الجمعة مارس 29, 2024

(الـحالُ هُوَ الاسـم الـمنْصُوبُ الـمفَسِّرُ لـما انْبَهَمَ مِنَ الْهَيْئَاتِ) (لما تَذْكُرُ حَدَثًا لا تَكونُ هَيْئَتُهُ مُفَسَّرَة، فَتَأْتِي بالـحال لِبَيانِ الهَيْئَة الـمبهَمَة، الهَيْئَة الغَير مُفَسَّرَة. الـحال يُفَسِّر ما انْبَهَمَ مِنَ الْهَيْئَاتِ، جاءَ زَيْدٌ مُسْرِعًا) يَعني أَنَّ الـحالَ هُو الاسـم الـمنْصوبُ الـمفَسِّرُ لِهَيْئَةِ صاحِبِه عِنْدَ حُصُولِ مَعْنى عامِلِهِ (عِنْدَما تَقُول جِئْتُ مُسْرِعًا، جِئْتُ نَصَبَت مُسْرِعًا) فهُو وَصْفٌّ في الـمعنى لِصاحِبِهِ قَيْدٌ لِعامِلِهِ (وي قولك جاء زيد مسرعا، مسرعا قَيْد للـمـجيء لأنَّ الـمـجيء يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ ببُطء أو بسرعة أوْ بِتَوَسُّط فَعِنْدَ قَوْلِكَ مُسْرِعًا قَيِّدْتَ الـمـجيء بِكَوْنِهِ مُسْرِعًا فَهُوَ قَيْدٌ للعامِل الذي هُو الفِعْل جِئْتُ وهوَ وَصْفٌ لِصاحِبِهِ وَيُقالُ لَهُ حال وهوَ الاسـم الـمنصُوب الـمفَسِّرُ لـما انْبَهَمَ مِنَ الْهَيْئَاتِ. أمّا النَّعت فَهُوَ كَلـمة تُعْطِي وَصْف للـمنْعُوت يَتْبَعُ الـمنعوت في كُلِّ أَحْوالِهِ والاثنين يـمكِن حَذْفُهُما مِنْ غَيرِ أَنْ يَتَغَيَّر الـمعنَى)، (نـحوَ: جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبَاً) فَزَيْدٌ فاعِلُ جاءَ، وَراكبًا حالٌ مِنْهُ حَصَلَ بِها بيانُ هَيْئَتِهِ عندَ الـمـجيءِ فهِي حالٌ مِنَ الفاعِل، وناصِبُهُ الفِعلُ الـمذْكُورُ قبلَهُ (لأنَّه لولا الفِعْل لـما نُصِبَت، إذا حَذَفْنا جاءَ تَقولُ زَيْدٌ راكِبٌ، صارَت مُبتدأً وَخَبَرًا فالذي نَصَبَ الـحال هُوَ الفِعْل الذي جاءَ قَبْلَها). وَقَدْ تَأْتِي الـحالُ مِنَ الـمفْعُولِ كَما ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَرَكِبْتُ الفَرَسَ مُسْرَجًا) (أَيْ عَلَيْهِ السَّرْج. بَيَّنَ حالَهُ عِنْد حُصُولِ الفِعْل الذي هُوَ الرُّكُوب أَنَّهُ كانَ مُسْرَجًا) فالفَرسَ مَفعولُ ركِبْتُ، ومُسْرَجاً حالٌ مِنَ الفَرَسِ (لَيْسَ مِنَ الرّاكِب، مِنِّي) فهو حالٌ مِنَ الـمفْعُولِ، وَناصِبُها الفعلُ الـمذكورُ قبلَهُ (لأنَّه لَولا الفِعْل لَقُلنا الفَرَسُ مُسْرَجٌ)، (ولَقِيتُ عَبدَ اللهِ راكِبًا) (هُنا يَحْتَمِلُ الاثْنَيْن. يَحْتَمِلُ أَنَّنِي أَنا كُنْتُ راكِبًا ويَحْتَمِلُ أَنَّ عبْدَ الله كانَ راكِبًا) فعَبْدَ اللهِ مفْعولُ لَقِيتُ، وراكِباً يَحتملُ أنْ يكونَ حالاً من التاءِ وهي الفاعِل أو مِن عبدِ اللهِ وهو الـمفعُول، (وما أَشبهَ ذلك) من أمثلةِ الـحال، وقد تكونُ الـحالُ جملةً نـحو: جاءَ زيدٌ والشَّمسُ طالِعةٌ (التَّقدِير جاءَ زَيْدٌ حالَ طُلُوعِ الشِّمْسِ)، فالواوُ واوُ الـحالِ، والشَّمسُ طالعةٌ مبتدأٌ وخبر، والـجملةُ في محلِ نصب حال مِنْ زَيْد، وهي في قُوَّةِ قَوْلِكَ (أي كَأَنَّكَ قُلْتَ): جاءَ زَيْدٌ مُقارِناً طُلُوعِ الشَّمِسِ. (وَلا يكونُ الـحالُ إلّا نَكِرَة) يعني أنَّ الـحالَ لا تكونُ إلَا نكِرَةً كم في الأمثلةِ السابقَةِ وقد تأتي معرفةً فَتُؤَوَّلُ بِنَكِرَةٍ (تأْتي معرفةً بِمَعْنَى نَكِرَة. إذا جاءت مَعْرِفَة في الأَحوال التي تَأْتِي بِها مَعْرِفَة، تَكونُ مُؤَوَّلَةً بِنَكِرَة) نـحو: ادْخُلُوا الأَولَ فالأوَّل أَي مُرَتَّبِين (كَلـمة الأَوَّل مَعْرِفَة لَكِنَّها في مَعْنَى النَّكِرَة أَمّا الأَصْل في الـحال أَنْ تَأْتِيَ نَكِرَةً، لأنَّكَ إِذا قُلْتَ جاءَ زَيْدٌ الرّاكِبُ عِنْدَما تَصِيرُ مَعرِفَة لا تَقول الرّاكِبَ بالنصب في هذه الـحال، وإنما الرَّاكِبُ نَعْت)، واجْتَهِد وَحْدَكَ أَيْ مُنْفَرِدًا (وَلا يَكُونَ إِلّا بَعْدَ تِمامِ الكَلامِ) (الـحال لا يَأْتِي إِلّا بَعْدَ تَمامِ الكلام وإنْ حذَفَتَهُ يَصِحُّ الكلام مِنْ غَيرِهِ أي بدونه) كَما في الأَمْثِلَةِ السّابِقَةِ. وقَدْ يجِبُ تَقْديـم الـحالِ إذا كانَ لها صَدْرُ الكَلامِ (أَحيانًا تَكونُ الكَلـمة في لُغَة العَرَب تَأْتِي دائما في الأَوَّل، أي لها صدر الكلام، وَلَوْ كانت مَفعُولا بِهِ أو حالا أَوْ نـحو ذلِك) كَأَسـماءِ الاسْتِفْهامِ نـحو: كَيْفَ جاءَ زَيْدٌ (التَقْدِير جاءَ زَيْدٌ كَيْفَ؟ سُؤال عَنْ حالِهِ. كَيْفَ حال، لَكِنْ كَيْفَ لَها صَدْرُ الكلام لِذلِكُ يُقالُ كَيْفَ جاءَ زَيْدٌ وَكَيْفَ تَكونُ حالًا مَعَ أَنَّها في الأَوَّل)، وإعْرابُهُ كيْفَ اسـم اسْتِفْهامٍ مبنيُّ على الفَتحِ في محلِّ نَصْبٍ على الـحالِ مِنْ زيْدٍ، وَجاءَ زيدٌ فعلٌ وفاعِل، (وَلا يَكُونُ صاحِبُها (أيْ صاحِبُ الـحال مِثل زَيْد أَو الرَّجُل) إِلّا مَعْرِفَة) كَما في الأَمْثِلَةِ السّابِقَة، وَقدْ تَأْتي مِنَ النَّكرةِ سـماعًا (يَعنِي أَحيانًا سـُمعَ مِنَ العَرَب كلام فِيهِ صاحِبُ الـحالِ نَكِرَةٌ لَكِنْ هذا سـماع لا يُقاسُ عَلَيْهِ ليسَ قاعِدَة) ومنهُ الـحديث “صَلَّى رسول الله صلى الله عليهِ وسلـم جالِسًا وصلى وَراءَهُ رِجالٌ قِيامًا” (رُوِيَ الـحدِيث هكَذا لَكِنْ هذا سـماع لا يُقاسُ عَلَيْهِ) فَقِيامًا حالٌ مِنْ رِجال وهو نَكِرَة (صاحِبُ الـحال رِجال)، وهو يَحْفَظ ولا يُقاسُ عليهِ، وقدْ يكون صاحِبُها نَكرةً قِياسًا بِمُسَوِّغٍ مِنَ الـمسَوِّغات الـمذكورة في الـمطوّلات (وَقَدْ يَكونُ صاحِبُ الـحال نَكِرَة وَلا يُقاسُ عَلَى ذَلِك. تَسْتَطِيعُ أَنْ تنطِقَ بِمِثْلِ هذه الـجمْلَة أي تَقِيس عَلَيْها ضِمْن شُرُوط مُعَيَّنَة). والله سبحانه وتعالى أعلـم وَأحْكَم.