الجمعة أكتوبر 25, 2024

الـمَجلِسُ الأوّلُ: في فَضلِ الصِّيام

ثبت في «الصَحِيحين» وعن النّسائيّ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «قَالَ اللهُ تعالى: كُلُّ عَمَلِ([1]) ابْنِ ءَادَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي([2]) وَأَنَا أَجْزِي بِهِ([3])، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ([4])، إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفَثُ وَلَا يَصْخَبْ([5])، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُل: إِنِّي صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ([6]) لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ([7])، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ([8]) تعالى فَرِحَ([9]) بِصَوْمِهِ».

فالصّومُ مِن الأعمالِ المضاعَفةِ أضعافًا كثِيرةً يَعلَمُها الله تعالى، وإنّ في الصِّيَامِ صَبرًا فقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، ولهذا ورَد عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أنّه سَمَّى شَهرَ رمضانَ شَهرَ الصَّبْر، وفي حديثٍ ءاخر عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ» أخرجَه الترمذِيّ.

والصبر ثلاثةُ أنواع: صبرٌ على طاعة اللهِ، وصبرٌ على محارم الله، وصبرٌ على البلاء، وتجتمع الثلاثةُ في الصّوم فإن فيه صبرًا على طاعة الله، وصبرًا عمّا حرَّم الله على الصائم مِن الشهوات، وصبرًا على ما يحصل للصائم فيه مِن الَم الجوع والعطَش وضَعفِ النَّفْس والبدَن.

واعلم أنّ مضاعفةَ الأجر للأعمال تكون بأسبابٍ منها:

  • شرَفُ المكانِ المعمُولِ فيه ذلك العمَلُ: ففي سُننَ ابن ماجه بإسناد ضعيف عن ابن عبّاسٍ مرفوعًا: «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ فَصَامَهُ وَقَامَ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ كَتَبَ اللهُ لَهُ مائَةَ أَلْفِ شَهْرٍ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهُ»([10]).
  • وشرَفَ الزّمان: ففي سُنَن الترمذِي عن أنسٍ قال: سُئِلَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الصَّدَقَةِ أفضَلُ؟ قال: «صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ»، وفي الصّحِيحَين عن ابن عبّاسٍ مرفوعًا: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً».
  • وشرَفُ العامِل عِندَ الله: فلا يَستوِي الصّائمُ الـمُجتنِبُ للمحرَّمات معَ الصّائمِ مِن عُصاةِ المؤمنِين.

والصائم يتقرَّب إلى الله([11]) بتَركِ ما تَشتهِيه نَفسُ هذا الصّائِم مِن طعامٍ وشرابٍ ونِكاحٍ، وفي التقرُّب بتَرك هذه الشهَواتِ بالصِّيام فوائِدُ، مِنها:

  • كَسرُ النّفْس عَن الشّهواتِ: فإنّ الشِّبَع والرِيّ ومباشرةَ النِّساء كثيرًا ما يَحمِل على الغَفلةِ عن الاشتِغال بالطّاعات.
  • وتخَلِيَةُ القَلبِ للفِكر والذِّكر: فإنّ تَناوُلَ هذه الشّهواتِ وتتبُّعها قد يُقسِّي القَلبَ ويَحولَ بَين العَبدِ وبينَ ذِكرِ اللهِ والخُشوعِ له، وخُلُوّ الباطِن مِن الطّعام والشّارب يُنوِّر القَلبَ ويُزِيل القَسوةَ ويَحمِلُ على الذِّكر والفِكر.
  • ومعرِفةُ الغَنيّ قَدرَ نِعمةِ الله علَيه: فإنّ المشَقّةَ تحمِلُ الغنِيَّ على التَفكُّر في معنَى فَقْدِ فضُولِ الطّعامِ والشّرابِ والنِّكاحِ الّذي مُنِعَها الفقراءُ وأُنعِمَ بِها عليه، فيكون ذلكَ أحرَى ليشكُر اللهَ على نِعَمِه ويرحمَ أخاه المحتاجَ ويواسِيَه بما أمكَن مِن ذلك.
  • وسُكونُ وَساوس الشّيطانِ: فإنّ الصِّيامَ يُضيِّق مَجارِيَ الدَّمِ مِن ابنِ ءادمَ، وقد جاء في الحديث الصّحيح مرفوعًا: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسانِ مَجْرَى الدَّمِ»([12])، فكثيرًا ما تَسكُن بالصِّيام وَساوِسُ الشّيطانِ.
  • وانكسارُ سَوْرةِ الشّهوةِ والغضَب: وقَد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ البَاءَة فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنْ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ»، أي: مُسكِّنٌ لشَهوةِ النِّكاح مِن غيرِ ضرَر.

