في العقيدةِ في أمتِه (هنا يعني في أمةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم)، [إنّ هذه الأمة ستفترقُ على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً كلُّهم في النار إلا واحدةً وهي الجماعة] هذه الواحدة التي عقيدتُها مقبولةٌ عند الله التي توصلُ إلى الجنة هي فرقةٌ واحدة وهي الفرقةُ التي بقيَت على ما كان عليه الصحابةُ لأنّ الصحابةَ كانوا كلُّهم على عقيدةٍ واحدة ما كان بينَهم اختلافٌ في العقيدةِ وهذه الفرقةُ هي الأكثر، أولئكَ تعدّدت أسماؤُهم مع هذا هذه الفرقة الواحدة (يعني الناجية التي مدحَها الرسول صلى الله عليه وسلم التي هي السواد الأعظم، التي هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم أو يقال لهم أهل السنة والجماعة، وكما قلتُ لكم في الدرس السابق المتعلق بهذا الموضوع في القرن الرابع الهجري تجدّدَ لهم هذا الاسم الأشاعرة والماتريدية وهذا اسمٌ لأهلِ السنة والجماعة وليس لعقيدةٍ جديدةٍ حدثَتْ حاشى، فهذه الفرقةُ الناجية التي مدَحَها الرسولُ صلى الله عليه وسلم وقال عنها إنها الجماعة والحمدُ لله على ذلك، يعني لو وصلْنا إلى كثرةِ تعدّدِ أسماء تلك الفرق الخبيثة والشاذة والمُنحرفة والضالة مع كثرةِ تعدّدِها وأسمائِها أمة محمد يعني الفئة الناجية، أهل السنة والجماعة السواد الأعظم، يعني الأشاعرة والماتريدية هم مِنْ حيثُ العدد بفضلِ الله ومنِّهِ وجودِه وكرمِه وإحسانِه هم الأكثر منْ حيثُ العدد وهم الفئة المنصورة ولله الحمد على ذلك إلى يومِنا)

أهلُ السنةِ هم أكثرُ الأمةِ ولم يبقَ منهم أي الاثنين والسبعينَ فرقة إلا نحو أربعِ فرقٍ هذه الفرقةُ الواحدة (يعني هذه الأربع فرق الشاذة التي أصولُها ترجِع إلى فرق مضَتْ وكانت في التاريخ لكنْ الآن لا يتسَمَّوْنَ بأسماءِ تلك الفرق المُنحرِفة، مثلًا بعضُ الناس اليوم بعض الفرق والجماعات والجمعيات المؤسسات الأحزاب أدعياء المشيخة، بعض مَنْ يدّعي الإسلام يعتقدونَ عقيدةَ المعتزلة في المشيئة لكنْ لا يُسَمّونَ أنفسَهم معتزلة، هؤلاء في المعنى والحكم تابعونَ للقدرية المعتزلة الذين قال فيهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم [إنّ لكلِّ أمةٍ مجوس ومجوسُ هذه الأمة الذين يقولون لا قدر] في المعنى وفي الحكم هم تابعون للقدرية المعتزلة وإنْ كانوا لا يسمّونَ أنفُسَهم قدرية أو معتزلة.

فرقة ثانية مثلًا مشبهة مجسمة يقولون والعياذُ باللهِ تعالى بأنّ اللهَ جسم وجسد وقاعد وجالس ومُترَكِّب منْ أجزاء مُجتمِعة لكنْ لا يرضَوْن أنْ يقالَ عنهم مشبّهة لا يرضَوْنَ أنْ يقالَ عنهم مجسمة مع أنهم في الحكمِ والمعنى هم مشبهة مجسمة، فلا تنخدع بهم لأنّك قد تجتمع ببعضهِم وهذا حصل فيقول نحنُ نُكفِّر المشبهة هكذا يقولون للتمويهِ على الناس، فيُقال لهم إذا كنتم كما تزعمون أنكم تُكفِّرونَ المشبهة والمجسّمة فلماذا تقولونَ بأقوالِهم؟ يقولون لا إنما نحن نحمِل الآيات والأحاديث المُتشابهات على ظواهِرِها، ماذا تكون فعلتَ إذا حملتَ الآيات والأحاديث المتشابهة على ظاهرِها هذا عينُ التشبيه وعينُ التجسيم، أنتم انتبهوا لحيَلِهم لتمويهاتِهم.

