الأحد مارس 16, 2025

سُورَةُ النَّازِعَاتِ

مَكِّيَةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌ وَأَربَعُونَ

بِسْمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحِيمِ

وَالنَّازِعَاتِ: المَلَائِكَةُ تَنزِعُ أَروَاحَ الكُفَارِ.

غَرْقًا: نَزْعًا بِشِدَّةٍ وَقَالَ عَلِيٌ وَابْنُ عَبَاسٍ: ” وَالنَّازِعَاتِ ” المَلَائِكَةُ تَنْزِعُ نُفُوسَ بَنِي ءَادَمَ. وَغَرْقًا: فِي جَهَنَّمَ يَعنِي نُفُوسُ الكُفَّارِ.

وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا: المَلَائِكَةُ تَنْشُطُ أَروَاحَ المُؤمِنِينَ تُسِلُّهَا بِرِفقٍ.

وَالسَابِحَاتِ سَبْحًا: قَالَ عَلِيٌّ وَمُجَاهِد: المَلَائِكَةُ تَتَصَرَّفُ فِي الآفَاقِ بِأَمرِ اللهِ تَعَالَى تَجِىءُ وَتَذْهَبُ.

فَالسَّابِقَاتِ سَبْقَا: هِيَ المَلَائِكةُ تَسبُقُ بِأَروَاحِ المُؤمِنِينَ إِلَى الجَنَّةِ.

فَالمُدَبِّرَاتِ أَمرًا: المَلَائِكَةُ تُدَبِّرُ أَمْرَ الدُنيَا أَي تَنزِلُ بِتَدبِيرِهِ[1].

يَومَ تَرجِفُ الرَاجِفَةُ: النَفخَةُ الأُولَى بِهَا يَرجِفُ كُلَّ شِىءٍ أَي يَتَزَلزَلُ.

تَتْبَعُهَا الرَادِفَةُ: النَفْخَةُ الثَانِيَةُ بَينَهُمَا أَربَعُونَ سَنَةً. قَالَ ابنُ عَبَاسٍ وَغَيرُهُ الرَاجِفَةُ وَالرَادِفَةُ هُمَا الصَيْحَتَانِ.

قُلُوبٌ يَومَئِذٍ وَاجِفَةٌ: خَائِفَةٌ قَلِقَةٌ مُضطَرِبَةٌ.

أَبصَارُهَا خَاشِعَة: ذَلِيلَةٌ لِهَولِ مَا تَرَى.

يَقُولُونَ: أَي أَصحَابُ القُلُوبِ وَالأَبصَارِ استِهزَاءً وَإِنكَارًا لِلبَعثِ.

ءَإِنَّا لَمَردُوْدُوْنَ فِي الحَافِرَةِ: أَي أَنُرَدُّ بَعدَ المَوتِ إِلَى الحَيَاةِ فِي قُبُورُنَا.

ءَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً: بَالِيَةً مُتَفَتِتَةً.

قَالُوا تِلْكَ: أَي رَجعَتَنَا إِلَى الحَيَاةِ.

إِذًا: أَي إِنْ رُدِدْنَا.

كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ: أَي قَالُوْا ذَلِكَ لِتَكذِيبِهِمْ بِالبَعثِ أَي لُو كَانَ هَذَا حَقًا لَكَانَتْ رَدَّتُنَا خَاسِرَةً إِذ هِيَ إِلَى النَّارِ.

فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ: أَي الرَادِفَةُ الَّتِي يَعقُبُهَا البَعْثُ لِأَنَّ قَولَهُمْ {ءِإِنَّا لَمَرْدُوْدُوْنَ} يَتَضَمَّنُ استِبْعَادَ النَشْأَةِ الثَانِيَةِ وَاستِصْعَابَ أَمرِهَا فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَيسَ بِصَعْبٍ مَا تَقُولُونَ فَإِنَّمَا هِيَ نَفخَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ مَنشُورُون أَحيَاءٌ عَلَى وَجهِ الأَرْضِ.