ويَجِبُ على الإنسانُ تَركُ ما حَرَّم اللهُ تعالَى في كُلّ حالٍ مِن الكَذِب والعُدوانِ على النّاسِ في دِمائِهم وأموالِهم وأعراضِهم بغَير حَقّ، ولا يَقُلِ الصّائمُ: «تَركتُ الأكلَ والشُّربَ لكنّي لا أصبِرُ على تَركِ الغضَبِ المؤدِّي إلى الاعتداءِ على النّاسِ»، لأنّ ذلكَ مَجلَبةٌ للحَسرةِ والخَيبة والخُسران، ولهذا قال النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلِ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»([13]) أخرَجه البخاري، وقال بعضُ السّلَف: «أهوَنُ الصِّيَامِ تَركُ الشَّرابِ والطَّعامِ»، وقال جابِرٌ رضي الله عنه: «إِذَا صُمتَ فلْيصُمْ([14]) سَمعُكَ وبصَرُك ولِسانُكَ عنِ الكَذِب والـمَحارِم، ودَعْ أذَى الجارِ، وليَكُن علَيكَ وَقارٌ وسَكِينةٌ يَومَ صَومِك، ولا تَجعَلْ يَومَ صَومِكَ ويَومَ فِطرِكَ سَواءً».

إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمْعِ مِنِّي تَصَاوُنٌ

 

 

وَفِي بَصَرِيْ غَضٌّ وَفِي مَنْطِقِي صَمْتُ

فَحظِّي إِذًا مِنْ صَومِيَ الجُوْعُ وَالظَّمَأُ

 

 

فَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَوْمِيْ فَمَا صُمْتُ([15])

   

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ» وسِرُّ هذا أنّ التقرُّب إلى الله تعالى([16]) بتَركِ المباحاتِ لا يَكمُل إلا بَعد التَقرُّب إليه بتَرك الـمُحرَّمات، وإنْ كان صَومُه مُجزِئًا لأنّ العمَل إنّما يَبطُل بارتِكابِ ما نُهِي عنه فيه([17]) لخصُوصِه دُونَ ارتِكابِ ما نُهِيَ عنه لِغَيرِ معنًى يَختَصُّ به. ثُمّ الصّائِمُون على طبَقتَين:

إحداهُما: مَن ترَك طعامَه وشَرابَه وشَهوتَه لله تعالى يرجُو الأجرَ عِوَض ذلك في الجنّة، فلِهذا ما نوَى، وقد قال النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللهِ إلَّا أَعْطَاكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ» أخرَجه الإمامُ أحمدُ. فهذا الصائِمُ يُعطَى في الجنّة مِن الطّعامِ والشَّرابِ والنِّساءِ ما لا يُضاهِيه نَعِيمُ الدُّنيا، قال اللهُ تعالى إخبارًا عن بعضِ ما يكون لأهلِ الجنّة فيها: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}([18]) [الحاقة: 24]، قال مجاهدٌ وغيرُه: نزَلَتْ في الصائِمين([19]).

وفي الصّحِيحَين عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

ورَى الطبرّاني في «الأوسط» والبيهقيّ في «فضائِل الأوقات» عن ابن عُمرَ مرفوعًا: «إِنَّ الْجَنَّةَ تُزَخْرَفُ لِرَمَضَانَ مِنْ رَأْسِ الْحَوْلِ([20]) إِلَى حَوْلِ قَابِلٍ، فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ هَبَّتْ رِيحٌ تَحْتَ الْعَرْشِ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ عَلَى الْحُورِ الْعِينِ فَيَقُلْنَ: يَا رَبِّ اجْعَلْ لَنَا مِنْ عِبَادِكَ أَزْوَاجًا تَقَرَّ بِهِمْ أَعْيُنُنَا وَتَقَرَّ أَعْيُنُهُمْ بِنَا».

