(الْبِدْعَةُ)
(الْبِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ علَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ) أَىْ مَا فَعَلَهُ فَاعِلٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْذُوَ فِيهِ حَذْوَ أَحَدٍ سَبَقَهُ (وَشَرْعًا) هِىَ (الْمُحْدَثُ الَّذِى لَمْ يَنُصَّ علَيْهِ) بِعَيْنِهِ (الْقُرْءَانُ) أَىْ لَمْ يُصَرِّحِ الْكِتَابُ بِالإِذْنِ فِيهِ (وَلا) أَذِنَ فِيهِ (الْحَدِيثُ) نَصًّا عَلَيْهِ (وَ)هِىَ (تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ) الْبُخَارِىِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ (عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) اﻫ (أَىْ مَرْدُودٌ) وَذَلِكَ أَنَّ الأَمْرَ الْمُسْتَحْدَثَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ دَاخِلًا تَحْتَ قَوَاعِدِ مَا حَثَّ عَلَيْهِ فَهُوَ (الْقِسْمُ الأَوَّلُ) الْمُسَمَّى (الْبِدْعَةَ الْحَسَنَةَ وَتُسَمَّى) أَيْضًا (السُّنَّةَ الْحَسَنَةَ) وَبِدْعَةَ الْهُدَى وَسُنَّةَ الْهُدَى (وَهِىَ الْمُحْدَثُ الَّذِى يُوَافِقُ الْقُرْءَانَ وَالسُّنَّةَ) وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً تَحْتَ قَوَاعِدِ مَا طَلَبَ الشَّرْعُ تَرْكَهُ فَهُوَ (الْقِسْمُ الثَّانِى) الْمُسَمَّى (الْبِدْعَةَ السَّيِّئَةَ وَتُسَمَّى) أَيْضًا (السُّنَّةَ السَّيِّئَةَ) وَبِدْعَةَ الضَّلالَةِ وَسُنَّةَ الضَّلالَةِ (وَهِىَ الْمُحْدَثُ الَّذِى يُخَالِفُ الْقُرْءَانَ وَالْحَدِيثَ. وَهَذَا التَّقْسِيمُ مَفْهُومٌ أَيْضًا) فَضْلًا عَنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ (مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ) اﻫ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَلَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ عَامٌّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِى انْقِسَامِ الْبِدْعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالدِّينِ إِلَى قِسْمَيْنِ حَسَنَةٍ وَقَبِيحَةٍ وَلِذَلِكَ قَالَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فِى جَمْعِ النَّاسِ فِى قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِى تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ اﻫ فَعَدَّ تِلْكَ الطَّاعَةَ بِدْعَةً وَسَمَّاهَا بِدْعَةً حَسَنَةً. وَقَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ الْبِدْعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالدِّينِ عَلَى ضَرْبَيْنِ كَمَا سَيَأْتِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلا يَجُوزُ قَصْرُ السُّنَّةِ الْحَسَنَةِ فِى هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا بِدَعْوَى أَنَّ سَبَبَ وُرُودِهِ أَنَّ النَّبِىَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ حَثَّ عَلَى التَّصَدُّقِ عَلَى قَوْمٍ فَجَاءَ شَخْصٌ بِشَىْءٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَتَبِعَهُ غَيْرُهُ حَتَّى اجْتَمَعَ عِنْدَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَكْفِى هَؤُلاءِ الْقَوْمَ فَقَالَ مَنْ سَنَّ إِلَى ءَاخِرِهِ فَإِنَّ السَّبَبَ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَاللَّفْظُ عَامٌّ وَالْعِبْرَةُ هُنَا كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الأُصُولِ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ اﻫ
كَمَا لا يَجُوزُ إِلْغَاءُ عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَجْلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مَرْفُوعًا مَنْ أَحْيَى سُنَّةً كَانَتْ أُمِيتَتْ إِلَخ اﻫ فَإِنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَانِ وَرَدَا عَلَى سَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا فَلا يُخَصُّ أَحَدُهُمَا بِالآخَرِ وَلا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ بَلْ يُعْمَلُ بِهِمَا فَيُقَالُ مَنْ أَحْدَثَ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرٌ وَمَنْ أَحْيَى سُنَّةً أُمِيتَتْ فَلَهُ أَجْرٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ بِلا لَبْسٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِى دَاودَ وَغَيْرِهِ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الأَحَادِيثِ كَمَا قَالَ النَّوَوِىُّ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ لا تُوَافِقُ الشَّرْعَ فَهِىَ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ وَسُنَّةٌ ضَلالَةٌ جَمْعًا بَيْنَ الأَدِلَّةِ وَمَنْعًا لإِلْغَاءِ أَىٍّ مِنْهَا.
