الخميس نوفمبر 21, 2024

(التَمْيِيزُ هُوَ الاسـم الـمنْصُوبُ الـمفَسِّرُ لـما انْبَهَمَ مِنَ الذَوَاتِ) (الحال تعرف ما انبهم من الهيئات أما التمييز فيعرف ما انبهم من الذوات. ليسَ الـحال تَكونُ مُبْهَمَة الذّات مُبْهَمَة لَيْسَ مَعروفا) وَناصِبُهُ ما قَبْلَهُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ عَدَدٍ أو مِقْدارٍ كَما سَيَظْهَرُ مِنَ الأَمْثِلَةِ، وَقَدْ يَكُونُ مَبْنِيًّا لـما خَفِيَ مِنَ النِّسَبِ كما سَيَتَّضِح بِالأمثلةِ أَيْضًا (نـحو قَوْلِكَ: تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقًا) فَتَصَبَّبَ فِعْلٌ ماضٍ، وَزَيْدٌ فاعِل، وَعَرَقًا تَمْيِيزٌ مَنْصُوبٌ بِالفتحةِ الظاهرةِ بالفعلِ قَبْلَهُ (أي الذي نَصَبَهُ الفِعْل)، وَهُوَ مُبَيِّنٌ لـما انْبَهَمَ مِنَ النِّسْبَةِ (لأَنَّكَ نَسَبْتَ التَّصَبُّب إلى زَيْد وَلَوْلا التَّمْييز لَكانت هذه النِّسْبَة مُبْهَمَة لأنَّكَ ما ذَكَرْتَ الذّات التي تَصَبَّبَها زَيْد) فَإِنَّ نِسْبَةَ التَّصَبُّبِ إلى زيدٍ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةِ العَرَقِ أو غَيْرِهِ (تَصَبَّبَ زَيْد أيش؟؟ عَرَقا، أَوْ غَيرِ العَرَق تَحْتَمِل. فَإِذا قُلْتَ عَرَقًا، بَيَّنْتَ الذات التي انْبَهَمَت. الذاتِ التي لـم تَكُنْ مُبَيَّنَة)، وَكَذا قَوْلُهُ (وَتَفَقَّأَ بَكْرٌ شَحْمًا وَطابَ مُحَمَّدٌ نَفْسًا) (قَدْ يَكونُ طابَ ريحا، قَدْ يَكونُ طابَ أخْلاقًا) كُلٌّ مِنَ التَّمْيِيزَيْنِ فِيهِما مُبَيِّنٌ لـما انْبَهَمَ مِنَ النِّسْبَةِ، وَكُلٌّ مِنَ التَّرْكِيبَيْنِ فِعلٌ وفاعِلٌ، وشَحْماً في الأولِ تَمْييز، وكَذا نَفْساً في الثاني، (وَاشْتَرَيْتُ عِشْرِينَ غُلامًا) (لَوْ قُلْتَ اشْتَرَيْتُ عِشْرين لا يُعْرَف عِشْرِين ماذا!! عِنْدَما قُلْتَ عِشرينَ غُلامًا بَيَّنَ ما انْبَهَمَ مِنَ الذَّوات فَهُوَ تَمييز) اشْتريْتُ فِعْلٌ وَفاعِل، وَعِشْرينَ مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ بِالياءِ لأَنَّهُ مُلـحقٌ بجمعِ الـمذكرِ السّالـم (تُعامَل مُعامَلَة الـجمْع الـمذكَّر السالـم وَإنْ لـم يَكُن جَمْع الـمذكَّر السالـم لأنَّهُ ليسَ لَهُ مُفْرَد مِنْ لَفْظِهِ. مُفْرَد عِشْرين ليس عِشر بلْ واحِد!! لِذلِكَ هُو مُلـحق بالـجمْع الـمذكَّر السالـم)، وغُلاماً تَمْيِيزٌ لِعِشْرِينَ لإِبْهامِها لِصَلاحِيَّتِها لِكُلِّ مَعْدُود، وَناصِبُ التَّمييزِ عِشْرين (ما الذي نَصَبَ غُلاما؟ عِشرين)، (وَملَكْتُ تِسْعِينَ نَعْجَةً) مَلَكْتُ فِعلٌ وفاعِل، تِسعينَ مَفعولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ بِالياءِ لأنَّهُ مُلـحقٌ بجمعِ الـمذكر، وَنَعْجَةً تَمييزٌ لِتِسْعِينَ مَنْصُوبٌ بِهِ كَما تَقَدَّمَ في عِشْرين، (وَزَيدٌ أَكْرَمُ مِنْكَ أَباً) (يَحتَمِل أَكْرَمُ مِنْكَ أُمًّا أوْ أَكْرَمُ مِنْكَ أَبًا أَوْ يَدًا) زَيْدٌ مُبْتَدأ، وأَكْرَمُ خَبَرُهُ، وَمِنْكَ جارٌّ ومـجرُور مُتَعَلِّقٌ بِأَكرمُ (الكاف ضَمير مُتَّصِل مَبني في محلّ جَرّ بِحَرْفِ الـجرّ بِمِنْ. كذلِكَ: مِنِّي مِنْهُ مِنْكَ علَيْكَ عَلَيْهِ عَلَيْكِ عَلَيَّ في الكُلّ الضَّمِير يَكونُ مَبْنِي في محلّ جَرّ بِحَرْفِ الـجرّ)، وَأَباً تمييزٌ مَنْصُوبٌ بِأَكْرم مُحَوَّلٌ عَنِ الـمبْتَدَأ (مُحَوَّلٌ عَنِ الـمبْتَدَأ لأَنَّ أَصْلِ الـجمْلَة أَبو زَيْدٍ أَكْرَمُ مِنْكَ ولَكِنَّنا أَرَدْنا أَنْ نُوَجِّه الاهتمام لِزَيْد فابْتَدَأنا بِزَيد، لِذلِكَ قالَ مُحَوَّلٌ عَنِ الـمبتدأ)، والأَصْلُ أبُو زيْدٍ أُكرمُ مِنْكَ فَحُوِّلَ التّركيبُ وَقِيلَ زَيْدٌ أَكرمُ مِنْكَ، فَحَصَلَ إْبْهامٌ (لَوْ قِيلَ زَيْدٌ أَكْرَمُ مِنْكَ فقط، لا يُعْرَف، صار فيهِ إبْهام!) في نِسْبةِ الإكْرامِيَّةِ إِلَيْهِ مِنْ أَيَّ جِهَة فَجِيءَ بالتَّمْييزِ لِبَيانِ ذَلكَ الإبْهام وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: (وَأَجْمَلُ مِنْكَ وَجْهًا) فأَجْملُ مَعْطوفٌ على أَكْرَم الواقِعُ خَبَراً عَنْ زيْدٍ والـمعْطُوفُ على الـخبرِ خَبَر (يَعنِي لَوْ قِيلَ زَيْدٌ أَكْرَمُ مِنْكَ أَبًا وَأَجْمَلُ مِنْكَ وَجْهًا أَجمَلُ تَكونُ خَبَر مَعطوفَة على أَكْرَم مِنْكَ جار وَمـجرور وَجْهًا تَمييز)، والتَّقديرُ زَيدٌ أَجْملُ مِنْكَ وجْهاً، فَزيدٌ مبتدَأ، وأجملُ خَبَرُهُ، وَمِنْكَ جارٌّ وَمـجرُور مُتَعَلِّقٌ بِأَجْمَل، وَوُجْهاً تَمْييزٌ مُحَوَّلٌ عَنِ الـمبْتَدَأ لإبهامِ نِسبةِ الأَجْمَلِيَّةِ إلَيْهِ، والأصلُ وَجْهُ زَيْدٍ أَجْمَلُ مِنْكَ فَفُعِلَ بِهِ ما تَقَدَّمَ. (وَلا يَكُونُ إلّا نَكِرَةً) يَعني أَنَّ التَّمْييزَ كالـحالِ لا يَكُونُ إلّا نَكِرَةً كما تقدمَ في الأَمثلةِ وأمّا قَوْلُهُ:

