لفظُ
الجلالةِ “اللهُ” هوَ الاسمُ الأعظمُ للهِ تعالى وهوَ أفضلُ الأسماءِ
وأعظَمُها:
وردَ عَن عَبْدِ اللهِ بنِ بُرَيْدَةَ
الأسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قالَ: ((سَمِعَ النبيُّ ﷺ رَجُلًا يَدْعُو وهُوَ
يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ بِأنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لَا
إلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأحَدُ الصَّمَدُ الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ كُفْوًا أحَدٌ. قالَ: فقالَ: وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ
أجَابَ وَإذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى))([1]).
واللهُ تعالى هوَ سَمَّى نفسَه بهذا الاسمِ العظيمِ المبَارَكِ وليس آدمُ عليهِ
الصلاةُ والسلامُ هوَ الذي سَمَّاهُ بهِ ولا الملائكةُ عليهمُ السَّلامُ، وعرفنا
أنَّ اسمَ الخالقِ اللهُ عنْ طريقِ الأنبياءِ عليهمُ الصلاةُ والسلامُ، وهمْ عرَفُوا
ذلكَ عنْ طريقِ الوحيِ، ومَن أَطْلَقَ لفظَ الجلالةِ “اللهَ” على غيرِ
اللهِ تعالى فقد كفرَ والعياذُ باللهِ تعالى، فلفظُ الجلالةِ “اللهُ” هوَ
أكبرُ الأسماءِ وأعظمُها وأجمَعُها، وقدْ قالَ أبو بكرِ بنُ العربيِّ([2])
رحمهُ اللهُ: “اللهُ هوَ الاسمُ الأعظمُ الذي يَرجِعُ إليهِ كلُّ اسمٍ (مِنْ
أسماءِ اللهِ) ويُضافُ إلى تفسيرِه كُلُّ معنى، وحقيقتُه المنفردُ في ذاتِه وصفاتِه
وأفعالِه عن نظيرٍ فهذَا حقيقةُ الإلهيةِ ومَن كانَ كذلكَ فهوَ اللهُ”([3])اهـ
وقالَ الغزاليُّ رحمهُ اللهُ: هوَ –يعني
لفظَ الجلالةِ الله- أعظمُ الأسماءِ التسعةِ والتسعين، لأنَّه دالٌّ على الذاتِ
الجامعةِ للصفاتِ الإلهيةِ كُلِّها حتى لا يَشُذَّ منها شىءٌ، ولأنَّه أخصُّ
الأسماءِ إذ لا يُطلِقُهُ أحدٌ على غيرِهِ تعالى لا حقيقةً ولا مجازًا ([4]).
اهـ وكانَ مِن دعاءِ النبيِّ ﷺ
كما رواهُ السيوطيُّ أنَّ النبيَّ ﷺ
كانَ يقولُ: ((أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ ([5])
وباسْمِكَ الكَرِيمِ مِنَ الكُفْرِ والفَقْرِ)) ([6])
اهـ وحبْرُ الأمَّةِ عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: اسمُ
اللهِ الأعظمُ “اللهُ”، ألا ترى أنَّه في جميعِ القُرآنِ يُبدأُ بهِ قبلَ
كلِّ شىءٍ([7]).اهـ
ونُقِلَ كذلكَ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ وروى
الحافظُ ابنُ أبي شيبةَ والحافظُ ابنُ أبي الدنيا ([8])
عنِ الشعبيِّ ([9])
أنَّه قالَ: اسمُ اللهِ الأعظمُ يا اللهُ ([10]).
اهـ وروى هشامُ بنُ محمدِ بنِ الحسنِ قالَ: سمعتُ أبا حنيفةَ يقولُ: اسمُ اللهِ الأعظمُ هوَ اللهُ.اهـ وبه
قالَ الإمامُ الطَّحاويُّ.
وهذا الاسمُ أعظمُ الأسماءِ التسعةِ والتِّسعينَ،
فهوَ الاسمُ الأعظمُ عندَ أعلامِ الأُمَّةِ لأنَّه لا شَىءَ مِن الأسماءِ يتكرَّرُ
في القرآنِ تكرُّرَهُ، فقدْ وردَ لفظُ الجلالةِ “اللهُ” في القرءانِ
الكريمِ ألفانِ وستُّمائةٍ وسبعةٌ وتسعونَ مرةً، واستفتَحَ اللهُ بهِ ثلاثًا
وثلاثينَ آيةً في القرآنِ الكريمِ.
وليُحذَرْ مِنْ فِعْلِ البعضِ فإنَّهم
يُحَرِّفُونَ لفظَ الجلالةِ، فبعضُهم يَحذِفُ مِنْ لفظِ الجلالةِ أحرفًا وإنه لا
يجوزُ حذفُ شىءٍ مِن لفظِ الجلالةِ عندَ النُّطْقِ بهِ فيقولونَ: “الَّلا”
بدلَ “الله” والعياذُ باللهِ تعالى، وكذلكَ لا يَثْبُتُ اليمينُ بقولِهم:
“والَّلا” بدونِ هاءٍ بلْ مَن قالَ ذلكَ عليهِ معصيةٌ لأنَّه حرَّفَ اسمَ
اللهِ تعالى، ومنهم مَنْ يعتبرُ أنَّ لفظَ “ءاه” مِنْ أسماءِ اللهِ
تعالى وهوَ ليسَ كذلكَ.
([2]) قال الذهبي: ابن العربي القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله ابن
العربي الإشبيلي ولد سنة 468هـ وتفقه بالإمام الغزالي، وكان ثاقب الذهن ولي قضاء
إشبيلية، توفي سنة 543هـ.اهـ سير أعلام
النبلاء للذهبي ج 15 ص 29.
([5])
قال المناوي: قال البيضاوي: وجه الله مجاز عن ذاته عز وجل تقول
العرب أكرم الله وجهك بمعنى أكرمك والكريم الشريف النافع الذي لا ينفد عطاؤه، فيض
القدير للمناوي ج 2 ص 148.
([8])
هو أَبو بكر عبد الله
بن محمد بن عُبَيْد بن أَبي الدُّنْيا
القُرَشي صاحب التصانيف، توفي سنة 281هـ ، وقد نَيَّفَ على الثمانين، وكان
صدوقًا أَديبًا أَخباريًا كثير العلم.اهـ العبر في أخبار من غبر للذهبي ج1 ص403.