المُؤَاخَاةُ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ:
قَالَ اللهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ ءاوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ . أحبابنا الكرام عِنْدَمَا وَصَلَ الرَّسُولُ العَظِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى يَثْرِبَ المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ خَرَجَ المُؤْمِنُونَ مِنْ أَهْلِهَا مُرَحِّبِينَ بِقُدُومِ النَّبِيِّ الكَرِيمِ وَصَاحِبِهِ الوَفِيِّ وَاسْتَبْشَرُوا بِقُدُومِهِمَا وَقُدُومِ الأَصْحَابِ كُلَّ خَيْرٍ. لَقَدْ جَمَعَهُمُ الإِسْلاَمُ وَوَحَّدَتْهُمُ العَقِيدَةُ وَأَلَّفَ النَّبِيُّ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ حَتَّى صَارُوا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ طَمَعٌ وَلاَ دُنْيَا وَلاَ يُبَاعِدُ بَيْنَهُمْ حَسَدٌ وَلاَ ضَغِينَةٌ. مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ البُنْيَانِ المَرْصُوصِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَمَثُلُهْم فِي تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ الوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الأَعْضَاءِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى.
لَقَدْ كَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ مَنْ تَرَكَ الدَّارَ وَالمَالَ وَالأَهْلَ وَالوَلَدَ وَالمَتَاعَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَمَاذَا قَدَّمَ الأَنْصَارُ؟ لَقَدِ اسْتَقْبَلَ الأَنْصَارُ إِخْوَانَهُمُ المُهَاجِرِينَ وَمَدُّوا لَهُمْ يَدَ المُسَاعَدَةِ وَالعَوْنِ حَتَّى كَانَ الأَنْصَارِيُّ يَقْسِمُ مَالَهُ وَمَتَاعَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ المُهَاجِرِ حبًا بالله ورسوله. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين والحمد لله رب العالمين.