فهؤلاء اليوم يُسمّونَ أنفسَهم السلفية والسلفُ الصالح هم أهلُ السنة والجماعة، هم مَنْ كانوا في العقيدة والأحكام على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهم الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم [خيرُ القرونِ قرني ثم الذين يلونَهم ثم الذين يلُونَهم ثم يَفشو الكذب] رواه الترمذي والحافظ ابن حجر العسقلاني وعدد من الحفّاظ.

إخواني وأخواتي، في هذا الحديث بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ مَنْ كان في القرونِ الثلاثة الأولى الذين يُقال لهم السلف هؤلاء منْ حيثُ الإجمال أفضل ممّنْ يأتي بعدَهم، لأنّ الرسولَ قال [ثم يفشو الكذب] لكنْ إذا أردْنا أنْ نفصّل أنْ نتوسّعَ في المعنى فهناك شىء أثبَتَه القرآن لا نستطيع أنْ نخرجَ عنه ولا أنْ نُعرِض عنه وهو نصٌّ صريحٌ قطعيٌّ لا يُحتاج فيه للكلام ولا للرأي ولا للمناظرة، وأثبتَه القرآن ولا نستطيع أنْ نتغاضاه نتعدّاه هو ما قاله اللهُ في القرآنِ الكريم {إنّ أكرَمَكم عند اللهِ أتقاكم}[الحجرات/١٣]

فالتفصيلُ والتوسّع أنّ التقيّ دائمًا هو أفضل منْ غيرِ التقي والفاسق لا يكون بمرتبةِ التقيّ.

مَنْ كان مِنْ حيثُ الزمن والتاريخ منْ أهلِ القرونِ الثلاثة الأولى الفاضلة مِنْ حيثُ الإجمال كان في هذه القرون الثلاثة هو منْ حيثُ الزمن والتاريخ فيهم لكنْ منْ حيثُ السلوك والعمل والالتزام هو فاسقٌ ليس تقيًّا كأنْ كان مثلًا خرجَ على أمير المؤمنين عليّ فقاتلَه وسبَّهُ وحاربَه وحرّضَ على قتلِه وعلى قتالِه، هذا لو كان في زمنِ الصحابة وفي الصدر الأول هذا لا يكونُ تقيًّا.

يعني هذا الذي قتل عمار بن ياسر مثلًا، عمار من أولياء الصحابة وهو الذي قال فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم [مُلىءَ إيمانًا مِنْ قرنِه إلى مُشاشِه]

*إلى مُشاشِهِ: يعني إلى رءوسِ عظامِ جسدِه

هذا عمار بن ياسر، رضي الله عنه وعن أبويه قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم [الجنةُ تشتاقُ لثلاث عليّ وعمار وبلال]

عمار بن ياسر رضي الله عنه وعنْ أبويه قال فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم [وَيحُ عمار تقتلُه الفئة الباغية يدعوهم إلى الله]  كأنه يقول واحزْناه على عمار يا أسفي على عمار يُقتَل مظلومًا وتقتلُه الفئةُ الباغية، وكان في صفّ أمير المؤمنين عليّ يعني أنّ عليًّا ومَنْ معه في حربِهم هذه كانوا يدْعونَ إلى الله.

بل وفي روايةٍ قال الرسول [يدعوهم إلى الجنة ويدعونَه إلى النار].

وأيضًا مِنْ فضائلِ عمار أنه هو أحد السبعة الأوائل الذين أسلموا ويوجَد غير هذه الكثير ماذا يقال فيمَنْ قتلَه؟ هل يقال فيه مأجور؟ هل يقال اجتهد فأخطأ؟ أعوذ بالله.

