الأحد نوفمبر 3, 2024

فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

فقد قال في حقه من جمعَ بين خَلقِهِ وخـُلـُقِه: (وكان بالمؤمنين رحيماً) [الأحزاب 43] وبشّر من صلى عليه من أمته بالفضل في جنته بالإكرام فقال الله تعالى: (تحيتهم يومَ يَلقـَوْنـَهُ سلامٌ وأعدَّ لهم أجراً كريماً) [الأحزاب 44]

فيا معشرَ العصاة ما أغفلَكم عن الصلاة عليه فإنها تكفِّرُ ذنباً عظيماً وتورث عزاً وتكريماً، فأكثروا من الصلاة عليه وافعلوا ما ندَبَكم مولاكم إليه تلقـَون جنةً ونعيماً، وتُجَنـَّبون عذاباً وجحيماً، وقد أمر الله بالصلاة عليه تنبيهاً لنا وتفهيماً وتذكيراً لنا وتعليماً (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) [الأحزاب 56]، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلوا عليّ فإن صلاتكم عليّ زكاةٌ لكم واسألوا الله تعالى ليَ الوسيلة) قالوا: يا رسول الله وما الوسيلة؟ قال: (أعلى درجةٍ في الجنة لا ينالها إلا رجلٌ واحدٌ وأنا أرجو أن أكون ذلك الرجل)، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن صلى عليّ صلاةً واحدةً صلى الله عليه بها عشرَ مرات، ومن صلى عليّ عشرَ مرات صلى الله عليه بها مائة مرة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من صلى عليّ صلاةً من تِلقاءِ نفسِه صلى الله عليه بها عشرَ صلوات وكتب له بها عشر حسنات وحطّ عنه بها عشرَ خطايات ورُفِعَ بها عشرَ درجات)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أكثروا عليّ من الصلاة في يوم الجمعة فإن صلاة أمتي تُعرَض عليّ في يوم الجمعة، فمن كان أكثرَهم عليّ صلاةً كان أقربَهم مني منزلةً).

قال سفيان الثوري رضي الله عنه: رأيتُ رجلاً في البادية لا يرفعُ قدماً ولا يضع أخرى إلا وهو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا هذا قد تركتَ التسبيحَ والتهليل وأقبلت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهل عندك من هذا شيء؟ قال: من أنت؟ قلت: أنا سفيان الثوري، فقال: لولا أنت غريب في أهل زمانك ما كشفتُ عن حالي ولا أطلعتك على سري، ثم قال: خرجت أنا ووالدي حاجّين إلى بيت الله الحرام حتى كنا في بعض المنازل مرِض والدي فقمتُ لإعالجه فبينما أنا عند رأسه مات واسودّ وجهه، فجرّيتُ الإزارَ على وجهه فغلبتني عيناي فنمت فإذا أنا برجل لم أر أجمل منه وجهاً ولا أنظف منه ثوباً ولا أطيب منه ريحاً يرفع قدماً ويضع قدماً أخرى، حتى دنا من والدي فكشف الثوب عن وجهه وأمرّ بيده على وجهه فعاد وجهُه أبيض ثم ولّى راجعاً، فتعلقتُ بثوبه فقلت له: من أنت يرحمك الله لقد منّ الله بك على والدي في دار الغربة؟ فقال: أوَ ما تعرفني؟ أنا محمد بن عبد الله أنا صاحب القرءان، أما إن والدك كان مسرفاً على نفسه ولكن كان يكثر الصلاة عليّ، فلما نزل به ما نزل استغاث بي فأنا غياث من أكثر الصلاة عليّ. فانتبهتُ فإذا وجهه أبيض.

يا من يجيب دعا المضطر في الظُلَمِ = يا كاشفَ الضر والبلوى معَ السَقَمِ

شفّعْ نبيَك في ذلي ومسكنتي = واستر فإنك ذو فضلٍ وذو كرمِ

واغفر ذنوبي وسامحني بها كرماً = تفضلاً منك يا ذا الفضل والنِعَمِ

وقد وعدتَ بأن ندعو وتجيب لنا = وقد دعَونا فجُد بالعفو والكرمِ

إخواني: أكثروا من الصلاة على هذا النبي الكريم فإن الصلاة عليه تكفّرُ الذنبَ العظيم، وتهدي إلى الصراط المستقيم، وتقي قائلها من العذاب الأليم، وتحظي في الجنة بالنعيم المقيم.

وقد قيل في بعض الروايات أن للمصلين على سيد المرسلين عشر كرامات:

إحداهن: صلاةُ الملك الغفار

الثانية : شفاعة النبي المختار

الثالثة: الاقتداء بالملائكة الأبرار

الرابعة: مخالفة المنافقين والكفار

الخامسة: محو الخطايا والأوزار

السادسة: قضاء الحوائج والأوطار

السابعة: تنوير الظواهر والأسرار

الثامنة: النجاة من النار

التاسعة: دخول دار القرار

العاشرة: سلام العزيز الجبار

هذا النبي محمدٌ خيرُ الورى               ونبيُهم وبه تشرّف ءادمُ

هو في المدينة ثاوياً بضريحه            حقاً ويسمعُ مَن عليه يسلّمُ

وإذا توسل مستضامٌ باسمه               زال الذي من أجله يَتوهّمُ

صلى عليه اللهُ جل جلاله                 ما راحَ حادٍ باسمه يترنمُ

وأنشد أبو سعدٍ محمد بن الهيثم محمد السلمي:

أما الصلاةُ عليه فسيرةٌ                    مَرْضيةٌ تُمحى بها الآثامُ

وبها ينال المرءُ عزَ شفاعةٍ            يَثنى بها الإعزازُ والإكرامُ

كن للصلاة على النبي ملازماً           فصلاته لك تحيةٌ وسلامُ

الجنة ونعيمها وحورها وقصورها جزاءٌ لمن يصلي ويسلم عليه صلى الله عليه وسلم.