الأحد ديسمبر 22, 2024

الردّ على الوهابيَّة أدْعِياء السلفِيَّة القائلين بأن التأويل تَعْطيل:

اعلم أخي المسلم أن القول “التأويل تَعْطيل” ليس مِن كلام أهل السُّنة إنما مِن كلام الوهابيّة المُشبِّهة الذين يَرَوْن أن تأويل الآيات المُتشابِهة أي إخراجها عن ظاهِرِها تَعْطيلٌ أي نَفْيٌ وكلامهم هذا مَرْدود لأن تَرْك التأويل وحَمْلَ الآيات المُتشابِهة على ظواهِرِها يُؤدِّي إلى تناقُض ءايات القرءان بَعْضها مع بَعْض والقرءان مُنَزَّه عن التناقُض، والذي أوْقَعَم في هذا هو أنهم لا يُؤمنون بوُجود مَوْجُود ليس في جهة ومكان وليس حَجْمًا فمِن أينَ يصحُّ لهم مَعْرِفة الله وهم على هذه الحال. فالوهابيَّة أدْعِياء السلفِيَّة تركوا تأويل الآيات التي تُوهِم ظواهِرُها أن الله له أعْضاء وحَمَلوها على الظاهِر فأثْبَتوا له الأعْضاء والإمام عليّ رضي الله عنه يقول: “سيَرْجِعُ قَوْمٌ مِن هذه الأمَّة عِنْدَ اقتِرابِ الساعةِ كُفارا يُنْكِرون خالِقَهُم فيَصِفونه بالجسْم والأعْضاء” رواه ابن المعلم القرشي في كتابه نجم المهتدي ورجم المعتدي، فالوهابيَّة إذًا هُمُ المُعَطِّلة وليس أهل السُّنة الذين يُثْبِتون لله ما أثْبَتَه لِنفسِه ولا يَصِفونه بالجسْم والأعْضاء وكلِّ ما كان مِن صِفات المَخْلوقين. كما أن الوهابيَّة أوَّلوا الآيات التي تُوهِم ظواهِرُها أن الله في جهة تَحْت، أمّا الآيات التي تُوهِم ظواهِرُها أن الله في جهة فَوْق يتركون تأويلها ويَحْمِلُونها على الظاهِر لأنهم يَعْتقدون أن جهة فَوْق كمال لله وجهة تَحْت نَقْص على الله وكلامهم هذا باطِل لأن الله لا يَتَشَرَّف بشىء مِن خلْقه، ومَن زعمَ ذلك جَعَلَ الله مُحْتاجًا لِغيره والاحْتِياج مُسْتحيل على الله. ألاَ ترى أن الملائكة مَسْكَنهم جهة فَوْق وهم لَيْسوا أفْضَل مِن الأنبياء الذين مَنْشَؤهم وحياتهم في جهة تَحْت إلى أن يموتوا فيُدْفَنوا فيها. فالأنبياء أفْضَل مِن الملائكة بدليل قوله تعالى: “وكُلاًّ فضَّلْنا على العالَمين” ثمّ إن المَلِك أو السُّلطان قد يَسْكُن في بَطْن الوادي وحُرَّاسُه يكونون على الأعالي، فهذا القِياس الذي تَعْتَبِرُه الوهابيَّة قِياس فاسِد لا يَلْتَفِت إلَيْه إلاّ مَن هو ضعيف العَقْل فاسِد الفَهْم. ونقول للوهابيَّة الذين يقولون إن التأويل تَعْطيل ويَمْنعون تأويل الآيات المُتشابِهة ويأخذونها على ظاهِرِها الله تعالى يقول مُخْبِرًا عَن عيسى أنه قال: “تَعْلَمُ ما في نفسي ولا أعْلَمُ ما في نَفْسِكَ إنّك أنتَ علاّم الغُيُوب “، تَعْلَمُ ما في نفسي أي ما في سِرِّي، ولا أعْلَمُ ما في نفسِك أي ما في سِرِّك، ولا يَعْلَم أحَد ما في سِرِّ الله بمعنى ما أخْفاه الله عَن عِباده فلا يَعْلَم الغَيْبَ أي لا يَعْلَم كُلَّ الخَفِيَّات أحَد إلاّ الله، فيُقال للوهابيَّة: هنا أنتم أثْبَتُم النفس لله لأنكم قلتم نأخذ الآيات على الظاهِر والله يقول: “كلُّ نَفْسٍ ذائِقَة المَوْت ” فَلْيُجيبوا عن هذا، إذًا فقد جَوَّزوا على الله المَوْت، مِن هنا يُعْرَف سخافة العقيدة الوهابيَّة. ويُقال لهم الله تعالى قال عَن سفينة نوح “تجري بأعْيُنِنا” وأنتم تمنعون التأويل وتقولون الله له عَيْن حقيقية فإذًا جَعَلْتم تِلْك السفينة بما فيها مِن بَشَر وبهائِم وبقر وكلاب وحمير في ذات الله، حاشى لله، تَجْري بأعْيُنِنا أي بحِفْظِنا لها وليس كما قالوا عَيْن حقيقية. هذا ابن باز زعيم الوهابيَّة وكان أعْمى قال له شخص أنتم تمنعون التأويل وتقولون التأويل تَعْطيل، فَما تقول في قول الله تعالى “ومَن كان في هذه أعْمى فهو في الآخرة أعْمى وأضَلُّ سبيلا” فقال ابن باز: إلاّ هذه الآية فإنها تُؤَوَّل. هؤلاء الوهابيَّة ضَرَرُهم كبير فاحْذروهم ولا يجوز تسميتهم بالسلفِيَّة كما أطْلَقوا على أنفسِهم تَمْويهًا على الناس لِيُوهِموا الناس أنهم مُتّبِعون للسَّلَف أهْل القرون الثلاثة الأولى التي تَلي الهِجْرَة وهم في الحقيقة ضِدّ السَّلَف.