ذِكْرُ بَعْضٍ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ (2)
الإِسْرَاءُ
لَمَّا بَلَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ سَنَةً أَيْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِحَوَالَيْ سَنَتَيْنِ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ عَمِّهِ أُسْرِيَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ فَالَّذِي يُنْكِرُ الإِسْرَاءَ يَكُونُ قَدْ كَذَّبَ الْقُرْءَانَ وَخَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ.
وَقَدْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ فَرَكِبَ خَلْفَ جِبْرِيلَ عَلَى الْبُرَاقِ وَمَرَّا بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَيْهَا فَنَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ مَرَّ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ شُعَيْبٍ مَدْيَنَ وَصَلَّى بِهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ وَصَلَ إِلَى طُورِ سَيْنَاءَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ فَصَلَّى بِهَا رَكْعَتَيْنِ وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَبَطَ الْبُرَاقَ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهَا الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ دَخَلَ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى وَكَانَ ءَادَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ بَنَاهُ بَعْدَ الْكَعْبَةِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا.
وَحَصَلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ فَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ مِنْ ءَادَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَصَلَّى بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى إِمَامًا.
وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ الْعَهْدَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أَنَّهُ إِنْ بُعِثَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّبِيِّينَ أَمَرَ قَوْمَهُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الْعَهْدِ.
رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإِسْرَاءِ أَشْيَاءَ عَجِيبَةً مِنْهَا:
(1) رَأَى الدُّنْيَا وَهُوَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِصُورَةِ امْرَأَةٍ عَجُوزٍ.
(2) شَمَّ رَائِحَةً طَيِّبَةً مِنْ قَبْرِ مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ وَكَانَتْ مُؤْمِنَةً صَالِحَةً وَجَاءَ فِي قِصَّتِهَا أَنَّهَا بَيْنَمَا كَانَتْ تَمْشُطُ رَأْسَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ سَقَطَ الْمِشْطُ مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ بِسْمِ اللَّهِ فَسَأَلَتْهَا بِنْتُ فِرْعَوْنَ أَوَلَكِ رَبٌّ إِلَهٌ غَيْرُ أَبِي؟ فَقَالَتِ الْمَاشِطَةُ نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ هُوَ اللَّهُ فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا فَطَلَبَ مِنْهَا الرُّجُوعَ عَنْ دِينِهَا أَيْ دِينِ الإِسْلامِ فَلَمْ تَقْبَلْ فَوَضَعَ قِدْرًا عَلَى النَّارِ حَتَّى غَلَى الْمَاءُ فِيهِ فَأَلْقَى أَوْلادَهَا فَلَمَّا أَرَادَ إِلْقَاءَ طِفْلٍ لَهَا رَضِيعٍ أَنْطَقَ اللَّهُ الطِّفْلَ فَقَالَ يَا أُمَّاهُ اصْبِرِي فَإِنَّ عَذَابَ الآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا فَلا تَتَقَاعَسِي فَإِنَّكِ عَلَى حَقٍّ فَقَالَتْ لِفِرْعَوْنَ لِي عِنْدَكَ طَلَبٌ أَنْ تَجْمَعَ الْعِظَامَ وَتَدْفِنَهَا فَقَالَ لَكِ ذَلِكَ فَأَلْقَاهَا فِيهِ. وَقَدْ مَاتَتْ شَهِيدَةً هِيَ وَأَوْلادُهَا.
أَسْئِلَةٌ:
(1) قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الَّذِي يُنْكِرُ الإِسْرَاءَ يَكُونُ كَافِرًا لِمَاذَا؟
(2) كَيْفَ حَصَلَ الإِسْرَاءُ لِلنَّبِيِّ؟ مِنْ أَيْنَ وَإِلَى أَيْنَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ؟
(3) هَلْ تَعْرِفُ أَسْمَاءَ الأَمَاكِنِ الَّتِي مَرَّ بِهَا الرَّسُولُ أَثْنَاءَ إِسْرَائِهِ؟ مَا هِيَ وَمَاذَا فَعَلَ فِيهَا؟
(4) مَنْ بَنَى الْمَسْجِدَ الأَقْصَى وَمَتَى؟
(5) كَيْفَ حَصَلَ لِلنَّبِيِّ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ خِلالَ إِسْرَائِهِ؟
(6) هَلْ رَأَى الدُّنْيَا خِلالَ إِسْرَائِهِ وَكَيْفَ رَءَاهَا؟
(7) مَاذَا شَمَّ النَّبِيُّ مِنْ قَبْرِ الْمَاشِطَةِ؟ هَلْ تَعْرِفُ قِصَّتَهَا وَمَنْ هِيَ؟