الجمعة أبريل 19, 2024

تحمّل النبي صلى الله عليه وسلم الاذى والشدائد في نفسه في الدعوة إلى الله
ءاذى المشركون النبي صلى الله عليه وسلم اذى شديدًا إلى دين الله تعالى وتحمّل منهم عليه الصلاة والسلام في سبيل دعوته الشدائد والاذى الشديد، فلقد ضربوه واستهزؤا به وشتموه وقالوا عنه مجنون وساحر، وكانوا يواجهونه بفنون الهزء والغمز واللمز كلما مشى صلى الله عليه وسلم بينهم أو مرّ بهم في طرقاتهم أو نواديهم.
ومن جملة ألوان الأذى الشديد الذي لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين لأجل دعوتهم إلى الإسلام ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لمّا نزلت” وأنذِر عشيرتكَ الأقربين” سورة الشعراء. صعد النبيّ صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي:” يا بني فهر يا بني عُدي”_ لبطون قريش_ حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال_ اي النبيّ صلى الله عليه وسلم_: “أرايتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مٌصدَقيّ” قالوا: نعم ما جرّبنا عليك إلا صدقًا، قال صلى الله عليه وسلم”فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد” فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت “تبّت يدَآ أبي لهب وتب* ما أغنى عنهُ مالُهُ وما كَسَب” سورة المسد.

وقد كان عمّ النبي صلى الله عليه وسلم ابو لهب واسمه عبد العُزّى بن عبد المطلب يسبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وكانت امرأته أم جميل واسمها العوراء بنت حرب أخت أبي سفيان بن حرب والد معاوية تؤذي النبيّ صلى الله عليه وسلم وتمشي بالنميمة فكانت تنمُّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المشركين فقد كانت تنمّ فتُحرّش فتوقد العداوة، لذلك كنّى الله تعالى عنها في القرءان الكريم ب” حمّالة الحطب” سورة المسد.
ومن جملة الأذى الشديد الذي أؤذي به صلى الله عليه وسلم من قريش أنه كان يوما يصلي ورهط من قريش جلوس وسلا جزور(وهو كيس ولد الناقة بعد وضعه) قريب منه، فقال المشركون من يأخذ هذا السلا فيلقه على ظهره صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أحدهم وهو عُقبة بن ابي مُعيط :أنا ،فأخذه هذا الشقي فألقاه على ظهره صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ساجدًا لله عزّ وجل، فلم يزل عليه الصلاة والسلام ساجدًا حتى جاءت فاطمة رضي الله عنها فأخذت هذاالمستقذر عن ظهره صلى الله عليه وسلم ، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على قريش ويقول:” اللهم عليك الملأ من قريش، اللهم عليك بعتبة بن ربيعة، اللهم عليك بشيبة بن ربيعة، اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، اللهمّ عليك بعقبة بن ابي مُعيط، اللهم عليك بأبيّ بن خلف”، أو أمية بن خلف فتلوا هؤلاء جميعًا ثم سحبوا إلى القَليب غير أبيّ أو أمية، فإنه كان رجلا ضخمًا فتقطع كما ورد ذلك في الصحيحين.

وعن عروة بن الزبير ايضًا أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم :هل أتى عليك يوم كان اشدّ عليك من يوم أُحُد،قال صلى الله عليه وسلم ” لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على بن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب(موضع بقرب مكة) فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين (وهما جبلان عظيمان بمكة) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا .أخرجاه في الصحيحين.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّةً حتى غشي عليه، فقام ابو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي: ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله فقالوا: من هذا؟ فقالوا ابو بكر المجنون، فتركوه وأقبلوا على ابي بكر.
وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: لما مات أبو طالب عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه ترابًا فرجع صلى الله عليه وسلم إلى بيته فأتت امرأة من بناته تمسح عن وجهه التراب وتبكي، فجعل يقول صلى الله عليه وسلم :”أي بنيّة لا تبكين فإنّ الله مانع أباك”.
ومن شديد الأذى الذي تحمله النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في بدنه أنه صلى الله عليه وسلم يوم أحُد حين انكشف المسلون وداخلهم الرعب وأخذ المسلمون يقتتلون على غير شعار وأوجع المشركون في المسلمين قتالا ذريعًا حتى خَلُص الأمر إلى رسول الله صلوات ربي سلامه عليه فرمي صلى الله عليه وسلم بالحجارة حتى رُميَ لشقه واصيب رباعيته (السنّ المجاورة للناب) وشُجَّ صلى الله عليه وسلم في وجهه الشريف وجعل الدم يسيل على وجهه الشريف، فكان صلى الله عليه وسلم يمسحه وهو يقول:” كيف يصلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم؟” ثم جاءت السيدة الجليلة فاطمة رضي الله عنها وجعلت تغسل عنه الدم وعليّ رضي الله عنه يسكب الماء بالمجنّ، فلما رأت أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رَمادًا ثم ألصقته بالجرح فاستمسك.

وأنشد لسانُ الحال:
ويح قومٍ جفوا نبيّـًا بأرض** ألِفتهُ ضِيائهــا والظِباء
وجَفوهُ وحنّ جذعٌ إليه **وقلَــوهُ وودّهُ الغُربــاء
أخرجــوهُ منهــا وءاواهُ غـار** وحَمتهُ حمامــةٌ ورْقـاء
صلى الله عليك يا علم الهدى ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم