الأحد يونيو 16, 2024

الدرس الرابع والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

التحذير من حزب سيد قطب

تحذيرٌ حذّر بهِ الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ الهرري  الحبشي رحمهُ اللهُ مِن بعضِ الغُلاةِ المتطرفينَ بعضَ المسلمينَ الأمريكيّينَ الذينَ جاءوا يَزورونَهُ في سويسرة في مورج قرب لوزان ليلةَ السبتِ العشرينَ من ذي القَعدة سنة عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق لخمس وعشرين من شهر شباط سنة ألفين ر قالَ رحمهُ الله رحمةً واسعةً:

الحمد لله ربّ العالمين له النعمةُ وله الفضلُ وله الثناءُ الحسنُ وصلواتُ اللهِ البَرّ الرحيمِ والملائكةِ المقرَّبينَ على سيدنا محمّدٍ وعلى ءاله وأصحابه الطيبين.

أما بعدُ فقبلَ أن يَعملَ جماعةُ سيد قطب تلكَ الجرائمَ من قتلٍ وتخريبٍ كانَ الناسُ يعطِفونَ على الغريبِ إذا لَقُوا غريبًا في الطريقِ يسألونَهُ ما اسمهُ ومن أينَ أما بعدَ جرائمهم التي عمِلُوها الناسُ لا يلتفتون إلى الغريبِ يخافونَ أن يكونَ منهم مَنْ هُوَ من هذه الجماعةِ. في مدينة حمص كانوا إذا لقوا غريبًا في الطريقِ يُقبِلونَ عليهِ ببشاشةٍ يسألونَهُ ما اسمهُ ومن أيّ بلدٍ ويصيرُ التعارفُ، فمُنذ فتنةِ هذه الفئةِ انقطعَ هذا لأنهُ صارَ تنافرٌ بينَ الناسِ يخافُ هذا من هذا حتى أهلُ البلدِ يخافُ بعضُهُم من بعضٍ فكيفَ الغريبُ. أولَ ما عمِلوا تلكَ الجرائم الحكومةُ السوريةُ صارت إذا رأت شابًّا يدخلُ إلى المسجد تقبضُ عليه تأخذهُ انقطعَ الشبابُ عنِ المساجدِ إلا الرجال الكبارَ لأنَّ جماعةَ سيد قطب يستحِلُّونَ قتلَ من ليسَ منهم، وذلكَ لأنهم كانوا قبلَ أن يُعرَفوا بالاغتيالاتِ والقتلِ يُدرّبون شبابهم في المساجدِ في الليل يخبِّؤونَ السلاحَ في المساجدِ ثمَّ لما ظهرَ أمرُهُم فعرفتِ الدولةُ أنهم اتّخذوا المساجدَ مركزَ تدريبٍ على القتالِ واختزانِ الأسلحةِ صاروا يُشَدِّدونَ على مَن يدخلُ المسجدَ، الشبابُ انقطعوا لأنّهم يُؤخَذُونَ يُحبَسُونَ ويُحقَّقُ معهم فبعدَ أذًى وخوفٍ شديدٍ يُطلِقونَ مَنْ ليسَ منهُم ومَن هو منهم كان يُحبَسُ فمِنَ الناسِ مَنْ حُبِسَ بسببهم. طفلٌ كانَ معهم كانَ عمرهُ لما أُخِذَ نحوَ سبع سنينَ دخلَ السجنَ وهوَ ابنُ سبعِ سنينَ وخرجَ وهوَ ابنُ نحوِ ثلاثٍ وعشرينَ، إلى هذا الحدّ فِتْنَتُهُم بلَغَتْ.

