الأحد ديسمبر 22, 2024

التحذير من كتب يوسف القرضاوي

* ومما يجب التحذير منه مؤلفات يوسف القرضاوي فإنه يثني ويمدح فيها حزب التحرير ومحمد بن عبد الوهاب وحركته المسماة بالوهابية التي تعتبر أخطر حركة معاصرة على المسلمين، وسيد قطب وجماعته حزب الإخوان، ويمتدح ابن تيمية والألبانيين وزعيم الوهابية الراحي عبد العزيز بن باز فكأنه جمع بين أشتات الفرق الضالة والعياذ بالله تعالى من الضلال.

ومن أعجب فتاويه أنه أباح بيع الخمر ولحم الخنزير في متاجر يملكها مسلمون إذا كان لا بد من بيعها بشرط أن تكون نسبة المواد المحرمة قليلة من جملة التجارة العامة [98]، وفي هذه الفتاوى تجرأ على الله وعلى شرعه، فأين في شرع الله أنه إذا كانت المواد المحرمة أقل من المواد الحلا يجوز بيعها، ألم يبلغه أن الله تبارك وتعالى سماها رجسًا، ألم يسمع بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن ماجه [99]: “لعنت الخمرة على عشرة أوجه: بِعَينها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وءاكل ثمنها، وشاربها، وساقيها”، ألم يسمع بحديث البخاري [100] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والأزلام ولحم الخنزير” فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال: “لا هو حرام”.

ومما يدل على أن القرضاوي ليس من أهل العلم ما ذكره في جريدة اللواء [101] من أنه ليس في مدح الفقر ءاية من كتاب الله ولا حديث واحد يصح عن رسول الله. كيف يعتبر بعض الناس هذا الرجل من أهل العلم وهو لا يدري أن الله تعالى مدح فقراء المهاجرين بقوله: {للفقراءِ المُهاجرينَ الذينَ أُخرِجوا من ديارهم وأموالهم يبتغونَ فضلاً منَ اللهِ ورضوانًا ويَنصُرونَ اللهَ ورسولهُ أولئكَ همُ الصادقون} [سورة الحشر/8]، وأورد البخاري في صحيحه بابًا سماه: “باب فضل الفقر”، وجاءت أحاديث عديدة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك منها ما رواه البخاري في صحيحه [102] عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء”، وما رواه الترمذي [103] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يدخل الفقراء الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام”، وما رواه الترمذي أيضًا [104] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه”.

ومن أعظم فتاويه نكارة ما ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد أحيانًا في الشرعيات ويخطئ في اجتهاده [105]، فالجواب: نسبة الخطإ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في التشريع كفر صريح مخالف لقوله تعالى: {وما ينطقُ عن الهوى* إن هوَ إلا وحيٌ يوحى} [سورة النجم/3-4]، ومخالف لحديثين صحيحين الأول: ما رواه الطبراني [106] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما منكم من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك غير رسول الله” فهذا صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخطئ في الحكم الشرعي ولا في اجتهاده في الشرعيات، والثاني: حديث مسلم [107]: “إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من أمر دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشئ من أمر دنياكم فإنما أنا بشر”، فرق صلى الله عليه وسلم بين كلامه في أمر الدين وبين كلامه في غير ذلك بأن كلامه في أمر الدين كله يؤخذ به وأنه لا يخطئ في ذلك. وفي قول القرضاوي هذا تسوية بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه قال إنه هو يجتهد فيصيب ويخطئ فقد ساوى بهذا نفسه بالرسول، وذكر الزركشي [108] أن القول الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد لا يخطئ، ونقل العلامة ابن أمير الحاج في كتابه التقرير والتحبير [109] امتناعه أي امتناع جواز الخطإ على اجتهاده صلى الله عليه وسلم، ونقله عن أكثر العلماء، وقال الرازي والصفي الهندي: إنه الحق، وجزم به الحليمي والبيضاوي، وذكر السبكي أنه الصواب وأن الشافعي نص عليه في مواضع من الأم لأنه أولى بالعصمة عن الخطإ من الإجماع لأن عصمته أي الإجماع عن الخطإ لنسبته إليه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وللزوم جواز الأمر باتباع الخطإ لأننا مأمورون باتباعه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {قُلْ إن كُنتم تُحبون اللهَ فاتبعوني يُحببكم الله} [سورة ءال عمران/31] إلى غير ذلك، انتهت عبارة ابن أمير الحاج.

ولم يكتف بذلك القرضاوي بل قدح في بعض كتبه بعصمة الأنبياء، وأنكر نبوة ءادم عليه السلام، إلى غير ذلك من الفتاوى الباطلة التي حشاها في كتبه، نسأل الله تعالى السلامة من الفتن.

[98] انظر البيان الذي صدر عن المجلس الأوروبي للإفتاء في دبلن في اجتماعه الثاني [ص/4]، وهذا المجلس رئيسه يوسف القرضاوي وأعضاؤه من حزب الإخوان ومنهم فيصل مولوي.

[99] أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الأشربة: باب لعنت الخمرة على عشرة أوجه.

[100] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب البيوع: باب بيع الميتة والأصنام، ومسلم في صحيحه: كتاب المساقاة: باب 71، والترمذي في سننه: كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام.

[101] جريدة اللواء -3تموز 1996، [ص/15].

[102] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق: باب صفة الجنة والنار، وباب فضل الفقر.

[103] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم.

[104] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب ما جاء في فضل الفقر.

[105] حلقة تلفزيونية على قناة الجزيرة بتاريخ 12/9/1999.

[106] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [11/269].

[107] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفضائل: باب وجوب امتثال ما قاله الشرع.

[108] البحر المحيط [6/218].

[109] التقرير والتحبير [2/300].