الخميس أبريل 18, 2024

روى مسلم في صحيحه [(251)] في كتاب الصلاة، بَاب حُجَّةِ من قال: لا يُجهَرُ بالبسملة: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ كِلاَهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ قَالَ ابْنُ المُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ».

الرد على هذه الرواية من رواية البخاري في صحيحه [(252)] في كتاب فضائل القرءان، بَاب مَدِّ القراءة: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ كَانَتْ مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *} يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ». وقال الحافظ أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمـن بن الصلاح الشهرزوري (643هـ) في كتابه «معرفة أنواع علم الحديث»، وفي كتابه «مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث»[(253)]: ومثال العلة في المتن: ما انفرد مسلم بإخراجه في حديث أنس، من اللفظ المصرح بنفي قراءة (بسم الله الرحمـن الرحيم)، فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، من غير تعرض لذكر البسملة، وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له. ففهم من قوله: كانوا (يستفتحون بالحمد لله) أنهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فَهم وأخطأ لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة وليس فيه تعرض لذكر التسمية. وانضم إلى ذلك أمور منها: أنه ثبت عن أنس: أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم» اهـ.

ومثله قال الحافظ النووي (676هـ) في كتابه «إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق»[(254)]. ومثله قال أحمد محمد شاكر [(255)] (1377هـ) في حاشيته على كتاب «الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث» لابن كثير.

وقال الحافظ زين الدين العراقي [(256)] (806هـ) في كتابه «التقييد والإيضاح لما أُطلق وأُغلق من مقدمة ابن الصلاح»: وربما يعترض معترض على المصنف بأنك قدمت أن ما أخرجه أحد الشيخين البخاري أو مسلم مقطوع بصحته فكيف يضعف هذا وهو فيما أودعه مسلم كتابه، وأيضا فلم تعين من أعله حتى ينظر محله من العلم وما حكيته عن قوم لم تسمهم أنهم أعلوه معارض بقول أبى الفرج بن الجوزي في التحقيق عقب حديث أنس هذا أن الأئمة اتفقوا على صحته، والجواب عن ذلك أن المصنف لما قدم إنما أخرجه أحد الشيخين مقطوع بصحته قال سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطنى وغيره انتهى كلام المصنف، فقد استثنى أحرفًا يسيرة وهذا منها، وقد أعله جماعة من الحفاظ الشافعي والدارقطني وابن عبد البر، ولنذكر كلامهم في ذلك ليتضح ما أعلوه به، فأما كلام الشافعي رحمه الله فقد ذكره عنه البيهقي في كتاب معرفة السنن والآثار وأنه قاله في سنن حرملة جوابًا لسؤال أورده وصورة السؤال فإن قال قائل قد روى مالك عن حميد عن أنس قال صليت وراء أبى بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمـن الرحيم، قال: قال الشافعي: قل له خالفه سفيان بن عيينة والقفزاري والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية مؤمنين مخالفين له، قال: والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد ثم رجح روايتهم بما رواه عن سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال: «كان النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين» قال الشافعى يعنى يبدأون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها ولا يعنى أنهم يتركون بسم الله الرحمـن الرحيم.

وحكى الترمذي في جامعه عن الشافعي قال: إنما معنى هذا الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين معناه أنهم كانوا يبتدئون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة وليس معناه أنهم كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمـن الرحيم. انتهى.

وما أوله به الشافعى مصرح به في رواية الدارقطنى فكانوا يستفتحون بأم القرآن فيما يجهر به قال الدارقطنى هذا صحيح وقال الدارقطنى أيضا إن المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس أنهم كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، ليس فيه تعرض لنفي البسملة، وكذا قال البيهقى إن أكثر أصحاب قتادة رووه عن قتادة كذلك قال وهكذا رواه إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة وثابت البناني عن أنس انتهى.

وأما تضعيف ابن عبد البر له بالاضطراب فإنه قال في كتاب الاستذكار اختلف عليهم في لفظه اختلافًا كثيرًا مضطربًا متدافعًا منهم من يقول صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر ومنهم من يذكر عثمان ومنهم من لا يذكر فكانوا لا يقرأون بسم الله الرحمـن الرحيم، ومنهم من قال فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمـن الرحيم، وقال كثير منهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، وقال بعضهم فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمـن الرحيم، وقال بعضهم كانوا يقرأون بسم الله الرحمـن الرحيم، قال: وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء الذين يقرأون بسم الله الرحمـن الرحيم، والذين لا يقرأونها، وقال ابن عبد البر أيضًا في كتاب الإنصاف في البسملة بعد أن رواه من رواية أيوب وشعبة وهشام الدستوائى وشيبان بن عبد الرحمـن وسعيد بن أبى عروبة وأبى عوانة فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط بسم الله الرحمـن الرحيم من أول فاتحة الكتاب انتهى.

فهذا كلام أئمة الحديث في تعليل هذا الحديث، فكيف يقول ابن الجوزي إن الأئمة اتفقوا على صحته؟ أفلا يقدح كلام هؤلاء في الاتفاق الذي نقله. وقد رأيت أن أبين علل الرواية التي فيها نفي البسملة من حيث صيغة الإسناد، فأقول: قد ذكر ترك البسملة في حديث أنس من ثلاثة طرق وهى رواية حميد عن أنس ورواية قتادة عن أنس ورواية إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس فأما رواية حميد فقد تقدم أن مالكًا رواها في الموطأ عنه وأن الشافعي رضي الله عنه تكلم فيها لمخالفة سبعة أو ثمانية من شيوخه في ذلك وأيضًا فقد ذكر ابن عبد البر في كتاب الإنصاف ما يقتضى انقطاعه بين حميد وأنس فقال ويقولون إن أكثر رواية حميد عن أنس أنه سمعها من قتادة عن أنس وقد ورد التصريح بذكر قتادة بينهما فيما رواه ابن أبي عدي عن حميد عن قتادة عن أنس فآلت رواية حميد إلى رواية قتادة وأما رواية مسلم في صحيحه من رواية الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال صليت خلف النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمـن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها فقد بين الأوزاعي في روايته أنه لم يسمعه من قتادة وإنما كتب إليه به والخلاف في صحة الرواية بالكتابة معروف وعلى تقدير صحتها فأصحاب قتادة الذين سمعوه منهم أيوب وأبو عوانة وغيرهما لم يتعرضوا لنفي البسملة كما تقدم وأيضا ففي طريق مسلم الوليد ابن مسلم وهو مدلس وإن كان قد صرح بسماعه من الأوزاعي فإنه يدلس تدليس التسوية أى يسقط شيخ شيخه الضعيف كما تقدم نقله عنه نعم لمسلم من رواية شعبة عن قتادة عن أنس فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ بسم الله الرحمـن الرحيم ولا يلزم من نفي السماع عدم الوقوع بخلاف الرواية المتقدمة.

وأما رواية إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة فهى عند مسلم أيضا ولم يسق لفظها وإنما ذكرها بعد رواية الأوزاعي عن قتادة عن أنس فقال حدثنا محمد بن مهران حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أخبرنى إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة أنه سمع أنس بن مالك يذكر ذلك فاقتضى إيراد مسلم لهذه الرواية أن لفظها مثل الرواية التي قبلها وليس كذلك فقد رواها ابن عبد البر في كتاب الانصاف من رواية محمد بن كثير قال حدثنا الأوزاعي فذكرها بلفظ كانوا يفتتحون القراءة بالحمد رب العالمين ليس فيها تعرض لنفي البسملة موافقا لرواية الأكثرين وهذا موافق لما قدمنا نقله عن البيهقى من أن رواية إسحق بن عبد الله عن أنس لهذا الحديث كرواية أكثر أصحاب قتادة أنه ليس فيها تعرض لنفي البسملة فقد اتفق ابن عبد البر والبيهقي على مخالفة رواية إسحق للرواية التي فيها نفي البسملة وعلى هذا فما فعله مسلم رحمه الله هنا ليس بجيد لأنه أحال بحديث على آخر وهو مخالف له بلفظ فذكر ذلك لم يقل نحو ذلك ولا غيره فإن كانت الرواية التي وقعت لمسلم لفظها كالتي قبلها التي أحال عليها فترجح رواية ابن عبد البر عليها لأن رواية مسلم من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي معنعنًا ورواية ابن عبد البر من طريق محمد بن كثير حدثنا الأوزاعي وصرح بلفظ الرواية فهى أولى بالصحة ممن اتهم اللفظ وفي طريقه مدلس عنعنه والله أعلم.

«قوله» وانضم إلى ذلك أمور منها أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى.

وقد اعترض ابن عبد البر في (الإنصاف) على هذا الحديث بأن قال: من حفظه عنه حجة على من سأله في حال نسيانه، واعترض ابن الجوزي في التحقيق على هذا الحديث بأنه ليس في الصحاح فلا يعارض ما في الصحاح انتهى.

والجواب عن الأول ما أجاب به أبو شامة في تصنيفه في البسملة بأنهما مسألتان، فسؤال قتادة عن الاستفتاح بأي سورة، وفي صحيح مسلم أن قتادة قال نحن سألناه عنه قال أبو شامة وسؤال أبي مسلمة لأنس، وهو هذا السؤال الأخير عن البسملة وتركها انتهى.

