الخميس نوفمبر 21, 2024

عمرو خالد يحرف التاريخ الإسلامي

وفي شريط المدينة الرياضية في بيروت قال عمرو خالد: «ويصل لكنيسة القيامة لما فتح دخل عمر بن الخطاب إلى المقدس قيل له صلِّ يا أمير المؤمنين فيقول: لا أصلي هـٰهنا أبدًا أخشى أن يأتي يوم يقول الناس هنا صلى عمر فتهدم الكنيسة ويقام مكانها مسجد ولكن دعوا الكنيسة كما هي ولنبن نحن المسجد في مكان ءاخر».اهـ.

الرَّدُّ:

نقول إن هذا الكلام لا صحة له؛ بل الجواب الصحيح ما رواه البخاري في صحيحه قال: وقال عمر t: «إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها والصور». فهل نصدقك أم نصدق ما رواه البخاري؟ والصلاة في الكنيسة غير محرمة إذا توفرت شروط صحة الصلاة؛ بل الصحيح الثابت المشهور في كتب الحديث والسير أن عمر t أبى تلبية دعوتهم إلى الطعام إلى الكنيسة؛ لأن الكنيسة فيها تماثيل فقال: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل.

  • وقال عمرو في الشريط نفسه: «أضرب لكم مثل عجيب في حرية العقيدة، ماشي في الطريق فوجد رجلًا يهوديًّا يتسول شيخ عجوز فقال له عمر: لم تتسول يا شيخ، فقال اليهودي: لأدفع الجزية للمسلمين، فقال عمر: والله ما أنصفناك يا شيخ نأخذها منك وأنت شاب ونضيعك وأنت شيخ لا والله، من اليوم اكتبوا إلى الخزانة وبيت مال المسلمين من كان ضعيفًا أو عجوزًا من اليهود والنصارى فلينفق عليه من بيت مال المسلمين».اهـ.

الرَّدُّ:

أولًا: هذا الكلام لا صحة له على الإطلاق وعليه أن يُثبت لنا المصادر وحضارتنا العربية الإسلامية غنية عن الروايات المختلقة.

ثانيًا: أين حرية العقيدة في هذا النص؛ لأنّه معلوم أساسًا أن الإسلام لا يُكْرِهُ اليهود والنصارى على الدخول بالإسلام بعد دخولهم في ذمة المسلمين وهذا معنى قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [سورة البقرة: 356]، والأحاديث الصحيحة ظاهرة كالشمس ثم متابعة الصحابة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم ووقائع كثيرة مشهورة متواترة، أي: لا يجوز أن نُكرِهُهم على الدخول في الإسلام بعد العهود والمواثيق وبعد أن صاروا من أهل الذمة.

وانظر كم غلطًا نحويًا له في هذه الكلمات القليلة.

  • وقال في الشريط نفسه: قال عمر بن عبد العزيز جهزوا الجيوش من الزكاة وسدوا منها ديون اليهود والنصارى ويُقض عن اليهود والنصارى الديون، ثم قال عمرو: ويبقى مال كثير من الزكاة؛ لأنّه لم يبق فقير ولا محتاج فقال عمر: «اشتروا بهذا المال حبوبًا، اشتروا به قمح وانثروه على رؤوس الجبال كي تأكل الطيور من خير المسلمين».اهـ.

الجواب: لقد عمَّ الخير والعدل أيام عمر بن عبد العزيز t وأما ما يروى من كلام حول إنفاق الزكاة في غير وجوهها فهذا غير صحيح على الإطلاق وموارد صرف الزكاة الثمانية معروفة في القرءان الكريم فمسائل الفقه لا نأخذها من كتب التاريخ التي فيها الغث والسمين بلا تحقيق؛ بل من مصادرها الأساسية ولم ينصّ أحد من الأئمة الأربعة أو غيرهم على مثل هذا ولم يثبت عن عمر بن عبد العزيز الذي هو إمام مجتهد مجدد القرن الأول الهجري أنه قال هذه المقالة.

