تَوَكُّل النَّبيّ ﷺ على ربِّه
الحمدُ لله والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله
أحْبابَنا الكرام، التَّوَكُّلُ على اللهِ معْناهُ الاعْتِمادُ على اللهِ عزَّ وجلَّ وحْدَهُ. وهذا نابِعٌ مِنْ إيمانِ المسلمِ أنَّ اللهَ تعالى خالِقُ كلِّ شىءٍ وأنْ لا شىءَ يحصُلُ في هذا الكوْن إلّا بِتَقْدِيرِهِ تعالى ومشيئَتِه، سواءٌ كانَ هذا الشىءُ خيرً أو شرًّا، حُلْوًا أوْ مُرًّا.
وقدْ كانَ نبِيُّنا صلّى اللهُ عليه وسلّم أعْظَم المُتَوَكِّلينَ على اللهِ. فالتَّوَكُّلُ على اللهِ والثِّقةُ بِوَعْدِهِ لمْ تُفارِقْ قلْبَهُ الشريف على مدَى مواقِفِ ومَحَطّاتِ سيرَتِهِ المُبارَكة.
فَمِنْ تلكَ المواقف ما رواهُ الإمامُ أحمد في مُسْنَدِهِ أنَّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم كانَ خارِجًا معَ أصْحابِهِ في إحْدَى الغَزَواتِ، فنَزَلوا في وادٍ فَنزَلَ النَّبِيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم تحتَ شجرةٍ وعلَّقَ سيْفَهُ عليها ثمَّ نام، فجاءَ أعرابيٌّ مُشرِكٌ فأخَذَ السّيفَ وقالَ للنّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم: مَنْ يَمْنَعُكَ منّي يا محمّد؟ فقالَ صلّى اللهُ عليه وسلّم: “اللهُ عزَّ وجلّ”، فسَقَطَ السَّيفُ مِنْ يَدِه، فأخَذَهُ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم فقالَ للرَّجُلِ: “مَنْ يَمْنَعُكَ منّي؟” فقالَ الرَّجُل: كُنْ كَخيرِ آخِذ. فقالَ لهُ نبِيُّنا صلّى اللهُ عليه وسلّم: “أتشْهَد أنْ لا إلـٰهَ إلّا الله؟” قال: لا، ولكنّي أُعاهِدُكَ أنْ لا أقاتِلَكَ ولا أكونُ معَ قوْمٍ يُقاتِلونَكَ، فخَلّى سبيلَهُ صلّى اللهُ عليه وسلّم.
فذهبَ الرَّجُلُ إلى أصْحابِهِ فقالَ لهم: قدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِندِ خيرِ النّاسِ.
وقدْ بيّنَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم أنَّ الَتّوَكُّلَ لا يُنافِي الأخذَ بالأسباب.
ففي صحيحِ ابنِ حبّان أنَّ رجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم: أُرسِل ناقَتِي وأتوَكَّل؟ (يعني هلْ أترُك ناقَتي مِنْ غيرِ أنْ أرْبِطَها وأتوَكّل على الله) فقالَ لهُ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم: “اِعْقِلْها (أي اربِطْها) وتَوَكّلْ على الله”.
اللَّهُمَّ صلِّ على سيِّدِنا محمّدٍ خيرِ الأنامِ وشمسِ دينِ الإسلامِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ الهُداةِ الأعلامِ وسلِّمْ تسْليمًا كثيرًا، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.
الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله