ذِكْرُ بَعْضٍ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ (3)
الْمِعْرَاجُ
الْمِعْرَاجُ ثَابِتٌ بِنَصِّ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا الْقُرْءَانُ فَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ نَصًّا صَرِيحًا لَكِنْ وَرَدَ فِيهِ مَا يَكَادُ يَكُونُ نَصًّا صَرِيحًا.
قَالَ تَعَالَى ﴿وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ [سُورَةَ النَّجْم].
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ »ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ جِبْرِيلُ، قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ جِبْرِيلُ، قَيِلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ. فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ. قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ، قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ، قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَمَامِي مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَلا يَعُودُونَ إِلَيْهِ».
وَفُرِضَتِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
وَأَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنَّ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.
فائدةٌ جليلةٌ يَجْدُرُ بِنَا هُنَا بِأَنْ نَذْكُرَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ خَالِقُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَخَالِقُ الأَمَاكِنِ كُلِّهَا وَأَنَّ اللَّهَ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ خَلْقِ الأَمَاكِنِ بِلا هَذِهِ الأَمَاكِنِ كُلِّهَا.
فَلا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ فِي مَكَانٍ أَوْ فِي كُلِّ الأَمْكِنَةِ أَوْ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي السَّمَاءِ بِذَاتِهِ أَوْ مُتَمَكِّنٌ عَلَى الْعَرْشِ أَوْ حَالٌّ فِي الْفَضَاءِ أَوْ أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنَّا أَوْ بَعِيدٌ عَنَّا بِالْمَسَافَةِ فَاللَّهُ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ.
وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْمِعْرَاجِ تَشْرِيفُ الرَّسُولِ بِإِطْلاعِهِ عَلَى عَجَائِبِ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَتَعْظِيمُ مَكَانَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا رَأَى الرَّسُولُ مِنْ عَجَائِبَ فِي الْمِعْرَاجِ:
(1) رَأَى مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ وَلَمْ يَضْحَكْ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ جِبْرِيلَ لِمَاذَا لَمْ يَرَهُ ضَاحِكًا إِلَيْهِ كَغَيْرِهِ فَقَالَ إِنَّ مَالِكًا لَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ ضَحِكَ لِأَحَدٍ لَضَحِكَ إِلَيْكَ. وَلِلْجَنَّةِ خَازِنٌ وَاسْمُهُ رِضْوَان.
(2) رَأَى سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَهِيَ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ بِهَا مِنَ الْحُسْنِ مَا لا يَصِفُهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَغْشَاهَا فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ وَأَصْلُهَا فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَتَصِلُ إِلَى السَّابِعَةِ وَرَءَاهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ.
ثُمَّ عَادَ الرَّسُولُ إِلَى الأَرْضِ فِي نَفْسِ اللَّيْلَةِ وَحَدَّثَ النَّاسَ بِإِسْرَائِهِ فَكَذَّبَهُ الْكُفَّارُ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَصِفَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ فَوَصَفَهُ لَهُمْ فَقَالُوا أَمَّا الْوَصْفُ فَقَدْ أَصَابَهُ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ إِسْرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ عُرُوجُهُ السَّمَوَات ثُمَّ رُجُوعُهُ إِلَى مَكَّةَ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ فِي ثُلُثِ لَيْلَةٍ فَسُبْحَانَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَا الدَّلِيلُ عَلَى الْمِعْرَاجِ وَمَاذَا وَرَدَ فِيهِ؟
(2) مَاذَا حَصَلَ أَثْنَاءَ عُرُوجِ النَّبِيِّ إِلَى السَّمَاءِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ؟
(3) هَلْ تَدْرِي مَاذَا حَصَلَ فِي السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ أَثْنَاءَ الْمِعْرَاجِ؟ بِمَنِ اجْتَمَعَ الرَّسُولُ فِي الرَّابِعَةِ؟
(4) أَيْنَ الْتَقَى النَّبِيُّ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ وَكَيْفَ رَءَاهُ؟
(5) أَيْنَ يُوجَدُ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؟ كَمْ مَلَكًا يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ؟
(6) مَا هِيَ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى وَأَيْنَ رَءَاهَا الرَّسُولُ؟
(7) مَتَى فُرِضَتِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ؟
(8) أَكْمِلِ الآتِي: مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً…
(9) هَلْ تَحْفَظُ قَوْلًا لِأَحَدِ الأَئِمَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ؟
(10) مَا الْمَقْصُودُ بِالْمِعْرَاجِ؟
(11) مَنْ هُوَ خَازِنُ النَّارِ؟ لِمَ لا يَضْحَكُ؟ وَمَنْ هُوَ خَازِنُ الْجَنَّةِ؟
(12) هَلْ تَعْرِفُ مُدَّةَ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ وَمَاذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ؟