عدم تتبع عورات الناس:
ومن حسن الخلق والمعاملة مع الناس أن لا يتتبع الواحد منا عورات الناس، فإن الناس ينفرون ممن هذه خصلته. يروي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: (الطويل)
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى وحظك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معابياً فصنها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسن
ولا يجوز ذكر عورات الناس إن لم يكن لسبب شرعي كالتحذير الواجب. ومن منا لا يخلو من العيوب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ستر على مسلم عورة فكأنما أحيا موؤدة” معناه الذي يستر عورة مسلم له ثواب عظيم كأنه أحيا البنت التي قتلت صغيرة بدفنها حية، كأنه أنقذها قبل أن تموت، فالذي يستر على المسلم شيئاً مستقبحاً أن يطلع عليه الناس فكأنما خلص هذه المؤودة من الوأد.
كان مسلمة من أصحاب رسول الله وكان والياً في مصر جاءه ذات يوم الحاجب فقال له: إن بالباب رجلاً بدوياً يستأذن فقال: من أنت؟ فأجاب: البدوي جابر بن عبد الله فأشرف عليه وقال: أنزل إليك أم تصعب إلي فقال: لا تنزل إلي ولا أصعد إليك بلغني أنك رويت الحديث المذكور فأجاب بأنه صحيح. الستر على المسلم مطلوب فيه حسنة كبيرة وهذا الذي يستر عبداً له أيضاً أن يستره الله تعالى يوم القيامة والفضيحة هناك أشد لأنه في الدنيا يجتمع عدد قليل من الناس فيعلمون بهذه الفضيحة أما في يوم الجمع يجتمع الأولون والآخرون. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة”.
وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا”. والحسد هو تمني زوال النعمة عن أخيك المسلم واستثقالها وعمل بمقتضاها وعن الاحنف بن قيس: “خمس هن كما أقول لا راحة لحسود ولا مروءة لكذوب ولا وفاء لملوك ولا حيلة لبخيل ولا سدد لسيء الخلق.
وأما التحسس فهو التفتيش عن عيوب الناس بالعين. وأما معنى ” ولا تدابروا” فهو نهي عن مثل ما يحصل من بعض الناس عندما يدخل إلى مجلس يوليه ظهره ليظهره أنه يقاطعه. أي أن يعرض عن المسلم ويهجره ويجعله كالشيء الذي وراء الظهر والدبر. هذا فيه إيذاء للمسلم فيتولد من ذلك ترك التعاون لما هو مأمور به من التعاون على إزالة المنكر أو أداء الفرائض، فالمسلمون إذا تحسدوا وتباغضوا يتقاعسون عن البر والتقوى والأمر الذي يعين على هذه الأشياء هو مخالفة النفس فإنها تعين على كثير من أعمال البر التي تقرب إلى الله. قال الله تعالى (وأما من خاف مقام ربه، ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) القرآن حثنا على مخالفة الهوى، الهوى ما تميل إليه النفس، النفس مجبولة على حب أشياء حب الشهوات كالأكل والشرب وغير ذلك وعلى حب التعالي وعلى حب الترفع وهذا أمر مذموم عند الله ثم فيه ضرر على الشخص يضره في دينه، فإن مخالفة النفس أمر مهم.
قال الله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).