والمقرر أنه لا يجوز إيفاء مجرد أي دين من ديون المسلمين بمال الزكاة؛ بل لا بد أن يكون المدين مستوفيًا لشروط الغارمين المقررة في كتب الفقه الإسلامي والمقرر كذلك في الشرع الإسلامي أن أهل الذمة إذا احتاج أحدهم للنفقة والكسوة ولم يكن له مال ولا من ينفق عليه من أهله ينفق من بيت مال المسلمين عليه من غير الزكاة فمن باب أولى أن لا تُوفى بأموال الزكاة ديون غير المسلمين أو تنفق لإطعام الطيور على رؤوس الجبال.

  • وقال عمرو خالد في شريط المدينة الرياضية – بيروت: حصل سباق بين قبطي وابن عمرو بن العاص فسبقه القبطي فغضب ابن عمرو فأخرج السوط وضرب القبطي على رأسه وقال: أنا ابن الأكرمين فذهب القبطي إلى المدينة من مصر ليشتكي لعمر بن الخطاب وقال: انظر ضربني ابن عمرو بن العاص وقال: أنا ابن الأكرمين، فغضب عمر بن الخطاب وأرسل إلى عمرو بن العاص أن تعال أنت وابنك فجاءا إليه، فأخرج عمر بن الخطاب السوط وأعطاه إلى القبطي وقال: اضربه كما ضربك، فضربه القبطي، شايف الرحمة شايف المساواة شايف العدل، وقال له عمر: «اضرب أيضًا صلعة عمر ‏‏بن العاص، فقال القبطي: فكيف أضربه وهو لم يضربني، فقال عمر بن الخطاب: «إنما ضرب بسلطان أبيه»، وقال عمر بن الخطاب الكلمة العظيمة الشهيرة «متى استعبدتم الناس ولقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا»».

الرَّدُّ:

الرد هنا ليس على عمرو خالد فحسب؛ بل على كثير من أهل العصر الذين يروون هذه الرواية التي أصلها غير ثابت وإن كان مرويًا في كتب عدة، ثم إن عمرو خالد قد زاد فيها وتقوَّل: وهل يُقبل أن يأمر الإمام العادل عمر بن الخطاب ذلك القبطي أن يضرب أميرًا له على مصر؛ أعني: عمرو بن العاص وذلك لأن الولد بزعمهم استغل سلطة أبيه وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سورة الأنعام: 164]، فما ذنب أبيه إن استغل سلطته كما يزعمون وهو لا علم له بذلك والله يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‏}، ولقد ءان الأوان للخطباء والمحاضرين والمشايخ أن يراجعوا أصول هذه القصة لا أن يتلقفوا كل ما هو مكتوب في الكتب من غير تمحيص ولا تدقيق ولا نظر في الإسناد ولا تحقيق.

  • وقال في الحلقة الثالثة عن سيدنا أبي بكر لما تكلم عمرو عن حروب الردة بأن كل العرب ارتدوا عن الإسلام إلا مكة والمدينة وأن أهل مكة أرادوا الردة لكن سهيل بن عمرو كلمهم فثبتوا على الإسلام.

الرَّدُّ:

إن هذا الكلام مجرد هراء ويدل على عدم معرفة الرجل بالتاريخ الإسلامي أو أنه يتتبع الأخبار الموضوعة والمكذوبة مستغلًا جهل الناس بالدين والتاريخ والحديث والفقه والاعتقاد ليبهر أنظار الناس بأخبار لم يسبق إليها كما هو الحال، وليس أهل مكة والمدينة هم الذين ثبتوا على الإسلام فقط. ولا يعني ذلك إنكار موقف سهيل بن عمرو؛ بل موقفه في ذلك الحدث مَشهورٌ ولكنك مع بعض أهل مكة الذين رُوِيَ أنهم هَمُّوا بالردة وليس كل أهل مكة فليعلم هذا.