كلُّ هذهِ الجرائمِ في صحيفةِ سيد قطب مُسجلةٌ عليهِ لأنهُ هُوَ الذي شقَّ هذا الطريقَ مَن مشى مع جماعتِهِ هذا صارَ مُسلمًا بزعمهم أما الذي لا يمشي معهم ولا يُوافقهم عندهم كافرٌ دمُهُ حلالٌ. مَن شقَّ طريقَ فسادٍ وفتنةٍ ذنبُهُ يُكتَبُ عليهِ وذنوبُ منِ اتّبعهُ، بعدَدِ مَنِ اتَّبعهُ يُكتَبُ عليه، كلُّ هذهِ الجرائم التي عمِلها جماعةُ سيد قطب مُسجلةٌ عليه كما أنَّ الذي يفتحُ طريقَ خيرٍ جديدٍ موافقةً للقرءانِ ولشريعةِ الرسولِ عليه السلامُ يُكتَبُ لهُ أجرُهُ وأجرُ مَنِ اتّبعه إلى يوم القيامةِ من غيرِ أن ينقصَ من أجورهم شيء.

الناسُ قبلَ أن يظهَروا بأعمالهم كانوا يظنّونَهم يحبّونَ العبادةَ في المساجدِ يحبّونَ المكثَ في المسجدِ، كانوا يحسّنونَ الظنَّ بهم ثمَّ ظهرَ أنهم إنما كانوا يتردّدونَ إلى المسجدِ لتهيئةِ وتنفيذِ ما يُريدونَ من اغتيال الناسِ الذين لا يتبَعُونَهم.

أخبَروني أنَّ هذا عمر عبد الرحمن جاءَ إلى سويسرة قبلَ أن يُحبَسَ التَقَى بأحدِ جماعتنا ليُناقشهُ فقالَ مُعترضًا على الحكم بأنه لا يجوزُ أن يأخذ الرجل زوجته إلى الكنيسة قال مُعترضًا لماذا لا يجوز هيَ ماذا تفعل هل هيَ تزني هي ذهبت لِتَعبُدَ ربَّها اهـ هكذا قالَ مِن سفاهتهِ. إذا كان هذا حالَ رؤوسهم فكيفَ الأتباعُ.

حُجَّتُهُم أي حزبِ الإخوانِ في تكفير المسلمينَ واستحلالِ دمائهم شيءٌ واحدٌ وهوَ على زعمهم الذي يحكُمُ بغير القرءان ولو بقضيةٍ واحدةٍ خرجَ من الإسلام. اليومَ الرُّؤساءُ كلُّهم، الرؤساءُ العربُ وغيرُ العرب يحكمون بغير القرءان فعِندَ هؤلاءِ كلُّ واحدٍ منهم كافرٌ لأنه حكم بغير القرءان ولو كان يحكمُ في بعضِ الأمور بحكم القرءانِ لكن لأنهُ حكمَ في بعضِ الأشياء بغير القرءان صار كافرًا والرعيةُ التي تعيشُ معه عندهم كفارٌ لأنهم يعايشون هذا الحاكم، بهذا يستحلّونَ دماءَ المسلمينَ.