فَإِذَا هُمْ بِالسَاهِرَةِ: أَي كُلُّ الخَلَائِقِ بِوَجْهِ الأَرْضِ أَحيَاءٌ بَعدَمَا كَانُوا بِبَطِنِهَا أَموَاتًا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ: السَاهِرَةُ أَرْضٌ مِنْ فِضَةٍ يَخلُقُهَا اللهُ تَعَالَى.

هَل أَتَاكَ: يَا مُحَمَّدُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

حَدِيثُ مُوسَى: قِصَّةُ مُوسَى وَتَمَرُّدُ فِرعَونُ.

إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى: طُوًى اسْمٌ لِلوَادِي.

اذْهَبْ إِلَى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَى: تَجَاوَزَ الحَدَّ فِي الكُفْرِ.

فَقُلْ هَلْ لَكَ: أَدْعُوكَ.

إِلَى أَنْ تَزَكَّى: وَتَزَكَّى تَحَلَّى بِالفَضَائَلِ وَتَطَهَّرَ مِنَ الرَذَائِلِ وَالزَكَاةُ هُنَا يَندَرِجُ فِيهَا الإِسلَامُ وَتَوحِيدُ اللهِ تَعَالَى.

وَأَهدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ: أَدُلّكَ عَلَى مَعرِفَتِهِ بِالبُرَهَانِ.

فَتَخْشَى: فَتَخَافَهُ.

فَأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى: مِنْ آيَاتِهِ السَبْعِ وَهِيَ اليَدُ أَوِ العَصَا

فَكَذَّبَ: فِرعَونُ مُوسَى.

وَعَصَى: اللهَ تَعَالَى.

ثُمَّ أَدْبَرَ: عَنِ الإِيمَانِ.

يَسعَى: فِي الأَرضِ بِالفَسَادِ.

فَحَشَرَ: جَمَعَ السَحَرَةَ وَجُنُودَهُ.

فَنَادَى: أَي قَامَ فِيهِم خَطِيبًا.

فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعلَى: مَعنَى قَولِهِ لَا رَبَّ فَوقِي.

فَأَخَذَهُ اللهُ: أَهلَكَهُ بِالغَرَقِ.

نَكَالَ: عُقُوبَةً.

الآخِرَةِ وَالأُولَى: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الآخِرَةُ قَولَتُهُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرِي وَالأُولَى قَولَتُهُ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعلَى وَكَانَ بَينَ قَولَتَيهِ أَربَعُونَ سَنَةً.

وَقِيلَ ” الأُولَى ” هَلَاكُهُ غَرَقًا وَ ” الآخِرَةِ ” دُخُولُهُ النَّاُر يَومَ القِيَامَةِ.

إِنَّ فِي ذَلِكَ: أَي فِيمَا جَرَى لِفِرعَونَ وَأَخذِهِ تِلكَ الأَخذَةَ.

لَعِبرَةً: لَعِظَةً.

لِمَنْ يَخشَى: أَي لِمَنْ يَخَافُ عُقُوبَةَ اللهِ تَعَالَى يَومَ القِيَامَةِ وَفِي الدُنيَا .

ءَأَنْتُمْ: الخِطَابُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَامٌ وَالمَقصُودُ الكُفَّارُ مُنْكِرُو البَعثِ.

أَشَدُّ خَلْقًا: أَصعَبُ إِنشَاءً.

أَمِ السَمَاءُ بَنَاهَا: بَيَّنَ تَعَالَى كَيفِيَةَ خَلقِهَا.

رَفَعَ سَمْكَهَا: أَي جَعَلَ مِقْدَارَ ذَهَابِهَا فِي العُلُوِ مَدِيدًا رَفِيعًا مَسِيرَةَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ وَالسَمْكُ الارتِفَاعُ الَّذِي بَينَ سَطحِ السَمَاءِ الَّذِي يَلِينَا وَسَطحَهَا الَّذِي يَلِي مَا فَوقَهَا.