ولو تمسكنا بما اعترض به ابن عبد البر من أن من حفظه عنه حجة على من سأله في حالة نسيانه لقلنا قد حفظ عنه قتادة وصفه لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم البسملة كما رواه البخاري في صحيحه من طريقين عن قتادة عن أنس، قال سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت مدًا ثم قرأ بسم الله الرحمـن الرحيم يمد «بسم الله ويمد الرحمـن يمد الرحيم» وهذا إسناد لا شك في صحته.

وقال الدارقطني بعد تخريجه: هذا حديث صحيح، وكلهم ثقات. وقال الحازمي: هذا حديث صحيح لا يعرف له علة، وفيه دلالة على الجهر مطلقًا وإن لم يقيد بحالة الصلاة فيتناول الصلاة وغير الصلاة قال أبو شامة وتقرير هذا أن يقال لو كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الصلاة وخارج الصلاة لقال أنس لمن سأله عن أي قراءتيه تسأل عن التي في الصلاة أم التي خارج الصلاة، فلما أجاب مطلقًا علم أن الحال لم يختلف في ذلك، وحيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات القرآن دل على أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة في قراءته، ولولا ذلك كان أنس أجاب الحمد لله رب العالمين أو غيرها من الآيات، قال: وهذا واضح.

قال: ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال لم يكن إلا عن قراءته في الصلاة، فإن الراوي قتادة وهو راوي حديث أنس ذاك وقال فيه نحن سألناه عنه انتهى.

ولم تختلف على قتادة في حديث البخاري هذا بخلاف حديث مسلم فاختلف فيه عليه كما بيناه وما لم يختلف فيه أولى عند الترجيح بحصول الضبط فيه والله أعلم.

والجواب عن الثاني وهو قول ابن الجوزي ليس في الصحاح أنه إن كان المراد أنه ليس في واحد من الصحيحين فهو كما ذكر ليس في واحد منهما ولكن لا يلزم من كونه ليس في واحد من الصحيحين أن لا يكون صحيحا لأنهما لم يستوعبا إخراج الصحيح في كتابيهما وإن أراد ليس في كتاب التزم مخرجه الصحة فليس بجيد فقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من رواية أبى مسلمة سعيد بن يزيد قال سألت أنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو بسم الله الرحمـن الرحيم فقال إنك لتسألني عن شىء ما أحفظه وما سألنى عنه أحد قبلك.

وقال الدارقطني بعد تخريجه هذا إسناد صحيح، قال البيهقي في (المعرفة): في هذا دلالة على أن مقصود أنس ما ذكره الشافعى انتهى.

وإن أراد ابن الجوزي بقوله إنه ليس في الصحاح أى ليس في أحد الصحيحين فلا يكون فيه قوة المعارضة لما في أحد الصحيحين وإن كان أيضا صحيحا في نفسه لأنه يرجح عند التعارض بالأصح منهما فيقدم ما في الصحيحين.

والجواب عن هذا إن كان أراده من وجهين أحدهما أن هذا إذا اتضحت المعارضة ولم يمكن الجمع فأما مع إمكان الجمع فلا يهمل واحد من الحديثين الصحيحين وقد تقدم حمل من حمله من الحفاظ على أن المراد بحديث الصحيحين الابتداء بالفاتحة لا نفي البسملة وبه يصح الجمع والوجه الثانى إنه إنما يرجح بما في أحد الصحيحين على ما في غيرهما من الصحيح حيث كان ذلك الصحيح مما لم يضعفه الأئمة فأما ما ضعفوه كهذا الحديث فلا يقدم على غيره لخطإ وقع من بعض والله أعلم.

قوله حكاية عن بعضهم ومن أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول انتهى.

أبهم المصنف قائل ذلك وهو الحافظ أبو يعلى الخليلي فقال في كتاب الإرشاد: إن الأحاديث على أقسام كثيرة صحيح متفق عليه وصحيح معلول وصحيح مختلف فيه إلى آخر كلامه». انتهى كلام الحافظ زين الدين العراقي من كتابه «التقييد والإيضاح».