أبو الغادية صحابيٌّ وكان في حجةِ الوداع، وأثبت الحافظ ابن حجر العسقلاني أنّ أبا الغادية من الصحابة، وغير العسقلاني عددٌ ممّنْ ألّف في ترجمةِ الصحابة وترجمة الرجال وفي السيَر أثبتوا أنه صحابي وإنْ حاولَ البعض أنْ يقولَ هو ليس صحابيًا، عمار بن ياسر صحابيٌّ بلا شك وأبو الغادية صحابي كما أثبتَ ذلك عددٌ من الحفاظ والمؤرخين، أبو الغادية سمع الرسول في حجةِ الرسول عليه الصلاة والسلام يقول [لا ترجِعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضَكم رقابَ بعضٍ] ثم والعياذ بالله لم يلتزم لما حصلَ ما حصل في معركةِ صفين وفي خروجِ الذين خرجوا على عليّ كان من المحاربين للصحابة الذين هم مع الخليفة الراشد مع أمير المؤمنين الذي يدخلُ تحتَ قولِ الله تعالى {أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمرِ منكم}[النساء/٥٩]

في تلك المعركة وفي ذلك الوقت كان الخليفة عليّ رضي الله عنه – والخليفة تجب طاعتُه – وعمار كان كبيرًا تجاوزَ الثمانين وكان شيخًا ويحمل اللواء في صفين ويدُه ترتجف وهو في جيش علي، قتلَه أبو الغادية الصحابي، فهل يقال في أبي الغادية أنه أفضل من التقيّ الصالح في عصرِنا هذا؟ هل يقال في أبي الغادية أنه أفضل من الحسن البصري؟ هل يقال فيه أنه أفضل من الغوث الرفاعي؟ هل يقال فيه أنّه أفضل من المجتهد محمد بن سيرين أو من مولانا أويس القرني؟ هل يقال في أبي الغادية أنه أفضل من أبي حنيفة ومالك والشافعي لأنه فقط كان من الصحابة؟ وكان قد قتل عمارًا رضي الله عه، وأما هذا الحديث وهو[لا ترجِعوا بعدي كفارًا] له عدة تفاسير عند العلماء ذكرها الحافظ النووي وغيرُه، من جملةِ تفسير هذا الحديث أنه لا ترجعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعض أي لا تعملوا عملَ الكفار لا تقلّدوا الكفار، لا تتشبهوا بالكفار، فهذا القتل بغير حق هو منْ عملِ الكفار وأنتم لا تتشبهوا بهم في ذلك، يعني كفرٌ دونَ كفر يعني كبيرة فسق ظلم فجور، أكبر الكبائر على الإطلاق الكفر بأنواعِه بعدَه القتل بغير حق، هذا منْ عمل الكفار، هذا تفسير.

وهناك تفسيرٌ آخر للحديث: مَن قتلَ مسلمًا بغيرِ حقٍّ مُستحِلًّا لقتلِه فقد كفرَ وخرجَ من الإسلام.

هنا يكون الكفر الحقيقي يعني المُخرج من الدين والإسلام لأنّه قتلَه بغير حق مُستحِلًّا قتلَه.

وهناك تفسيرٌ ثالث وهو: كأنْ قتلَ مسلمًا بُغضًا لعقيدتِه الإسلام، يعني مثلًا يحصل الآن في بعض البلاد من الناس مَنْ يقتلون الإنسان لأنه مسلم فهذا الذي قتل المسلم بغضًا بدينِه بغضًا بعقيدتِه بغضًا بالإسلام كفر، إنْ كان القاتل مسلمًا فقتلهُ بغضًا بدينِه هذا القاتل خرج من الإسلام، صار مرتدًّا لأنه أبغضَ الإسلام كرِهَ الإسلام.

فإذا قلتَ لي قد يأتي كافر فيقتل المسلم بغضًا بالإسلام، أقول لك وهذا الكافر ازداد كفرًا فلا يكونُ مأذونًا ولا مسموحًا له لأنه كافر، بل الكافر إذا فعلَ كفرًا ازداد كفرًا إلى كفرِهِ وعذابُه يكون أعظم وأشد.

 ثم هذه القاعدة القرآنية {إنّ أكرَمَكم عند اللهِ أتقاكم}[الحجرات/١٣] تُلزِمُنا دائمًا أنْ نقول التقي أفضل من الفاسق، فالفاسق في زمنِ السلف لا يكون أفضل من التقي في عصرِنا، بل التقي في عصرِنا أفضل عند الله منْ ألف فاسقٍ كانوا أيام السلف من حيثُ الزمن والتاريخ.