حُكِي أنّ بعضَ الصالِحِين كانَ كَثِيرَ التهَجُّد والصِّيامِ فصَلَّى ليلةً في المسجِد ودَعا فغلَبَتْهُ عَيناهُ فرأى في مَنامِه جماعةً عَلِمَ أنّهُم ليسُوا مِن الآدمِيِّينَ، بأيدِهم أطباقٌ علَيها أرغِفةٌ بَياضَ الثَّلجِ، فوقَ كُلّ رَغِيفٍ دُرٌّ كأمثالِ الرُمّان، فقالوا: كُلْ، فقال: إنِّي أُرِيدُ الصّومَ، قالوا له: يأمُرُك مالِكُ هذا البَيتِ أنْ تأكُل، فأكلَ وجعَلَ يأخُذ ذلك الدُرَّ ليَحتَمِلَه فقالوا له: دَعْهُ، نَغرِسُه لك شجرًا يَنبُت لك خَيرًا مِن هذا، قال: أين؟ قالوا: في دارٍ لا تَخرَبُ، وثَمَرٍ لا يَتغيَّرُ، ومُلكٍ لا يَنقطِعُ، وثِيابٍ لا تَبلَى، فيها رِضًى وغِنًى، وقُرّة العينِ أزواجٌ رَضِيّاتٌ مرضِيّاتٌ راضِياتٌ لا يَغَرْنَ ولا يُغِرْنَ، فعلَك بالانكمِاشِ فيما أنتَ فيه فإنّما هي غَفْوةٌ حتّى تَرتحِلَ فتَنزِلَ الدّارَ، فما مكَث بَعد هذه الرُّؤيا إلا جُمُعتَين حتّى توُفّي، فرءاه ليلةَ وَفاتِه في المنامِ بَعضُ أصحابِه الّذِين حَدَّثَهُم برُؤياه وهو يقُول: لا تَعجَبْ مِن شجَرٍ غُرِس لي في يَومِ حَدَّثتُك وقد حمَل، فقال له: حمَل بماذا؟ قال: لا تَسألْ عمّا لا يَقدِرُ أحَدٌ على صِفَتِه.

يا قومِ ألا راغِبٌ في هذا الشّهرِ فيما أعدَّهُ اللهُ للطّائعِين في الجِنانِ، ألا طالِبٌ لِمَا أخبر بِه مِن النَّعِيم الـمُقِيم معَ أنّه ليسَ الخبَرُ كالعِيان.

مَنْ يُرِدْ مُلْكَ الجِنَانِ

 

فَلْيَدَعْ عَنْهُ التَّوَانِي

 

وَلْيَقُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ إِلَى نُوْرِ القُرَاْنِ

وَلْيَصِلْ صَوْمًا بِصَوْمٍ([21])

 

إِنَّ هَذَا العَيْشَ فَانِي

 

 

إِنَّمَا الْعَيْشُ جِوَارَ اللهِ([22]) فِي دَارِ الْأَمَانِ

ثانِيهِما: مَن يصُوم في الدُّنيا عمّا سِوَى ما يُرضِي اللهَ، فيَحفَظُ الرّأسَ وما حوَى والبَطن وما وعَى، ويَذكُر الموتَ والبِلَى، ويُرِيدُ الآخِرَة فيَترُك زِينةَ الدُّنيا، ففرَحُ هذا يكون يومَ لِقائِه النّعِيم في الجِنانِ.

أَهْلُ الخُصُوصِ([23]) مِنَ الصُّوَّامِ صَوْمُهُم

 

 

صَوْنُ اللِّسانِ عَنِ البُهْتَانِ وَالكَذِبِ

وَالعَارِفُونَ([24]) وَأَهْلُ الأُنْسِ([25]) صَوْمُهُمْ

 

 

صَوْنُ القُلُوبِ عَنِ الأَغْيَارِ([26]) وَالحُجُبِ([27])

   

