الجمعة مارس 29, 2024

متَى يَغضبُ النَّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم

كانَ النَّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم ليِّنَ الجانِبِ حسَنَ التّعامُلِ معَ النّاس. وقدْ قالَ أنسُ بنُ مالِكٍ رضيَ اللهُ عنهُ:  “خدَمْتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم عشرَ سِنين فما قالَ لي أُفٍّ قطّ”. أمّا الغضب فلَمْ يكنْ مِنْ أحْوالِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم إلّا إذا انْتُهِكَتْ مَحارِمُ الله.

روى التّرمذيُّ أنَّ أمَّ المؤمنينَ عائشة رضيَ اللهُ عنها قالت: “فإذا انْتُهِكَ مِنْ مَحارِمِ اللهِ شىءٌ كانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ مِنْ أشدِّهِمْ في ذلكَ غَضَبًا”.

ومِنْ ذلكَ ما رواهُ أبو داود أنَّ رجلًا خرجَ في سفرٍ مع أصحابٍ لهُ فأصابَهُ حجَرٌ فشَقَّ رأسَهُ ثمَّ نامَ فاحْتَلَمَ، فسألَ أصحابه عنْ رُخْصةِ التَّيَمُّمِ، فأفْتَوْهُ بِغَيْرِ عِلمٍ وقالوا له: ما نَجِدُ لكَ رُخْصة، وأمَروهُ بالاغْتِسالِ بالماءِ، فاغْتَسَلَ فماتَ. فلَمّا بلَغَ ذلكَ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم غَضِبَ ودَعا عليهم فقال: “قتَلوهُ قَتَلَهُمُ الله ألَا سَألوا إذْ لمْ يَعْلَموا فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤال، إنّما كانَ يَكْفيهِ أنْ يَتَيَمَّمَ ويَعْصِبَ على جُرْحِهِ خِرْقة ثمّ يَمْسَحَ عليها ويَغْسِلَ سائِرَ جسَدِهِ”.

أمّا الغضبُ لحَظِّ النّفسِ ولأُمورِ الدّنيا فقدْ حذَّرَ منهُ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم وهو الذي أوْصَى أحدَ الصّحابةِ مرّة فقالَ له: “لا تغضَبْ” وكرَّرَها ثلاثًا.

فإنّهُ صلّى اللهُ عليه وسلّم يعْلَمُ شُؤْمَ الغضَبِ للدُّنيا وما يُؤَدِّي إليه مِنْ وقوعٍ في المعصيةِ وقَطيعةٍ للأرحامِ. بلْ وإنَّ البَعْضَ عندَما  يغْضب يَكْفُرُ باللهِ فيَسُبُّ اللهَ والعِياذُ باللهِ تعالى، وغضَبُهُ هذا ليسَ عُذرًا بلْ إنّهُ بهذا يَخرُجُ منَ الإسلامِ، ويجبُ عليه العَوْدُ إلى الإسلامِ فوْرًا بالنّطْقِ بالشهادتينِ.

اللهمَّ ثبِّتْنا على دينِ الإسلامِ وتوَفَّنا على كاملِ الإيمان وصلِّ اللهمَّ على سيِّدِنا محمّدٍ سيِّدِ وَلَدِ عدنان وعلى آلِهِ وصحْبِهِ وسلِّم، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.