فَسَوَّاهَا: أَي جَعَلَهَا مَلسَاءَ مُستَوِيَةً لَيسَ فِيهَا مُرتَفَعٌ وَلَا مُنخَفَضٌ أَوْ تَمَّمَهَا وَأَتقَنَ إِنشَاءَهَا بِحَيثُ إِنَّهَا مُحكَمَةُ الصَنعَة.

وَأَغطَشَ لَيلَهَا: أَي أَظلَمَهُ.

وَأَخرَجَ ضُحَاهَا: أَبرَزَ ضَوءَهَا وَشَمْسَهَا وَالضُحَى هُوَ نُورُ سِرَاجِهَا.

وَالأَرضَ بَعدَ ذَلِكَ: أَي بَعدَ خَلقِ السَمَاءِ وَمَا فَعَلَ فِيهَا.

دَحَاهَا: أَي بَسَطَهَا فَخَلَقَ الأَرضَ ثُمَّ السَمَاءَ ثُمَّ دَحَا الأَرضَ.

أَخرَجَ مِنهَا: أَي مِنَ الأَرضِ.

مَاءَهَا وَمرَعَاهَا: بِتَفجِيرِ عُيُونِهَا وَمَا تَرعَاهُ النَعَمُ مِنَ الشَجَرِ وَالعُشبِ وَمَا يَأكُلُهُ النَّاسُ مِنَ الأَقوَاتِ وَالثِمَارِ وَأُضِيفَ المَاءُ وِالمَرعَى إِلَى الأَرضِ لِأَنَهُمَا يَظهَرَانِ مِنهَا.

وَالجِبَالَ أَرسَاهَا: أَثبَتَهَا عَلَى وَجهِ الأَرضِ لِتَسكُن .

مَتَاعًا لَكُمٍ وَلِأَنعَامِكُمْ: أَي فَعَلَ ذَلِكَ تَمتِيعًا لَكُمْ.

فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الكُبرَى: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: القَيَامَةُ.

يَومَ يَتَذَكَرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى: فِي الدُنيَا مَن خَيرٍ وَشَرٍ.

وَبُرِّزَتِ الجَحِيمِ: ظَهَرَتِ النَّارُ المُحرِقَةُ.

لِمَنْ يَرَى: لِكُلِّ رَاءٍ.

فَأَمَّا مَنْ طَغَى: أَي كَفَرَ.

وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُنيَا: بِاتِبَاعِ الشَهَواتِ.

فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأَوَى: النَّارُ المُحرِقَةُ مَأوَاهُ.

وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ: أَي مَقَامًا بَينَ يَدِي رَبِّهِ[2] يَومَ القِيَامَةِ لِلْجَزَاءِ.

وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى: أَي نَهَى النَفْسَ الأَمَّارَةَ عَنِ الهَوَى المُردِي بِاتِبَاعِ الشَهَوَاتِ.

فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأَوَى: وَحَاصِلُ الجَوَاب فَالعَاصِي فِي النَّارِ وَالمُطِيعُ فِي الجَنَّةِ.

يَسئَلُونَكَ: أَي كُفَارُ مَكَّةَ.

عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرسَاهَا: مَتَى وُقُوعُهَا وَقِيَامُهَا.

فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا: لَيسَ عِندَكَ عِلمُهَا حَتَّى تَذْكُرَهَا.

إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا: مُنْتَهَى عِلمِهَا لَا يَعلَمُهُ غَيرُهُ.

إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ: إِنَّمَا يَنفَعُ إِنذَارُكَ.

مَنْ يَخْشَاهَا: يَخَافُهَا.

كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوْا: فَي قُبُوْرِهِمْ.

إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا: عَشِيَةَ يَوْمٍ أَوْ بُكْرَتَهُ.

وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

 

[1] – قَالَ: هَذَا تَدبِيرٌ جُزئِيٌ

[2] – قَألَ: أَي لِلحِسلبِ وَالجَزَاءِ وَلَيسَ عَلَى مَعنَى المُقَابَلَة لِأَنَّ اللهَ مَوجُودٌ بِلَا مَكَأنٍ