روَى الشّيخان في «الصّحِيحَين» أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ([28]) لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ تَعالَى مِنْ رِيحِ الـمِسْكِ». وخُلوفُ الفِمِ رائحةُ ما يَتصاعَدُ منه مِن الأبخِرةِ لِخُلُوّ الـمَعِدة مِن الطّعامِ بالصِّيام، وهي رائحةٌ مُستكرَهةٌ في مَشامِّ النّاسِ في الدُّنيا عادةً، لكنّها أورثَتْ صاحِبَها أثرًا طَيِّبًا وهو الثّوابُ مِنَ الله حيث كانتْ ناشِئةً عن طاعتِه وابتِغاءَ مَرضاتِه، كما جاءَ في شأنِ دَمِ الشّهِيد في حديثٍ رواهُ ابنُ حِبّانَ في صَحِيحِه عن مُعاذٍ مرفوعًا: «مَن جُرِحَ جُرحًا في سَبيلِ اللهِ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحُهُ كَرِيحِ الْمِسْكِ، لَوْنُهُ لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ، عَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ»([29]) الحديثَ.

وروَى التّرمذيُّ مِن حدِيث أبي الحارِث الأشعريّ مرفوعًا أنّ زَكرِيَّا عليه السلام أمَر قومَه بالصِّيام وقال: «فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا ، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».

 

قال الحافظُ أبو القاسِم بنُ عَساكِرَ: أنْشَدنا الـمُملِي لِنَفْسِه:

يَا إخْوَتي قَدْ جَاءَ شَهْرُ الصِّيامِ

 

 

وَهْوَ يُوَافِي مَرَّةً كلَّ عَامِ

فَعَظِّمُوا حُرْمَتهُ إِنَّهُ

 

 

أَوْلَى شُهُورِ العَامِ بِالِاحْتِرَامِ

صُومُوا وصُونُوا الصَّوْمَ عَنْ كلِّ مَا

 

 

يُفْسِدُهُ مِنْ عَمَلٍ أوْ كَلَامِ

وَاجْتَنِبُوا الغِيْبَةَ فِي صَوْمِكُمْ

 

 

وَالفُحْشَ وَالكِبْرَ وَأكلَ الحَرامِ

   

وَسَبِّحُوا مَوْلَاكُمْ وَاقْرَؤُوا

 

 

كِتَابَهُ فَهُوَ شِفَاءُ السِّقَامِ

ثُمَّ إِذَا أَفْطَرْتُمُ فَاحْمَدُوا الرَّبَ عَلَى الشُّرْبِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ

وَسَبِّحُوا مَوْلَاكُمُ وَاقْرَؤُوا

 

 

كِتَابَهُ فَهْوَ شِفَاءُ السِّقَامِ

وَنَزِّهُوا يَا إِخْوَتِي لَيْلَهُ عَنِ الدَّنَايَا وَارْتِكَابِ الآثَامِ

   

لَعَلَّكُمْ إِنْ قُمْتُمْ بِالَّذِي قُلْتُ

 

 

لَكُمْ تَحْظَوْا بِدَارِ السَّلَامِ

[1])) أي: عمَلٍ صَالِحٍ.

[2])) قال شيخُنا الإمام الهرريُّ رحمه الله: «بَعضُهم فسَّره فقال: بِما أنّ الصّائمَ لا يَعرِفُ بصَومِه إلّا صاحبُه وأنّه صائمٌ للهِ تعالى، فعمَلُه هذا بَعِيدٌ مِن الرِّياء، أمّا الصّلاةُ والحجُّ والزّكاةُ كُلُّ هذا شيءٌ يَراهُ النّاسُ، فالرِّياءُ إليه أقربُ وأكثَرُ».

[3])) فِيه بَيانُ عِظَم الصِّيام وأنّ الله تعالَى يجزي عليه الأجرَ العظيمَ والثواب الجميلَ.

[4])) أي: سَبٌ لِلوقايةِ مِن النّارِ أو باعِثٌ على الانكِفافِ عنِ المعاصِي.

[5])) أي: لا يُخاصِم.

[6])) أي: تحتَ مَشِيئتِه وتصرُّفِهن واللهُ منزَّهٌ عن الجارِحة والعُضوِ

[7])) مَعناهُ: ثَوابُه أعظَمُ مِن ثَوابِ التَطيُّب بالـمِسك، قاله شيخُنا الهرريُّ، وليسَ معناه أنّ الله يُوصَف بالشَمِّ والإحساسِ، حاشا، فاللهُ لا يُوصَف بشيءٍ مِن صِفاتِ المخلوقات.