وَطِبْتَ النَّفْسَ يا قَيْسُ عَنْ عَمْرٍو     ….              

فَـ “الْ” فِيهِ زائِدَة (طِبْتَ فِعْلٌ وفاعِل النَّفْسَ تَمييز لأنَّهُ يَحْتَمِل طِبْتَ ريحًا، طِبْتَ يَدًا، فَنَفْسًا مَيَّزَت، لَكِنْ هذا التَّمييز وَإنْ كانت دَخَلَتْهُ “ال” لَكِنَّها زائِدَة). (وَلا يَكُون إلّا بَعدَ تَمامِ الكَلام) كَما تَقدَّمَ في الأَمْثِلَةِ أَيْضاً، وقَدْ يَتَقَدَّمُ إذا كانَ عاملُهُ مُتَصَرِّفاً كَقَوْلِهِ:

وَشَيْباً رَأْسِي اشْتَعلاً          …..

فَشَيْباً تَمْيِيزَ مُقَدَّمٌ علَى عامِلِهِ وهُو اشْتَعَل (ما هُوَ العامِل هُنا؟ ما الذي نَصَبَ شَيْبًا؟ الفِعْل اشْتَعَلَ وهذا الفِعْل مُتَصَرِّف فَيَجوز تـَقَدُّم التمييز عَلَيْهِ). واللهُ سبحانَهُ أعْلـم.