(فَمِنَ الْقِسْمِ الأَوَّلِ) أَىِ السُّنَّةِ الْحَسَنَةِ أَوِ الْبِدْعَةِ الْحَسَنَةِ (الِاحْتِفَالُ بِمَوْلِدِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ) عَلَى مَا هُوَ مُشْتَهَرٌ (الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ مَلِكُ إِرْبِلَ فِى الْقَرْنِ السَّابِعِ الْهِجْرِىِّ) وَكَانَ عَالِمًا عَادِلًا شُجَاعًا مُجَاهِدًا كَثِيرَ الْكَرَمِ وَالإِحْسَانِ إِلَى الضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظُ السُّيُوطِىُّ وَغَيْرُهُ. (وَ)مِنْهُ (تَنْقِيطُ التَّابِعِىِّ الْجَلِيلِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ الْمُصْحَفَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالتَّقْوَى) تُوُفِّىَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ (وَأَقَرَّ) فِعْلَهُ (ذَلِكَ) الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَ(الْعُلَمَاءُ) بَعْدَهُمْ (مِنْ مُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ وَاسْتَحْسَنُوهُ) وَلَمْ يُضَلِّلُوا مَنْ فَعَلَهُ مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ دِينِىٌّ مُتَعَلِّقٌ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَمْ يَكُنِ) الْمُصْحَفُ (مُنَقَّطًا عِنْدَمَا أَمْلَى الرَّسُولُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى كَتَبَةِ الْوَحْىِ وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ لَـمَّـا كَتَبَ الْمَصَاحِفَ الْخَمْسَةَ أَوِ السِّتَّةَ) وَأَرْسَلَهَا إِلَى الأَمْصَارِ (لَمْ تَكُنْ) هَذِهِ (مُنَقَّطَةً. وَمُنْذُ ذَلِكَ التَّنْقِيطِ لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ فَهَلْ يُقَالُ فِى هَذَا إِنَّهُ بِدْعَةُ ضَلالَةٍ) وَهَلْ يُقَالُ إِنَّ كُلَّ الْمُسْلِمِينَ ضَلُّوا فِى هَذَا الأَمْرِ (لِأَنَّ الرَّسُولَ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَمْ يَفْعَلْهُ) وَلَمْ يُفْعَلْ بِحَضْرَتِهِ فَيُقِرَّهُ (فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ) عِنْدَ حَشَوِيَّةِ هَذَا الْعَصْرِ (فَلْيَتْرُكُوا هَذِهِ الْمَصَاحِفَ الْمُنَقَّطَةَ أَوْ لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنْقِيطَ مِنَ الْمَصَاحِفِ حَتَّى تَعُودَ مُجَرَّدَةً كَمَا فِى أَيَّامِ) سَيِّدِنَا (عُثْمَانَ) رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَقْرَءُوا فِيهَا عِنْدَئِذٍ. وَهَذَا الَّذِى ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْمُصْحَفَ نَصَّ عَلَيْهِ الْحُفَّاظُ وَالْمُؤَرِّخُونَ (قَالَ) الْحَافِظُ (أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِى دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ فِى كِتَابِهِ) الْمُسَمَّى كِتَابَ (الْـمَصَاحِفِ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْـمَصَاحِفَ يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ اﻫ)
(وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِى) أَىْ بِدَعِ الضَّلالَةِ (الْمُحْدَثَاتُ فِى الِاعْتِقَادِ) أَىِ الِاعْتِقَادَاتُ الْحَادِثَةُ عَلَى خِلافِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (كَبِدْعَةِ الْمُعْتَزِلَةِ) الَّذِينَ أَنْكَرُوا عُمُومَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِكُلِّ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَنْكَرُوا خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَنْكَرُوا قِيَامَ صِفَاتِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَالْحَيَاةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلامِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى (وَ)كَبِدْعَةِ (الْخَوَارِجِ) الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ كَافِرٌ مُخَلَّدٌ فِى النَّارِ (وَغَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ خَرَجُوا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِى الْمُعْتَقَدِ. وَ)مِنْهَا (كِتَابَةُ ص أَوْ صَلْعَمْ بَعْدَ اسْمِ النَّبِىِّ بَدَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَصَّ الْمُحَدِّثُونَ) كَالْحَافِظِ الْعِرَاقِىِّ وَالْحَافِظِ السُّيُوطِىِّ (فِى كُتُبِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ كِتَابَةَ الصَّادِ مُجَرَّدَةً) بَعْدَ اسْمِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (مَكْرُوهٌ وَمَعَ هَذَا لَمْ يُحَرِّمُوهَا فَمِنْ أَيْنَ لِهَؤُلاءِ الْمُتَنَطِّعِينَ الْمُشَوِّشِينَ أَنْ يَقُولُوا عَنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ) إِنَّهُ (بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ) وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا قِرَاءَةُ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ الْعَطِرَةِ وَأَخْبَارُ وِلادَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ لِلنَّاسِ وَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ عُمُومِ مَا أَمَرَ الشَّرْعُ بِهِ (وَ)مِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا (عَنِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِىِّ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (جَهْرًا عَقِبَ الأَذَانِ إِنَّهَا بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ) وَهِىَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ عُمُومِ الأَمْرِ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ إِذَا ذُكِرَ (بِدَعْوَى أَنَّ الرَّسُولَ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا فَعَلَهُ وَ)أَنَّ (الصَّحَابَةَ لَمْ يَفْعَلُوهُ) هَذَا تَحْرِيمٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَفَتْوًى بِغَيْرِ عِلْمٍ وَادِّعَاءُ قَاعِدَةٍ لا أَصْلَ لَهَا فِى الْكِتَابِ وَلا فِى السُّنَّةِ.
