فضائلُ المُعوّذات الثلاث
يا عُشّاق الحبيب مُحمّد… ويا أحبابَ الله ورسولهِ
لقد قيل: إنّ للمعوّذات الثلاث سِرّاً عظيماً ليس في غيرها من القرآن الكريم لما اشتملت عليه من توحيد الله تعالى ومن جوامع الدعاء التي تعم أكثر المكروهات، من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته وغير ذلك. ولهذه المعاني العظيمة التي في هذه السور الثلاث كان النبي الأعظم ﷺ يكتفي بها، وخاصة في الاستشفاء والتعوذ من أذى الجان وعين الإنسان. فقد ثبت عن نبينا وحبيبنا محمد ﷺ في الحديث الشريف أنه كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان (أي قل أعوذ بربّ الفلق، وقل أعوذ برب الناس). فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما رواه الترمذي.
وثبت أيضاً في الحديث الشريف عن السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان إذا اشتكى (أي من المرض) يقرأ على نفسه المعوّذات وينفث([1])، فلما اشتدّ وجعه كنتُ اقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها. متفق عليه.
لقد حضّ النبي المصطفى ﷺ أمته من خلال إرشاده بعض صحابته على قراءة المعوذات الثلاث صباحاً ومساء لما في ذلك من أسرار ومعانٍ وتحصينات عظيمة، فقد ثبت في الحديث أن الرسول الأعظم ﷺ أمر الصحابي الجليل عبد الله ابن خُبيب رضي الله عنه بقوله: قل: {قل هُوَ اللهُ أحدُ}([2]) “والمعوذتين” حين تُمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء” رواه أبو داود والترمذي.
والمعوّذتان هما {قُل أعوذُ بربّ الفلق}([3]) و {قُل أعوذ برب الناس}([4]).
وعن الصحابي الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم يُر مثلهنّ قط؟ “قل أعوذ برب القلق” و”قل أعوذ بربّ الناس” رواه مسلم.
سورة الإخلاص (أو سورة التوحيد)
اعلموا رحمكم الله بتوفيقه أن سورة الإخلاص، وتسمّى أيضاً سورة التوحيد، هي سورة مباركة، فيها أسرار عظيمة وبركات ومنافع كثيرة، وهي من السور التي ذكر فضلها نبينا المصطفى ﷺ وبين لنا عظيم ثواب قراءتها وهي أنها تعدل ثلث القرآن الكريم مع قلة عدد آياتها، وكذلك حضنا الرسول الأعظم ﷺ على التحصن بها من شر الجن والإنس بالمداومة على قراءتها صباحاً ومساءً مع المعوذتين {قُل أعوذ برب القلق}([5]) و{قُلْ أعوذُ بربّ الناس}([6]) وذلك لما حوت من معان عظيمة في توحيد الله عز وجل، وبيان صفة الرب سبحانه وتعالى في تنزيهه سبحانه عن مشابهة مخلوقاته على اختلاف أنواعها وأجناسها وأشكالها وألوانها، مع استغنائه تعالى عن كل المخلوقات، وأنه سبحانه وتعالى ليس أصلاً لشيء ولا هو فرع عن شيء، لا ينحل منه شيء ولا يحُلُّ هو في شيء، سُبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، ولا يشبه شيئاً من مخلوقاته.
إن فضائل قراءة سورة الإخلاص كثيرة وأسرارها عظيمة، يقول النبي المصطفى ﷺ في بيان فضل سورة الإخلاص: “والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن”. أي أن قارئها ينال أجراً عظيماً يشبه أجر قارئ ثلث القرآن.
وورد أن رجلاً قال لرسول الله ﷺ: “إني أحبها- يعني {قُل هو الله أحد} السورة – فقال له عليه الصلاة والسلام: “حُبّك إيّاها أدخلك الجنة” رواه البخاري.
وعن الصحابي الجليل أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: أتى رسول الله ﷺ جبريل عليه السلام وهو بتبوك فقال: يا محمد، اشهد جنازة معاوية بن معاوية المزني، فخرج رسول الله ﷺ، ونزل جبريل عليه السلام في سبعين ألفاً من الملائكة، فوضع جناحه الأيمن على الجبال فتواضعت، ووضع جناحه الأيسر على الأرضين فتواضعت، حتى نظر إلى مكة والمدينة، فصلى عليه رسول الله ﷺ وجبريل والملائكة عليهم السلام، فلما فرغ قال (أي الرسول الأعظم ﷺ): يا جبريل، بم بلغَ معاوية هذه المنزلة؟ قال: بقراءته {قل هو الله أحد} قائماً وراكباً وماشياً” رواه البيهقي.