بدليلِ هذه الآية {إنّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكم}[الحجرات/١٣] هذا التوسع والتفصيل في معنى الحديث إذا أردنا أن نوسّع.

فإذًا [خيرُ القرونِ قرني ثم الذين يلونَهم ثم الذين يلونَهم] هؤلاء المشبهة المجسمة يتسترون بانتسابِهم للسلف وكذبوا، لأنّهم كما قلتُ لكم أهل السنةِ والجماعة هم الفئة التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنها [ما أنا عليه وأصحابي] يعني الأشاعرة الماتريدية هم على ما عليه الرسول والصحابة صلى الله عليه وسلم.

فهؤلاء المشبهة المجسمة يقولون نحن أهلُ السنة نحن السلفية نحن أهلُ الحديث نحنُ أتباع السنة المحمدية، يقولون نحن نتقيّد بالسلف الصالح ثم يقولون نحن مع النصوص الحديثية والقرآنية في الصفات على الظاهر من غير تأويل، هنا سقطوا في الوحل، في قولِهم على الظاهر بلا تأويل وقعوا في عين التجسيم في عين التشبيه وبذلك شهدوا على أنفسِهم أنهم ليسوا منْ أهلِ السنة لأنّ كلّ أهلِ السنةِ حتى السلف – زمانًا – كانوا يصرفون الآيات المتشابهات والأخبار الحديثية المُتشابهة عن ظواهرِها.

ومما يدلُّ على ذلك الإمام الحافظ البيهقي أحمد بن الحسين الإمام الفقيه الشافعي الشهير رضي الله عنه يقول في كتابِه الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ” قال مالك والأوزاعي والليثُ بنُ سعد – هؤلاء من أثمة السلف ومن أئمة الاجتهاد ومن كبار ورءوس الحفاظ والمراجع – قالوا في الأخبار والآيات والأحاديث المتشابهة وذكر عددًا منها، أمرّوها كما جاءت بلا كيف”

جملة صغيرة من هؤلاء أئمة السلف وقولُهم بلا كيف تأويلٌ صريح لأنهم لو كانوا يحملونَها على الظاهر ويأخذونَ بها على حقيقةِ زعم المشبهة الظاهر من اللفظ ما قالوا بلا كيف، لأنهم لو كانوا يأخذونَها على الظاهر ثم قالوا بلا كيف لوقعوا في التناقض، فقولُهم “أمرّوها بلا كيف” يعني الآيات والأحاديث المتشابهة هذا تأويل لكنْ قال عنه العلماء تأويلٌ إجمالي.

كلّ علماء السلف منْ أهل السنة والجماعة على التأويل لكنْ منهم على التأويلِ الإجمالي وهذا الذي كان يغلِبُ على السلف والكثير منهم على التأويل التفصيلي كما أثبتَ ذلك البخاري والبيهقي والإمام أحمد عن ابن عباس عن جبر بن مجاهد كثير من أقوال العلماء من أئمة السلف فيها التأويل التفصيلي، لكنْ لم يؤول الكل من السلف تأويلًا تفصيليًّا لأنه لم تكن تدعو الحاجة إلى كل ذلك في عصرِهم لكنْ بعد ذلك بدأت فرَق الضلالة والأهواء تنتشر وتتوسع فاحتاج العلماء في عصرِهم إلى التأويل التفصيلي وإلا فالصحابة ومَنْ بعدَهم من السلف كلّهم على التأويلِ تأويل إجمالي أو تأويل تفصيلي.

وإليكم الآن ماذا قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهذا لإثباتِ التأويل، روى عنه الحافظ أبو نُعيم في المجلد الأول “ولا يُقال كيف وكيف عنه مرفوع”

الذي يأخذ الآيات والأحاديث المتشابهة على الظاهر هو مجسم مجسّم مكيِّف يقول بالكيف، أما السلف نفَوا الكيفَ عن الله وهذا سيدُنا علي إمامٌ من أئمة السلف.

***أعيد ترتيب الأقوال: قال سيدنا علي فيما رواه أبو نُعيم “إنّ الذي كيّفَ الكيفَ لا كيف له” وهذا نفيٌ للكيف يعني لا يحملونَ أخبار الصفات على ظواهرِها كما تفعل المشبهة المجسمة.