ومثله قال الحافظ جلال الدين السيوطي (911هـ) في كتابه «تدريب الراوي»[(257)] وقال في رسائله في «نجاة والدَي النبي صلى الله عليه وسلم » في الرسالة الثانية[(258)] «التعظيم والمنَّة في أن أبوَي النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة»: وقد وقع في الصحيحين أحاديث كثيرة في هذا النمط، وَهِم فيها الرواة في بعض الألفاظ وبَيَّنها النقاد، منها: حديث مسلم في نفي قراءة البسملة، وقد أعلَّهُ الشافعي بذلك وقال: (إن الثابت من طريق آخر نَفيُ سَمَاعِها، فَفَهِمَ منه الراوي نَفيَ قراءتها، فَروَاهُ بالمعنى على ما فَهِمَهُ، فأخطأ)، في أشياء أُخَر مُثبتَةٍ في كُتُبِ الحديث» اهـ.

ومثل الحافظ العراقي قال محمد بن عبد الحيّ اللكنوي الهندي (1304هـ) في كتابه «ظفر الأماني»[(259)].

وقال الحافظ محمد بن عبد الرحمـن السخاوي (902هـ) في كتاب «الغاية في شرح الهداية» في علم الرواية للحافظ محمد ابن الجزري[(260)]: ثم العلة إما في الإسناد وهو الأكثر، كوصل مرسل أو منقطع، ورفع موقوف.

وأما فى المتن كالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من جهة الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه حدثه، أنه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمـن الرحيم، فى أول قراءة ولا في آخرها.

فقد أعل الشافعي رحمه الله تعالى وغيره هذه الزيادة التي فيها عدم البسملة، بأن سبعة أو ثمانية اتفقوا على:

الاستفتاح بالحمد لله رب العالمين خاصة دون نفي البسملة، والمعنى أنهم يبدأون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها.

ولا يعني أنهم يتركون البسملة، وحينئذ فكأن بعض رواته فهم من الاستفتاح بالحمد نفي البسملة فصرح بما فهمه وهو مخطئ فى ذلك.

ويتأيد بما صح عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه سئل: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو ببسم الله الرحمـن الرحيم؟ فقال للسائل: إنك لتسألني عن شىء ما أحفظه ولا سألني عنه أحد قبلك. وأهم من هذا في تعليل حديث الأوزاعي أن قتادة ولد أكمه، وكاتبه لا يعرف» اهـ.

وقال في كتابه «فتح المغيث شرح ألفية الحديث»[(261)]:

المعلَّل

وَسَمِّ مَا بِعِلَّةٍ مَشْمُولُ

 

مُعَلَّلاً وَلاَ تَقُل مَعلُولُ

وَهِيَ عِبارةٍ عن أسبابٍ طَرَتْ

 

فِيهَا غُمُوضٌ وَخَفَاءٌ أَثَّرَتْ

إلى أن قال: وَعِلَّةِ المتن كَنَفْيِ البَسْمَلَهْ

 

إذْ ظَنَّ رَاوٍ نَفْيَها فَنَقَلَهْ

وَصَحَّ أنَّ أَنَسًا يَقولُ: لا

 

أَحْفَظُ شيئًا فيه، حينَ سُئِلاَ

وقد نقل أحمد محمد شاكر (1377هـ) في شرحه على ألفية السيوطي[(262)] قول ابن الصلاح في كتاب العلوم، وقول العراقي في شرحه على ابن الصلاح، وقول السيوطي في التدريب.

ـ[251]   كتاب الصلاة: بَاب: حُجَّةِ من قال: لا يُجهَرُ بالبسملة (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1421هـ، ص156 رقم الحديث 399).

ـ[252]   كتاب فضائل القرءان: بَاب: مَدِّ القراءة (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1421هـ، ص952 رقم الحديث 5045).

ـ[253]   معرفة أنواع علم الحديث (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1423هـ ص191).

ـ[254]   إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق (دار البشائر، الطبعة الثانية 1411هـ ص102 – 103).

ـ[255]   الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (لابن كثير، دار الكتب العلمية ص63 – 64).

ـ[256]   التقييد والإيضاح لما أُطلق وأُغلق من مقدمة ابن الصلاح (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1417هـ ص98 – 99 – 100 – 101 – 102).

ـ[257]   تدريب الراوي (دار الكلم الطيب، الطبعة الأولى 1426هـ الجزء الأول ص291 – 292 – 293 – 294 – 295).

ـ[258]   التعظيم والمنَّة في أن أبوَي النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1432هـ ص101).

ـ[259]   ظفر الأماني (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1418هـ ص365 – 366 – 367 – 368 – 369 – 370).

ـ[260]   الغاية في شرح الهداية (مكتبة العلوم والحِكَم، الطبعة الثانية 1422هـ المجلد الأول ص312 – 313).

ـ[261]   فتح المغيث شرح ألفية الحديث (دار الكتب العلمية، الجزء الأول ص243).

ـ[262] ألفية السيوطي (دار اليوسف ص46).