الخميس مارس 28, 2024

(بَيَانُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ شَامِلَةٌ فِى الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ فِى الآخِرَةِ)

 

   (وَاللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى الدُّنْيَا وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلًّا) فَالْمُؤْمِنُ تَنَالُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِى الدُّنْيَا وَتَنَالُ الْكَافِرَ أَيْضًا (أَمَّا فِى الآخِرَةِ فَرَحْمَتُهُ خَاصَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى) فِى سُورَةِ الأَعْرَافِ (﴿وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ أَىْ وَسِعَتْ فِى الدُّنْيَا كُلَّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ ﴿فَسَأَكْتُبُهَا﴾ أَىْ فِى الآخِرَةِ ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ أَىْ أَخُصُّهَا لِمَنِ اتَّقَى الشِّرْكَ وَسَائِرَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ) أَىْ لِمَنْ مَاتَ عَلَى الإِيمَانِ (وَقَالَ تَعَالَى) فِى سُورَةِ الأَعْرَافِ أَيْضًا (﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ أَىْ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْكَافِرِينَ الرِّزْقَ النَّافِعَ وَالْمَاءَ الْمُرْوِىَ فِى الآخِرَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَضَاعُوا أَعْظَمَ حُقُوقِ اللَّهِ الَّذِى لا بَدِيلَ لَهُ وَهُوَ الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) وَأَصَرُّوا عَلَى ذَلِكَ وَقَصَدُوا الْبَقَاءَ عَلَى الْكُفْرِ وَاجْتَنَبُوا الإِيمَانَ حَتَّى جَاءَهُمُ الْمَوْتُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَجَازَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعَذَابِ الْبَاقِى فِى الآخِرَةِ.

   (ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ) تَعَالَى (جَعَلَ الدُّخُولَ فِى الإِسْلامِ الَّذِى هُوَ أَفْضَلُ نِعَمِ اللَّهِ سَهْلًا وَذَلِكَ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجَعَلَ الْكُفْرَ سَهْلًا) كَذَلِكَ (فَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِاللَّهِ أَوْ شَرِيعَتِهِ) أَوْ رُسُلِهِ أَوْ دِينِهِ (تُخْرِجُ قَائِلَهَا مِنَ الإِيمَانِ وَتُوقِعُهُ فِى الْكُفْرِ الَّذِى هُوَ أَسْوَأُ الأَحْوَالِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ) تَعَالَى (أَحْقَرَ مِنَ الْحَشَرَاتِ وَالْوُحُوشِ) كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِى صَحِيحِهِ لا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمُ الَّذِينَ مَاتُوا فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الَّذِى يُدَهْدِهُهُ الْجُعَلُ بِأَنْفِهِ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ اﻫ وَ(سَوَاءٌ تَكَلَّمَ بِهَا جَادًّا أَوْ مَازِحًا أَوْ غَضْبَانَ) كَمَا سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ (وَقَدْ شُرِحَ ذَلِكَ فِى كُتُبِ الْفِقْهِ فِى الْمَذَاهِبِ) الأَرْبَعَةِ (الْمُعْتَبَرَةِ وَحَكَمُوا أَنَّ الْمُتَلَفِّظَ بِهَا يَكْفُرُ).

   وَفِى مَا (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى) فِى سُورَةِ الأَنْفَالِ (﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ[1] عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ عِبْرَةٌ لِذِى لُبٍّ.

(100) الدَّوَابُّ جَمْعُ دَابَّةٍ وَهِىَ كُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِنْ عَاقِلٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِى التَّاجِ وَالدَّابَّةُ اسْمُ مَا دَبَّ مِنَ   

      الْحَيَوَانِ مُمَيِّزِهِ وَغَيْرِ مُمَيِّزِهِ اهـ