بلاء النبيّ صلى الله عليه وسلم في أصحابه
اشتد بلاء النبيّ صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين وخاصة السابقين الأولين منهم الذين تحملوا الأذى والشدائد من قومهم بسبب إسلامهم ونصرة دعوة نبيهم كبلال الحبشي مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وعمار بن ياسر وأمه سميّة وأبيه ياسر، أما عمار بن ياسر فعذبوه حتى انكسرت بعض اضلاعه وهو ثابت على دين الإسلام لا يتزلزل وعذبوا أمّه سُمية بنت حاطب وطعنها أبو جهل بحربة في قُبُلها فماتت فكانت أول شهيدة في الإسلام ، وعذبوا اباه وهو ياسر بن عامر الذي كان مع أهله من الصابرين، ومرّ عليهم رسول الله وهم يُعذبون فقال” صبرًا ءال ياسر فإن موعدكم الجنة”
وممّن عُذب في الله تعالى وابتاعهم أبو بكر الصديق ثم أعتقهم أم بلال الحبشي وابنها بلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وهذان عذبهما أحد المشركين واسمه أمية بن خلف وبالغ في تعذيبهما وبلال مع ذلك يقول” أحد أحد”.
ولقد قتل المشركون يومًا سبعين من اصحابه يُسمّون “القُرّاء” أرسلهم النبي عليه الصلاة والسلام لنشر دين الإسلام وتعليم أمور دينهم فكَمِن لهم المشركون في ناحية من الطريق وأجهزوا عليهم جميعًا بالقتل، فحزن عليهم النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا وبقي عليه الصلاة والسلام يقنتُ في صلاته يدعو على من قتلهم.
وفي غزوة أُحُد عندما هدأت الحرب بين الطرفين وانحسر المشركون منصرفين وقد زُهُوا بالنصر الذي أحرزوه ، بعد أن خالف المشركون الرماة الذين وضعهم النبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم على الجبل ليحموا ظهور المسلمين أوامر نبيهم القائد العظيم صلى الله عليه وسلم ثم انصرف المسلمون وفزعوا لقتلاهم، وكان فيهم حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم واليمان، وأنس بن النضر، ومصعب بن عمير، وعدد كبير غيرهم ماتوا شهداء رضي الله عنهم.
ولقد حزن النبي المصطفى وتأثر تأثرًا كبيرًا لمقتل عمه حمزة رضي الله عنه، وكان قد مُثل به فبُقر بطنه وجُدِع أنفه وأذناه.
وممّا يدل على عظيم العذاب والأذى الذي تعرض له الصحابة السابقون الأولون من جانب المشركين ما ورد عن ابي عبد الله خبّاب بن الأرتّ رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسّد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تَسْتنْصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم:” قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيُحفرُ له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على راسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصُدُّه ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون” رواه البخاري.
وفي رواية:” وهو متوسّدٌ بُردة وقد لقينا من المشركين شدّة”
لقد تحمّل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا من الشدائد وألوانًا من العذاب في سبيل دينهم وإيمانهم حتى مات منهم من مات تحت العذاب وعمي من عَمِي ولم يفتنهم ذلك عن دين الله شيئًا، وإن الحديث والبحث ليطول لو ذهبنا نسرد نماذج عن ألوان الأذى والعذاب الذي لاقاه كل منهم.