بسم الله الرحمن الرحيم
درسٌ ألقاه المحدث الشيخ عبد الله بن محمّد العبدري الحبشي رحمه الله تعالى في بيته وهو في التحذير من زلقات اللسان الموبقة. قال رحمه الله رحمةً واسعةً:
الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أما بعد فأوصيكُم بوصيةٍ مَن عملَ بها حفظ نفسه من الموبقات وهي حفظ اللسان. الرسول عليه السلام ذكر أنه فيما أُنزلَ على إبراهيم من المصحف العشرة وعلى العاقلِ أن يكون بصيرًا بزمانه مُقْبِلًا على شأنه حافظًا للسانه فمَنْ حَسَبَ كلامه مِن عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه([i]) اهـ.
حِفْظُ اللسان أمر مهم لأنَّ أكثر المهالك من اللسان. بسقطات اللسان قد يُفسدُ الشخصُ دينَهُ وقد يُفسِدُ بزلقات لسانِهِ أمرَ مَعيشَتِهِ. كثيرٌ من الناس إما في حال مزح أو في حال غضب يستدرجهم الشيطان إلى الكفر بكلمة خفيفة. الإنسان يخرج من الإسلام من غير أن تكون نيته أن يترك الإسلام إلى دين ءاخَرَ بكلمةٍ يخرج من دين الإسلام.
كثيرٌ من الناس يتكلمون بكلماتٍ هي كفرٌ في حكم الشرع تخرج من الإسلام وهم يتكلمون بها كأنها ليس بها بأسٌ ما فيها معصية.
علماء الإسلام كلُّهُم اتفقوا أنَّ مَن تكلم بكلمة معناها الاستخفافُ برسول الله أو بملائكة الله أو بأيّ نبيّ من الأنبياء أنه يكفر سواءٌ قصد الخروج من الإسلام إلى دين غيره أم لا وسواءٌ كان شارحًا صدره أو غير شارحٍ صدرَه طالما هو بعقله، ما نطق بها وهو غائب العقل ولا هي سبقُ لسان، ما لم يكن كذلك يخرج من الإسلام. على هذا علماء الإسلام من أيام الرسول إلى الآن إلا الذي هُدِّدَ بالقتل على أن يقول كلمة الكفر على أن يسُبَّ النبيَّ محمدًا أو يقول عيسى ابنُ الله أو يسجدَ لصنمٍ الذي هُدِّدَ بالقتل لا يكفر إذا قال تلك الكلمة لينقذ نفسه من القتل وهو غيرُ شارحٍ صدرَهُ بل يَكرَهُ تلك الكلمة. هذا الذي يُشترط للحكم عليه بالكفر أن يكون شارحًا صدره بالكفر أما غيرُه لا يشترط فيه أن يكون شارحًا صدره. غيرُ الـمُكرَهِ إن كان شارحًا صدره وإن كان غير شارحٍ صدره كفرَ.
القراءانُ الكريم يقول: ﴿إلا مَنْ أُكْرِهَ﴾([ii]) واليومَ بعض الناس ممن يدَّعون العلم يقولون كيفما تكلم الإنسان بالكفر ما لم يقصد الخروج من الإسلام إلى دينٍ غيرِهِ لا يكفرُ وما لم يشرح صدرهُ. منهم حسن قاطرجي. جماعتنا ردوا عليه بعد ذلك سكت. وطُلِبَ للمناظرة. هذا جميلٌ طلبَهُ للمناظرة ما وافق لكن بعد ذلك سكت هل غيّر اعتقاده أم لا الله أعلم. ويوجد مثل هذا القرضاويُّ هذا من أولئك. يقول لا يكفر الإنسان مهما تكلم بكلام الكفر ما لم يكن شارحًا صدره وناويًا الخروج من الإسلام.
هؤلاء يقولون المكره وغيرُ المكره لا يكفر ما لم يشرح صدره بكلمة الكفر عطَّلوا هذه الآية: ﴿إلا مَن أُكرِهَ﴾ هؤلاء ألغَوا ءايةً قرءانيةً ويكفيهم كفرًا.
وأيضًا رجلٌ كان يتكلم في إذاعة سورية قال المرأة متى ما تطيبت وخرجت فهي زانية مهما كانت نيتُها إن كانت نيتها أن تفتن الرجال أو أن تفرح بنفسها هذه زانية، وقال أيضًا هذه الكلمةَ أن الإنسان إذا تكلم بكلمة الكفر لا يخرج من الإسلام إلا أن يقصد الخروج من الإسلام. احذروا هؤلاء وأمثالَهم.
انتهى والله تعالى أعلم.
[i])) رواه ابن حبان في صحيحه باب ذِكر الاستحبابِ للمرءِ أن يكونَ لهُ مِنْ كُلِّ خيرٍ حَظٌّ رَجاءَ التخلُّصِ في العُقبَى بشيءٍ منها.
[ii])) سورة النحل/الآية 106.