(وَمِنْهُ) أَىْ وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِى (تَحْرِيفُ اسْمِ اللَّهِ إِلَى ءَاهٍ وَنَحْوِهِ) عِنْدَ الذِّكْرِ (كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الطُّرُقِ فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْبِدَعِ الْـمُحَرَّمَةِ) قَالَ شَيْخُ شُيُوخِ الشَّاذِلِيَّةِ فِى وَقْتِهِ ظَافِرُ بنُ مُحَمَّد ظَافِر الْمَدَنِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِى الرِّسَالَةِ الظَّافِرِيَّةِ فِى ءَادَابِ الطَّرِيقَةِ الشَّاذِلِيَّةِ إِنَّهُ لا يَجُوزُ قَصْرُ لامِ لَفْظِ الْجَلالَةِ اللَّه فِى أَىِّ طَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتِ الذِّكْرِ مَهْمَا أَسْرَعَ بِهَا الذَّاكِرُ وَأَنَّ الذِّكْرَ بِلَفْظِ الْجَلالَةِ اللَّه يَكُونُ بِدُونِ حَذْفِ شَىْءٍ مِنْهُ وَلا يَكُونُ بِلَفْظِ هِىَ وَلا بِلَفْظِ ءَاهٍ اﻫ وَقَرَّظَ رِسَالَتَهُ هَذِهِ عِدَّةٌ مِنَ الْمَشَايِخِ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ فِى زَمَانِهِ اﻫ
(قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُحْدَثَاتُ مِنَ الأُمُورِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا أُحْدِثَ مِمَّا يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ أَثَرًا) أَىْ مِمَّا يُخَالِفُ الْقُرْءَانَ أَوِ الْحَدِيثَ أَوْ إِجْمَاعَ مُجْتَهِدِى الأُمَّةِ أَوْ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ لَهُ بَيْنَهُمْ (فَهَذِهِ الْبِدْعَةُ الضَّلالَةُ وَالثَّانِيَةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الْخَيْرِ وَلا يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إِجْمَاعًا وَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ) اﻫ (رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ بِالإِسْنَادِ) الْمُتَّصِلِ عَنِ الإِمَامِ الشَّافِعِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ (فِى كِتَابِهِ مَنَاقِبُ الشَّافِعِىِّ) وَانْظُرْ قَوْلَهُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ قَاضٍ عَلَى مُحَاوَلَةِ الْوَهَّابِيَّةِ تَأْوِيلَ كَلامِهِ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْبِدْعَةَ اللُّغَوِيَّةَ الَّتِى لا تَعَلُّقَ لَهَا بِالدِّينِ. وَانْظُرْ قَوْلَ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ السَّابِقَ الَّذِى رَوَاهُ الإِمَامُ مَالِكٌ وَالْبُخَارِىُّ وَغَيْرُهُمَا نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِى تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ اﻫ فَإِنَّهُ قَاضٍ عَلَى تَمَحُّلاتِ الْوَهَّابِيَّةِ وَمُحَاوَلَةِ تَأْوِيلِهِمْ لِكَلامِهِ بِمِثْلِ مَا حَاوَلُوا تَأْوِيلَ كَلامِ الإِمَامِ الشَّافِعِىِّ بِهِ فَإِنَّهُ يُوضِحُ بِلا لَبْسٍ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ بِدْعَةُ خَيْرٍ فِيهَا ثَوَابٌ لَكِنَّ تَأْخِيرَ الْقِيَامِ إِلَى ءَاخِرِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.