الآن إلى قول سيدِنا مالك قال” ولا يقالُ كيف وكيف عنه مرفوع”

 وفي رواية “والكيفُ غيرُ معقول” وهذا رواه البيهقي بإسناد جيد.

وقال سيدنا ومولانا الإمام الرفاعي “غاية المعرفةِ بالله الإيقانُ بوجودِه تعالى بلا كيفٍ ولا مكان”

وقال الحافظ الفقيه المشهور أبو سليمان الخطابي “إنّ الذي علينا وعلى كلِّ مسلمٍ أنْ يعتقدَه أنّ ربَّنا عزّ وجل ليس بذي صورة أو هيئة لأنّ الصورة تقتضي الكيفية وهي عن الله وعن صفاتِه منفيّة”

أما ما يقولُه البعض قال مالك والكيفُ مجهول فهذا كذب وافتراء ولم يقلْه مالك رضي الله عنه وأرضاه.

إذًا اللهُ عزّ وجل أنزل القرآن وجعل فيه الآيات المُحكمات هي الأصل والأساس الذي يُرجَع إليه فقال عن الآيات المُحكَمات {هنّ أمُّ الكتاب}[آل عمران/٧] يعني الأصل الذي يُرجَع إليه.

فإذًا ثبتَ التأويل التفصيلي عن ابن عباس وعن مجاهد بن جبر وكذلك عن الإمام البخاري عن الإمام أحمد عن الليث وعن مالك والأوزاعي وعن عدد كبير من أئمة السلف أنه أوّلوا تأويلًا تفصيليًّا.

وبعدَ هذا البيان السريع والمُختصر في هذه القضية عرَفتم لماذا يُلصق هؤلاء المشبهة أنفسَهم بالسلف والسلف منهم براء؟

الذين هم على عقيدة السلف والصحابة والنبي وعلى طريقتِهم في الأحكام هم الأشاعرة والماترية ليس المشبهة وليس المجسمة، فالمشبهة المجسمة كذّبوا الله وشبّهوا اللهَ بخلقِه، فلو قالوا عن أنفسِهم منْ أهلِ السنة والجماعة ولو قالوا عن أنفسِهم نحن السلف والسلفية ونحن السنة المحمدية ونحن لا نخرج عن النصوص ونحن مع النصوص على ظاهرِها بلا تأويل هنا وقعوا في الوحل على رءوسِهم حيثُ قالوا في الآيات والأحاديث المتشابهة على ظاهرِها بلا تأويل، يعني تناقض وتضارب وتشبيه وتجسيم وهذا هو عين مسلك اليهود الذين ذمّهم اللهُ عليه فقال في القرآن {افَتؤمنونَ ببعضِ الكتابِ وتكفرونَ ببعض}[البقرة/٨٥]

انتبهوا واحذروا ولا تأخذوا بتمويهاتِهم فيجبُ ردّ الآيات والأحاديث المتشابهة إلى الآيات المُحكمة.

وفي هذه المسئلة أيضًا باختصار أقول فائدة وارجعوا إليها دائمًا وتمسكوا بها، بعد أنْ ذكرتُ لكم ماذا قال سيدنا علي والإمام مالك والغوثُ الرفاعي والخطابي في نفي الكيفية عن الله احفظوا هذه القاعدة المهمة، ملا علي القاري الحنفي في كتابِه المرقاة يقول “إنّ الذي يحمل الآيات والأحاديث المُتشابهة على ظواهِرِها هذا يؤدي إلى أمورٍ مستحيلة وتناقضات – يعني يقع في التشبيه والتجسيم – وهذا كفرٌ بالإجماع”

وهذا الحافظ ابن بطال في شرحه على البخاري يقول عن الأخبار المتشابهة “يجب صرفُها عن ظاهرِها”.