[8])) أي: لَقِيَ جَزاءَ عمَلِه الّذي أعدَّه اللهُ لهذا العبدِ.

[9])) أي: العَبدُ.

[10])) أي: ضُوعِف له الثّوابُ إلى مائةِ ألْفٍ.

[11])) أي: قُربًا معنويًّا بالطّاعات، أمّا القُربُ الحِسِّيّ فمُستحيلٌ على اللهِ تعالى، فاللهُ تعالى موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا كيفٍ ولا مكانٍ ولا جِهةٍ.

[12])) والأنبياءُ عليهِمُ السّلامُ خارِجُون عن ذلكَ، فإنّ الشّيطان لا يدخُل أجسادَهُم.

[13])) ليسَ معناه أنّ اللهَ يَحتاجُ إلى العَبدِ في أنْ يَدَعَ طعامَه وشرابَه، فاللهُ تعالَى لا يحتاجُ إلى أحدٍ ويَحتاجُ إليه كلُ أحد، ومعنى الحديث انّ الله لا يَقبَلُ منه لا يُثِيبُه على هذا الصّوم وإنْ صَحّ صَومُه بالإمساكِ عن الـمُفَطِّراتِ.

[14])) أي: لِيَكُفَّ وليُمسِكْ، فهو الصّوم بالمعنَى اللُّغويَ.

[15])) أي: لَم أصُمْ صِيام الكاملِين.

[16])) أي: قُربًا معنويًّا بالطّاعات، أمّا القُربُ الحِسِّيّ فمُستحيلٌ على اللهِ تعالى، فاللهُ تعالى موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا كيفٍ ولا مكانٍ ولا جِهةٍ.

[17])) أي: إنْ فعَل ما يُفسِد العمَل كتَرك رُكنٍ مِن أركانِه.

[18])) أي: كلُوا واشرَبُوا في الجنّة بدَلَ ما أمسَكْتُم عنه في الصّومِ ابتغاءِ مَرضاةِ اللهِ.

[19])) وعن شيخِنا الهرريّ عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما: نزلَتْ في الصائمِين.

[20])) أي: العامِ.

[21])) يَحرُم الوِصالُ في الصّوم وهو أنْ يَصُومَ يومَين فأكثرَ مِن غيرِ تناوُلِ مطعُومٍ عمدًا بلا عُذرٍ. ويُستثنَى من هذا رسولُ الله فإنهُ كانَ يجوزُ له الوِصالُ في الصومِ.

[22])) أي: في أمانٍ مِن اللهِ، ولا يجوزُ على اللهِ تعالَى الحُلولُ في مَكانٍ ولا في سائِر الأمكِنة، لا في الجنّة ولا في غيرِها مِن الأماكِن، كما أنّه لا يجوزُ علَيه تعالى أن يكونَ بينَه وبَين خَلقِه مَسافةٌ أو مُقابَلةٌ، لأنّه سبحانه كانَ قَبلَ خَلقِه الـمَكانَ والعالَمَ بلا كَيفٍ ولا مَكانٍ، ولَم يَزَلْ بعدَ خَلقِ العالَمِ بلا أينٍ ولا مَكانٍ، ولا يَجري عليهِ زَمانٌ. جَلَّ اللهُ عنِ التغيُّرِ والتطوُّرِ والاحتِياجِ، {لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ}.

[23])) يَعنِي: صالحِي النّاسِ.

[24])) يَعنِي بِه: أهلَ القُلوبِ الصُوفِيّة الصّادقِينَ والأولِياءَ العارِفينَ.

[25])) سُمُّو أهلَ الأُنسِ لأنّهُم يأنَسُون بذِكْرِ اللهِ والاشتِغالِ بطاعَتِه.

[26])) أي: لا يَشغَلُ قُلوبَهُم إلّا محبّةُ اللهِ ومحبّةُ ما يُحبُّه اللهُ.

[27])) أي: يَحفَظُون قلُوبَهُم عن أنْ تَشغَلها عوالِقُ الدُّنيا.

[28])) أي: تحتَ مَشِيئتِهِ وَتَصَرُفِهِ، وَاللهُ مُنَزَّهُ عَنِ الجارِحةِ والعُضْوِ.

[29])) أي: أمارَتُهم وعَلامَتُهم.