ومَنشأ هذا الحكمِ الباطل أنّهم فهِموا ءايةً منَ القرءان على غيرِ وجهِها بينَما علماءُ الإسلامِ من أيامِ الرسول إلى الآن ما فهِموا كما هُم يدَّعُونَ، العلماءُ فهِموها على أنَّ معناها أنَّ مَن حكمَ بغير الشرعِ وقعَ في ذنبٍ يُشبِهُ الكفرَ ما فَهِموها على أنَّ معناها الكفرُ الذي يُخرجُ منَ الإسلامِ وبعضُ علماء الإسلام قالوا تلكَ الآيةُ نزلتْ في الكُفارِ ليسَ في المسلمين أي في ذمّ الكفار وهذه الآيةُ هيَ ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِما أنزلَ اللهُ فأولئكَ هُمُ الكافرُونَ([1]) بعضُ الصحابةِ قالَ ليسَ معناها الكفرُ الذي يُخرِجُ منَ الدين إنما معناها أنهُ ذنبٌ يشبهُ الكفرَ اهـ وقالَ صحابيٌّ ءاخرُ هذه الآيةُ تعني الكفّار اليهودَ لأنَّ هذهِ الآيةَ نزلت بسبب أنَّ اليهود زنَى منهُم رجلٌ بامرأةٍ وكانَ كلٌّ منهُما مُتزوِّجًا قالوا نذهبُ إلى محمدٍ نسألهُ ماذا يقولُ في حكم هذينِ فإنْ قالَ يُرجَمان لا نأخذُ بكلامِهِ فسألوهُ فقالوا ما حكم هذينِ قال الرسول صلى الله عليه وسلم الرجمُ فلم يُوافقوا قالَ لهم هذا الذي في التوراةِ فأحْضِرَتِ التوراةُ فالذي يقرأُها وضعَ يدهُ على هذا الموضع الذي فيهِ أنَّ الرجلَ والمرأةَ إذا كانا مُتزوِّجينِ ثمَّ عمِلا الزنى يُرجَمانِ أي يُرمَيانِ بالحجارةِ حتى يموتا فقالَ لهُ رجلٌ ءاخرُ كان عالـمَ اليهودِ فأسلمَ أزِحْ يدكَ فأزاحَ فإذا هيَ فيها الحكمُ بالرجمِ على الزانِيَينِ المتزوجَينِ فأنزلَ اللهُ هذه الآية ﴿ومَن لَّم يحكُمْ بما أنزلَ اللهُ فأولئكَ هُمُ الكافرونَ﴾ مع ءاياتٍ قبلَها في ذمّ اليهودِ لأنّهم غيّروا حكم التوراةِ كانوا الشخص إذا زنى يُرْكِبُونَهُ الحمارَ فيُسَوّدونَ وجههُ بالدّخانِ يدورونَ بهِ في الناس، بدلَ الرجم صاروا يفعلون هذا وزعموا أنه حكم الله تعالى، غيَّروا حكم التوراة. اليهودُ هم بدأوا أولًا بتحريفِ التوراةِ ثمَّ النصارى بعدما طلعَ المسيحُ إلى السماء بمائَتَي سنةٍ بدأوا يحرِّفونَ الإنجيلَ لكنَّ النصارى لعبوا بالإنجيل حتى صار عددُ الأناجيلِ عندَهم فوقَ الستين ثم بعضُ ملوكِ النصارى قال لهم ما هذا اتفِقوا على عددٍ وأتلِفوا ما سواهُ فاتفقوا على أربعةٍ وأتلفوا ما سواه. أما نحنُ المسلمون فقُرءانُنا مضى عليه ألفٌ وأربعمائةِ سنةٍ لم يُغيَّرْ ولم يُبَدَّلْ هُوَ هوَ.

هذا دليلٌ أنَّ هذه الأمةَ أفضلُ الأمم هيَ بعدُ مُقرَّةٌ بشريعةِ نبيّها وبالكتابِ الذي أنزلَ على نبيّها. تلكَ الكتبُ التوراةُ والإنجيلُ والزبورُ ما كانوا يحفظونها إنما يقرأون نظرًا. أما أمةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ابنُ ست سنين حفِظَ فيما مضى، حتى في عصرِنا ابنُ سبع سنين ابن ثمان سنوات ابنُ اثنتي عشرةَ وابنُ عشرينَ وابنُ ثلاثينَ وابنُ أربعينَ ومَن فوق ذلك يحفظونه، هذا أيضًا دليلٌ على أنّ أمةَ محمدٍ أفضلُ من أمةِ عيسى المسلمينَ الذينَ كانوا معهُ وأمةِ موسى وسليمانَ وداودَ ومن كل أمم الأنبياء. الآن هؤلاء الذين يُقال لهم قساوسة لا يحفظون هذا الإنجيل المحرّفَ أما الأصلُ أتلفوه ذهبَ واليهودُ حاخاماتُهم لا تحفظُ هذه التوراة المحرفة التي بأيديهم إنما يقرأونها من كتابٍ.

قبل ثلاثينَ سنةً أيام جمال عبد الناصر غلامٌ ابنُ ست سنواتٍ حفظَ القرءان. هذا الذي يُقال له بابا روما لا يحفظ هذا الإنجيل المحرف وهوَ إمامُ كل نصرانيّ على مذهبه على وجه الأرض.

أولُ هذه الأمة أفضلُ من ءاخرِها لكنْ في كلٍّ خيرٌ. ءاخرُ هذه الأمةِ لا يكونُ مثلَ أيام الصحابة والتابعينَ.

انتهى والله تعالى أعلم

 

[1])) سورة المائدة/الآية 44.