من الذي يحملُها على الظاهر فيقع في التشبيه والتجسيم والتناقض والتكذيب والخروج من الإسلام؟ هم المشبهة المجسمة، فهم اليوم لهم وجود وبقوة وبكثرة وينتسبون إلى مجسمة سبقوهم كابنِ قُتيْبة كابن تيمية لكن لا يُصرّحون على أنفسِهم بأنهم مشبهة بل يقولون أهل السنة والجماعة، ويقولون نحن السلفية، وحاشى، بل السلف والخلف أهل السنة والجماعة مُعتقَدًا وزمانًا هم على التنزيه والتوحيد وعلى جواز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى جواز التوسل والتبرك والاستعانة والاستغاثة بالأولياء والأنبياء والصالحين وعلى جواز شدّ الرحال بقصد زيارةِ قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم(

قال رحمه الله: هذه الفرقة الواحدة (يعني الأشاعرة والماتريدية، هؤلاء الذي طلعوا اليوم أتوا بدين جديد تشبيه وتجسيم وتكفير الأمة جمعاء انظروا في أصولِهم المُستحدَثة في تاريخِهم إلى مَنْ يرجعون؟ إلى عقائد أُخذَ بعضُها منَ اليهود وإلى عقائد أُخذ بعضُها منْ أهلِ الأهواء والبدَع في الاعتقاد، وأما أهل السنة والجماعة أشاعرة وماتريدية أنظروا في أصولِهم فلهم سندٌ ممتد متصل نوراني ذهبي ثابت وصحيح وراسخ يرجع إسنادُهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم تعالوا إلى قضيةٍ مهمة وهي: أعطونا أسماء واذكروا لنا حديثًا واحدًا صحيحًا متفق على صحتِه منْ زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم عن المشبهة، يعني رواه مشبّه عن مشبّه عن مجسّم عن مجسم عن مشبه من زمن النبي إلى اليوم والله لا يوجد، وأقسم بالله لا يوجد، حديث واحد نتحدّاكم أنْ تأتوا بحديثٍ صحيح رجال إسنادِه من الآن إلى النبي لا يوجد، إذًا الإسناد في الأشاعرة والماتريدية.

هؤلاء اليوم الذين يتبجّحون ويتحذلَقون في المواقع والفضائيات ويعقدون مجالس الإملاءات والإجازات وأعني المشبهة المجسمة، ارجعوا إلى أسانيدِهم فيهم الأشعري وفيهم الماتريدي وفيهم المتبرّك وفيهم المتوسل وفيهم الصوفي ويكفّرونَ كل أولئك.

كيف تروونَ في الكتب وفي الإسناد وفي الحديث وفي السلسلة فيه صوفي وأشعري وماتريدي ومتوسل ومتبرك ثم تقولون مَنْ يفعل ذلك مشرك، تقولون المتوسل والمتبرك والمُستعين والمُستغيث مشرك كافر وأنتم في كلّ أسانيدِكم لا بدّ أنْ تمرّوا بهؤلاء الأشاعرة والماتريدية ونتحداكم علنًا في كل مواقع الأرض أنْ تخرجوا لنا بإسناد يعود إلى الكتب الحديثية الصحيحة إلى سنة النبي وإلى القرآن لمشبِّه عندكم على زعمِكم، أسانيد عن مشبه عن مجسم عن مشبه عن مَن يكفّر المتوسلين والمتبركين كما أنتم اليوم وهكذا منكم الآن إلى النبي، لا يوجد ولا واحد لا في القرآن ولا في الحديث ولا في الإجازة ولا في الإسناد، لا بدّ أنْ ترجعوا في إجازات القرآن وأسانيدِ القرآن وفي إجازات الحديث وأسانيد الحديث، لا بد لا بد رغمًا عن أنوفِكم أنْ ترجِعوا إلى سلسلة الأشاعرة والماتريدية والمتوسلين والمتبركين والمُتسغيثين والذين يشدون الرحال بقصد زيارةِ قبرِ محمد صلى الله عليه وسلم، فأجيبوا عن هذه الناحية التي تفضحُكم وهل ستتجرأونَ على الإجابة وتُبرِزونَ لنا إسنادًا واحدًا في القرآن والسنة منكم الآن إلى النبي في كتب صحيحة سلسلة المشبهة والمجسمة، هل يوجد؟ لا والله، في تاريخ الدنيا لا يوجد، لا بد أنْ تمروا في أهلِ السنة، فكيف تروونَ عنهم وكيف تُكفِّرونَهم؟ أجيبوا

وهؤلاء الأئمة العِظام الذين ترجِعون في السلسلة والسند إليهم عن طريقِهم يقولون بالتوسل والتبرك والاستعانة والاستغاثة والتنزيه والتأويل التفصيلي والتأويل الإجمالي وتكفير المجسمة، يعني كلهم ردٌّ عليكم وحربٌ عليكم.

ومن ناحيةٍ أخرى قولوا لنا الإسناد أين وعند مَنْ؟ عند أهلِ السنة والجماعة يعني من الأشاعرة والماتريدية الآن إلى النبي وليس عندكم، وقلت لكم أتحداكم

تعالوا إلى ناحيةٍ ثانية وهي الملوك والرؤساء والخلفاء والحفاظ والأئمة والقراء أليسوا في مُعظمِهم من القرن الرابع الهجري وإلى اليوم أشاعرة وماتريدية؟

ونتحداكم أنْ ترجِعوا إلى كتب التراجم حتى عند زعمائكم ومَنْ تحبون ارجعوا إلى مراجع الذهبي في كتبِه الخمسة وانظروا عن كم مائة عالم يقول أشعري، صوفي، وهذا من أئمّتِكم، يقول عن الأئمة الذين ترجِعونَ إليهم أنتم أشاعرة وأنتم تكفّرونَ الأشاعرة وتضلّلونَهم.

إذًا قولوا لنا الخلفاء والسلاطين والملوك والأئمة والحفاظ ومشاهير علماء الأرض من القرن الرابع وإلى الآن في معظمِهم أليسوا أشاعرة؟ بلى، أليسوا ماتريدية؟ بلى، أليس الكثير منهم صوفية؟ بلى، كيف تكفرونَهم وتروونَ عنهم؟

أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتريدية هم على طريقة السلف الصالح في التنزيه والتوحيد في التوسل والتبرك في حماية الدين والعقيدة، أما أنتم نشرتم التشبيه والتجسيم في الدنيا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول [لا فكرة في الرب] (

يقول الشيخ رحمه الله: هذه الفرقة الواحدة تسمى أهلَ السنةِ والجماعة ثم ظهر في أولِ القرنِ الرابع إمامانِ لأهلِ السنة أحدهما أبو الحسن الأشعريُّ والآخرُ أبو منصورٍ الماتريديُّ كلاهما أهلُ السنة وأكثرُ الفريقين الأشاعرةُ الآن كل بلاد المسلمين أشعرية.

)هذا ما يتعلق بساداتِنا الأشاعرة والماتريدية أهل السنة والجماعة نصرهم الله أيّدهم الله وفقهم الله حفظهم الله رعاهم الله أظهرَهم اللهُ على مَنْ يُعاديهم، أرانا اللهُ وإياكم نبيَّه في هذه الليلة الشريفة المباركة وأفاض علينا منْ بركات نبيِّه صلى الله عليه وسلم وأمدّنا بمدِده وعطّفَ قلبَه الزكي الشريف علينا، اللهم أمدّنا بمدِده صلى الله عليه وسلم وشفِّعْه فينا وثبِّتْنا على حبِّه ونهجِه إلى الممات أحْيِنا على سنتِه وأمِتنا وابعثْنا عليها واجعلنا خدامًا لدينِه حراسًا للإسلام قِلاعًا للتوحيد دروعًا للتنزيه سيوفًا في خدمة الأشاعرة والماتريدية السيوف العلمية والمعنوية، اللهم اختِم لنا بكامل الإيمان وارفع الوباء والغلاء والغلبة عن المسلمين، انصرهم واجمع شملَهم الطف بهم واحفظهم اشفِ مرضاهم وعافِهم يا رب العالمين وارحم موتاهم اختم لنا بالهدى أدخلنا الجنة مع الأولين أعطِنا وكل الحاضرين معنا الآن سؤلنا وسؤلهم من خيرات الدنيا والآخرة، بلّغنا من رضوانِك الأمل تب علينا حتى نكمّلَ النقص الذي فينا وارحم شيخَنا ومشايخَنا والمسلمين إنك على كل شىء قدير

والحمد لله رب العالمين